أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الشيخاوي - سحر الواقعية في تأثيث مشاهد الغربة الروحية لرواية سرديات نخلة














المزيد.....

سحر الواقعية في تأثيث مشاهد الغربة الروحية لرواية سرديات نخلة


احمد الشيخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5800 - 2018 / 2 / 27 - 00:55
المحور: الادب والفن
    



إن الرواية باعتبارها جنسا أدبيا من إفرازات روح العصر والتقدم البشري إجمالا،لم تفتأ بُعيد تمرّدها على قواعدها الأولى ، أن خلقت لنفسها خارطة ثرية بتجارب مشاكسة لا تؤمن بالخطوط الحمراء أو اجترار المتقادم ،بقدر ما اجترحت منهجيات مغايرة قادرة على تلبية اشتراطات وحاجيات تجدد ونمو الذائقة واحترام الشخصية في تعصرنها وانجذابها إلى شتى ما يجعل الصيرورة معطى بديهيا ينأى عن سرديات الأبراج العاجية ليختلط بالهم الإنساني الذي ينخر راهننا تدريجيا،وهي السمة الطاغية والتقنية الأبرز فيما يتعلق بالكتابة الروائية الحديثة حتى في حالات الإفلات من سحر الواقعية إلى عوالم المحاكاة أو الاستنساخ أو الممكن والمستحيل داخل حدود المتخيل.

ومن ثم نجد رواية الفوضى أو اللاشكل وقد استطاعت بتنوع مشاربها و أوجه إسقاطاتها وتعدد أقنعتها الخطابية أن تجيب على العديد من الأسئلة وتفتّر حمّى الهواجس والكوابيس التي تحاصر إنسان الألفية الثالثة في استعباد سيكولوجيا النرفزة والمزاجية والاحتقان جراء الهيمنة المادية الجارفة وتقزيمها لمساحات الوظيفة الروحية كورقة رابحة لصالح العنصر البشري و لفائدة توازن الكون واستقراره.

ولعلّ كهذه أشكال تعبيرية تكتسي أهميتها وطابعها الوجودي ،من قابلية تحويلها إلى صناعة سينمائية بغض النظر عن بعدها الربحي والتجاري ،تشكّل زادا فنيا ومعرفيا يغطي شرائح اجتماعية وعمرية على امتداد الكرة الأرضية وفق ما يشبه عولمة حتمية بسلاح ذو حدّين له من الايجابيات مثلما له من السلبيات ومن المناقب عدْل المثالب.

لكنها،في الغالب معادلة غير منصفة،تستوعب الانشغالات الجسدية بينما تضيّق حدّ الاختناق على نفسية الإنسان المعاصر.
لذا فالرواية من حيث هي مسرحة للنص واقعيا كان أم متخيلا،هي قوة ضاغطة وموجهة إلى مزيد من النبش في الماهية واستكناه ما يموّه الذات ويمنحها انطباعات النشوة انتصارا على الحياة كما يرسمها الواقع المادي الملموس.

وهكذا فإن منسوب نجاح عمل روائي ما من عدمه،إنما هو مرتهن بحجم الطاقة المستنفذة في تقديم معالجات عبر تحريك شخوص وهمية كانت أم حقيقية اعتمادا على أحداث داخل أو خارج ذاكرة الذات،ومزاوجة أو قرانا لنبض زمكاني كينوني بامتياز.

ذلك وأحسب هذا فذلكة لبعض ما يمكن أن يجود به لون سردي باذخ برمزيته وأسراره وسحر واقعيته مثلما تشي به طقوس الحكي الذي يمهره المعنى الزئبقي إذ يروم قول كل شيء ، في رواية تفاعلية موسومة بـ”سرديات نخلة” مناصفة بين قامتين أدبيتين عربيتين،بين اللبنانية سامية عبد الرحمن خليفة والعراقي صالح جبار خلفاوي، عن دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني.

إن العتبة وبكل ما تحمله من دوال إيديولوجية وجمالية باعثة على الأمن النفسي،تنقلب بعد تدخّل الآلة والتكنولوجيا الحديثة،إلى مصدر قلق وإزعاج وثقل للمدنية لا يطاق واغتيال للأوطان وذبح للهوية.
لنتأمل المقتطفات التالية:
أي بلاد أنتِ .. أقصد أي حبيبة أنتِ .. لا تسمح لرئتي بالتنفس..ولعيني بالتطلع إلى جذعك المنقوش على كرب النخل رغم خشونته.. أهفو إلى عبق شعرك المنسدل حتى عجيزتك..إنه يذكرني بسعف بستان لم يضل طريقه..بعد الليلة سيجدني الحراس غافيا عند عشبة تنتشي لرقرقة الماء الجاري.
………..
رقيمك سيدون فيه الليلة اعترافات خطيرة..ربما يصحو ضمير المدينة..ربما آخر نخلة عند أطراف الأحياء الجنوبية تساقط رطبا..يغادر الزوج مصحوبا بخيبة كبيرة نحو الشمال..تتزاحم عند المفترقات إشارات الوداع..ستتوجين أميرة بلا منازع..لكن حشود الجيران ستقضي على فرحتك..وتعم الشوارع دلاء الدم..انتفاخ الفكرة سيولد إحباطا..
…………..
خواء روحي افقدني الهوية،أفقدني ظلي،حرصت على إخفاء وجودي لكن الطين غطى قدمي،جف الطين..تثاقلت خطاي،صرت المرأة الصنم،ضاعت مني الأنثى،كنت أفتقدها يوميا وأنا أنظر إلى صور بهتت وتلاشى منها وميض الفرح،أعود معها إلى ذكريات أيام الجامعة،كم كنت أقف أمام المرآة أتحسس مفاتن الجسد،خدعتني المرآة،وعلمت أن الجمال ليس مقياسا للسعادة.
…………….
وأنا الجهبذ عليّ أن اكتب به قصيدة أنعيه بها في ذكرى وفاته السنوية أمام كل الأصحاب..لكن طيفها شوش علي وسرق مني كل الأفكار.
………………
تزدحم الصور بلا توقف ريثما أفكر بالعلاقة بين الوسادة والحلم..وانحسار موقع الأفكار لتفك ألغاز كيف يحصل هذا ونحن مازلنا نعشق البقاء واقفين بانتظار أن يحين ظهور أسمائنا للذهاب إلى العمرة..ربما ينجلي الحزن ويعود من غادرنا في آخر محطة بلا بصمات..
……………….
حين يختزل العالم سلوكه المحتقر..تنبت في مسامات النهار الكثير من الظنون..هذا القميء يزرع شكوكه عند مفاصل الآخرين.. يحتاج إلى أنزيمات كثيرة حتى تختمر عنده الأخلاق..
……………..
يد أعادت غرس النخلة في أرض خصبة التربة،تعلمت منه وناطحته حكمة..جذور النخلة تعشقت بالأرض.طرق بابها،ارتدى ثيابه الجديدة تأنق وتعطّرـــ أزلت الوجه البائس لكني لم أزل القناع،بصيرتي ترى ما لا يراه إلا الحكماء،حاولت ان ارسم لك وجها جديدا،وعندما فرغت من اللوحة، علمت بأنك لست أكثر من كذبة وبأنك لست إلا شبه إنسان، أزيلت عنه الهوية.
إنها فصول تفاعلية تتلاقح وتتداخل ثم تفترق لتشتبك وهكذا، على نحو ينم عن انسجام إبداعي تامّ وتآلف بين النوعين، فضلا عن كونها مؤداه في المجمل بشعرية لبقة مستنفذة لمعاناة كاملة،وتستغرقها حوارية محيلة على مناخات غرائبية محتفية بالخيبات وجنائزية المشهد وممجدة للخراب ومدبجة بأسلوبية الإقحام اللحظي والبروز الخاطف لمحطات السعادة.
ختاما لا يسعني إلا أن أشيد بهذه التجربة القيمة و الجسورة جدا، التي نجحت إلى حد ما في تعرية راهن الهيمنة المادية، وقد غذّت قبل أذهاننا جوارحنا، منبّهة إلى خطورة الوضع وكمون نسف الهوية والذات في زحف وتلاحق وتراكم صور الإجهاز على الأخلاقيات والقيم وسائر ما يسمو بالروح ويرعى فسائل النبل والإنسانية والجمال.
________
*شاعر وناقد مغربي



#احمد_الشيخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سحر الواقعية في تأثيث مشاهد الغربة الروحية لرواية سرديات نخل ...


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الشيخاوي - سحر الواقعية في تأثيث مشاهد الغربة الروحية لرواية سرديات نخلة