وبانتظار المظاهرات .. يا إخوان

علي حسين العوضي

الحوار المتمدن-العدد: 1475 - 2006 / 2 / 28 - 09:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

توقفنا في مقال سابق حول خطة إخوان الكويت وواجهتهم الحركة الدستورية الإسلامية نحو الوصول والسيطرة على المجتمع الكويتي ، واليوم سنبحث في مسألة في غاية الأهمية في فكر وأسلوب هذا التيار بما تحمله ( هذه المسألة ) من تناقضات في المواقف والآراء من قبلهم .
فمن أكثر القضايا شيوعا والتي دائما ما يحاول فيها تيار الإخوان المسلمين في الكويت التحرك من خلالها للاستفادة منها حسب مصلحته ووضعه داخل المجتمع الكويتي هي ما اصطلح على تسميته بـ " الحقوق السياسية للمرأة الكويتية " .
واليوم سوف نستعرض موقف الحركة الدستورية ( الإخوان المسلمين ) تجاه هذه القضية من خلال بياناتهم ووثائقهم وتصريحاتهم .
ولن ندخل في هذا المقال في تأريخ هذه القضية أو طرح الآراء الشرعية التي يستند عليها البعض ، فهناك آراء مؤيدة وأخرى رافضة ولكن المهم هو ما نتبناه من رأي ونؤمن به وليس أن نتبنى رأيا ونغيره بعد ذلك حتى تتحقق مصلحة ذاتية ( وهو أسلوب الإخوان في كل مكان ) ، ولذلك سنوجز موقف الإخوان في الكويت بموقفين اثنين : الأول كان في العام 1999 ، والثاني كان في العام الماضي 2005 .
ففي مايو من عام 1999 أصدر أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد مرسوما أميرا بمنح المرأة الكويتية حقوقها السياسية انتخابا وترشيحا وعُرض هذا المرسوم على مجلس الأمة في تلك الفترة ورفضه بأغلبية أعضائه .
وما يهمنا هنا هو البيان الصادر عن الحركة الدستورية الإسلامية والذي نشر في الصحف المحلية ونلتقط منه ما يلي : " رفضت الأغلبية الساحقة من الأعضاء المنتخبين في مجلس الأمة يوم الثلاثاء الموافق 23/11/1999 المرسوم الخاص بالمشاركة السياسية للمرأة ، ورفضت هذه الأغلبية مرة أخرى في يوم الثلاثاء المؤرخ 30/11/1999 قانونا مثيلا بهذا المرسوم وسطروا بذلك موقفا شرعيا ودستوريا وسياسيا واجتماعيا معبرا بصدق وإخلاص ووفاء عن موقف كافة الكويتيين الذين انتخبوهم وشرفوهم بحمل أمانة تمثيل الأمة ... وهنا تؤكد الحركة على أن رفض المرسوم والقانون الملحق هو التأييد الحقيقي والموضوعي لحقوق المرأة الكويتية العربية المسلمة بوضع الأولويات في مكانها الصحيح بعيدا عن محاولات تخريب وتغريب المجتمع " ( القبس 6/12/1999 ) .
هذا هو موقف الحركة في بيانها الذي جاء صريحا وقاطعا وحددت فيه أسباب الرفض والذي جاء موقفا : (1) شرعيا (2) دستوريا (3) سياسيا (4) اجتماعيا ، أي أن هذا الرفض جاء متوافقا من وجهة نظرهم مع هذه المواقف ، وأن رفض الحق السياسي للمرأة الكويتية هو التأييد الحقيقي لحقوق المرأة الكويتية !! وأن هذه المحاولات بشأنها ما هي إلا لتخريب وتغريب المجتمع الكويتي !!
هذا كان رأيهم في العام 1999 وكان موقفا واضحا لا تأويل له تجاه هذه المسألة ، ونضيف أيضا في السياق ذاته الاتهامات التي ساقها ووجهها رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي عندما قال للإذاعة الكويتية : " إن القانون مخالفة شرعية ومعصية " معتبرا أن النساء اللواتي أيدن هذا الحق حفنة من السافرات والمتبرجات وهدد بتسيير آلاف النساء للتظاهر أمام قصر الأمير للمطالبة بإلغاء هذا الحق . ( الحياة 26/5/1999 ) .
