عبد الكريم حسن سلومي
الحوار المتمدن-العدد: 5785 - 2018 / 2 / 12 - 00:09
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
(من لاينتج غذائه لايملك استقلاله)
ان مايعني بكلمة امن هو مدى قدرة الدوله على توفير الماده الحيويه للكائنات الحيه بنوعيه جيده وبكميات كافيه والمحافظه عليها لتلبية الاحتياجات كما ونوعا واستمرار تواجدها واستغلالها بصورة كفوءه والامن المائي بمفهومه العام هو ادارة الموارد المائيه المتاحه بكفاءه وايجاد مصادر مائيه لضمان حق الاجيال الحاليه والقادمه من مياه نظيفه للشرب ومياه صالحه للاستخدامات الاخرى مع حماية تلك المصادر
لقد اكدت الدراسات الاخيره ان الدول العربيه ستواجه نقص حاد في المياه يقدر بحوالي 200 مليار م3 في بداية العقد الثاني من القرن الحالي ال 21 وان حجم التلوث في المياه يؤدي سنويا لوفاة 130 الف مواطن
كما ان اغلب الدول العربيه المطله على سواحل البحار والخليج تعتمد على محطات تحليه للمياه عملاقه وبنسبة 70% وان تكاليف هذه المحطات التي عددها بحدود 40 محطه يقدر ب 150 مليار دولار
وفي حقيقة الامر ان هذه النسب والمبالغ مخيفه علما ان اغلب المحللين يرون ان حروب المستقبل هي حروب مياه لذلك سيهتم العالم وخاصة الدول الغنيه بالمياه كما هو الاهتمام اليوم بالنفط
ورغم ذلك وكل هذه المؤشرات الخطيره الا اننا لازلنا كعرب عموما نرى النزيف الكبير في هدر المياه وسوء ادارة موارد المياه لدينا
ان التصحر بدأ يقضي وبصوره متواصله على الاراضي الخصبه من خلال الرياح والتبخر المائي والملوحه وزحف المدن على الاراضي الخصبه من اجل بناء المشاريع السكنيه والصناعيه وكذلك الممارسات الزراعيه غير المناسبه لتلك الاراضي ,ان تدهور الاراضي الخصبه له الاثر الكبير على الانتاجيه فالجفاف الضارب لاغلب دول العالم العربي اليوم يعتبر من العوامل الاساسيه التي تحد من انتاج المحاصيل الغذائيه لذلك اصبح الكثير من المجتمعات العربيه اسيرة للفقر والمرض وان الجفاف هو عدو الانسان الاول والذي سبب الفقر للكثير فهو الذي سبب التصحر وهذا التصحر أدى لاستنزاف المياه من التربه وكذلك العناصر الغذائيه الضروريه لابقاء التنوع النباتي والحيواني .
ان المياه وحدها ستكون هي العنصر الاساسي لاشعال الحروب المستقبليه والمياه ستكون سلعة غاليه لها قيمة اقتصاديه شئنا ام ابينا لذلك من الأن يجب على المستهلك والملوث للمياه ان يدفع مبالغ مقابل هذه السلعه
ان مشكلة المياه بالشرق الاوسط واضحة المعالم فالمياه في هذه المنطقه لاتتجاوز 1% من مياه العالم مع العلم ان عدد سكان المنطقه يشكل 8% من سكان العالم لذلك فهنالك عجز كبير في المياه مما سيؤدي ذلك وحتما لتكون المياه مصدر لحروب مقبله هذا اضافة لرعاية الدول الامبرياليه الغربيه والاستعماريه لاشعال مثل هذه الحروب
ان المياه تشكل العصب الرئيسي للحياة على الارض الا ان استهلاكها بدأ يزداد يوما بعد يوم بسبب تزايد السكان والتطور العمراني والصناعي
ان منظمة الامم المتحده اعتبرت ان حصة الفرد من المياه يجب ان تكون مالايقل عن 1000م3 سنويا ,ففي تقرير الامم المتحده الانمائي ذكر ان العالم العربي يحتاج الى 200 مليار دولار استثمارات لتأمين موارده المائيه كما ان الامم المتحده قد وجهت نداء للأمه العربيه للقيام بأجراءات وقائيه اتجاه ازمة المياه القادمه حيث يقل نصيب الفرد العربي عن مستوى الحد الذي حددته منظمة الصحه العالميه ومن المتوقع ان يرتفع عدد سكان العرب من 360 مليون حاليا ل 634 مليون نسمه عام 2050 وهذا سيؤدي لزيادة الضغط على البنى التحتيه للمياه ومن المتوقع ان تصل فجوة المياه ل 127كم 3 مابين عامي 2020 وعام 2030بعد ان كانت
