|
زينب و لحظة السقوط - قصة قصيرة
أحمد عز العرب
الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 27 - 20:03
المحور:
الادب والفن
زينب و لحظة السقوط حلقت طائرة حربية سوداء فوق رؤس الناس ، بدا هيكلها اقرب الى قلعة من القطيفة ، مطفية اللون متربة كأنها وحش اسطورى سميك الجلد كثيف الشعر يخفى فى جوفه نوايا القدر ،كحوت قرر ترك أعماق المحيط و السباحة فوق ميدان التحرير ، اصابني الرعب لحظات أن ينشق بطنها الضخم ليلقى فى عيوننا البارود و الهلاك . أسرعت مع الشباب إلى مدخل عمارة السياحة حيث التليفزيون الوحيد ، قال المتحدث بإنفعال الموضوع خلاص (خلص ) لا سلطة تسيطر على الارض و الطائرة الضخمة التى ترونها تحوم فوق الميدان معناها أن الجيش يسيطر على سماء الاقليم المصري و الامة تعيش لحظة سائلة و فارقة فى عمرها و على المصريين ان يدبروا شؤنهم بانفسهم حيث لا ضابط و لا رابط على الارض و ابواب التاريخ مفتوحة على كافة الاحتمالات . إنفلق الزمن تحت ثقل إنفعالات الحشود و ارتج المكان بالهتافات مع تلاشى جلبة الالة الاغريقى الطائر ،ابصرت فى الق العيون احداثا جساما قادمة ، غبت فى نشوة فهُمس فى اذنى إن لم تعلن ( من أنت؟ ) فلن يحدث جلل ! ، الا ان فزعا باغتني فخلع قلبى و القاه بعيدا حيث تسكن حبته ! سألت نفسى ؟ ما قيمة الحرية لو زينب أصابها مكروه ؟! ،،، فقررت المغادرة فورا . تركت الميدان من الجهة الشرقية متوجها سيرا على الاقدام الى مصر الجديدة فلا مواصلات عامة او خاصة تسير اليوم . تركت خلفى بوابات التاريخ مفتوحة تعبرها الناس هائجة بنشوات عليا غير مجربة ، كلا مستبشر بحضور ارواح من يتصورهم اجداده العظام ، و سيطرت زينب على كل كياني ، ماذا لو هجم اشرار القرن العشرين على منزلها مستغلين الظروف ، تبا لثورة لا تراعي أحوال العاشقين ، الموت لمن تسول له نفسه مس شعرة واحدة من رأسها ، ها هى اللحظة المناسبة للفوز بقلبها بعد رفض منها أستمر سنوات ، اسرعت الخطى تلازمنى مشاعر التضحية و الحب و ألامل . بالتأكيد هى ألان امرأة ناضجة و ليست كأول ما عرفتها ، تزوجت صغيرة من وغد لم يقدر نفاسة الكنز الذى يحوز ، فطلقها بعد عام ، بالاضافة الى أنها تحققت فنياً و أصبحت رسوماتها الصوفية تباع بأثمان مرتفعة و تلقى قبولا نقديا طيباً ، ربما أدركت أن المال وحده لا يكفى للسعادة و أن الحب النقى أهم و أبقى . ولهي بها لم ينقص خردلة طوال سنوات و انها حب العمر بلا شك ، قررت فى نفسي أن حمايتها هدفى و أن حياتى نفسها ثمن بخس مقابل حياتها حتى لو أضطررت لحراسة باب منزلها بقية عمري ، كيف لا ! اليس حرياً بالمعرفة ان تحمى الجمال، أليست الحكمة هى سيف الانوثة و درعها الصلب ، و ان لا معنى لعذوبة إذا لم يقترن الجمال بالحب و ان تجربتها الفاشلة ليست الا صدفة عابرة في حياتها . تجنبت السير بين الكتل السكنية حتى وصلت الى الكوربة ، الجو اكثر برودة و المكان هادىء و كأن لا شىء يحدث فى الوجود ، لم تخلو الشوارع من بعض الشباب يحملون بنادق صيد يحمون بها المنازل و السيارات إلا ان السكون هو الغالب و يحتوى الكل و تعجبت من غبائى كيف لم أقدم على أقتناء سلاح طوال حياتى . ظهر بيتها العتيق كما أدمنت الطواف حوله أسرعت متمنياً معركة أخوضها من أجلها فيأسرها استبسالي فى حمايتها ، البيت راسخ كهضبة و النافذة الزجاجية الانجليزية الطراز مغلقة و اضواء النجفة الصفراء تشع فى الصالة جمال حزين و لكن لا اثرلحي و لا خيال لحركة، درت حول البيت مرات ، حجرة نومها مضاءة خلف الشيش ، الآف الاسئلة تتفجر فى دماغى ، أين هى ؟ أين جدتها العجوز ؟ هل اصابها مكروة ؟ هل قررت فجأءة الانضمام للثورة دون ان تخبرني ؟ أم أنها فى مرسمها بالبدروم أسفل البيت تمزج بجمالها الالوان و تصب من نفسها على الالواح ؟ ماذا أفعل ؟ خف الفزع ، المكان بشكل عام آمن ، و لكن أين هى ؟ خفت أن يلفت طوافى حول بيتها أنظار الناس ، سوف أطرق الباب و سأخبرها بأنى جئت لحمايتها و ستدرك بذكائها مقصدى الحقيقى و ستخبرنى برقتها المؤثرة بأنه لا فائدة و انها خلقت لتكون وحيدة للابد و أن جمالها لعنة لعنت بها ، طرقت الباب بقوة متصاعدة حتى كلت يدي، غلى اليأس فى عروقى من اللامبالاة التى أواجه بها ، ماذا عساي فاعلا لوقبلت حبا اخر ؟! هل غافلها الحب و غزى قلبها ؟ تجسدت أمامى معاني كئيبة موحشة ، تعاصفت رياح متناقضة داخلى و أنا اترك حيها متجها الى حيى متوقعا شرورا كثيرة و مستقبلا غامضاً ، تيقنت أن كل ما احتاجه هو قطعتي سلاح او ثلاثة ، و لسوف أكون أنسانا جديداً ، انها فرصتي النادرة لانتزعى ما استحق من مكانة و اعلن عن عظمة غير مسبوقة ،قوة جسدى معقولة و سيضاعفها السلاح اضعافا مضاعفة و لكن العجب المبهر فى ما سألفظ بيه على مسامع الناس من المعرفة و الحكمة انه سحر القوة و الكلمة إذا ضمتهما قبضة واحدة . أحمد عز العرب المدير التنفيذي لمؤسسة مجاز الثقافية
#أحمد_عز_العرب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة
-
التلذذ الراديكالى او ثورة الطبقة الوسطى
-
قراءة فى كتاب الحرب و السلام فى الرواية الاسرائيلية
-
الجيش و التحولات السياسية من 6/30 الى إنتخابات الرئاسة
-
نسخ الثقافة و إلغاء الموت (البحث عن اليقين فى نور اخر )
المزيد.....
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|