|
المسيح وكاتدرائية ميلاد المسيح
ليديا يؤانس
الحوار المتمدن-العدد: 5752 - 2018 / 1 / 9 - 04:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المسيحيين وغير المسيحيين يحتفلون، يبتهجون، يفرحون، يتبادلون الهدايا والأكلات الشهية، حتي الذين لا يعتقدون بإحتفالات عيد الميلاد، أيضًا يحتفلون ويفرحون ويُشاركون الآخرين .. حتى لو لم تؤمن بهذا العيد ما الضرر بالإحتفال؟!
الأعياد فرحة وبهجة، لماذا لا يفرح ويبتهج كل الموجودين في المجتمع؟
الرب ليس شخصًا عجوزًا كئيبًا، يدور ويتلفت حوله بتكشيرة تُنِمْ عن الوقار، الرب إله الفرح والأعياد والإحتفالات، وكثيرًا ما يوصي شعبة بالإحتفالات وخاصة في المناسبات الدينية، أنهُ يُريدنا أن نبتهج ونفرح وأن نُفرِحْ الآخرين وخاصة الأطفال الصغار.
في دول الغرب أرادوا توصيل فكرة الإحتفالات والمحبة وتبادل الهدايا وخاصة للأطفال فابتكروا شخصية رمزية أطلقوا عليها "بابا نويل" أو "سانتا كلوز" وهذه الشخصية ترمُز إلى المسيح الذي يسعد بأن يمنحنا الخيرات والهدايا.
هذه الشخصية نسمع عنها ونراها مع قدوم احتفالات الكريسماس أي (عيد ميلاد المسيح)، فيصورون المشهد؛ برجل عجوز سمين مُرتديًا بزه حمراء بأطراف بيضاء، وجهه سمين ضحوك، يأتي في ليلة عيد الميلاد والأطفال نيام يُعطيهم الهدايا واللعب.
وبمناسبة كلمة "الكريسماس" فلقد استمعت لتفسير قداسة البابا تواضروس لهذه الكلمة فقال: كلمة "كريسماس" عبارة عن مقطعين، الأول كريس وتعني "Christ" أي المسيح، والمقطع الثاني هو "Mas" وهي من اللغة القبطية وتعني "ميلاد"، ولذلك كلمة "كريسماس" تعني "ميلاد المسيح".
وأيضًا بخصوص كلمة "كريسماس" حدث موقف لطيف معي منذ أيام، كنت أتناول القهوة بالكافيه، وأرادت البنت الجرسونة أن تكرمني وتُهنئني بالكريسماس، فقالت هابي هوليداي "Happy Holiday"، بهدوء إبتسمت للبنت وقلت لها: هل تؤمنين أو تعتقدين في الكريسماس؟ البنت أجنبية لطيفة جدًا، واجابت على استحياء: أنا مسلمة. قلت لها: هل ستقبلين أن أُههنئك بعيد الفطر أو بقدوم رمضان وأقول لك هابي هوليداي "Happy Holiday". قالت: بالتاكيد سوف لا أحب ذلك. البنت اعتذرت برقة وقالت بإبتسامة "Merry Christmas" ، وأنا ابتسمت وقلت "Merry Christmas".
نرجع ثاني لبابا نويل أو سانتا كلوز، فهذه الشخصية، ستظل رمزًا للمسيح مصدر الخير والفرحة والبهجة للصغار والكبار مع كل إحتفال عيد ميلاد للمسيح.
وهذه الشخصية، ربما كانت رمزًا للقديس نيكولاس، هذا القديس كان أسقفًا لمدينة "مورا" بآسيا الصغرى في القرن الرابع الميلادي، أعطاه الله مواهب كثيرة منها عمل الآيات وشفاء المرضى، ولكن أعظم من ذلك أنه كان يُسرع لنجدة المحتاج، فكان يذهب في الظلام مُتخفيًا لتقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين، وبعد نياحته انتشرت سيرته في بلدان عديدة من روسيا وأوروبا خاصة هولندا وسويسرا والمانيا.
بالتاكيد القديس نيكولاس كان وسيكون رمزًا للسيد المسيح مانح الخيرات والهدايا للعالم كله.
نعم، المسيح هو المُعطي بسخاء لشعبه وللعالم كله، حينما يقول فيكون، وكل شئ على حسب مشيئته.
في سنة 2018 وفي مصر بالذات أراد المسيح، أن يُعطي أجازة للقديس نيكولاس، وللبابا نويل (سانتا كلوز)، ويأتي بنفسه لتقديم هدية عيد ميلاده للمصريين.
في سنة 2018، أراد المسيح أن تكون له كاتدرائية ضخمة، ليس لها مثيل في منطقة الشرق الأوسط كله، فأصبحت " كاتدرائية ميلاد المسيح" بالعاصمة الإدارية الجديدة بمصر في عهد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
بالتأكيد المسيح لا يهتم كثيرًا بالمباني الحجرية ولكنه يهتم بنفوس المؤمنين، فَهُمْ الحجارة البشرية لكنيسته في كل مكان بالعالم، أنه حينما ينشئ كنيسة في مكان ما، فمعنى ذلك أنهُ يعلم بمجئ كثيرين إلي الإيمان فتمتلئ كنائسه بالمؤمنين من كل مكان.
الرئيس السيسي حفر اسمه بحروف من ذهب في السنكسار، أي على مدي التاريخ ستذكره الكنيسة ليس بسبب تقديم "كاتدرائية ميلاد المسيح" هدية عظيمة للمصريين و للمسيحيين بصفة خاصة، بل بالأحرى سيذكُره التاريخ بسبب إنفراده وتميُزه ومحبته للجميع بدون تحيز، فهو أول رئيس مصري يُقدم منهجُه في قيادة شعبه عمليًا وليس قولًا فقط.
