أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن عبد الخالق - حوار مع السفسطائي المادي-1















المزيد.....

حوار مع السفسطائي المادي-1


أيمن عبد الخالق

الحوار المتمدن-العدد: 5793 - 2018 / 2 / 20 - 21:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"إن المفكر الحقيقي هو الذي يسستيقظ من النوم قبل الاخرين، فيرى مالايرون، فيستشعر ثقل المسؤولية، فيجعل مشاكل الأمة مشكلته الشخصية"....محمد أركون
بعد أن فرغنا من محاورة السفسطائي المطلق الذي كان ينكر أصل إمكان العلم والمعرفة البشرية، ننتقل معا للحوار مع صنف اخر من السفسطائيين، وإن لم يسمهم الناس بالسفسطائيين، بل تلبسوا بلباس العلم، وانتسبوا إلى المنهج العلمي، مع تنكرهم للعقل البرهاني التجريدي، الذي هو الميزان الأول للعلم والمعرفة.
ونحن في الواقع لانقصد هنا العلماء الفيزيائيين والرياضيين الكبارالذين قامت النهضة العلمية والصناعية في الغرب على أكتافهم، من أمثال نيوتن، وجاليليو، وكيبلر، وفارادي، وماكسويل، واينشتين، ونيلز بور، وفيلمينج وغيرهم من النوابغ الذين خدموا العلم والبشرية، بل كلامنا مع بعض الفلاسفة الغربيين الذين أحيوا من جديد مناهج الشك والسفسطة من حيث يعلمون أو لايعلمون، من أمثال فرنسيس بيكون، وجون لوك، ودافيد هيوم، وكانط، ونيتشه، وأصحاب الوضعية المنطقية، وحلقة فيينا، وفلاسفة مابعد الحداثة، الذين شككوا في أدوات المعرفة، والعقل البرهاني التجريدي، والمبادئ العقلية الأولية، التي هي أساس العلم والمعرفة، وجعلوا الأصالة والحاكمية للمنهج الحسي التجريبي، فأوقعوا البشرية في مستنقع الشك والحيرة، وفي هذه المتاهة المادية.
والان دعونا نذهب لنستمتع معا بحوار جديد مع هذا السيناريو من السفسطة المتلبسة بلباس العلم والحداثة:
o السفسطائي: كيف حالك ياصديقي الفيلسوف...أراك مازلت غارقا في أفكارك وتأملاتك، وكأنك لاتعيش في هذا العالم الذي نعيش فيه.
• الفيلسوف: ماالذي تقصده بكلامك هذا؟
o السفسطائي: أقصد متى تستيقظ من أحلامك، لتعيش معنا في عالمنا، لا في عالمك، وبرجك العاجي.
• الفيلسوف: وهل الفيلسوف لايعيش في العالم، وهل كل من يفكر بعمق، فهو عندك يعيش خارج العالم؟!
o السفسطائي: ألم تسمع قول برتراند رسل ( إنّ الفيلسوف إنسان يمشي على الأرض، ورأسه فوق السحاب ) فهو في عالم اخر، لايعنيه مايجري هنا على سطح الأرض.
• الفيلسوف: غريب جدا ماأسمعه منك...تقصد بكلامك هذا أنّ الفيلسوف يعيش في عالم الخيال والوهم، ولايلتفت إلى هذاالعالم؟ مع أنك تعلم أنّ الفلاسفة منذ بداية التاريخ، هم الذين أسسوا العلوم والفنون، والفيلسوف هو الإنسان الباحث عن الحقيقة والواقع، لا الوهم والخيال.
o السفسطائي: أي حقيقة تتحدث عنها ياصديقي وأي واقع؟
• الفيلسوف: اتحدث عن حقيقة الأشياء في نفسها، لا في مظهرها السطحي، أتحدث عن مبادئ الأشياء الأولى، وأسبابها العليا، والتي لايمكن معرفة حقائق الأشياء إلا بها، لاأسبابها القريبة منها.
o السفسطائي: هههه...هذه أمور ولى زمانها ياعزيزي، وانتهى مفعولها العلمي، لقد ماتت الفلسفة والميتافيزيقا- كما يقول نيتشه – منذ زمان بعيد، وأنت مازلت تعيش هناك!.
• الفيلسوف: أنا لاأدري كيف تموت الفلسفة؟!، ولا أدري ماهو المسوغ الذي جعل نيتشه يعلن وفاة الفلسفة، ألا يعتبر نفسه هو، ويعتبره أتباعه فيلسوفاً، ألا تعلم أنّ كل من أراد أن ينتقد الفلسفة فقد تفلسف، كما يقول أفلاطون...ثم من الذي أعطاه الحق في هذا، وعلى أي حال هذا رأيه، وقد أعلن من قبله إخوانه السفسطائيون موت العلم والمعرفة منذ أكثر من 27 قرن.
o السفسطائي: هذا ليس فقط رأي نيتشه، بل رأي كل المفكرين الكبار في الغرب، الذين شيدوا أركان الحداثة والتنوير، وأنت تعلم ذلك جيدا.
• الفيلسوف: على أي حال...مع احترامي لكل هؤلاء، إلا أنني تعودت أن أعرف الحق بعقلي، لا بالرجال، وليس هناك أفضل من أن يكون الإنسان مستقلا في تفكيره، دون أن يكون تابعا لهذا أو ذاك....المهم دعنا ندخل في الموضوع...ماالذي تريد أن تقوله أنت بغض النظر عن كلام الاخرين.

