أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس سالم - حكّام العراق يحاربون الإرهاب بالفساد















المزيد.....

حكّام العراق يحاربون الإرهاب بالفساد


إدريس سالم
شاعر وكاتب

(Edris Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 5744 - 2018 / 1 / 1 - 21:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العراق من مركز الحضارة إلى رمز للفساد ومنبع للإرهاب. من النخاع إلى القاع «الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، وتلازميتهما تتجسّد في صناعة الأزمات والصراعات، وسرقة مقدّرات البلاد والعباد». لا رغبة للأسرة الحاكمة في القضاء عليهما، بل تغذّيهما بقوت ودماء أبناءها. أما الشعب فقد تعوّد على حكومة وأحزاب ومذاهب فاسدة، بسبب الطائفية العمياء، وسوء استخدام الدين. الأسرة التي تُدار أمريكياً ثم إيرانياً، تريد للعقل العراقي أن يترنّح بين قبول الفقر وجهنّم الجهل، أو مواجهة شبح الخوف والموت البطيء. هكذا يعيش العراقيون، وهكذا يموتون.

الغرب دمّر العراق، بحجة الإرهاب ووجود نظام استبدادي. والعراقيون يدمّرونها اليوم، بحجة الفساد. فساد كان بقدر نملة، إلى أن أصبح حوتاً شرساً. يتقاذف كلّ من السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية وهيئة النزاهة في العراق الكرة إلى ملعب الآخر، في عملية محاربة الفساد. "الأموال التي أُهدرت في مشروعات بناء، وبنى تحتية، على الورق فقط، بلغت 228 مليار دولار. مع وجود أكثر من خمسة آلاف عقد وهمي". بحسب النائب رحيم الدراجي، عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي. بالله عليكم ألا يحق لكوردستان أن تتخلّص من هذا البلد المأساوي، الذي دمّره أبناؤه، دون وجود ذرّة أملٍ، لإعادة إعمارها؟

يُعَوِلُ الطاقم السياسي في العراق، على إشغال عموم العراقيين بيوميات التناحر الطائفي، والاتهامات المتبادلة بينهم، من جهة، وانشغالهم بأساسيات الحياة اليومية، من مَأكل ومَشرب وعمل وسكن وصحة وتعليم، من جهة أخرى، لينسوا الفساد المالي والإداري الذي ينخر الطبقة الحاكمة المتربّصة بالبلاد والعباد دماراً وفوضى، ما يجعل العراق يحتل مرتبة متميزة، بين الدول العشر، الأكثر فساداً بالعالم. بهذه الطريقة، يستطيع السياسي، المختبئ خلف عباءة الدين أو الطائفة أو القومية، أن يكذب، وينهب، ويدّعي الوطنية، ويخوّن الآخر.

تجلّت هذه المعادلة بأقصى ابتذالها، في الآونة الأخيرة، مع تصاعد اتهامات الطاقم السياسي في الحكومة المركزية لإقليم كوردستان بالفساد، وأن هذه التهمة هي السبب في امتناع الحكومة عن صرف رواتب الموظفين في الإقليم «عندما تدفع حكومة المركز لميزانية الإقليم وفق القانون والدستور، فإنها تُسقِط عن نفسها آلاف التهم»، بحجة وجود موظفين فضائيين، وأن هذه الأموال لا تصل لأصحابها الحقيقيين. والمنطق يقول أن يوم خلاص الكورد من العراق بات قريباً. ويوم أن تظفر العراق خلاصها من الإرهاب والفساد مُحال أن يتحقق.

اكتفى العبادي، الذي يطلق عليه الشارع العراقي، بكذّاب بغداد «أحد أكبر الفاسدين وناهبي أموال العراق»، كعادته، بالتذمّر والتطبّل، مما يدور في مؤسّسات حكومته، بدون اتخاذ أي إجراء فعلي صارم، متصرّفاً كأنه خارجها، وهذا التذمّر والتطبّل يدخل في خانة حملته الانتخابية، لقيادة دفّة حكومة أثبتت أنها لا تصلح إلا للفساد والفوضى، وإفقار وإهلاك شعبها. ولعلّ أكبر دليل على فساد العبادي وزمرته، هو أنه يتوعّد بمحاسبة ومحاكمة الفاسدين، دون أن يقدّم أي رأس فاسد إلى الرأي العام، مع أن الفاسد يجول ويصول في العراق والبنوك الأوروبية، وواضح كوضوح الشمس.

في الدول الغربية هناك أحزاب لا تُعَد على أصابع اليد الواحدة، تقود، الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بينما في الدول العربية، وخاصة العراق «الأحزاب العراقية تفوق مجموع أحزاب أمريكا وبريطانيا ومصر والأردن»، هناك المئات من الأحزاب، يقودون، الانتخابات «للظفر بالكعكة وممارسة اللصوصية، وليس لتحسين أحوال الشعب، وازدهار الدولة»، ويكيلون لبعضهم الاتهامات، ففي آب 2015، صرّح وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي أن موازنات العراق منذ العام 2003 بلغت 850 مليار دولار، مؤكداً أن الفساد أفقد العراق 450 مليار دولار، وأن ناتج الموظفين هو 20 دقيقة عمل في اليوم، فكيف يُقاس حجم الخراب العمراني، والبشري، والمجتمعي الناتج عن فساد بهذا الحجم الهائل؟

كل أسماء الأحزاب والكيانات السياسية التي ستشارك في بطولة الانتخابات العراقية تدلّ على الفضيلة، والوحدة، والوفاء، والإصلاح، والتطوّر، والصدق، والسلم، والبناء، والمدنية، والتنمية، والحقّ، والديمقراطية، والحرّية، والتغيير، ومعاً للقانون.. الخ، إلا أنها في الواقع الذي يعيشه العراقيون، أثبتت، وتثبت يومياً، أنها لا تدلّ إلا على الرزيلة، والتفرقة، والخيانة، والهلاك، والانحطاط، والكذب، والحرب، والهدم، والعسكرة، والتدهور، والباطل، والاستبداد، والعبودية، والتراجع، ومعاً للفساد والإرهاب وزعزعة الاستقرار.

محاربة الفساد بالإرهاب، أو الإرهاب بالفساد، تعطي نتيجة واحدة. الحرب والتشرّد والصراع الدائم. أيّ، الموت. فأحد أسباب الإرهاب هو الفساد، كما يتزعّمه الطاقم العراقي الشيعي الحاكم، وأن محاربة الإرهاب هي من أولوياته الأساسية «أيّ غباء يجعلهم يحاربون الإرهاب بالفساد؟»، فلم لا يقوم بمعالجة الفساد المستشري في مؤسّسات السلطة، ويضع حدّاً للإرهاب. بدلاً من قصف المدن، وتهديمها الواحدة بعد الأخرى، وتشريد المواطنين من بيوتهم، ودفن الأحياء منهم تحت الأنقاض، وتعريض جيل كامل من الأطفال للصدمة، والترويع والحرمان من التعليم؟ أم إن تخريب المدن وجه آخر للنهب، بحجة إعادة الإعمار؟

المغزى الصريح ممّا كتبته، هو أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبّادي قد أعلن خطاب النصر على داعش، ناكراً دور وبطولة قوات البيشمركة، لكن الأمر الذي يتغافله وإدارته، أن الإرهاب يدفع الدولة لشحذ طاقاتها في مواجهته، أما الفساد فيدمّر هذه الطاقات أصلاً، إذاً لا يمكن أن يربح المعركة ضدّ الإرهاب، لأنه استعان بالمُفسدين، الذين يحكمون العراق، من رجال المال والأعمال، وجهاز الأمن الشيعي، وبيروقراطية الدولة، والإعلاميين والمثقفين المأجورين، فوَلاء مثل هؤلاء لأنفسهم، واستعدادهم لبذل الجهد والتضحية، يكاد ينعدم، أو هو ضئيل جداً، مما يجعل مساهمتهم في مواجهة الإرهاب مظهرية وعابرة ومتردّدة.

نتيجة ونداء أخير للعراقيين، وكل الشرق الأوسط، حُكم الشعب بمُتديِّنين عُميان هو مَن ظهر الفساد والإرهاب، حُكم الشعب بمُتديِّنين عُميان لا يفقهون من الدين والإسلام شيء هو مَن أولد حكومات فاسدة، من النخاع إلى القاع، حُكم الشعب بمُتديِّنين عُميان هو مَن جعل التطرّف يأكل الأرض والشعب والوطن، كدَاءٍ خطير لا دواء له، حُكم الشعب بمُتديِّنين عُميان لن يعمّر حتى قرية صغيرة، بل سيدمّر ما لم يدمّر بَعدْ، فاصحوا، وافصلوا الدين عن كلّ شيء، لتنعموا بكلّ شيء.



##إدريس_سالم (هاشتاغ)       Edris_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوتشي بين السياحة والسياسة
- التعليم أساس لبناء كوردستان
- كذبة الثعابين السوداء في كركوك
- أُسُود على كوردستان، فئران أمام إسرائيل
- التآمر على كوردستان بنظرية المؤامرة
- قراءة في مقابلة رضا آلتون مع عُكاظ
- وعد ترامب لبَنِي صهيون
- غرب كوردستان في الأروقة الدولية
- حرّرْ كوردستان بعقلك لا بعاطفتك
- أيُّها الغرب
- يظلمون رئيساً لا يملك قرارة نفسه
- حليف استراتيجي أم أداة تكتيكية؟
- أبكي وطناً لن يموت
- ليس للعراقي إلا الصحراء
- حجي بلال كاريزما كوبانية، ورمز للنضال والنزاهة
- لماذا يعادي المثقف العربي استقلال كوردستان؟
- عسكرة الكراكوزات لن تحيي جثة سايكس – بيكو
- موقف PYD و ENK-S من الاستفتاء
- ماذا يفعل المجلس الوطني الكوردي في موسكو؟
- على ENK.S أن يستقيل، وPYD أن يعود إلى جُحره


المزيد.....




- جامعة ابن رشد في هولندا تصدر العدد التاسع و الخمسين من مجلة ...
- مكاتب متفحمة واستوديوهات مدمّرة.. مشاهد تُظهر الأضرار التي ل ...
- -أسطول الظل- الروسي تحت المجهر.. كارثة بيئية وشيكة في خليج ع ...
- ماذا تعرض موسكو لإنهاء المواجهة بين طهران وتل أبيب؟
- بعد تأجيل الزيارة مرات عدة: هل سيزور العاهل المغربي فرنسا قر ...
- إسبانيا: الإفراج المشروط عن شرطي إسباني في مدريد تسبب في وفا ...
- بعد تعثر رحلتها في ليبيا: قافلة الصمود المغاربية لكسر الحصار ...
- ما مدى اقتراب إيران من تطوير سلاح نووي؟
- تفاصيل بشأن مهلة ترامب لإيران وتأثيرها على مسار الحرب
- قد تستخدم لضرب -فوردو-.. تعرّف على خصائص قنبلة -جي بي يو 57- ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس سالم - حكّام العراق يحاربون الإرهاب بالفساد