الفجوه بين العرض والطلب لدى الدول العربيه في مجال الموارد المائيه سنويا 43 كم 3
ومن المتوقع ان يقل امداد المياه في المنطقه العربيه الى 15% في عام 2025 مما كان عليه في عام 1960
ان الكثير من المياه السطحيه للعرب تأتي من خارج حدودها كما ان مخازنها الجوفيه تمتد ايظا خارج حدودها وان اغلب البلدان العربيه تتقاسم مياهها السطحيه والجوفيه مع بلدان مجاوره غير عربيه وكل هذا ب ظل غياب اتفاقيات لتقاسم المياه بعداله
ان الموارد المائيه المتاحه في العالم العربي (سطحيه وجوفيه)تعادل 371,85 بليون م3 يستخدم منها 208,82 بليون م 3 سنويا للزراعه ويذهب 6,3 للاستخدام البشري و 3,70 للاستخدام الصناعي علما ان فاعلية انظمة الري المستخدمه بالزراعه 35% في حين ان هنالك 65% من مياه الري تذهب هدرا وهي ماتعادل 155 بليون م3 وهذا بسبب عدم فاعلية انظمة الري والسياسات المستخدمه ففي عام 1960 كان الفرد الواحد يستهلك 3300م3 سنويا للاغراض المنزليه والصناعيه والزراعيه اما اليوم فحصة الفرد الواحد لاتتجاوز 1250م3 سنويا وهي ادنى كميه متوفره في العالم للفرد وينتظر ان تصل الى 650 م3 سنويا عام 2025م
ان الامطار الساقطه على العالم العربي تصل حوالي 2280 مليار م3 سنويا والمياه السطحيه منها 352 مليار م3 ويفقد الباقي عن طريق التبخر وللبحر او التسرب العميق وعلى الرغم من ان بعض الدول اقامت سدود وخزانات لحصاد المياه الا انها لازالت قليله ولاتتناسب مع حجم الضائع وهذا اضافة الى ان نسبة استخدامات المياه بالزراعه اكثر من 85% مع كون الفواقد المائيه فيها كبيره جدا بسبب استخدام طرق الري التقليديه حيث تزيد نسبة الفواقد فيها وتؤدي هذه الفواقد الى تملح الاراضي وارتفاع مناسيب المياه الارضيه مما يؤدي لقلة الانتاجيه .
يقدر متوسط جملة الموارد المائيه المتجدده بالوطن العربي الى 352 مليار م3 سنويا يأتي مايقارب 60% منها من خارج الوطن العربي ومن انهار دوليه مشتركه ويستثمر من هذه الكميه نصفها فقط والباقي يفقد ويوجد في المنطقه خزانات جوفيه عميقه غير متجدده طاقتها الخزنيه 77000 مليار م3 في حين ان شحن هذه الخزانات يعادل 42 مليار م3 فقد من المياه المتجدده سنويا
تشير الاحصاءات الى ان نسبة سكان الريف الى سكان المدن كانت في تسعينات القرن الماضي هي 46% ريف و54% مدن في حين ان هذه النسبه من المتوقع لها ان تصل الى 21% ريف و 79% مدن عام 2025 وهذا يعني ببساطه هجرة مستمره من الريف للمدن ومايحمله ذلك من ضغط اضافي على الموارد المائيه
التحديات التي تواجه الامه بشأن المياه
ان الامه العربيه عموما اليوم تواجه تحديات كبيره جدا بسبب المياه وذلك من جراء التزايد السكاني ومتطلبات الامن الغذائي وتغير المناخ الذي طرأ على معظم البلاد المتأثر بظاهرة الاحتباس الحراري وكذلك بسبب الاستخدام المفرط والغير مسؤول للمياه وكذلك الاضرار التي لحقت بالبنى التحتيه لجميع منشأت المياه بسبب الحروب الاقليميه التي حدثت ولازالت تحدث ومنذ اكثر من 50 سنه وهذا كله يعني ان الامه العربيه ليست تواجه الطبيعه بشأن المياه فقط وانما ظروف سياسيه صعبه قد تجعلها مضطره للدخول بحروب من اجل المياه وليس من اجل النفط وغيره ومن اهم التحديات التي تواجه العالم العربي اليوم بشأن المياه