o السفسطائي: أنا اعتقد ياعزيزي أنّ الإنسان العاقل في زماننا هذا، لاينبغي له أن يصدق إلا بما يمكن أن تشاهده عيناه، أو تلمسه يداه من الأشياء.
• الفيلسوف: تقصد أنك تريد أن تحصرالمعرفة البشرية في إطار المحسوسات لاغير؟
o السفسطائي: تماما هذا ماأريد أن أقوله بدقة.
• الفيلسوف: ولماذا كل هذا الإصرار، وهل تريد أن تحصر الموجود في المحسوس، بحيث يصبح كل شيء لانحسه، أو لايمكن أن نحسه فهو معدوم، وغير موجود
o السفسطائي: لا...أرجوك، أنا لاشأن لي بما هوموجود أو معدوم في هذا العالم، أنا أتكلم عن حدود المعرفة البشرية، وأنها لاينبغي لها أن تتخطى المحسوسات، وتتورط في أمورخرافية وراء الحس، أمور لايمكن إخضاعها للتجربة الحسية الموضوعية.
• الفيلسوف: نعم... واضح ماتقوله...ولكن اسمح لي أولا أن أبدأ معك من البداية، وأسألك عن الأسباب أو الدوافع التي دعتك إلى ذلك الاعتقاد؟
o السفسطائي: هذا سؤال مشروع، وكنت أتوقع منك أن تسألني هذا السؤال.....في الواقع ليس هناك سبب واحد، بل أسباب كثيرة، هي التي دعتني، ودعت كل إنسان عاقل حر، أن يتبني هذا المنهج العلمي الجديد.
• الفيلسوف: وأنا كلّي أذن صاغية لك، فالفيلسوف يبحث عن الحقيقة أينما وجدها، وليس عنده أحكاما مسبقة غير واضحة يتعصب لها...تفضل...ماهي تلك الأسباب؟
o السفسطائي: أولا: إنّ البشرية قد عانت ماعانت منذ قديم الزمان من الأفكار الأسطورية والخرافية التي عطلت العقول، وأهدرت الكرامة الإنسانية، وأدت إلى تخلف البشرية لقرون مديدة.
• الفيلسوف: نعم تقصد عصور الميثولوجيا، والأساطير التي غلبت عليها الاعتقاد بالألهة، والجن والشياطين والطوطم والأرواح الشريرة، كما نقله هوميروس في الإلياذة قبل الميلاد.
o السفسطائي: نعم بالضبط هكذا...وثانيا: إنّ البشرية قد عانت الكثيرالكثير ممن انتسبوا إلى الأديان السماوية المختلفة، سواء من رجال دين أو متدينين، من أصحاب العقول المتحجرة، والذين حاربوا العلم والعلماء، وزرعوا الحقد والتعصب في قلوب الناس، وفرقوا بين االشعوب، وأسسوا للاستبداد باسم السماء، وأنشؤوا محاكم التفتيش، وأحرقوا الأبرياء، واشعلوا الحروب والصراعات الدينية والمذهبية على مر التاريخ....وكل هذه الأمور لاتخفى على أمثالكم.