ولكن ما الذي تغير وحدث بعد أكثر من 6 سنوات ، هل تغيرت المواقف الشرعية ؟ وهل تغيرت المواقف الدستورية ؟ وهل تغيرت المواقف السياسية ؟ وهل تغيرت المواقف الاجتماعية ؟
نقولها نعم ... بعرف الإخوان المسلمين هذه المواقف تتغير وتتبدل ، فالمواقف الشرعية عندهم وسيلة نحو الوصول ، والمواقف الدستورية والسياسية مرهونة بمصلحة الإخوان ، وأما المواقف الاجتماعية فهي البديل المتاح لرفع الحرج والخروج من أي مأزق قد يواجههم .
ولكن ما التغير الذي حدث في هذه السنوات ، وهنا نتوقف أمام تصريحات عدد من أعضاء الحركة الدستورية الإسلامية .
يقول هاني الدلال مسئول العلاقات السياسية أن " قرار الحركة سيستند الى اعتبارات اجتماعية ومواءمة سياسية .. غير أن الجانب الشرعي سيبقى محيدا في الاعتبارات التي على أساسها سيتخذ القرار " ( الوطن 24/2/2005 ) ، أما أمين عام الحركة د. بدر الناشي فيقول : " لا موانع شرعية تمنع إعطاء المرأة الحق السياسي إنما الموانع اجتماعية " ( الوطن 16/4/2005 ) أي أن الإخوان الذين قالوا أن هذا الحق مخالف للشريعة جاءوا بعد سنوات وحيّدوا في بداية الأمر رأي الشريعة ومن ثم رفضوه وهو الرأي الذي تبنوه سابقا وركنوا للاعتبارات الاجتماعية والمواءمة السياسية وذهبوا الى وجود موانع اجتماعية ، وهوالأمر الذي يخالف البيان الذي أصدروه وأقروا فيه أن الحقوق السياسية للمرأة الكويتية مخالفة شرعية ، فما هذا التناقض في الموقف ؟!
وفي 16 مايو 2005 وفي جلسة تاريخية لمجلس الأمة ، أقرت الحقوق السياسية للمرأة الكويتية وحصلت على حقها انتخابا وترشيحا ( وان كانت وفق الضوابط الشرعية والتي لا نعلم حتى الآن ماهية الضوابط ؟! ) ، فماذا كان موقف الإخوان من هذا الأمر ؟
عضو الحركة الدستورية الإسلامية د. محمد البصيري يعلن في تصريح له ما يدل ويعني على أن الحركة ستبدأ بإطلاق مشروعها التوعوي السياسي والانتخابي للمرأة ويرى أن موقف الحركة من المرأة صفحة طويت على الجميع نسيانها .. ويجب استقطاب العناصر النسائية لتعزيز القاعدة الانتخابية للحركة ( الوطن 3/7/2005 ) ، فأين الموانع الاجتماعية التي تمسكوا بها لرفض المشاركة السياسية للمرأة ؟ ولماذا يطالبون بنسيان مواقف الإخوان من هذه القضية وأن تلك صفحة قد طويت ؟ وأين التخريب والتغريب الذي سيصيب المجتمع في حالة إقرار المشاركة السياسية للمرأة ؟
هذا هو موقف الإخوان الانتهازي من قضية الحقوق السياسية للمرأة الكويتية والتي حاولوا فيها التلاعب على كل حبل لرفضها بأسباب واهية تدل على فقر وتواضع فكري في مسألة أجمعت عليها كل فصائل جماعة الإخوان المسلمين إلا إخوان الكويت .
والآن بعد أن أقرت مشاركة المرأة انتخابا وترشيحا ، لماذا لا يتمسك الإخوان وحركتهم بموقفهم المعلن سابقا وهو رفض هذه المشاركة ؟ والجواب إنها الطبيعة الانتهازية التي يعشقونها ويمارسونها والتلون في المواقف .
ونتساءل أيضا : هل يملك الإخوان الشجاعة والجرأة وإعلان التبرأ من الموقف الشرعي على حد زعمهم والقاضي برفض المشاركة السياسية للمرأة الذي تبنوه في العام 1999 ؟
وأخيرا .. هل ستشهد الكويت تظاهرات إخوانية من آلاف النساء لإلغاء المشاركة السياسية للمرأة وحقها المشروع ؟ سؤال ننتظر إجابته .

#علي_حسين_العوضي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل