|
التعددية النقابية بين الحق والمصلحة
عبدالله جناحي
الحوار المتمدن-العدد: 1490 - 2006 / 3 / 15 - 10:59
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
(حالة الدول الرأسمالية الصناعية) مبدأ حق التعددية النقابية في تشكيل أكثر من نقابة أو أكثر من اتحاد عمالي هو مبدأ عالمي بدون أي تشكيك في ذلك، غير أنه مبدأ كان وما يزال سائداً نتيجة لمخاضات الصراع الدولي الذي برز بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي منذ أن ترسخت دولة السوفيت وأصبح هناك اتجاهاً عمالياً أممياً اشتراكياً له نموذجه المنتصر وحلمه الذي بدأ يقترب من التحقيق، ولذلك كانت للأحزاب الشيوعية و الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا على وجه الخصوص برامجها العمالية والنقابية لمواجهة الرأسمالية وشركاتها وأحزابها ومحاولاتها للسيطرة على النقابات العمالية وتحويلها إلى نقابات صفراء كمصطلح استخدم بكثرة آنذاك تعبيراً عن سيطرة غير الاشتراكيين على قيادات النقابات أو بشكل أدق تعبيراً عن سيطرة نقابيين يخدمون مصالح أرباب العمل أكثر من العمال. في تلك المرحلة انتقلت الصراعات للمحافل والمنظمات الدولية، ومنها منظمة العمل الدولية التي عكست اتفاقياتها التوازن والتوافق المطلوبين ليس فقط بين الاتجاهات العمالية المتنوعة داخل الحركة النقابية العالمية التي بدأت تنفرز إلى اتحادات للنقابات ذات الصبغة الاشتراكية والتابعة للأحزاب الشيوعية والاشتراكية أو اتحادات للنقابات المسيطرة عليها الأحزاب الديمقراطية والمسيحية والقومية الأوروبية، ولذا برز على الساحة الدولية الاتحاد الدولي الحر للنقابات العمالية والذي مثل الاتجاه الديمقراطي والرأسمالي والاتحاد العمالي المسيحي الذي مثل النقابات العمالية ذات السيطرة من قبل الأحزاب المسيحية والقومية الأوروبية والاتحاد العالمي للنقابات الذي عكس النقابات التابعة للأحزاب الشيوعية. من جانب آخر فإن منظمة العمل الدولية وباعتبارها منظمة دولية ثلاثية الأطراف فإنها لزاماً عليها أن تراعي مصالح أصحاب الأعمال والحكومات عند صياغة الاتفاقيات الدولية. لقد عكس كل ذلك هذه الظروف الدولية بصراعها الإيديولوجي وتوازناتها على مضمون الاتفاقية الدولية رقم (87) بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم، وهي الاتفاقية التي صدرت في يوليو 1948 وفي الدورة (31) لمؤتمر العمل الدولي. ويبدو واضحاً أن عام 1948 وما قبله وما بعده كان ضمن الأعوام الساخنة بل والحاسمة في الصراع الإيديولوجي والدولي بين المعسكرين، خاصة وأن العالم قد خرج تواً من حرب كونية مدمرة ولكنها حرب أثمرت معسكراً اشتراكياً – منتصراً وزعيماً شيوعياً حديدياً وأحزابا شيوعية واشتراكية منتشرة وكاسحة القارة الأوروبية نتيجة لأدوارها ونضالاتها الملموسة ضد الفاشية والنازية. في خضم هذه التطورات والصراعات تحولت كثرة من المفاهيم نحو التعددية خدمة للأهداف الإيديولوجية التي أصبحت هي الطاغية على الساحة السياسية والاقتصادية والفكرية وكذلك النقابية. فعلى الصعيد السياسي ثم فرز العالم إلى معسكرين وبرزت منظومة عدم الانحياز، وعلى الصعيد الاقتصادي أصبح التنظير والصراع بين نمطين اقتصاديين بكافة مكوناتهما من التخطيط المركزي إلى الاقتصاد الحر إلى برامج الدعم والتخصيص إلى آليات السوق ومفهوم النقد والسياسات المالية وغيرها. وعلى الصعيد النقابي تشكلت النقابات العمالية كأذرع عمالية للأحزاب الشيوعية والاشتراكية كانت تطرح برامج سياسية مهنية اقتصادية تخدم أجندة الأحزاب الشيوعية والاشتراكية العالمية بل والأممية التي كانت تكتسح دول العالم الثالث. وقد عكست كل هذه الأنماط