أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح6















المزيد.....

ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح6


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5742 - 2017 / 12 / 30 - 15:57
المحور: الادب والفن
    


((5))
لم ينقطع رزاق المخبل من الأختباء بالخرابة التي كانت سقفا وملجأ له ولأسرته، ولم تعد توسلات عمته رضية أو ألحاح أبو عباس تنفع في أخراجه منها، لكن الغريب أنه أصبح أياما عديدة ينام في غرفته القديمة رغم ما يشكله ذلك من خطر عليه من وجود عقارب أو حتى أفاعي صغيرة بين الأنقاض، يبقى يومين أو ثلاث هنا لا يعرف أحد من أين يأكل وكيف يعيش حيث لا ماء ولا هواء والجو يبدو حارا في أوائل حزيران لا يحتمل، لذا طلبت رضية من الحاج فاضل أن يخبر الشيخ بأزالة البيت أو ما تبقى منه نهائيا حتى لا يعود لرزاق مجال للجلوس أو البقاء هنا.
لم يملك الحاج أبو عباس خيارا أخر غير ذلك وخاصة عطفا وتحننا على هذا المسكين، فقد عزم الأتصال بالشيخ من خلال رقم الهاتف الذي لديه وقد أخبره بكل ذلك، لم يرد شيخ عناد بجواب حاسم ولم يعده بشيء مدعيا أنه الآن مشغول ولا يستطيع الحضور أو أنهاء الموضوع وأغلق الهاتف، العجب يبدو على محيا الحاج خاصة وأنه لم يتعود هذه اللهجة الجافة من الرجل والتي لم يظهر فيها أدنى أحترام، المهم ما أستشفه من خلال المكالمة أن الشيخ يضمر شيئا ما لا يريد أن يبوح به أو أن هناك فعلا شيئا ما ما بينه وبين رزاق.
عاد سأل رضية عن سر الكره بين الشيخ ورزاق أو أنها تعرف شيء عن ذلك، تعجبت هي الأخرى من هذا الكلام وأجزمت أن الرجل لا يعرف رزاق ولا حتى رزاق يعرف الرجل عن قرب، سألها مرة أخرى هل تشك في أن رزاق قد أساء يوما إلى مريم العجمية أو أشتكت منه أو من تصرف محدد، قالت أبو عباس أنت تعرف رزاق خجول ولم يتعود أن يقترب من النساء مذ كان صغيرا، حتى أن مريم نفسها تقول أنها تعتبر رزاق مثل أبنها وكثيرا ما كانت تمازحه أو تكلمه في الدار أيام ما كانت هنا، إلا أن خجله يمنعه فيضطر للخروج من الدار مكتفيا بكلمة شكرا خاله.
يا رضية أني أرى شيئا ما قد لا نعرفه ولكنه أكيد ولكن ينقصنا الدليل، الشيخ عناد يكره رزاق كرها عجيب، كما أن رزاق دائما ما كان يصيبه الخرع أو الأستفزاز عندما يراه، ووصل في المرحلة الأخيره أنه يبصق على الشيخ ويهرب، لم تصدق رضية أن كل هذا جرى ولم تعلم بذلك وعزمت أن تتأكد من خلال المستور الذي لا يباح به هنا في الدربونة، وعزمت أيضا أن تبحث عن مريم في كل مكان لتسألها عما جرى أو لتعرف منها جلية الأمر.
ذهبت رضية وهي لا تصدق ما سمعت ولا تقدر أن تنكر أن أبو عباس لربما يعرف أكثر مما صرح به ولا بد لها من أن تتأكد من كل شيء، قررت زيارة جاراتها الواحدة تلو الأخرى وتسأل وحسبها أن تجرهن للكلام من دون أن تخبرهن شيئا، أبتدأت بالأقرب ثم الأقرب وكانت أم حسن لصيقة الدار وجارتها القديمة والأثيرة وبعد السلام والسؤال دخلت على الكلام فورا عن مريم، وأنها ناكرة جميل وقد نسيت كل تلك الخدمة والزاد والملح، سألتها أم حسن عن سر هذا الكلام ومناسبته فأخبرتها أنها أشتكت من رزاق إلى زوجها الشيخ من أنه كان يضايقها.....
_أتصديقين أم حسن أن يكون رزاق يفعل ذلك وأنت ربيتي وهو عمره سنه.
_والله يا رضية لا يمكن أن أصدق أن يفعلها رزاق حتى لو رأيته بعيني، الله ينتقم من الكذابين.
_لكن يا أم حسن الشيخ زعلان منا وهذا رزاق كما ترينه الآن مريض وما يعرف شنو الدنيا شرقت وإلا غربت.
_يا خيتي والله العظيم لا أعرف ما أقول بالعكس كانت مريم العجيمية هي من تعترض طريق رزاق عندما يعود للبيت.
_أي أم حسن حتى بالبيت كانت تقول رزاق أحس بيه مثل أبني.
_ (يا خيه شنو مثل أبنها، أستغفر الله...أنت نايمه ورجليك بالشمس.... يمكن بعدك على فطاريت).
_خير أم حسن أكو شيء صاير وأنا لا أعرف ولا أعلم.
_لا ما أكو شي بس كلام سمعته ويمكن صحيح وصادق بس يبقى كلام.
_دخيلك أختي بالزاد والملح الي بينا شنو سمعتي؟.
_كلام تدري الناس تتكلم وتريد بس عزا وتلطم بيه بس انا والله شاهد ما أصدق بس يمكن مره وحده شفت مريم تجر رزاق بالقوة للدخول للدار لكنه رفض وتركها.
_أشلون أشلون؟ يعني مريم كانت ..... يمكن كانت تريد منه شيء أو تطلب منه أن يتسوق لها أو يشتري لها شيء...
_الله أعلم وأنا أقول كذلك .... أستغفر الله ... خيتي صار الظهر تعالي نطبخ الغدا اليوم غداك عندي.
عرفت رضية أن أم حسن لا تريد أن تتكلم وأنها تتهرب من سرد كل الحكاية لذا أستأذنت منها بعد الوداع وقد نزلت دموعها على خديها، لأنها أحست بشعور الأستغفال والأنحطاط الذي مارسته مريم بالرغم من أنها كانت تعتبرها أخت وجاره وصديقة.... لم تترك المكان حتى تكتشف كامل الحكاية حتى لو سألت الحجر، كانت صدمتها أكبر من صدمة مرض رزاق وذهاب عقله أنها كانت مغفلة ولم تدرك أن الزاد والملح أحيانا لا يشفع عند أبناء الحرام.
الدار الثانية التي زارتها كانت دار أم غالب الحجية اتقية وهي أقدم من بقى في المحلة من سكانها وصديقة والدتها الأثيرة لعلها تجد شيئا، كانت الحجية أم غالب من أول من أغلقت الباب في وجه مريم ولم تقبل بتواجدها، عذرها المعلن أن ليس في بيتها من هي بعمرها وأنها مريضة على طول الوقت وليس بأمكانها أن تهتم بأي ضيف، مريم بادلتها حالة عدم القبول بعد أن شعرت أنها غير مرحب بها ورضية تعرف هذا الأمر وسمعته مرارا منها، طال الحديث بين الحجية ورضية لكنها لم تلمس منها أي علم أو خبر ينفعها لذا ودعتها والخيبة ترتسم على وجهها.
أخر من زارت كانت بيت أم أحمد التي تجاور تماما بيت مريم القديم بل هو بالأصل جزء من نفس الدار بعد تقسيمها، الغنيمة الكبرى كانت هنا عند أم أحمد وإن كان صعبا أستدراجها بالكلام حتى أفاضت لها بكل ما تعرف، كان ذلك في وقت الفجر وبعد صلاة الصبح رأيت من خلال فتحة الشباك وأنا أسمع حديث مريم مع الشيخ ورجل أخر، رأيت بعدها أن الشيخ يسحب رزاق من الدار ليلقيه أمام داركم ومضى بعدها ولم يعود، أقسمت عليها أن لا يخرج هذا الحديث وأنها لم تصرح به لأحد لأن ذلك سيثير المشاكل وقد يطلقها رجلها لو عرف بالحكاية.
تأكدت رضية تماما والآن أن هناك ما هو خفي وما خفي من الخفي كان أعظم، لم تشأ أن تشارك أبو عباس بما عرفت وتركت الأمر حتى تلتقي بمريم وتعرف منها كلما دار وعلى الحقيقة، كانت تغلي ويغلي الدم في عروقها كأنها على مرجل من نار، لا تدري إن كان ما جرى من ورائها صحيح أو مجرد هي حكايات عن ظن أو لربما هناك الكثير ما زال تحت الغطاء، أتجهت صوب أحدى قريبات مريم التي عرفتها وزارتها مرة لعلها تدلها على من تريد، صديقة كانت وجهتها القادمة والنهار ما زال فيه متسع لتذهب وتعرف، لم يكن المكان بعيد عنها ولا يمكن أن يكون صعبا أن تستدل عليها.
لم يكن هناك شيئا يشغلها بعد الآن إلا التحري عن الحقيقة كما حدثت ولتقتص من الشيخ ومريم كما سرقوا ثمرة قلبها وحياة إنسان ضاع، أتجهت صوب محلة المخيم مسرعة وفي لسانها وقلبها الكثير من المرارة والحسرة، بيت صديقة معروف جدا فزوجها أيضا رجل دين ومعمم ويشغل مكانا مرموقا في المدينة، طرقت الباب لأكثر من مرة فلم تجد جواب حتى سألت عنهم الجيران فأخبروها أن الخانم مسافرة لأيران وقد تعود في أي وقت، لكنهم متأكدين من أنها ستعود، فزوجها ما زال هنا ويتردد يوميا على الدار.
كانت خيبة أمل كبيره أنها لم تجد ضالتها وقد قررت أن تذهب لزوجها أو تعود في المساء لعله يكون موجودا ليدلها على مريم، رأت أن أنتظار المساء أفضل من الذهاب للبحث عن الرجل وهي لا تعرف حتى عن مكان عمله بالتحديد، لكنه على ما تظن قد يكون في محل قد لا يصح معه أن تسأله عن صديقة زوجته، وقد لا يعرفها بالأصل لذا فما كان منها إلا أن تحاول أن تلتقي به هنا في داره ولو أن أمامها الكثير من الوقت حتى يحين موعد عودته اليومي بعد صلاتي المغرب والعشاء.
مرت الكثير من الأفكار والتخيلات عن أسباب ما حصل أو تحاول تجد خيوطا تربط بها الأحداث، فقد لا تكون مريم على علم بشيء أو قد لا تدري هي الأخرى على علم بما حصل لرزاق، أو تكون هناك أمور خفية عنها وقد تدري مريم بها أو أخفتها، لربما تكون هي فعلا من أوقعت برزاق عن عدم، المحير في الأمر أنها كانت لطيفة جدا معه وكانت كثيرا ما تمنحه بعض الهدايا بمناسبة أو بدون مناسبة، ولم تلحظ ولو مرة واحدة أنها شعرت بشيء غير طبيعي بينهما، ربما أنها لعبة الشيطان قد صور لها أشياء غير حقيقية، ما كان يعتري رضية في هذا الوقت هي حالة البكاء الهستيري الذي أصابها مما سمعت وعلمت، لذا قررت أن تذهب شاكية أمرها إلى الله ممن ظلم وفعل كل ذلك، أنها ستلجأ إلى ضريح العباس لعل قلبها يبرد أو تجد ما يهدئ لها نفسها.
كان اللقاء باردا وجافا ولم تحصل رضية من الشيخ أي معلومة تفيد عن مكان أو معرفة بمريم، وطلب منها أن لا تعود مرة أخرة فصديقة لم تعود قريبا، بعدها أغلق الباب بوجهها دونما حتى أستئذان، خيبة ثقيلة نزلت على شعورها وهي ترى أنها وضعت نفسها بموضع غير مناسب مع رجل فظ وكانت تتأمل منه أن يساعدها أو ربما يحاول أن سظهر لها ذلك، تأكدت تماما أن المظاهر لا تدل تماما على النفوس ربما وحدها المواقف من تستطيع أن تخبرنا عنهم، الفقراء الطيبون المخلصون هم وحدهم من يستطيعون أن يمنحوك ما يملكون أولا يملكون لأنهم يشعرون بالواجب قبل أن يشعروا بتميزهم.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح5
- ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح4
- ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح3
- ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح2
- ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح1
- إشكالية التابع والمتبوع في الواقع العربي والإسلامي وأثرها عل ...
- تحرير المرأة هدف لتحرير الإنسان
- من أغاني الفجر
- الوعي وإشكاليات المعرفة
- لعنات يومية في مذكرات شعب
- علم الأجتماع والنظرية الأجتماعية ودورها في التطور والتحديث ا ...
- أغنية السلام
- نظريات تعدد الأكوان
- المادة ومن أوجدها؟ ح7_1
- المادة ومن أوجدها؟ ح7_2
- المادة ومن أوجدها؟ ح6
- المادة ومن أوجدها؟ ح5
- المادة ومن أوجدها؟ ح4
- المادة ومن أوجدها؟ ح3
- المادة ومن أوجدها؟ ح1


المزيد.....




- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح6