حفل زفاف

فيفيان فايز مينا

الحوار المتمدن-العدد: 5767 - 2018 / 1 / 24 - 18:13
المحور: الادب والفن
    

حفل زفاف
- صباح الخير يا بابا
- صباح الخير يا حبيبى، إنت نازل؟
- آه
- ربنا معاك
- بقولك إيه يا بابا، كنت عايزك فى موضوع كدة.
إعتدل الدكتور فوزى فى وضعه الذى لم يكن لا وضع نوم ولا وضع جلوس على السرير وأخذ قضمة من البسكويت التى كانت مارى قد وضعته مع كوب الشاى الصباحى، فهكذا اعتادت منذ ما يقرب من خمسين عاما. عند استيقاظه فى الصباح وذهابه إلى الحمام يعود إلى السرير ليجد مارى قد أعدت له كوبا من الشاى وعدد 2 بسكويت – كان بسكويت مارى السادة أو رمسيس بالشيكولاتة أيام الانغلاق ثم تحول إلى بسكويت دايجستيف السادة أو دايجستيف بالشيكولاتة أيام الانفتاح – يأكلها ثم يرشف الشاى مع أول سيجارة فى اليوم الجديد.
- ربنا يستر. أنا بخاف من حكاية "عايزك فى موضوع" دة. من سنة فاتت والكلمة دى بقت المعادل الموضوعى ل "عايز فلوس".
قهقه عماد الذى كان يقف بقدمه اليمنى فقط داخل غرفة والديه مطلا برأسه على أبيه بينما باقى جسده خارج الغرفة وخبط على الجدار.
- طلعت أوت منك دى يا دوك. المرة دى أنا مش عايز فلوس، وبعدين يا سيدى كلها كام شهر وتخلص منى خالص.
- على الله بس ما تجيش تعيط وتقولى يا بابا الحياة صعبة والعيشة غالية ومش قادر على مصاريف البيت الخ الخ ...
- ماتقلقش يا دوك. إنت عارف أنا طول عمرى بحب أعتمد على نفسى. هى بس أول طلعة اللى صعبة. أنا عايزك فى حاجة تانية خالص.
- خير.
- محتاجين نبتدى نفكر فى حجز الكنيسة والقاعة.
- مش قلت لك عايز فلوس.
- لأ يا بابا يا حبيبى فى المرحلة دى أنا عايز قرارات بس. الفلوس بعدين.
- طيب يا حبيبى القرار دة محتاجين ناخده كلنا مع بعض. أقول لك .. فرصة حماك وحماتك فى القاهرة اليومين دل. بكرة الجمعة إعزمهم على الغذا بره معانا ونتكلم وإحنا بناكل.
- أوكى. حلو الكلام. فين والساعة كام؟
نظر الدكتور فوزى لعماد نظرة ذات معنى.
أومأ عماد لأبيه بيديه معتذرا وضاحكا فى آن واحد.
- مفهوم، مفهوم.
الدكتور فوزى زوج الدكتورة مارى ووالد عماد وأخوه الأكبر سنا هو طبيب يقطن مصر الجديدة منذ زواجه وإنتقاله من بيت أسرته فى شبرا منذ ما يقرب من خمسين عاما. الدكتور فوزى إنسان منظم جدا، يعيش وفق روتين يومى وأسبوعى دقيق لا يحيد عنه إلا فيما ندر. المستشفى فى الصباح. الغذاء فى الثالثة عصرا. العيادة فى المساء. القداس صباح الأحد. النادى مساء نفس اليوم. الغذاء خارج المنزل يوم الجمعة. يمارس الدكتور فوزى كل تلك الأنشطة داخل حيز مكانى واضح المعالم والأطراف هو عبارة عن مربعا محددا فى مصر الجديدة. السكن فى شارع الأهرام فى شقة واسعة الأطراف تطل على مترو النزهة عند محطة كنيسة البازيليك. المستشفى فى الكربة. العيادة فى شارع بيروت. الكنيسة فى شارع كليوباترا. النادى هو نادى هليوبوليس فى روكسى. أما مكان تناول غذاءه الأسبوعي خارج المنزل فكان فيما مضى فى أحد ثلاثة أماكن لا رابع لها هى الأمفتريون L’amphtrion أو بالميرا الصغيرة Petite Palmira أو الميريلاند Merryland. كان ذلك قبل أن ينزل عليهم التخفيض إلى اثنين بعد أن طالت ثالثهم يد الزمن و يد الرأسمالية والعولمة والكوكبة والخصخصة إلى آخر تلك الكلمات التى تؤثر على حياتنا دون أن يطرأ على أحد فكرة أخذ رأينا. كان الميريلاند قبل أن تمتد إليه كل تلك الأيادى هى مكانه المفضل، فقد كان يصطحب إليه مارى أيام خطوبتهما وقد أقام فى قاعته حفل زفافهما. كان الميريلاند من وجهة نظره أجمل بقعة فى مصر الجديدة. المطعم المفتوح الذى تتوسطه البحيرة ببجعاتها البيضاء الرشيقة ووحدات الإضاءة ذات الطراز الستينى. كبارى المشاة الصغيرة التى تعلو البحيرة. الأطفال الذين يلقون ببقايا الطعام للبجع. المراكب ذات البدالات التى يصطحب فيها الآباء والأمهات أطفالهم. المتر دوتيل ببذته السوداء والببيون والسفرجية النوبيون بعماماتهم البيضاء وأروابهم الزرقاء وأحزمتهم الحمراء. بائعو البلالين ذات الأشكال والألوان المتنوعة وبائعو الحيوانات البلاستيكية المنفوخة هواء و وبائعو اللب والسودانى على العربيات التى تنفث مداخنها دخانا برائحة السودانى المحمص على بوابتها الرئيسية.
كان الدكتور فوزى يرتاد الميريلاند كثيرا ويتجنبها تماما فى أيام العطلات الرسمية والأعياد الوطنية والقومية والدينية الإسلامية منها والمسيحية حين يحدث هجوم تتارى على حدائق الميريلاند الشاسعة لكونها من قلائل المتنفسات الخضراء فى قاهرة المعز المفتوحة أمام الجماهير بتذاكر ذات أسعار زهيدة، فتهجم أوتوبيسات الرحلات عليها من كل صوب وحدب فتختفى بعد قليل المساحة الخضراء تحت الملاءات المفروشة على الأرض والجلوس فوقها والقمامة الملقاة فى كل مكان. كنت تستطيع أن ترى عندئذ الأطفال والشباب يلعبون الكرة أو الإستغماية أو الثعلب فات أو المنديل أو شد الحبل أو نطه. أما الأكبر سنا والأثقل حركة فكانوا يجلسون القرفصاء على الملايات البيضاء أو الصفراء أو الزرقاء يقزقزون اللب ويمصون القصب أو يأكلون اليوسفى والموز أو السندوتشات و المحشى أو الرنجة والفسيخ حال كون ذلك اليوم هو شم النسيم.
أما لماذا هذه المطاعم تحديدا فيكمن السر فى نوع الطعام والشراب التى تقدمها. فقد كان من عادات الدكتور فوزى سواء تناول غذاءه داخل بيته أو خارجه أن يشرب كوبا واحدا من البيرة أو كأسا واحدا من النبيذ الأحمر مع وجبة الغذاء التى كان يفضل أن تكون كبابا و كفتة مع سلطات إذا أكل خارج البيت مما أدى إلى إستبعاد شانتى Chantilly الكائن فى شارع بغداد بالكربة الذى يقدم المشروبات الكحولية لكن مع الأطعمة السويسرية!
كثيرا ما حاولت مارى و عماد وأخوه وزوجته إقناعه بتغيير مكان تناول الغذاء خارج المنزل يوم الجمعة خاصة أنه وقت اللقاء العائلى الذى يتحتم على الجميع حضوره دون اعتذارات وإلا ... لكن دون جدوى. عبثا حاولوا إقناعه أن القاهرة الكبرى بل ومصر الجديدة بل ومربعه المحبوب جميعها مليئة بالعديد من المطاعم الأخرى الأمريكية منها والإيطالية والصينية والفرنسية واليابانية والمكسيكية لكن دون جدوى. كان يسوق إليهم أسبابه، فلم يكن ينوى حشو بطنه بالعيش والمكرونة فى المطاعم الإيطالية ولا بما لا يفهم من طعام فى المطاعم المكسيكية والصينية ولا بالسمك النىء فى المطاعم اليابانية ولن يكون صالحا للبقاء إذا تناول عينات المطاعم الفرنسية التى لا تشبع ولا تغنى. حتى عندما تغيرت معالم الميريلاند عند تحويلها إلى مجموعة من المطاعم تنتمى إلى السلاسل العالمية ماعدا واحدا ينتمى إلى إحدى السلاسل المحلية ألا وهو أندريا كان حظه جيدا فهذا المحل يقدم المشروبات الكحولية مع الأطعمة المشوية. كان ذلك قبل أن يقفل الميريلاند أبوابه تماما عند إنتهاء إيجارات تلك المطاعم ثم بات مهجورا ثم بدأ العمل على إعادة بناء البوابات تمهيدا لتجديده بالكامل فتم هدمها ثم تركت كما هى فلا الجديدة بنيت ولا القديمة تركت على حالها.
