أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الخالق الكرويطي - كلمة في حق حذائي (قصة قصيرة)














المزيد.....

كلمة في حق حذائي (قصة قصيرة)


عبد الخالق الكرويطي

الحوار المتمدن-العدد: 5803 - 2018 / 3 / 2 - 03:27
المحور: الادب والفن
    


وأنا أتجول في الحاضرة الافتراضية، حتى تعثرت فأرتي بمنشورات شتى تنضح بأقوال أكبر من ناشريها عن الصداقة، أقوال لا أعلم أيعي ناشروها بما تضج به من تجارب وعواطف ومعارف، ليُخرجوا تلك العبارة أم لا، وبالصدفة أو لقدر-لا أعلم- أنصت بالتزامن مع حالة التجوال تلك، في عوالم اليوتوبية الغائرة حساباتها وقنواتها بالحس والفكر والجسد ... متجسدة كلاوعيي لبعض الذين يغنون عن الصداقة بإقحامها في كلامهم المثخن بالخيانة والغدر طلبا للمتابعة وربحا من جوجل أدسنس، تراكمت في حالة ملؤها الازدحام مجموعة من الذكريات عن شخوص كانت تربطني بهم علاقة صداقة ، خانهم الزمان، خانوني، أم خنتهم، لا أعلم.
الصداقة، ما هي بعيدا عن التفلسف اللذيذ، والمفاهيم العلمية التي تفسد علي هذه البهجة الافتراضية غير قيمة. نعم قيمة، لا يهني إن كانت تشييئا أو ذات مساق مادي، لا يهمني أبدا، ما يهمني هو قيمتي وأنا بخلدك، فقط، أأنا حلي ذهبية أو سيارة فيراري؟ أم خبز جاف مطروح في طريقك تقبلني لأنه يتوجب عليك تقبيله انسجاما مع الوضع العام، ثم تضعه في مكان ما وتتركه في مكان آخر على بعيد خطوات قليلة دونما قيمة، أم لعبة بلاستيكية في يد صبي يحبها أولا، ويستفيد بها لعبا لأنها ماتزال ذات قيمة، ثم تُهشم وتبعثر أحشاؤها الداخلية محور ميكانيكيتها، لأن قيمتها زالت بظهور لعبة أخرى ذات قيمة أعلى وفائدة أخرى تنسجم وفضول الصبي.
كان صديق وأخوه مقربين لي، يلقبانني ب(بوصباط) لأني كنت مغرما بحذاء جلدي ذو نعل مطاطي، هذا الحذاء صمد لما ينيف عن الأربع سنوات رغم أني تخليت عنه بمجرد اقتنائي حذاء آخر، إلا أنه بقي لصيقا بي،ثلاثون درهما كانت ثمنه، قبلني وقبلته صديقا، أتذكر أني كنت أشتري شيئا من الليمون (الحامض) لأدهنه به ليستعيد بريقه ولمعانه الذي لم يكن يتمتع به أصلا، شاركني المحاضرات والندوات وحتى النقاشات، شاركني المواجهات التي كانت تدور بين أطياف المكونات والفصائل، لم يتخل عني لكني تخليت عنه لأنني مللته عندما تركت والدتي ترميه في (الطارو دالزبل)، لكني وعلى الرغم من ذلك لازلت أعترف بجميله، صمد معي أكثر مما يمكن أن تصمده عشيقة، أو مايمكن أن أقول عنه صديق.