نفسها على دول أمريكا اللاتينية وأسيا وأفريقيا بحركاتها التحررية التي استخدمت أيضاً الحركة العمالية كوسيلة أساس لمقاومة الاستعمار من جهة، ولمحاربة الطغاة المحليين من جهة أخرى. لقد كانت التعددية النقابية إذن صالحة وتخدم مصالح جميع الأطراف، العمال المنخرطين في الحركة الشيوعية والاشتراكية والتحرر الوطني والديمقراطي، وكذلك لصالح أصحاب الأعمال الهادفين للمزيد من تفتيت الحركة العمالية بخلق نقابات عمالية (صفراء) وكذلك الحكومات سواء الرأسمالية أو العالمثالثية التابعة سياسياً واقتصادياً للمعسكر الرأسمالي، وهذا ما تجلى عملياً حيث لم تبرز التعددية النقابية في دول المعسكر الاشتراكي ولا في الصين الشيوعية أو كوبا أو كوريا الشمالية أو فيتنام، وإنما بالعكس تم خلق المزيد من الأحادية النقابية ضمن منظور وحدة الطبقة العاملة ودكتاتوريتها تمهيداً للقضاء على الرأسمالية. وكان مبدأ التعددية النقابية بالتالي سائداً نوعاً ما في دول أوروبا الرأسمالية نتيجة للظروف المتقدم ذكرها. ما بعد الانهيار وبروز العولمة المتوحشة: بانهيار المعسكر الاشتراكي تراجع دور الايدولوجيا بشكل كبير، وان كان التراجع بطيئا في بداية الانهيار، إلا انه تسارع بشكل صاروخي ليحل محله دور البرامج والمشاريع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من جهة، ومفاهيم نابعة من العولمة بكل أبعادها، ومنها على وجه الخصوص العولمة الاقتصادية من جهة ثانية، وهي العولمة التي حضنت الإيديولوجية الرأسمالية المعدلة في ظاهرها، رأسمالية تمكنت من تجديد ذاتها دوريا أمام كل أزمة حادة كانت تعصف بها ابتداء: من الركود العالمي، إلى أزمة فك الارتباط بين الدولار والذهب، إلى أزمة قطع النفط العربي وارتفاع أسعاره، إلى أزمة الأموال الساخنة في البورصات وانهيارها، إلى الأزمة المزدوجة المسماة بالركود التضخمي. ولولا مرونتها وبرغماتيتها وقدرتها السريعة في الاستفادة القصوى من كافة منجزات النظريات الاقتصادية الاشتراكية، وأهمها القبول بسياسات التدخل الحكومي لتصحيح التشوهات الحاصلة في آليات السوق الاقتصادية وتنفيذ برامج الدعم والتامين ضد البطالة وحوادث وإصابات العمل والشيخوخة والعجز وتقليل ساعات العمل وإصلاح نوعي في ظروف وشروط العمل وإدخال معايير كمية وحوافز وغيرها من المتطلبات التي أصبحت فيما بعد من مكتسبات الحركة النقابية العمالية وجزء أصيل من حقوق العمال. غير أنها أصبحت كذلك من منجزات الشركات الرأسمالية العملاقة وعابرة القارات ومتعددة الجنسيات. بيد أن العولمة المعاصرة وان خلقت إيجابياتها لصالح البشرية- وهي كثيرة ومفيدة ولا بد للطبقة العاملة قبل غيرها التمسك بها- إلا أنها قد أفرزت تناقضاتها ونقيضها الداخليين التي خلقت حالة عالمية جديدة على صعيد الفرز الطبقي أو على صعيد تصادم المصالح بين الطبقة العاملة في كل من الدول الرأسمالية الصناعية والدول النامية!. فالشركات عابرة القارات ومتعددة الجنسيات في ظل شروط ومتطلبات العولمة من انكشاف وانفتاح كبيرين للأسواق العالمية واستخدام عظيم للتقنيات وتغيير جوهري في أولوية عناصر وعوامل الإنتاج بل ووسائله، حيث أصبحت للتكنولوجيا وثورة المعلوماتية وقطاع الخدمات والمصارف والأموال المليارية الساخنة الطيارة في ثوان من قارة لأخرى، وغيرها هي سيدة الساحة الاقتصادية بديلة عن القطاعات التقليدية الصناعية أو الزراعية. غير أن هذا التحول هو الظاهر من جبل الجليد، حيث أن هذه الشركات العملاقة المتحكمة في الاقتصاد العالمي أخذت تبحث عن دول نامية تمتلك الرخص في عوامل الإنتاج وبالذات عامل العمل والمواد الخام الأولوية في ظل المزيد من الأزمات الاقتصادية في الدول