لذلك فعندما سأل عماد أبيه أين ومتى يكون الغذاء كان عليه أن يتوقع تلك النظرة. على أى حال لا يهم زمان ومكان الغذاء. المهم الآن زمان ومكان الزفاف. العرس. اليوم الذى يقترن فيه للأبد بحبيبته. اليوم الذى يصبحان فيه واحدا. اليوم الذى إنتظره طويلا منذ وقعا فى حب بعضهما البعض أيام الجامعة. كان هو فى تجارة "English" (تجارة إنجليش مش أى تجارة) وكانت هى فى كلية الألسن. كان كلما فكر فى تلك المصادفة شعر أن عليه أن يشكر رفاعة رافع الطهطاوى لما بذله من جهد جهيد لتأسيس تلك الكلية العظيمة، ثم عليه أن يشكر أبا خطيبته، ذلك الأب التقدمى الذى لم يمانع أن تحضر إبنته الصغرى من المنيا إلى القاهرة الكبرى مكان الفسق والفجور بمفردها طلبا للعلم، وأخيراً كان عليه أن يشكر ذلك الشخص، أيا كان، الذى إتخذ قرار نقل كلية الألسن من مقرها القديم فى منطقة الزيتون إلى مبناها الجديد خلف كلية التجارة بجامعة عين شمس فى العباسية، فلولا ذلك ما قابل خطيبته وحبيبته مورين Maurine. و هنا ثار تساؤل فى عقل عماد. لو لم يكن هو فى كلية تجارة (تجارة إنجليش مش أى تجارة) ولو لم تكن هى فى كلية الألسن هل كانا سيتقابلان أيضا؟ أى هل كان سيقابل مورين هى هى أيا كانت ظروفهما ليقعا فى حب بعضهما البعض ويتزوجا؟ يعنى بمعنى آخر هل هناك قدرية وحتمية و"المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين" و"تجرى يا بنى آدم جرى الوحوش غير رزقك ما تحوش" وما إلى ذلك؟ هل جننت يا عماد؟ ما هذه الأسئلة؟ هل هذا وقت تلك الأسئلة الوجودية؟ المناسبة مناسبة فرح. عد إلى رشدك يا رجل. دة بدل ما تغنى "يا ولاد بلدنا يوم الخميس، هأكتب كتابى وأبقى عريس" ؟ ضحك عماد. لا يعرف لماذا تذكر هذه الأغنية تحديدا فهو لا "بلد" له يعود إليها لا فى الصعيد ولا فى بحرى، وعندما يتزوج لن يكتب كتابه، ومن المستحيل أن يتزوج يوم الخميس. فالسيد الوالد لن يوافق إلا أن يكون الفرح يوم الأحد، يوم عطلة العيادة الأسبوعية، لكن هذه هى الأغنية التى خطرت على باله. وهى من الأغانى التى يديرها كل دى جى D.J. فى كل الأفراح سواء فى الحارات أو فى الفنادق الفاخرة. على الأقل هذه الأغنية من أغانى محمد فوزى الجميلة، وهذا أفضل من أن يخطر على باله، على سبيل المثال لا الحصر، أغنية "العنب، العنب، العنب" أو "شبرا وبنات شبرا" أو "هأركب الحنطور وأتحنطر درجن درجن" أو "أزأز كابوريا" التى يسمعها فى كل الأفراح. أخرج عماد موبايله ودون ملحوظة تذكره بأن يؤكد على الدى جى فى فرحه بعدم تشغيل تلك الأغانى والاقتصار على المقطوعات الموسيقية والأغنيات الغربية الهادئة وكلاسيكيات الأغاني المصرية الخاصة بالأفراح وأغاني فيروز التى يعشقها، ثم اتصل بمورين وبشرها بالخبر السعيد فعليهم أن يتقابلوا جميعا فى اليوم التالى لتحديد موعد الإكليل واختيار الكنيسة والقاعة. لم يحتاج أن يخبرها بميعاد ومكان الغذاء فهى تعلم عادات حميها تمام المعرفة!
***
دخل الدكتور فوزى والدكتورة مارى الأمفتريون متأبطين ذراع بعضهما البعض. الجو خريفى دافىء والسماء صافية والشوارع هادئة يوم الجمعة. جاءا مشيا على الأقدام من منزلهما الذى لا يبعد كثيرا عن المكان. إختطف الدكتور فوزى نظرة سريعة على الساحة الخلفية الكامنة وراء القاعة الزجاجية المكيفة الهواء متحسراً على أيام زمان ومشمئزاً من منظر الشيشة التى أدخلتها إدارة المطعم لتواكب الموجة و الهوجة و الموضة.
- صباح الخير
- صباح الخير يا دكتور. إزاى الصحة؟ نفس الترابيزة؟
- أكبر. معانا ضيوف النهاردة.
- إتفضل من هنا يا أفندم.
