أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريهام عودة - السياسي والبحث عن معنى الحياة ...















المزيد.....

السياسي والبحث عن معنى الحياة ...


ريهام عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5818 - 2018 / 3 / 17 - 08:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كثيرا ما نجد بعض الناس هائمين على وجوهم ، يسيرون في الحياة بدون تحقيق أي هدف ، يبحثون بشكل عشوائي عن معنى لحياتهم في هذا العالم القاسي، الذي لا يستطيع أن يعيش به سوى الأقوياء، هؤلاء اللذين لديهم القدرة على البقاء و الاستمرار في أصعب الظروف الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و البيئية.

فغالبا ما يكون البقاء للأقوى، و إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب، هذا المثل الشائع الذي يلخص لغة القوة، و يُصور العالم كغابة موحشة، مليئة بالحيوانات المفترسة التي تعيش على فرائسها من الحيوانات الضعيفة.

و يشعر معظم البشر، بأن الحياة غير عادلة، و أن القوى يتحكم بالضعيف، الأمر الذي جعل عدد كبير من هؤلاء البشر ، يعتمدون منهج القوة و العنف كأسلوب حياة، و كأداة لتحقيق ذاتهم للوصول لأهدافهم الشخصية.

ومع الرغبة الشديدة لإثبات الذات وتحقيق الأهداف ، يميل عادةً الإنسان بطبعه للحفاظ على وجوده ، و استمرار حياته لأقصى حد ممكن.

حيث مازال الإنسان غير مقتنعا بفكرة الرحيل الأبدي ، و أن الموت هو النهاية الأخيرة لحياته ، فحسب الديانات السماوية الثلاث ، تبقى روح الإنسان خالدة حتى بعد فناء جسده.

لذا في رحلة الحياة هذه ، هناك من يقتنع بأن يلعب دورا متواضعا في الحياة، و أن يعيش حياة مسالمة ، و يموت بهدوء ، دون أية مشاهد موت دراماتيكية.

و هناك من يبحث عن معنى لحياته، بلعب دور البطل القاهر، الذي لا يُهزم، و الذي يتم الهتاف باسمه بكل فخر في معظم أحياء مدينته أو أزقة قريته الصغيرة.

من هنا يمكننا أن نجد الدافع الرئيسي لبعض الشباب العربي ، في ممارستهم للنشاط السياسي بكافة أنواعه ، سواء كان نشاط سياسيا سلميا، أو كان نشاط سياسيا عنيفا ، فكلٌ يبحث عن معنى لحياته حسب طبيعة فهمه لقواعد الحياة ، و حسب أسلوب تفكيره ، وبناءً على الأيدلوجية السياسية التي يتبناها.

ومن أقصر الطرق لدخول التاريخ في عالمنا العربي ، هو ممارسة السياسة ، و القيام بنشاط سياسي ملفت للنظر ، يُسلط الأضواء على هذا الناشط السياسي .

و يمكن تحقيق ذلك ، بأن يقوم مثلاً هذا الناشط السياسي بعمل قتالي ضد استعمار ما ، أو أن يشارك بمظاهرات و احتجاجات غاضبة ضد دولة ما، أو أن يُحرض على شخصيات قيادية في بلده عبر مواقع التواصل الاجتماعي .

فكل عمل سياسي ، يرمز لمعنى الحياة الذي يبحث عنه هذا الناشط السياسي.

حيث أن الحياة عند هذا السياسي الغاضب و الثائر ، هي التضحية بكل شيء من أجل الانتقام ، و الثأر، و توكيد الذات، و الوصول إلي الصورة المثالية لمجتمعه ، حسب رؤيته لما يجب أن تكون الحياة في هذا المجتمع ، فهو لا يريد أن يكون عالمه ، عالم متخاذل و مستسلم و ضعيف ، والسلام بالنسبة إليه هو لغة الضعفاء و الخونة ، وما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

أما الهدف السامي الذي يصبوا إليه هذا النوع من الناشطين السياسيين ، هو أن تلتحم روحه مع سحاب السماء ، و أن يصبح جثمانه بمثابة قربان للأرض، و للأيدلوجية السياسية و العقيدة الدينية التي يتبناهما ، و أيضا للحياة المثالية التي يتخيلها حسب أفكاره الخاصة، ومعايير الحزب السياسي الذي ينتمي إليه.

و يكمن معنى الحياة لهذا الناشط السياسي ، بأن الدنيا مجرد متاع مؤقت، و هي بمثابة جسر للآخرة ، لأن الحياة الدائمة هي في جنات الخلد.

لذا يعتبر هذا الناشط أن مفتاح الحياة الدنيا ، هو الجلد و الصبر على الشدائد ، و أنه يجب استخدام القوة لأبعد الحدود من أجل تلقين الأعداء، و المتخاذلين أقسى الدروس ، وتدفعيهم الثمن بكل الوسائل المتاحة.

وفي الوقت الذي فسر هذا الناشط السياسي، معنى الحياة حسب لغة القوة و الانتقام ، هناك ناشط سياسي آخر ، يبحث عن معنى الحياة عبر محاولة العيش في حياة شبه متوازنة برجماتية ، تجمع بين متاع الدنيا و الآخرة، وذلك من خلال تأجيل التفكير بحياة الآخرة ، لحين الوصول لمرحلة عمرية معينه ، يكون ضمنها قد حقق رغباته الدنيوية في الشهرة و النجاح و الثروة و المنصب السياسي الرفيع ، و في نفس الوقت خصص جزء من مراحل عمره المتأخرة للتوبة والعبادة .

فمعنى الحياة عند هذا السياسي، هو القدرة على النجاة في أحلك الظروف السياسية المتقلبة ، و الاستثمار في الوقت و العلاقات الإنسانية بأكبر قدر ممكن، حتى يأتي الوقت المناسب للانقضاض على خصمه السياسي ، و من ثم الحصول على المنصب الذي يتوق إليه بشدة.