النامية، والمزيد من الفقر، والمزيد من الحاجة إلى فرص العمل للأعداد الكبيرة من العاطلين أو الداخلين الجدد لأسواق العمل وبالتالي الترحيب بالمزيد من الاستثمارات الأجنبية وبالشروط والتسهيلات التي تجذبها وتغريها من انتقال فروع وأقسام من هذه المصانع الضخمة من دولها المتقدمة إلى الدول المتخلفة اقتصادياً. الأمر الذي يعني في محصلته النهائية إغلاق المزيد من المصانع أو فروع منها في أوروبا وأمريكا وبالتالي المزيد من البطالة في صفوف الطبقة العاملة الأوروبية والأمريكية، مترافقاً مع هذه الحالة تراجع الحكومات الرأسمالية عن سياسات الدعم وبرامج الرفاه وتقليص الاعتمادات الضخمة للخدمات الأساسية والضرورية لمواطنيها وبالأخص من ذوي الدخل المحدود والطبقات الفقيرة. أن هذه الحالة غيرت الحالة الطبقية العالمية من حالة كانت سائدة في مرحلة الصراع الدولي الإيديولوجي إلى حالة جديدة تمثلت في بروز تعارض في المصالح بين الطبقة العاملة في الدول الرأسمالية التي أخذت تتضرر من العولمة الاقتصادية وانتقال الاستثمارات والشركات إلى الدول النامية مع مصالح الطبقة العاملة في هذه الدول التي تنتظر المزيد من الاستثمارات وفروع الشركات لتوفير المزيد من فرص العمل، مع استمرار النضال الطبقي والنقابي لزيادة الأجور وتحسين ظروف وشروط العمل الأخرى. كما أدت هذه الحالة إلى بروز ظاهرة جديدة وجديرة بالتأمل وتتمثل في تنازل النقابات العمالية عن أحد أهم مكتسباتها والتي على أساسها أصلاً بدأ التفكير في تشكيل النقابات، وأقصد بها التنازل عن زيادة الأجور بل وتخفيضها مقابل امتناع الشركة الأم عن إغلاق فروعها وتسريح آلاف العمال عن العمل، وهذا التنازل لم يحدث سوى ضمن حوار ومفاوضة ثنائية وأحياناً ثلاثية وبحضور خبراء اقتصاديين يمثلون النقابات يصلون إلى مثل هذه الاتفاقيات أمام وجود بدائل عولمية كثيرة لهذه الشركات تسمح لها بانتقال فروعها أما إلى شرق آسيا أو إلى دول أوروبا الشرقية ذات العمالة الرخيصة أيضاً ومستويات الدخل المنخفضة! العولمة المتوحشة والقوى المضادة لها: هذه الحالة الجديدة على كوكبنا ترافقت معها سياسات رأسمالية ذات الروح الجشعة تجاه المحيط الطبيعي للإنسان من غابات وفضاء وبحار وانهر ومن حرق وتدمير وتلوث مقابل الحصول على المزيد من مواد الخام أو التخلص من النفايات بأرخص الأثمان ولو على حساب الإنسان وصحته وتلوث البيئة والاختلال في التوازن المطلوب في الطبيعة. هذه الممارسات والسياسات والبرامج التي نفذتها الرأسمالية تجاه الطبيعة وكذلك تهميش الفئات الضعيفة وغير القادرة على مواجهة هذه البرامج قد خلقت قوى وأحزاب ومؤسسات مدنية قوية أخذت تطرح أهدافا وتطالب بالقضاء على مثل هذه البرامج الرأسمالية، وما لبثت وان توسعت وتكتلت وتحالفت واستفادت من وسائل العولمة لتخلق النقيض العالمي للعولمة الاقتصادية التي سميت من قبل هذه الحركات بأنها متوحشة وغير إنسانية ولا تراعي الأبعاد الاجتماعية في برامجها. ماذا يعني كل ذلك بالنسبة للنقابات ووحدتها: انه التحدي الجديد للحركة النقابية: بعد اضمحلال الأرضية الاقتصادية والسياسية والفكرية القديمة التي كانت كبنية وتربة طرحت بالضرورة هذه النقابات برامج نضالية وسياسية، وما أن تم الانقلاب العولمي الجديد في البنية والأرضية فإذا بهذه النقابات قد فرضت عليها إعادة اولوياتها وتحالفاتها بل والانتهاء من صراعاتها الثانوية عالميا. ولذلك برزت على الساحة النقابية العمالية العالمية مؤشرات نحو توحيد الكيانات النقابية العالمية، بل وبعد التحولات السياسية والاقتصادية في الدول الاشتراكية الأوربية السابقة وتغييرات جوهرية في برامج الأحزاب الشيوعية والاشتراكية