أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد غانم - في المقهى














المزيد.....

في المقهى


فريد غانم

الحوار المتمدن-العدد: 5728 - 2017 / 12 / 15 - 20:35
المحور: الادب والفن
    



على بابِ المقهى، يخلعُ النّاسُ معاطفَهم وشوارعَهم وسحناتِهم، يعلِّقونها فوق الرّصيفِ، ويدخلون كي يصرفوا موعدًا باهظًا وينسوا كلَّ ما مضى ويتذكّروا ما سوفَ يكون.
هنا ملوكٌ وملكاتٌ، أميراتٌ وأمراء، يبسطون سلطتَهم فوق طاولةٍ وكرسيّين من خشب. صبيّةٌ جميلةٌ تمرُّ قربَ القلبِ، تخدشُ الزّجاج بعطرِها، وتمشي مثلَ حلمٍ صاعدٍ من إحدى النّبوءات.
في المقهى تلتقي الوحدةُ بالزّحام، وتأخذُ الأنباءُ القبيحةُ استراحةً خلف السّياج. لا موتَ هنا، لا غصّةَ في الحلق، لا طوابيرَ من اللّاجئين، لا ناطقينَ باسمِ الرّبِّ ولا حرّاسَ ليوم القيامة. هنا يتثاءبُ الوقتُ، على كَسلِ الموسيقى، فوقَ رغوةِ القهوةِ المُرّة، وينامُ في كأس النّبيذ.
في المقهى تتناسلُ الرّقّةُ؛ أحمرُ الشّفاهِ يأخذُ لونًا ناعسًا، والرّموشُ الطّويلةٌ تُلقي على العيونِ ظلالًا كاليانسونِ، تحت مصباحٍ يشيرُ إلى جنّةٍ قصيرة العُمر. نادلٌ يرتدي بسمةً أتقنَها للتّوّ خلف الجدارِ، ونادلةٌ تحاكي فراشةً مُلوّنةً وتمشي بلا قدمين على الحدودِ بين مملكتَين. رجالٌ يهزّون رؤوسهَم، مثلَ الشّموعِ الرّاجفةِ، ويستبدلون رماحَهم بحروفِ العِلّةِ، ويعشقون.
في المقهى تنتصرُ الحرّيّاتُ الهشّةُ، لساعةٍ، ويهطلُ البياضُ النّاصعُ من السّقفِ على شكلِ عناقيدَ من عِنبِ الأمنيات.
لا يُتْمَ هنا، لا جوعَ. هنا سمكةٌ واحدةٌ تكفي لإشباعِ الجماهير. هنا، لوحٌ من الخشبِ المُتعَبِ يكفي لتشييدِ القِلاع. وهنا، في المقهى، حبّةُ قمحٍ واحدةٌ تكفي لملء الحقولِ.
هنا، في المقهى، تختزلُ امرأةٌ واحدةٌ عشرين ألفَ حوريّة، ويستحيلُ الكلامُ الخشنُ همسًا من حرير.
ولا حربَ هُنا. هُنا يصيرُ السّيفُ شوكةً ذهبيّةً، والقذيفةُ مزهريّةً. هنا يموتُ شهريارُ ويقومُ روميو من موتِه الموهوم.
وهنا، في المقهى، قبلَ أن نعودَ إلى الزّقاقِ المعبّأِ بالزّعيق، نسرقُ بُرهةً كي نكونَ، أو كي نكونَ أيَّ شيءٍ ما عدانا.



#فريد_غانم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شقاوة//
- كانون//
- هذيانٌ حداثيٌّ
- في الكَلام ( سرد تعبيري )
- فَرَحٌ// سرد تعبيري
- حكايةُ خَيْط
- في الجَمَال
- طَفرَةٌ


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد غانم - في المقهى