و الحياة بالنسبة لهذا السياسي ، هي بمثابة مباراة كرة قدم يجب أن يفوز بها ، لذا يحاول هذا السياسي دوما أن يحيط نفسه بفريق قوي و ذو نفوذ ، يقدم له الدعم وقت المباراة السياسية ، وفي نفس الوقت يحاول هذا السياسي أن يحوز على إعجاب أكبر عدد ممكن من الجمهور الذي يشاهد بحماسة هذه المباراة الطاحنة .

إن معنى الحياة لهذا السياسي، يتمثل أيضاً بالفوز و النجاح المادي و الشهرة، بغض النظر عن الفراغ النفسي و العاطفي، الذي يشعر به بسبب تخلي عنه أقرب الناس إليه.

وبالاستمرار بالبحث عن معنى الحياة ، نلاحظ أن هناك ناشط سياسي من نوع آخر ، ألا وهو السياسي المثقف ، الذي يعتقد أن الحياة السياسية يجب أن تكون عادلة و فاضلة ، و تهدف إلي حماية مصالح المواطن و تحرير الوطن .

لذا يحاول هذا السياسي ، أن يستثمر وقته في الترويج لقضيته عبر المحافل الوطنية و الدولية ، و أن يبذل جهده في مناصرة حقوق شعبه، و لكنه في نهاية المطاف يكتشف أن هناك من باع الوطن، و أن الوطن ملئ بالفاسدين الذين يتاجرون بأرواح و دماء الشعب ، فيشعر بالإحباط و يفقد معنى الحياة الذي كان يبحث عنه، و يصل لقناعه بأن الحياة مجرد خدعه ، و أنه لا يوجد هدف يستحق الإنسان أن يعيش من أجله ، و ذلك بعد أن سقطت الأقنعة الزائفة عن وجوه المنافقين و المتاجرين بثروات الوطن.

لذا كل إنسان في هذه الدنيا ، يبحث عن معنى لحياته ، بطريقته و أسلوبه، و ليس بالضرورة أن يكون ناشطا سياسيا ، فهناك أشخاص عاديين يبحثون عن السعادة الشخصية، دون الاكتراث بأمور السياسة ، وهناك من يبحثون عن الحب و العائلة ، وهناك من يبحثون عن المال و النجاح المهني .

لكن السياسي، هو من أكثر الباحثين عن الذكرى الخالدة، و عن صفحات التاريخ التي ستدون اسمه بعد وفاته.

لذا هناك السياسي الذي يرغب بالموت ، في مشهد مسرحي دراماتيكي دامي، وسط تكبيرات و تهليل المشيعين .

وهناك السياسي الذي يرغب بالموت، وهو يخطب خطابه الأخير، في مشهد مسرحي صاخب يضخ بالكاميرات و الأضواء الساطعة، وسط صمت و تصفيق الجماهير.

فكل يرى الحياة و يبحث عن معناها، حسب الطريقة التي يريد أن يختم بها حياته...



#ريهام_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل بدأت إسرائيل تقرع طبول الحرب على لبنان ؟
- كيف تصبح سياسي ناجحا دون أن تتعرض للخطر ؟
- كيف يضحي الفقراء بحياتهم لينعم الأثرياء بالحرية ؟
- القدس و كسر التابوهات لتصفية القضية الفلسطينية!
- ملف الانقسام الفلسطيني بين الماضي و المستقبل
- معادلة السلام الإسرائيلية الجديدة
- إلي وزارة الزراعة: فلتنقذوا حيوانات غزة من جهل المستهترين!
- توقعات مرحلة ما بعد الرئيس ...
- رسائل السلم و الحرب بين إسرائيل و حماس !
- ماذا سيحدث لو أعلن الرئيس عباس قطاع غزة كإقليم متمرد ؟
- الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية في قضية الاستيطان
- سؤال يحتاج لإجابة: لماذا لم نتحرر من الاحتلال بعد 68 عاما؟
- معبر قلنديا : معبر الذل ...
- هل تؤجل إسرائيل الاتفاق النهائي للسلام حتى عام 2050 ؟
- ضحايا الديمقراطية في الوطن العربي!
- لا داعي للقلق من عصا وجزرة ليبرمان
- أيها القائد الفلسطيني،راقب وتعلم و لا تغامر !
- هناك مستقبل لغزة لو....
- الملكة رانيا:المرأه الإنسانية ذات الأفاق الدولية
- الحل ليس عند الرئيس


المزيد.....




- شاهد.. أسراب من -حشرات الحب- تغزو كوريا الجنوبية بأعداد كبير ...
- النووي الإيراني: هل يستأنف الحوار بين طهران والعواصم الغربية ...
- بعد المواجهة مع إيران.. اجتماع أمني إسرائيلي يدرس مستقبل حرب ...
- القوات الروسية تسيطر على أول قرية في منطقة دنيبروبيتروفسك في ...
- غوتيريس يشدد على -إصلاح وإطلاق محرك التنمية- بمواجهة -عالم ي ...
- الأرجنتين: وضع حرج لأكبر مركز صحي للأطفال في البلاد بسبب سيا ...
- جرعة مخدرة تحت إشراف طبي في بلجيكا.. وفي العراق الأطباء مسته ...
- المقاومة تدمر آليتين عسكريتين إسرائيليتين شرقي خان يونس
- حفل زفاف بيزوس.. ظهور وجوه بارزة من قائمة أثرياء العالم
- ولي عهد دبي يُعلن نجاح أول رحلة تجريبية للتاكسي الجوي


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريهام عودة - السياسي والبحث عن معنى الحياة ...