الرئيس السيسي بالرغم من إنجازاتُه العظيمة في هذه الفترة الوجيزة إلا أنه أثبت أنه رجل دولة بمعنى الكلمة، أنهُ يبذل ما في جهده لرعاية كل رعيته بالرغم من محاولات الهدم وزعزعة الأمن واللعب علي وتر الفتنة الطائفية.
في وسط السعرة المُلتهبة على اشعال الفتنة الطائفية والنيل من المسيحيين وقتلهم واضطهادهم وحرق وتدمير كنائسهم، وقف السيسي ليُعلن قراراته ومبادئه في قيادة بلد شارفت علي الإنهيار وسادتها الفوضي والإنحدارفقررتعديل مسارها.
السيسي أول رئيس يعامل المسيحيين بقدرهم الحقيقي أنهم أصحاب بلد وهوية مثل الأغلبية العظمى، أنهم أولًا وأخيرًا مصريين، ديانتك احتفظ بها لنفسك، وديانتي احتفظ بها لنفسي، أنها علاقة الإنسان بربه، وليس من حقك ان تضطهدني علي ما أعتقد!
السيسي أول رئيس يُهنئ المسيحيين بأعيادهم، ليس من فوق المنابر أو ارسال مندوبين الرئاسة لتقديم التهاني، بل جاء بنفسه ليُعلِم الآخرين من أعمت عيونهم الفتاوي والتعاليم الخاطئة باضطهاد الآخرين على حسب معتقداتهم، أنها ليست زيارة وحيدة ولكنها مُتكررة مع كل احتفال عيد ميلاد للمسيح.
المسيح أراد في اليوبيل الذهبي لبناء الكاتدرائية بالعباسية، أن يقدم هدية عيد ميلاده لشعبه، فجاء فخامة الرئيس السيسي، بعد خمسين عامًا من قيام الرئيس جمال عبد الناصر وقداسة البابا كيرلس السادس بوضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ليُعلن عن ميلاد "كاتدرائية ميلاد المسيح"، لم ينس السيسي وهو يخطط للعاصمة الإدارية الجديدة أن ينظر لإحتياجات العاصمة الجديدة، ففكر ووجد أن الناس على اختلاف دياناتهم يريدون أن يعبدوا الله حتي من العاصمة الجديدة، وجد أن الأغلبية العظمي من المصريين مسلمين ومسيحيين فوضع في خطته أن يكون هناك جامع وكنيسة وقد كان.
في ختام هذه المقالة المتواضعة، نرفع قلوبنا بالدعاء والصلوات لحماية مصرنا الحبيبة، والتسييج والحماية لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما يجدر بي أن أقدم جزيل الشكروالتقدير لفخامته، على إنفتاحه على كل الناس، وتقديرة ومحبته لكل الناس، بغض النظر عن معتقداتهم. ونقول له مع كلمات الكتاب المقدس "تشدد وتشجع لا ترهب ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثُما تذهب" (يشوع 1: 9).
كما نرفع صلواتنا من أجل قداسة البابا تواضروس الثاني، الرب عارف أعمالك وتعبك من أجل كنيسته وشعبه، فهو السند والمُعين لقداستكم، نُصلي أن يُديم الرب حياة قداستكم، ويُعطيكم سنينًا مديدة تنعم فيها الكنيسة بالسلام والأمن والإستقرار، وسوف يزيد الله الخيرات على مصر وعلى الكنيسة في حبرية قداستكم ثلاثون وستون ومائة.
وأقول لكاتدرائية ميلاد المسيح: إن لم يبن الرب البيت فباطل تعب البناؤون.
مبروك ميلاد كاتدرائية ميلاد المسيح. وكل عيد ميلاد المسيح (الكريسماس) وحضراتكم والعالم كله بخير وسلام وفرح ومحبة.
#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تُريد أن تُصبِح مَشهورًا ؟!
-
أجمل ما عرفت عن أميان
-
بكى حزقيا فأخذ 15 سنة!
-
هون مار شربل
-
الماروانا
-
السيخية
-
كاتدرائية بِرغِشْ
-
نقطة ومن أول السطر!
-
إرما بِنت الهِرمة وأعمالها!
-
العذراء وحكايتها مع البابا تاؤفيلس
-
أنا مُوزّة
-
عيد العذراء
-
شييزا دورو
-
عجائب في رحلة العائلة المقدسة لمصر
-
أولاد الناس وأولاد ...
-
حليب العذراء
-
فوبيا
-
كنيسة المهد
-
بيان منظمة نشطاء أقباط كندا بخصوص إدانة القمص مكاري يونان
-
سّعف مغموسًا في الدم
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تتبنى قصف مستوطنة كرمئيل بالجليل
...
-
منتدى كوالالمبور: طوفان الأقصى شرارة نهضة للأمة الإسلامية
-
فينكلشتاين للمقابلة: معركتي ضد إسرائيل من أجل العدالة ولا عل
...
-
بابا الفاتيكان يجدد مناشدته من أجل السلام.. ويتحدث عن - قربه
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن استهداف مدينة صفد المحتلة ب
...
-
خضرنة النظم عبر خضرنة الدين : القيم البيئية الإسلامية وسياسا
...
-
هيئة العامة للشؤون الإسلامية تفتح باب التسجيل للحج 2025 في ا
...
-
“رفه عن ولادك في الاجازة” نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد لم
...
-
السيد الحوثي: وقفة ايران هي وقفة إسلامية مع العرب ضد العدو ا
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة هائلة على الاقمار ا
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|