أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن عبد الخالق - حوار مع السفسطائي المطلق - 2















المزيد.....

حوار مع السفسطائي المطلق - 2


أيمن عبد الخالق

الحوار المتمدن-العدد: 5764 - 2018 / 1 / 21 - 21:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حوار مع السفسطائي-2
"المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ"....اينشتين
o الفيلسوف: كنت قد سألتك في الجلسة السابقة عن كيفية معرفتك بأخطاء الحس والعقل، مع أنّ معرفة الخطأ فرع معرفة الصواب، وأنت تدعي أنه لاسبيل لنا إلى معرفة الصواب أصلا!.
• السفسطائي: في الواقع لقد تأملت كثيرا فيما قلته لي، ولم أجد جوابا مقنعا يمكن أن أقوله لك، مع تيقني من وجود أخطاء للحس والعقل، وعدم صلاحيتهما للمعرفة الواقعية.
o الفيلسوف: سيأتي الكلام حول حقيقة هذه الأخطاء، والصلاحية المعرفية لهما، ولكن أردت فقط أن أنبهك على شيء واحد، وهو أنّ معرفتك بأخطاء الحس إنما كان عن طريق نفس الحس، واكتشافك لأخطاء العقل، إنما كان عن طريق نفس العقل، لأنك لم تكتشف تلك الأخطاء بعضلاتك، أو مزاجك الخاص.
• السفسطائي: نعم لابد أن نقول هكذا؛ لأننا لاندرك إلا بالحس أو العقل، ولكن كيف؟!
o الفيلسوف: نعم كيف؟!...هذا ما أريد أن أسألك عنه، مع أنك تنكر الصلاحية المعرفية لهما، فكيف تعتمد عليهما، وتكتشف الصواب من خلالهما؟!!.
• السفسطائي: هذا فعلا لغز محير، ولكن كيف يمكنك أن تبرر صدور هذه الأخطاء منهما؟
o الفيلسوف: لاتستعجل....سنتكلم حول ذلك...ولكن دعنى من فضلك أسألك سؤالا آخر يتعلق بأصل المعرفة البشرية
• السفسطائي: ماهو... تفضل
o الفيلسوف: أنت عندما تدعي استحالة المعرفة الواقعية مطلقا، فهل تعتقد أيضا بإمكانها؟
• السفسطائي: أمممم...لا بالطبع مستحيل أن أصدق بإمكانها، مع تصديقي باستحالتها
o الفيلسوف: لماذا ...ماالسبب؟...ماالشيء الذي منعك من ذلك؟
• هذا شيء واضح، لأنه يستلزم أن أكون متناقضا مع نفسي، وهو محال.
o الفيلسوف: وأنت تعلم من نفسك أنه محال؟
• السفسطائي: طبعا...أكيد...لأن النقيضين لايجتمعان، فكيف أصدق كلامي وأكذبه في نفس الوقت.
o الفيلسوف: ممتاز...إذا فقد تبين لك أنّ هناك شيئا تعلمه في الواقع، وهو قاعدة التناقض، مع أنك تدعي أننا لايمكن أن نعلم أي شيء!
• السفسطائي: أممم...هذا أمر غريب بالفعل، ولكن....أنت تحرجني بالفعل بمثل هكذا أسئلة
o الفيلسوف: أنا لم أقصد من حواري معك أن أجادلك، أو أحرجك، فليس هذا شأن الإنسان العاقل، بل أردت فقط أن أنبهك على إمكان التعرف على الواقع في الجملة، وأنّ طريق التعليم والبحث والتحقيق مفتوح على مصراعيه أمامنا.
• السفسطائي: أنا أُقدّر لك ذلك، ولكن تبقى نفس المشكلة قائمة، وهو فقدان الثقة في أدواتنا المعرفية من الحس والعقل، فماذا نفعل؟
o الفيلسوف: هذا من حقك الان أن أرفع لك هذه الشكوك حول أدوات المعرفة، ولنبدأ من الحس
• السفسطائي: نعم هذا ما أتوق لسماعه منكم
o الفيلسوف: إنّ الحس بأدواته التي نسميها بالحواس الخمس، وهي العين بالبصر، والأذن بالسمع، والأنف بالشم، واللسان بالذوق، وجلد البشرة باللمس، هي على ارتباط مباشر مع الأشياء في الخارج، وتنقل لنا بأمانة كل يقع عليها من ألوان وأشكال، وأصوات وأنغام، وروائح، وطعوم، وبرودة وسخونة، وذلك عن طريق الأعصاب التي تنقلها إلى المخ، كما أثبت العلم ذلك.
• السفسطائي: نعم صحيح....ولكن العلم أثبت أيضا أنها تتعرض في مسارها إلى المخ، إلى سلسلة من التغيرات والتحولات الكيميائية والفيزيائية، فكيف تنقل لنا آثار الأشياء بأمانة؟!
o الفيلسوف: وكيف عرف العلماء هذه التغيرات وتيقنوا بواقعيتها، أليس عن طريق نفس أدواتهم الحسية؟
• السفسطائي: أمممم....بجب أن نقول هكذا.
o الفيلسوف: إذن فكيف اعتمدوا على الحس، وصدقوه في إدراكهم، ثم عادوا ليشككوا في أمانته؟!!...أليس هذا تناقض؟
• السفسطائي: نعم صحيح..ولكن كيف نجمع بينهما، أقصد بين أمانة الحس، وهذه التغيرات المشهودة؟
o الفيلسوف: في الواقع أولا - إنّ هذه التغيرات المحسوسة لا تمثل حقيقة الإدراك، بل مجرد مقدمات إعدادية، لإدراك النفس الإنسانية هذه الصور الحسية، كما تبين في علم النفس الفلسفي، وثانيا – إن الحواس لاتحكم على وجودالأشياء في الخارج، أو أحوالها الخارجية، بل الحاكم هو العقل كما سأشرحه لك، فالحس كالكاميرا، أو المرآة ينقل لنا الأشياء بأمانة لارتباطه المباشر بها.
• السفسطائي: وماذا عن أخطاء الحس...هل تنكرها أيضا؟
o الفيلسوف: أنا لاأنكر الأخطاء الحسية، ولكن الحس غير مسؤول عنها، بل هو مجرد ناقل أمين وليس بحاكم، والحاكم هو الذي يصيب ويخطأ.
• السفسطائي: ومن هو الحاكم إذن؟
o الفيلسوف: الحاكم الوحيد – وكما ستعلم بعد ذلك – هوالعقل، وهو إذا تسرّع في أحكامه وقع في الخطأ، وإذا راعى قوانين وشرائط الإدراك أصاب كما سنبين ذلك لاحقا، ولو كان الحس هو المخطأ، ماعرفنا الصواب بالحس بعد ذلك، ولصحح الحس أخطاءه بعد ذلك
• السفسطائي: يمكن أن توضح لي ذلك أكثر
o الفيلسوف: أكيد...ينبغي ألا تقبل مني، أو من غيري شيئا ليس بواضح عندك، لأن المفروض أنك إنسان عاقل، والعاقل لايقبل أن يلقنه احد شيئا لايفهمه...الان اضرب لك مثالا، أنت تقول أن الحس يرى الشمس في السماء صغيرة جدا، مع أنه قد اكتشف بعد ذلك أنها أكبر من الأرض بأكثر من 300 ألف مرة
• السفسطائي: نعم صحيح، هذا ماأثبته العلماء
o الفيلسوف: وكيف أثبتوا ذلك...أليس عن طريق التجارب والتحاليل الحسية؟
• السفسطائي: بلى...أكيد
o الفيلسوف: إذن فقد اعتمدوا على الحس في هذا الاستنتاج العلمي، فكيف يصدقون الحس، ويكذبونه في نفس الوقت؟!!...ثم إن الحس بعد هذا الاكتشاف هل أصبح يرى الشمس كبيرة أم مازال يراها صغيرة كما في الأول؟
• السفسطائي: لا لم يغير من رأيه بل مازال يراها صغيرة.
o الفيلسوف: والحال أنّ المخطأ ينبغي أن يغير رأيه بعد أن تبين له الصواب، بل المخطأ الذي غير رأيه هو العقل، الذي تبين له بعد ذلك عن طريق التجربة، وبالاعتماد على مبادئه العقلية البديهية – كما سنبين ذلك – أنّ الأمر على خلاف مايشاهده الحس، وأنّ سبب مشاهدة الشمس صغيرة، هو بعدها الكبير جدا عن الأرض، والجسم الكبير نراه دائما صغيرا، ويزداد حجمه كلما اقترب منا، كحال السفينة الكبيرة نراها في قلب البحر صغيرة، ثم تكبر كلما اقتربت من الشاطئ.
• السفسطائي : الان اتضح لي الأمر، وارتفع اللبس والتناقض
o الفيلسوف: وقس على ذلك سائر ماتسميه بالأخطاء الحسية، حيث أن المخطأ فيها دائما هو العقل، وهو نفسه المصحح لأخطائه بالاعتماد على نفس الحس، ولكن عن طريق تكرار المشاهدات التجريبية، ومبادئه العقلية البديهية، والاعتماد على مساعدة الأدوات الحسية الأخرى، فالحس مجرد ناقل أمين، لايصيب ولايخطئ، بل ينقل لنا الأشياء كما وقعت عليه، ولكن طبعا بحسب قابلياته الطبيعية واستعداده الذاتي، وبشرط أن يكون سليما لا مصابا بالمرض.
• السفسطائي: سلمت معكم بأمانة الحس ونزاهته، ولكنكم قد اعترفتم بأخطاء العقل في أحكامه، فكيف يمكننا أن نعتمد عليه؟
o الفيلسوف: نعم هذا سؤال مشروع، وفي محله، ولكنه يحتاج إلى جواب أكثر تفصيلا، فلنؤجله للقاء آخر قريب إن شاء الله.



#أيمن_عبد_الخالق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع السفسطائي المطلق 1
- حوار مع السفسطائي
- الخروج من المتاهة - 3
- الخروج من المتاهة 2
- الخروج من المتاهة 1
- المتاهة الروحانية
- مناشئ التطرف الديني
- مآسي المتاهة الدينية
- اللاعقلانية الدينية
- المتاهة الدينية
- المشاكل الاقتصادية للمتاهة الرأسمالية
- هيمنة الرأسمالية على المراكز العلمية
- مشكلات المتاهة الرأسمالية
- المتاهة الرأسمالية
- الفنان والفيلسوف يد واحدة للنهوض بالإنسان
- كيف نبدأ مسيرتنا للخروج من محنت
- ليس دفاعاً عن الحوار المتمدن، ولكن عن الحقيقة الضائعة
- الحرية والعقل
- صناع المتاهة MAZE MAKERS
- المتاهة الفكرية


المزيد.....




- مسلسل -Severance- يتصدر قائمة ترشيحات جوائز -إيمي- الـ77
- لبنان.. 12 قتيلاً بغارات إسرائيلية على مواقع لقوات النخبة في ...
- جيل المهارات الجديدة: الذكاء الاصطناعي في حياة الشباب العربي ...
- حكمت الهجري: المرجع الديني الذي تحوّل إلى خصم للشرع
- قص شوارب وتحريض طائفي.. انتهاكات بحق أهالي السويداء رغم الت ...
- كيف تدخّلت الحكومة السورية لمحاصرة أزمة السويداء؟
- من القائل -قل للمليحة في الخمار الأسود-؟ وما قصته؟
- أكثر دلالا وأنانية.. العلم ينفي الخرافات حول الطفل الوحيد
- مقررة أممية للجزيرة: إسرائيل وأميركا تحاولان إبادة الشعب الف ...
- برقيات تقنية.. -آيفون 17? بمعالج غير متوقع و-تيك توك- تقتحم ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن عبد الخالق - حوار مع السفسطائي المطلق - 2