أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الخالق الكرويطي - دوامة المنحط














المزيد.....

دوامة المنحط


عبد الخالق الكرويطي

الحوار المتمدن-العدد: 5786 - 2018 / 2 / 13 - 23:18
المحور: الادب والفن
    


في غمرة حلم جميل، هجمت عليه أمه في غرفته دونما استئذان، أفجعت تلك الهُنَيْهَة الجميلة التي كانت تذروه ذات الشمال كعهن منفوش، خطفته رياحها العاتية ذاتَ اليمين، لماذا يا أماه؟ لم؟ لابأس بذلك، لو لم تكوني معتقتي من (الحزقة) لَلَعنتك، بعد أن مسح سدول العمش التي كانت تمنعه الرؤية، وانتظر قليلا حتى يخمل قضيبه الذي كان يرقص السَّالسَا مع حقائق وافتراضات مزجها لينعم بأجمل أنثى في الكون، آه أين تلك النساء اللائي يتمنين أن يكن عاهرات، هاهو ذا منتصب آتُونِي، ملتهب إن كان قلبك يسبح في ماء عذب، فأَيْرِي يسبح في مذي رطب. غسل وجهه، تناول تلك الوجبة المعتادة التي تعود فيها ملأ فراغ وجبتين، خرج إلى مالا مخطط له، كطائرة ورقية اتخذ زجاج المحلات التجارية ملاذا لرؤية العالم، وأخيرا وصل إلى مقهاه المعتاد، دَوْزَنَ على أنغام السيارات المسرعة سمفونية ملفوف حشيش، خرج من المقهى إلى خلوة، دخن بكل خشوع، ألقى دلو الخدر في لج لاَوَعْيِهِ يتأمل كل الكائنات والأشياء، تتخللها وقفات تهيم به في بحر من الـتأويلات البشرية حدودها خيط رفيع يرده إلى ظاهرها، كطائرة ورقية هو، حدوده قبل السحب، ومرساه سلك مربوط ببكرة الواقع، وقبل أن يفوته الخدر يعود إلى مقهاه، يضغط على زر تشغيل حاسوبه، ينفلت هناك من رِبْقَةِ عالم تناسل فيه التاريخ إلى عالم يستمني على التاريخ، صفعته صفحات الرذالة كما هو المعتاد، منشورات تفضح أدرانها، كلام معيب، ألفاظ مجدولة بضحالة لغة كاتبها، أخطاء تكشف عن الخلاعة، هذا ما قد كشفه بمستواه وما لم يَسْطِعْهُ بمستواه فأعظم، لكن لا محيد فهذا السبيل للكشف عن أنانية الخاصة.
وخزة جوع مُعْتَلِكَةٌ بمغص خلفته الوجبة الاعتيادية اللهم ارزقنا خيرا منها، والجيب ما فيه إلى صرافة قليلة تكفيه ثمن سيجارتين والقهوة المعتادة الرديئة المذاق التي أتته، يصبر علّ أحد الأصدقاء المنافقين الذي يعتبرهم احتياط القادم من الأيام يحضر ليسل منه ثمن شيء يسكت به فصاحة الغريزة، زاد المغص، أقسم لن أذهب إلى المرحاض قبل أن أملأ ما يفرغ، ها هو ذا المنقذ أتى، رماه بشَصٍّ مُطَعّم بابتسامة مصطنعة تضج بالنفاق. حبيبي، أحضر حلوى معك، قالها بصوت عال بنية إحراجه، طبيعي أن يتفاخر الغبي، بمجرد أن أتاه بها، هب مسرعا ليفرغ أمعاءه، عاد وهو يلهث كأنما ترك وراءه كل ذنوبه الدنيوية، كل قضمة لصيقة بتواصل محدود، ينتظر أن ينتهي التواصل بالتهامه الحلوى كلها، ما إن انتهى حتى أرجع السماعات إلى أذنيه وأطلق موسيقاه التي لا يفهم أبجدياتها، ويترك فاعل الخير ينظر إليه ثم ينسحب، عدنا إلى ساحتنا الجميلة الآن سأغري نفسي بكل شاشات الإتش دي، لأكون بيجماليون ليلتي، يبحث هنا وهناك عن مقاطع تقصفه، حذرا من الرقابة، من أن يأتيه أحد معارفه على حين غرة يحطم بها سمعته المفقودة أصلا، حمل ماشاء له أن يُحَمل، أغلق حاسوبه، أعاده إلى الحقيبة، وتنفس الصعداء.
مر الوقت بسرعة، يالَ هذا الزمن النفسي كم هو صحّي في حالتي هذه، اتجه إلى المنزل، فتح الباب، أيقظ أمه فزعة، لماذا يا بني؟ لم؟ لو لم تكن فلذة كبدي لكنت ساخطة عليك.



#عبد_الخالق_الكرويطي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منفي في الوطن
- الدين والسلطة


المزيد.....




- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الخالق الكرويطي - دوامة المنحط