فيها صوب المزيد من الديمقراطية الاشتراكية بل والرأسمالية الليبرالية انتقلت كثرة من النقابات العمالية في هذه الدول إلى الاتحاد الدولي الحر الذي كان اتحادا متهما إبان الحرب الباردة بين المعسكرين بأنه يمثل النقابات (الصفراء). واخذ الاتحاد العالمي للنقابات الذي يمثل النقابات في الدول الاشتراكية يتراجع دوره، وهناك إعلانات واضحة بقرب دمج الاتحاد الدولي الحر مع الاتحاد العمالي المسيحي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان تحديات العولمة الاقتصادية الآنفة الذكر قد وحدت الحركات النقابية العمالية مع حركات حماية البيئة وأحزاب الخضر وحقوق الإنسان والمرأة والطفولة والعمال المهاجرين وحركات الأقليات وغيرها من ممثلي القوى المتضررة من هذه العولمة. هو إذن اتجاه عالمي جديد ينحو نحو تقليل التعارضات والتناقضات بين هذه الحركات والاتحادات لمواجهة التناقض العولمي الجديد. معوقات وتحديات أخرى تواجهها الحركة النقابية العالمية: (1) بروز أطروحة نهاية الوظيفة: حيث بدأ المجتمع الرأسمالي الأمريكي على وجه الخصوص، وبعض الدول الأوربية في البحث عن وسائل جديدة لتوفير المداخيل للعاطلين المؤهلين علميا ومهنيا وذو كفاءة وتدريب، ولكن بسبب إحلال التقنية الراقية محل الإنسان في عمليات الإنتاج والتوزيع والتسويق بل وفي معظم الأحيان في عمليات التخطيط والتفكير، الأمر الذي يعني أن هناك نمطا جديدا من البطالة بدأ يظهر في هذه المجتمعات سببه ليس الركود الاقتصادي أو قلة الوظائف وإنما منافسة حقيقية للتكنولوجيا. (2) انتقال نمط الاقتصاد الرأسمالي من التقليدي إلى أنماط أخرى كالسياحة والخدمات والمصارف والمعلوماتية والإعلام. ويتجلى هذا الانتقال ومن ثم التراجع في ثقل ودور القوى العاملة في القطاعات الإنتاجية التي هي أساسا القطاعات التي تتوحد فيها الطبقة العاملة وتخلق لنفسها روحها البروليتارية ووحدتها وقوتها. ففي الفترة من العام 1960م ولغاية العام 1996م انخفض معدل القوى العاملة في الصناعات بنسب واضحة، وذلك على النحو التالي: الولايات المتحدة الأمريكية انخفض من 26% إلى 13%. بريطانيا من 36% إلى 19%. السويد من 32% إلى 19%. استراليا من 26% إلى 13،5%. (3) إعادة ترتيب الثقل الاقتصادي للطبقات في هذه المجتمعات: حيث كان واضحا إبان المراحل السابقة من تطورها بان الشكل الهرمي الطبقي هو السائد حيث على رأس القمة قلة من الاحتكاريين الرأسماليين ونسبة محدودة من الطبقة الوسطى وقاعدة عريضة من العمال والفقراء. ولكن ومع تطور الرأسمالية وزيادة مداخيلها بشكل كبير تم تنفيذ خطوات (ثورية إن جاز التعبير) أهمها: • إعادة النظر في أسلوب توزيع الثروة القومية على الطبقات الاجتماعية. • زيادة نصيب المواطنين في الشركات المساهمة وزيادة عددها. • زيادة المهارات المهنية والوظيفية للعاملين وبالتالي زيادة أجورهم. • زيادة نسبة ودور أصحاب الياقات البيضاء ( العمال الفنيين والتقنيين) في الإنتاج قياسا لأصحاب الياقات الزرقاء ( العمال اليدويين وقليلي التأهيل والمعرفة). • زيادة عدد خريجي الجامعات ونسبتهم في أسواق العمل، حيث أصبحت المعرفة والمؤهل مقياسين مهمين للانتماء الطبقي. هذه الإجراءات وغيرها أدت إلى تغيير الهيكل الطبقي لمعظم هذه المجتمعات من الشكل الهرمي السابق إلى الشكل المعين حيث توسعت نسبة الطبقة المتوسطة وتقلصت نوعا ما نسبة الطبقات العاملة والفقيرة. ماذا يعني ذلك للنقابات ووحدتها: انه التحدي الآخر المستجد: حيث أدت كل هذه التطورات إلى تراجع ثقل وحجم النقابات في أمريكا وأوربا وأصبحت هناك منظمات مدنية وفنية أخرى تستقطب العمال وتدافع عنهم بل والاهم تحقق ميولهم واهتماماتهم، خاصة العمال الفنيين العاملين في التقنيات الدقيقة مثلا. إن نظرة سريعة على نسبة عدد منتسبي النقابات في هذه المجتمعات وتراجعها تؤكد هذا التحليل، ففي عقد من الزمن بين الأعوام 1985-1995م، انخفضت نسبة العمال في النقابات على النحو التالي: الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت 14% من إجمالي قوة العمل فقط أعضاء في النقابات. وفي فرنسا النسبة كانت 9% من إجمالي قوة العمل. وبريطانيا في حدود 26% من إجمالي قوة العمل. وفي ألمانيا أصبحت النسبة في حدود 18% من إجمالي قوة العمل أعضاء في النقابات. إن هذه التحديات الجديدة والتراجع في ثقل وحجم النقابات-وان كان دورها ما زال مؤثرا وملموسا- فرضت عليها المزيد من الوحدة والاندماج بدلا من التعددية. تحديات أخرى: وبالطبع هناك جملة أخرى من التحديات الجديدة التي تواجه النقابات من جراء العولمة الاقتصادية منها على سبيل المثال: (1) بروز الإنتاج في القطاع غير المنظم واعتماد كبريات الشركات عليه في إنتاج عدد من المدخلات الأولية للسلعة بل أحيانا إنتاج السلعة كاملة عبر هذه الصناعات غير المنظمة الوسيطة التي تتواجد بكثرة في صفوف العمال المهاجرين أو غير الشرعيين. (2) هذا فضلا عن تغيير استراتيجية المصانع والشركات العملاقة والانتقال إلى توزيع وحداتها كفروع منفصلة متعددة الجنسيات وفي أكثر من دولة. إن هذين التطورين عاملين موضوعيين يضعفان النقابات بشكل ملموس حيث لا سيطرة على هذه الفئات المهاجرة غير الراغبة في التكتل أو التوحد النقابي خوفا من إنهاء العقود الباطنية بينها وبين وسطاء هذه الشركات العملاقة، كما أن تفتيت وحدات الإنتاج وانتقالها للبلدان الأخرى يعني تفتيت وإضعاف النقابات. إنها إذن عوامل وظروف جديدة تواجه الحركة النقابية العمالية العالمية، وتحديات أفرزتها العولمة والتحولات الطبقية والاقتصادية والسياسية، كلها تجبر هذه الحركة نحو الاندماج والوحدة والابتعاد عن الصراعات الفكرية أو الإيديولوجية حتى تتمكن من انتزاع حقوق العمال من أنياب الرأسمالية المعولمة وتخفف من وحشيتها وتفرض عليها معايير اجتماعية وإنسانية.
#عبدالله_جناحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو نظام عالمي مالي جديد
-
النقابات العمالية وتراجع ثقلها النوعي في المجتمع المدني!!
-
المنظمات غير الحكومية ودورها المطلوب في وكالات الأمم المتحدة
...
-
الشباب والكوكبة
-
إصلاح سوق العمل والاصلاح الشامل: المتطلبات والضرورات
-
تحرير سوق العمل والضرورات المفقودة: خطاب إلى ولي العهد
-
ما أشبه الليلة بالبارحة
-
النقابات العمالية ودورها في اتفاقية التجارة الحرة: بين البحر
...
-
فقدان ثقافة التفاوض بين الحكم والمعارضة
-
الشقيقة الكبرى - السعودية - ومعوقات الاصلاح السياسي
المزيد.....
-
نقابة الأطباء المصريين تعلق لـRT على سلوك ومصير الطبيبة وسام
...
-
رسميا الان.. موعد صرف مرتبات شهر نوفمبر 2024 لجميع الموظفين
...
-
“يهم الموظفين الجزائريين”.. طريقة سهلة لحساب نسبة التقاعد وق
...
-
ملامح الاقتصاد العالمي في عهد الإدارة الأميركية الجديدة- أحم
...
-
بعد جدل -التشهير بمرضاها-.. نقابة الأطباء المصرية تُعلق على
...
-
متقاعدو -الفوسفات- يواصلون اعتصامهم أمام الشركة لليوم الثاني
...
-
المعارضة في موزمبيق تدعو لمظاهرات كبرى احتجاجا على نتائج الا
...
-
سلفة مصرف الرافدين لدعم مالي للموظفين والمتقاعدين في العراق
...
-
وزارة المالية العراقية تحسم أمر زيادة رواتب المتقاعدين بالعر
...
-
البيان الختامي للمؤتمر الجهوي لأطر الإدارة التربويةFNE/UMT ج
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|