• الفيلسوف: نعم نعم ... أنا اتفهم جيدا كل ماتقوله، ولكن لم أفهم إلى الان ماعلاقة كل هذا بموت الفلسفة، وإقصاء العقل الفلسفي، مع أنّ الفلاسفة كانوا من أكبر ضحايا هؤلاء على مر التاريخ.
o السفسطائي: لأنه بكل بساطة العقل الفلسفي الماورائي، والمجرد عن الحس والتجربة، وهذا النحو من التفكير غير العلمي، هو الذي فتح الباب على مصراعيه أمام دخول كل هذه الغيبيات، والخرافات، والأساطير، ومهد الطريق لتغلغلها بين الناس، وماندعوا إليه كعلماء محدثين، هو إغلاق هذا الباب بالكلية، والاكتفاء بالمنطق العلمي الجديد كما سماه بذلك فرنسيس بيكون، وهو المنهج العلمي القائم على الحس والتجربة العلمية، لاالتأمل العقلي الحدسي الصرف، كما كان يفعل الفلاسفة.
• الفيلسوف: يعني أنت تعتقد بأن العقل الفلسفي، هو أساس كل المشاكل الفكرية، ومنشأ كل العقائد الخرافية، وأننا لكي نتخلص من كل ذلك، علينا الاكتفاء بالمنهج العلمي التجريبي لاغير، ونسيان المنهج العقلي التجريدي.
o السفسطائي: نعم هذا ماأريد أن أقوله بدقة....وهناك أسباب ومبررات أخرى يمكن أن أذكرها لكم إن كان لديكم وقت.
• الفيلسوف: للأسف الشديد، ليس لدي الوقت الكافي هذه الليلة لأستمع إلى بقية كلامكم، فلنؤجلها إلى ليلة أخرى، نظرا لأهمية الموضوع، وأنا في نفس الوقت اتفهم جيدا ماتقولون، وأقدّره، ومازلت أفضل أن أُنصت لبقية الأسباب والدوافع، لأتأمل فيها أولا، ثم نتناقش حولها بعد ذلك بالتحليل والنقد الموضوعي....شكرا لكم على أي حال.



#أيمن_عبد_الخالق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار الأخير مع السفسطائي المطلق-4
- حوار مع السفسطائي المطلق-3
- حوار مع السفسطائي المطلق - 2
- حوار مع السفسطائي المطلق 1
- حوار مع السفسطائي
- الخروج من المتاهة - 3
- الخروج من المتاهة 2
- الخروج من المتاهة 1
- المتاهة الروحانية
- مناشئ التطرف الديني
- مآسي المتاهة الدينية
- اللاعقلانية الدينية
- المتاهة الدينية
- المشاكل الاقتصادية للمتاهة الرأسمالية
- هيمنة الرأسمالية على المراكز العلمية
- مشكلات المتاهة الرأسمالية
- المتاهة الرأسمالية
- الفنان والفيلسوف يد واحدة للنهوض بالإنسان
- كيف نبدأ مسيرتنا للخروج من محنت
- ليس دفاعاً عن الحوار المتمدن، ولكن عن الحقيقة الضائعة


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن عبد الخالق - حوار مع السفسطائي المادي-1