1-محدودية الموارد المائيه وتأثرها بالتغير المناخي
2-تزايد العدد السكاني حيث يقل العرض ويزداد الطلب
3-تصاعد نسبة الهدر بظل غياب سياسات لترشيد المياه من قبل المواطنين العرب
4- استمرار الخلافات في قضية المياه المشتركه مع دول الجوار
5- اطماع اسرائيل في المياه العربيه
6- تدني انتاجية وحدة المياه وقلة الوعي بقضايا المياه
7- تدهور نوعية المياه نتيجة التلوث
8- قلة الموارد الماليه المخصصه لمشروعات تنمية ورفع كفاءة استخدام وتنمية الموارد المائيه
9- عدم ادراك خطورة المشاكل والتحديات التي تواجه وضع المياه لدى ساسة الدول العربيه
هذه التحديات من الممكن مواجهتها ب
1-اعداد وتخطيط السياسات لادارة الموارد المائيه ادارة متكامله والتنسيق والتعاون على جميع المستويات من اجل تنمية هذه الموارد والاستخدام الامثل لها عن طريق توفير التكنلوجيا المناسبه لاستخدامات المياه واستثماراتها
2-مراجعة البحوث والدراسات الاستراتيجيه التي قامت بها المراكز البحثيه بشأن الامن المائي وتحديثها بما يتناسب مع حجم التحديات
3-جعل مسألة المياه في اوائل الاهتمامات الحكوميه
4- تطوير القوانين والتشريعات الخاصه بالمياه بما يتناسب مع حجم التحديات
5-الوصول مع دول الجوار المائي الى صيغ قانونيه واتفاقيات تؤكد على الحق العربي في الموارد المائيه المكتسبه تاريخيا
6- زيادة كفاءة استخدامات المياه وتنميتها
7-توحيد رؤيه عربيه اتجاه القضايا المائيه المطروحه على الساحه الدوليه وخاصة في البنك الدولي للمياه مثل موضوع تسعيرة المياه وبيع المياه والمياه الحقيقيه ونقل المياه داخل وخارج الاحواض
8-مواجهة جماعيه للاطماع والمحاولات الساعيه لسلب حقوق العرب المائيه
9-حث المستثمرين العرب لاستثمار الطاقات المائيه والاراضي المتاحه بالدول العربيه وتنفيذ مشروعات تنميه تخدم الامن المائي العربي
10-السعي بقوه لاستخدام الموارد المائيه غير التقليديه مثل مياه الصرف بكافة انواعها بعد معالجتها وكذلك المياه المالحه
11-السعي لتوحيد مؤسسات الدوله في الاقطار العربيه التي تتولى ادارة الموارد المائيه وجعلها تحت اداره واحده متكامله
12-يجب التعامل مع المياه على انها سلعه اقتصاديه واجتماعيه وبيئيه وان وضع قيمه للمياه معقوله لها مبرراتها وغايتها الكبرى هي ترشيد الاستخدام لها لاغير
13- ضرورة ادخال القطاع الخاص في مجالات ادارة وتنمية الموارد المائيه ولكن ليس على حساب الفقراء
14- ان مستخدمي المياه يجب ان يكونوا جزء من حل مشاكل المياه
15- يجب زيادة الوعي الخاص بقضايا المياه فالماء يحمل الحياة وبنفس الوقت يحتمل التنافس والصراع على هذا المورد
واخيرا لابد لنا من القول انه كما فعل بنا النفط حيث حمل الحياة للامبرياليه العالميه ودول الاستعمار وحمل الموت لنا بنفس الوقت والفاهم من يتعظ
• ملاحظه :اعتمد في هذه الدراسه على على الارقام المنشوره من قبل مركز الدراسات العربي والاوربي -حزيران عام 2000 اعمال المؤتمر الدولي الثامن الذي نظمه من 21 لغاية 23 شباط عام 2000 في القاهره
#عبد_الكريم_حسن_سلومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