حضر الجميع تباعا. عماد ومورين، ثم والد مورين ووالدتها، وأخيراُ حضر سامر أخو عماد الكبير و زوجته نانسى وأولادهما مايكل ويوستينا الذين دائما ما يتأخرون، فيوم الجمعة هو يوم مدارس "الأحد" والدروس الخصوصية وتمارين السباحة والسكواش. يحضرون متأخرين وينهضون سريعا لاستكمال باقي الأنشطة التي يضاف إليها تمارين الكورال قبل الكريسماس والإيستر والنيروز!
هكذا اكتملت الهيئة الموقرة للعائلتين: الهيئة العليا متمثلة فى الآباء والهيئة الاستشارية متمثلة فى الأخ وزوجته والهيئة التنفيذية متمثلة فى العريسين فهم من يقومون بتنفيذ كل القرارات وهم من سيتزوجون.
بعد السلامات والتحيات وكلام المجاملات وبعد أن إطمئن الدكتور فوزى إلى أن الجرسون قد أخذ كل الطلبات وأثناء انتظار الطعام افتتحت الجلسة للنقاش. كان أمامهم ثلاث مهام. تحديد الموعد. تحديد الكنيسة. تحديد القاعة.
***
هنا يجب التوقف والتنويه إلى أن الأمر يبدو بسيطا لكنه ليس كذلك على الإطلاق. فكل شخص قد جاء وهو يخبئ نواياه الدفينة ورغباته السليمة (من وجهة نظره هو طبعا) وآماله العريضة. مورين تريد أن تتم مراسم الزواج فى كنيسة إنجيلية يتبعها زفافا أسطوريا فى أحد الفنادق "السبع" نجوم من أمثال جى دبليو ماريوت J.W. Marriott أو فور سيزونز Four Seasons تحكى وتتحاكى عنه صديقاتها لأسابيع وشهور(لا تعرف لماذا تشعر مورين بغصة كلما جاء ذكر الفور سيزونز. آه. لقد تذكرت. هذا هو الفندق الذى سقطت منه فتاة من الطابق السابع والعشرين منذ عامين. قيل أن الحادث انتحار بينما هناك أقاويل عن أن أخو الفنانة سوزان تميم، التى قتلت هى الأخرى، قد القاها من الشرفة لإخفاء علاقته بها). أما الدكتور فوزى والدكتورة مارى فهما يريدان زواجا أرثوذكسيا فى أيا من كنائس مصر الجديدة وزفافا "مناسبا" فى أى من فنادق مصر الجديدة "المعقولة". والدا مورين الباشمهندس سامى و زوجته مدام زوزو )نعم، هذا هو اسمها الحقيقى فى شهادة الميلاد، فأبوها، خلافا لما هو معروف عن رجال الصعيد، كان يحب البنات وكان يحب أن "يدلع" بناته فأطلق اسم زوزو على إبنته الكبرى واسم فيفي على ابنته الصغرى) لا يريدان إقامة المراسم فى مصر الجديدة. يجب أن تكون الكنيسة أقرب إلى خط الصعيد من حيث سيأتى معظم أقربائهما لحضور المراسم ثم ينصرفون، ولتكن مثلا فى الجيزة أو الزمالك أو العجوزة ولا يهتمون كثيرا أين يكون حفل الزفاف. أى قاعة فى أى فندق أو أى من دور القوات المسلحة ستفى بالغرض (تكاد مورين يغشى عليها كلما لفظ أحد أبواها بموضوع دور القوات المسلحة) أو حتى بدون حفل زفاف على الإطلاق فالزواج سر مقدس. المهم صلاة الإكليل فى الكنيسة. (لأ دة كدة بقى مورين هايغمى عليها فعلا). عماد لا يهتم بأى كنيسة تتم المراسم. كلها كنايس ربنا. كلها حلوة. أهم حاجة الحفل. من المهم أن "يهيص" مع أصحابه. فهذه ليلة العمر. بعدها يودع العزوبية. شوية هيصة قبل المسئولية والولاد والذى منه. نانسى تريد ألا يكون فرح سلفتها المستقبلية أفضل من فرحها. يا للنفس الإنسانية الأمارة بالسوء!
***
عودة إلى العائلتين المجتمعتين على الغذاء. كان أول قرار أسهلهم. نحن الآن فى شهر أكتوبر. الشقة والأثاث لن يكتملا قبل شهرين. ليكن الفرح إذا فى يناير وليكن فى أحد الآحاد فى نهاية الشهر حتى تكون أجازه نصف العام قد حلت ويتسنى للأقارب القادمين من المنيا وبنى سويف وأسيوط الذين مازالوا فى التعليم الحضور. أخرج عماد الموبايل وبحث فى النتيجة عن أيام الآحاد التى تحل فى آخر شهر يناير من العام الجديد فوجد ان آخر يوم أحد سيكون فى الثلاثين من يناير فتم الاتفاق على أن يكون الفرح فى ذلك اليوم.
كان القرار الثانى أمرا مفروغا منه. كان الكبار قد اشترطوا على الصغار أنه لا زواج فى كنائس البروتستانت. الكبار لا يفهمون التصفيق والتنطيط. أين الوقار؟ أين الألحان الكنسية القبطية الجميلة التى يتلوها أجدادنا منذ القرون الأولى؟ أين الأيقونات؟ أين البخور؟ أين الشموع؟ أين العادات والتقاليد؟ ليحضروا من الاجتماعات ما شاءوا فيما يحبون من كنائس، ولكن الزواج أمر آخر. هكذا ذهبت أحلام مورين سدى. ذهب حلمها بإقامة مراسم الزواج فى كنيسة قصر الدوبارة فى ميدان سيمون بوليفار وسيكون عليها أن تحضر مراسم زواجها دون أن تفهم تحديدا ما يجرى.
عند هذه النقطة من النقاش جاء الجرسون بالسلطات فكانت فرصة للقضاء على لحظة توتر كانت ستظهر على مورين. إنهمك الجميع فى أكل السلطات الشهية: السلطة البلدى بالبصل وسلطة الزبادى والطحينة والبابا غنوج والتومية والباذنجان والطماطم والمخلل مع الخبز البلدى الطرى والخبز الشامى المحمص.
كان الجوع قد أصاب الكل فبدأوا فى التهام ما وضع أمامهم من طعام. دقيقتان وعاودوا النقاش. أعرب الباشمهندس سامى عن رغبته فى أن تكون المراسم فى منطقة قريبة من خط الصعيد لأجل الأقارب القادمين للمجاملة من هناك. بدا على الدكتور فوزى شيء من عدم الارتياح وتقلقل فى مجلسه. اختلس الباشمهندس سامى وزوجته مدام زوزو النظر إلى بعضهما البعض. كانا قد إتفقا قبل مجيئهما أن يحاولا إراحة الدكتور فوزى من كل الوجوه. لقد كان الرجل كريما معهما جدا فى كل شىئ. حتى عندما فضلت مورين أن يشترى لهما الشقة فى الرحاب بدلا من التجمع الخامس مع ما يعنيه هذا من فرق شاسع فى الأسعار لم يعترض الرجل. قال "وماله أهم حاجة يكونوا مبسوطين، ما هى كل حاجة ليهم فى الآخر". هكذا تم الإتقاق أن يتم حجز أيا من كنائس مصر الجديدة.
- كويس. دة مافيش أحلى من ستوديوهات التصوير فى مصر الجديدة. عندك ثلاثة أحلى من بعض تختارى واحد منهم. فنان باريس وآفو وڤارت. أنا عن نفسى إتصورت عند آفو. طلعت الصور تجنن.
- لأ يا نوسة أنا هأعمل فوتو سيشن photo session فى الأوتيل.
تساءلت مدام زوزو:
- إيه يا حبيبتى الفوتو سيشن اللى فى الأوتيل دة؟
- يعنى يا ماما فنان التصوير هو اللى ييجى الأوتيل يصور العروسة والعريس قبل الفرح مع بعض ومع الأهل ومع الإشبينات.
- يا سلام؟!
- آه صدقينى. حتى تصوير الفيديو دلوقتى بيبتدى فى الأوتيل قبل الفرح. يصور العريس وهو بيحلق دقنه وهو بيلبس البدلة ويصور العروسة وهى بتجهز مع إشبيناتها أثناء ما المايك آب آرتست Makeup artist بيعملها المايك آب بتاعها وأثناء ما الكوافير بيركب الطرحة وكدة يعنى.
- يا سلام؟!
- طبعا يا ماما. دة يوم العمر. لازم كل لحظة تتصور.
- دة إحنا على كدة ما إتجوزناش بقى!
- مش ناقص غير إن المصورين ييجوا معاكم غرفتكم بعد الفرح علشان يصوروا ليلة العمر كمان!
يعنى هو سامر يسكت دهرا ثم يتكلم كفراً.
كتم عماد ضحكة كادت تفلت منه بينما شعرت مورين بالإحراج وإحمر وجهها ولكن لثانى مرة ينقذها الجرسون ويأتى فى الوقت المناسب بالأطباق الجانبية: بوم فريت ومكرونة بولونيز ومكرونة فرن وورق عنب وأرز بالخلطة وأرز مزاليكا.
***
إنهمك الجميع مرة أخرى فى أكل ما وضع أمامهم من طعام. لم يبق أمامهم سوى تحديد مكان القاعة. اقترحت مورين الفور سيزونز أو الجى دبليو ماريوت أو الفيرمونت.
اقترح الدكتور فوزى والدكتورة مارى الميريديان Le Meridien أو السونستا Sonesta أو البارون Baron أو السلام وإقترح الباشمهندس سامى ومدام زوزو أحد دور القوات المسلحة. مالها دور القوات المسلحة؟ هناك دار القوات الجوية والمدفعية والإشارة والإمداد والتموين والحرب الإلكترونية! ما الفرق يعنى بين قاعاته وقاعات الفنادق. ما الفرق بين طعامه وطعام الفنادق؟ بدا على الدكتور فوزى شىئ من عدم الارتياح وتقلقل فى مجلسه مرة أخرى. اختلس الباشمهندس سامى وزوجته مدام زوزو النظر إلى بعضهما البعض مرة أخرى أيضا . الباشمهندس سامى مهندس رى. انتقل كثيرا بين محافظات الوجه البحرى والقبلى. عمل داخل مصر وخارجها. يمتلك أراضي فى البلد. ميسور ماديا. لكن الموضوع ليس موضوع فلوس. الباشمهندس سامى وزوجته مدام زوزو يريان الفقر حولهم فى كل مكان فى الصعيد. لذلك لا يحبون الصرف ببذخ. لا يرون داعيا لصرف الكثير من الأموال على مظاهر فارغة. يفكرون فى الجوعى والمرضى والمحرومين. كم من أفواه يمكن أن تطعمها الأموال التى سوف تصرف على فرح كهذا؟ لكنهم يعرفون أن هذا هو أسلوب تفكيرهم هم الذى لا يستطيعون فرضه على غيرهم وأولهم ابنتهم مورين! لذلك رضخا مرة أخرى لرغبة الدكتور فوزى.
هكذا تم تفويض الهيئة التنفيذية لدراسة مواعيد وأسعار الفنادق التى حددها الدكتور.
أخيرا جاء الجرسون بالأطباق الرئيسية. كباب وكفتة وطرب وفراخ مشوية وميكس جريل وشيش طاووق وفراخ مخلية وكأس نبيذ واحد، فالوحيد الذى يشرب الكحوليات هو الدكتور فوزى.
إنتهى الغذاء وأعلنت مارى أنها قد أعدت كيكة فى البيت ليتناولوها كلهم معا مع شاى العصارى. رحب الكبار وإستأذن الصغار.
- يا دوب يا تيتة نلحق التمارين.
- معلهش يا جماعة. الحاجة الحلوة والشاى هاناخدهم أنا ومورين فى أى مكان. بقى لنا أسبوع ماقعدناش سوا.
- هاتروحوا فين يا حبيبى؟ ها تاكلوا تروا بتى كوشون trois petits couchons فى جروبى؟
لم تصدق مورين ما تسمع. الجيل دة لسة عايش فى زمن الأمفتريون وشبيهه جروبى الذى لا يبعد عنه سوى بناصية واحدة. أمها، مدام زوزو، لا زالت تعيش فى زمن جروبى عندما كانت تجىء من المنيا للقاهرة لتتعرف على أحدث خطوط الموضة فتشترى ملابسها هى وطانط فيفى من شارع فؤاد وقصر النيل أو من الشواربى إذا الميزانية سمحت بذلك، وأوانى المطبخ والمفروشات من عمر أفندى وهانو وعدس وريفولى وشيكوريل وجاتينيو، والستائر وقماش التنجيد والأقمشة السوارية من وكالة البلح. كان التسوق يقام من أجله رحلات اليوم الواحد من المنيا إلى القاهرة قبل الأعياد وفى أيام الأوكازيونات. يتسوقون ويأكلون عند جروبى إذا كانت أيام فطار أو يأكلون الكشرى عند جحا أو الفول والطعمية عند التابعى فى أوقات الصيام. ثم أقنعتها بناتها الثلاثة بتغيير وجهتها وقبلتها إلى منطقة روكسى ومحلاتها الأحدث والأشيك، فرضخت صاغرة. كانت المرحلة التى تلت ذلك مرحلة المولات من أمثال الحرية مول و طيبة مول وجنينة مول. إلى هنا والأمر هين. أما ما حدث بعد ذلك فلم تستطع تحمله. فالنقلة النهائية جاءت عند الانتقال إلى مرحلة سيتى ستارز وما تلاها. هناك تشعر بالغربة وبعدم الأمان. هناك تشعر أنها تائهة وغريبة وفقيرة. تشعر أنها فى عالم آخر. عالم غير الذى تعرفه.
- لأ يا ماما يا حبيبتى إحنا ها نروح سيلانترو Cilantro أو بينوز Beano’sأو كوستا كوفى Costa Coffee . عايزة أشرب فرابى Frappe وآكل تشيز كيك.
لم تفهم مدام زوزو من كل ما قالت ابنتها سوى تشيز كيك وكوفى. فاكتفت بذلك القدر خوفا من الظهور بمظهر الجاهلة أمام أنسبائها.
- طيب يا حبيبتى ما تتأخروش علشان نروح سوا.
***
مرت أيام وأسابيع. تم حجز موعدا للإكليل بكنيسة السيدة العذراء مريم بأرض الجولف وقاعة آراميس Aramis Ballroom بفندق الميريديان لحفل الزفاف.
العمل يجرى على قدم وساق. فبخلاف تشطيب الشقة واستلام الأثاث، كان هناك السجاد والنجف والتحف والستائر والمفروشات والصينى والفضية والأجهزة الكهربائية والتابلوهات.
مرت أيام وأسابيع. العمل مازال يجرى على قدم وساق. لابد من حجز الكوافير والمايك آب آرتست والورد والسيارة التى لابد أن تكون استرتش stretch والتصوير ومهندس الديكور للكنيسة والقاعة. ثم أن هناك البدلة والفستان (هل يتم إيجاره أم تفصيله أم شراءه من المحلات أم أونلاين؟). ثم أن هناك اختيار الإشبينات وتفصيل فساتينهم جميعا بنفس الموديل واللون.
ثم هناك أيضا ترتيبات شهر العسل الذى لابد أن يكون خارج مصر لا داخلها، فى ماليزيا وإندونيسيا، أو فرنسا وهولندا أو براج وسويسرا!
السنة قاربت على الانتهاء. لم يبق سوى ما يقرب من ثلاثين يوما على اليوم الموعود.
***
السبت 1 يناير 2011
"ليلة رعب تعيشها "الإسكندرية" بعد عودة الإرهاب."
"ساعة الغضب فى سيدى بشر .. منتصف الليل: الانفجار.. الواحدة صباحا: الشارع يشتعل .. الثالثة صباحا: غاضبون يمنعون نقل الضحايا."
"الإرهاب يشعل فتيل الفتنة فى الإسكندرية ويسقط 21 شهيدا مصريا ليلة رأس السنة."
"100 مصرى ضحية جريمة الإسكندرية."
"الداخلية "تحشد" قواتها حول الكنائس وتزود المجندين بالأسلحة."
"رعب أكثر من هذا سوف يجيئ."
"الكنائس تقيم "قداسات الغضب" للصلاة من أجل الضحايا. والبابا شنودة يقرر إلغاء احتفالات عيد الميلاد."
"مبارك يتهم "أصابع خارجية" بالتورط فى الانفجار ويؤكد : لن أسمح بالاستخفاف بأمن مصر."
"إجراءات مشددة لتأمين كنائس شبرا وعين شمس ... ومنع انتظار السيارات حولها."
***
تتشاءم مورين من هذه البداية للسنة. ترى ماذا يمكن أن يحدث أيضا؟ قلبها ليس مطمئنا. ترى هل تحدث هجمات على الكنائس وقت الأفراح مثلما كان يحدث فى الثمانينات؟ عادة ما تنتاب العرائس الهواجس والخزعبلات. لن تكون أجمل الجميلات. السيول والأمطار سوف تهطل. اليد أو القدم سوف تكسر. الفستان سوف يحرق. المصور أو الكوافير لن يأتى. السيارة لن تحضر. العريس لن يظهر. حالة وفاة. زلزال. بركان. إعصار.
أما أن تضطر العروس لإضافة إحتمال التفجير بالقنابل والمفرقعات فهذا كثير. لا بل كثير جدا.
***
تمر الأيام هادئة. ليس هناك من أعمال إرهابية أخرى. بدأت الطمأنينة تعود رويدا رويدا إلى قلب مورين وعماد وعائلتيهما.
لكن هناك كلام عن ثورة يوم 25.
- ما تخافيش يا حبيبتى هما قالوا كدة يوم 6 إبريل سنة 2008 وماحصلش حاجة. دى زوبعة فى فنجان. كلام شباب. أحلام يقظة.
- لأ يا ماما أنا قلبى مش مطمن. فى تسارع للأحداث مش مريح. خالد سعيد. حركة كفاية. حادث كنيسة القديسين. الثورة فى تونس.
- يا حبيبتى ما تخافيش، إنت بس اللى قلقانة زيادة عن اللزوم. مش هايحصل حاجة صدقينى. دة قلق عرايس مش أكثر.
قالت مدام زوزو ماقالته لتبث الطمأنينة فى قلب ابنتها لكنها لم تستطع أن تبرر ذلك الهاجس غير المريح بداخلها.
***

الثلاثاء 25 يناير 2011
"بروفة مبكرة ل"يوم الغضب" .. 12 مظاهرة فى القاهرة والمحافظات للمطالبة بالتعيين ورفع الأجور".