أنا شخصيا أشبه من تربطني بهم علاقة اجتماعية بالحذاء، بل الحذاء كان نعم الصديق فيهم وخير دليل أني لازلت أتذكره وأتذكر طرائفي الكثيرة معه (انتقدوا ما شئتم فلو كنتم تعلمون فائدة الأشياء التي تبدو تافهة لأغلبكم في ظاهرها لعدلتم عن آرائكم ولقلبتم تصوراتكم رأسا عل عقب، فالعرب قديما كانت تسمي أبناءها حمارا وجحشا وكلبا و... لأنهم كان متيقنين بما فيها من خصال محمودة تحسد عليها تلك الكائنات، حتى أنه سئل أحدهم عن سر هذا الأمر الذي استكنه غرابته فكان الجواب أنها تسمي ذلك للأعداء والأغراب، أما العبيد فتسمى بأجمل الأسماء لأنها تخصهم فيستوحشون أن دعوتهم بأسماء وألقاب ترهبهم وهم في عز الرخاء، كذالك الصديق فوجب مرافقة من ينبهك لعيبك، لئلا يشمت بك الأغيار وهو من لا تستحمل مجالسته لأنه يفسد عليك متعتك الحسية أو يتدخل فيما أنت مقبل عليه... ) ونعم القول المأثور عند العرب "من يكن حذاء تجد نعلاه"، امتداد تاريخي لاربعين ألف عام، ولا شكوى، أن تمتطي رجلاك تاريخا دونما تكبر أو امتعاظ منك فتيك هي الصداقة الحقة. ككتاب هو حينما قال فيه الجاحظ "ولا أعلَمُ جاراً أبرَّ، ولا خَليطاً أنصفَ، ولا رفيقاً أطوعَ، ولا معلِّماً أخضعَ، ولا صاحباً أظهرَ كفايةً، ولا أقلَّ جِنَايَةً، ولا أقلَّ إمْلالاً وإبراماً، ولا أحفَلَ أخلاقاً، ولا أقلَّ خِلافاً وإجراماً، ولا أقلَّ غِيبةً، ولا أبعدَ من عَضِيهة، ولا أكثرَ أعجوبةً وتصرُّفاً، ولا أقلَّ تصلُّفاً وتكلُّفاً، ولا أبعَدَ مِن مِراءٍ، ولا أتْرَك لشَغَب، ولا أزهَدَ في جدالٍ، ولا أكفَّ عن قتالٍ" وهنا أستوقف الجاحظ وأقول إلا حِذَاءً.
حفزتني هذه الخربشة في أن أقرأ عن الحذاء ولو منشورات ومقالات تؤرخ له أو تحكي طرفا أو أحداث سياسية، أو أشعار، أو خواطر، أو قصصا قصيرة، نعم، لاحظتم هذا الكم من الكتابات حول ماذا؟ حول حذاء، توقف عن الكتابة وتوجهت نحو تلك الصفحات فتحتها واحدة تلو أخرى وجدت أن للحذاء تاريخا مهملا، كما الأرداف (لا، لقد وجدت للأرداف تاريخا، بحث أكاديمي اسه موجز تاريخ الأرداف، لازلت أقرأه حاليا) ولكن ليس للحذاء تاريخ، ولن يفهم قيمته إلا الفلاسفة و المجانين، لكن المجانين أسبق لفهم قيمته (المجانين في تمثلاتكم طبعا- بدأت ألتهم المقالات عن فان غوخ الذي أولى أهمية كبرا في انطباعياته للقبقاب والأحذية الجلدية والتي عبر فيها عن وضع عمال المناجم)
قرأت عن الحذاء الذي صفع به بوش، وقرأت عن أحذية أحلام مستغانمي، قرأت عن حذاء الطنبوري الذي لزمه وكان له أوفى صديق على الرغم من تنصل الطنبوري لما جلبه عليه من مصائب وآفات أتت على أملاكه، لكن المستفاد أن حذاء الطنبوري قد نبه الطنبوري نفسه لعيبه وهو بخله الشديد.
نعم الحذاء أنت. أشكرك، وها أنا ذا أمدحك وأرثيك في نفس الوقت.



#عبد_الخالق_الكرويطي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوامة المنحط
- منفي في الوطن
- الدين والسلطة


المزيد.....




- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الخالق الكرويطي - كلمة في حق حذائي (قصة قصيرة)