لم يبق سوى خمسة أيام على الفرح. لم تمنع المانشيتات التي تتنبأ بيوم الغضب سير المشاوير والرحلات المكوكية من وإلى الشقة لعمل الترتيبات النهائية من إستلام الأثاث وفرش المفروشات ورص ملابس العروسين فى الدولاب. اجتمعت بنات عائلة مورين وصديقاتها من أجل هذه المهمة السعيدة. قضين اليوم كله فى الشقة يفرشن ويرتبن ويهندسن وفى أثناء ذلك يضحكن ويهزرن ويغنين ويرقصن ويزغردن ويأكلن ويشربن. اختطفت مورين لحظات من السعادة وسط قلقها الجاثم على صدرها. لم تلفظ إحداهن بكلمة عن المظاهرات كما لو كان هناك اتفاقا غير معلنا بينهن. إنتهت مهمتهن بنجاح. وإنتهى اليوم بسلام.
***
الأربعاء 26 يناير 2011
"الأمن يطارد المتظاهرين .. والغاضبون يعلنون اعتصامهم حتى الصباح".
"إطلاق قنابل مسيلة للدموع بكثافة على المعتصمين بميدان التحرير لفض الاعتصام بالقوة فى الساعات الأولى من الصباح".
ارتفعت معدلات التوتر والاضطراب فى أسرتى الدكتور فوزى والباشمهندس سامى. زاد الترقب والتوجس والتحير، وزادت المكالمات التليفونية بين العائلتين لتحليل الأوضاع ووصلت إلى معدلات استثنائية من مورين إلى عماد لبث ما يجيش فى صدرها من خوف وقلق وللنواح والبكاء.
حاول الجميع طمأنة بعضهم البعض وتهدئة مورين من الإنهيار الكامل. الأحداث فى ميدان التحرير. لن يكون هناك مشكلة فى التحرك فى مصر الجديدة. فقط على القادمين من الصعيد تجنب التحرير و رمسيس. شكر الجميع الله على نعمة الطريق الدائرى.
***


الخميس 27 يناير2011
"المتظاهرون والأمن فى اليوم الثانى: لا تراجع .. ولا استسلام"
"الأمن يحسم ليلة التحرير ب 200 مصفحة و 1 ألف جندى و القنابل المسيلة"
"أكثر من 1000 معتقل ومطاردات بالرصاص المطاطى وعمليات ضرب وسحل"
"المواجهات بين الأمن والمتظاهرين فى السويس تتحول الى حرب شوارع وتنذر بكارثة"
أخذت دائرة المكالمات والاتصالات تتسع. القلق يعم أسر الإشبينات والصديقات. هلت الاعتذارات من الصعيد. لن يستطيع الكثير المخاطرة بالمجىء فى تلك الأجواء التي تنذر بسوء. هل ينقلب الوضع تماما؟ هل تتحول المظاهرات في القاهرة والصعيد إلى حرب شوارع مثلما حدث في السويس؟ هل تنقلب المظاهرات إلى ثورة كاملة متكاملة على الأوضاع مثلما حدث في تونس الخضراء؟ التليفزيونات لا تطفأ. المحللون يحللون ويستنتجون ويتنبؤون. ومورين تبكى وتندب و تصرخ.

***
الجمعة 28 يناير 2011
"حرب شوارع بين المتظاهرين والأمن فى رمسيس."
"قنابل الشرطة تفشل فى منع مظاهرات وسط البلد."
"اشتباكات عنيفة فى السيدة زينب."
"قنابل دخان على أبواب مسجد الخازندار."
"الدقى : مظاهرة تنطلق من "أسد ابن الفرات" والمتظاهرين يرفعون "كارت أحمر" فى وجه الشرطة."
"آلاف المتظاهرين ب"وسط القاهرة" يتحدون قنابل الأمن المركزى."
"ممنوع الوصول إلى ميدان التحرير."
"الآلاف يخرجون من المساجد فى مسيرة تستقر أمام القصر الجمهوري بالقبة."
"البلطجية والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين فى شبرا والغاضبون يحرقون سيارة شرطة."
"مسيرة حاشدة من الجامع الأزهر تطالب برحيل النظام ومدرعات الأمن المركزي تطلق القنابل الصوتية."
"الغاضبون يسيطرون على المبانى الحكومية ومقار الحزب الوطني في السويس ودمياط ويحتلون منزل محافظ بنى سويف ومقر وطنى المنصورة."
"محافظات الغضب خارج نطاق الخدمة. قطع خدمات التليفون المحمول والإنترنت وبعض الخطوط الأرضية."
"قرر الرئيس حسنى مبارك، بصفته الحاكم العسكري، حظر التجوال في جميع أنحاء الجمهورية ابتداء من الساعة السادسة مساءً حتى السابعة صباحاً".
هستيريا.
خوار.
إنهيار.
تمت

#فيفيان_فايز_مينا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات