أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - سجينة الماضي














المزيد.....

سجينة الماضي


بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5712 - 2017 / 11 / 28 - 16:34
المحور: الادب والفن
    


كانت سارة تجلس على مصطبة في إحدى الحدائق العامة، غارقة في أفكارها وفوق وجهها مسحة حزن ظاهرة . أحست بالاختناق وسالت دموعها على وجنتيها، وبسرعة أخذت نفسا عميقا ومسحت دموعها بظاهر كفها كي لايراها أحد و بصوت مخنوق تمتمت مع نفسها : “ هو يعرف اني نشأتُ في اسرة متحررة ولاخوف عندي من اقامة علاقة صداقة بريئة مع الجنس الآخر بمعرفة أهلي . لماذا ارتبط بي طالما يشك بماضيي ؟ "
دفع فضول سامية التي كانت تجلس قريبة منها لتعرف قصتها، فدنت منها وألقت عليها التحية:
ــ أراك جالسة لوحدكِ وفي عينيك حزن عميق، أتسمحين لي بالجلوس ؟ أود أن أتحدث معكِ لأعرف سبب الحزن الذي يعلو وجهكِ . أجد في عينيكِ كلام كثير وتأكدي أن الذي لا يحكي عن وجعه لا يلقى الدواء. نظرتْ إليها سارة بارتياب.. لأنها لا ترغب بالحديث. ثم تأوهت وحبست دمعة كادت أن تفرّ من عينها وقالت والغصة تخنقها :
ــــ حين يتكلم المرء عن جروحه يزداد ألمه. أنا أبحث في المكان عن مكان أستريح فيه.. وعن ظل يحتويني .. أبحث عن السكينة وألوذ إليها.. أمضي من ظل إلى ظل، ومن فرط ضياعي لا أقاوم .. في أعماقي بركان يقذف لهبه نحو أعصابي.. أهيم في الصمت أبحث عن ذاتي.. أنا سجينة المفاهيم المتخلفة. أنا سجينة الماضي البعيد.
ـــ ماذا تقصدين بذلك؟
كيف تستطيع أن تمحو من ذاكرتها ذلك اليوم المشؤوم حين عاد من عمله واستقبلته عند الباب . كان يرعد ويزبد ويكيل لها الشتائم ويصرخ بوجهها .
ــ تمً التعارف بيني وبين زوجي في احدى النزهات وتبادلنا أرقام التلفونات وسأل عني وعن أهلي وتقدم لخطبتي وتمً الزواج . و لم يمضِ على زواجنا أكثر من سنة، ابتدأت مشكلتي منذ أن اكتشف زوجي رسالة قديمة من أحد زملائي في الجامعة يهنئني فيها بالزواج .هذه الرسالة لم تزرع الشك في قلب زوجي فحسب، بل أثارت علامات التساؤل
والاستفهام عن سلوكي وتصرفاتي أثناء دراستي في الجامعة ، رغم أني ومنذ أن تزوجنا أعيش معه بمودة وإخلاص.
ــ عزيزتي .. الرجل الشرقي حتى لو غفر لزوجته ماضيها ــ وهذا نادر جدا ــ لكنه يظل داخليا يعيش صراعا نفسيا وعدم ارتياح، والشك يراوده طيلة الوقت. عقلية الرجل الشرقي تبقى عقلية " سي السيد " مَن منا يملك ماضيا ناصعا ؟ لكن دائما يُطلب من المرأة أن يكون ماضيها نظيفا وناصعا .
ــ في احد الأيام شاهدته جالسا مع احدى زميلاته في الجامعة ولم يثر ذلك أدنى شك عندي واعتبرته طبيعيا ولم أضعه عقبة في حياتنا الزوجية . لكنه و منذ أن اكتشف تلك الرسالة لا عمل لديه سوى التحقيق معي فيما يخص ماضيي في
الجامعة. لقد مللتُ حياتي وأفكر بطلب الطلاق كي أرتاح . أتذكر ذلك اليوم حين عاد من عمله واستقبلته عند الباب، وأول شيء عمله سحبني بقسوة إلى غرفة نومنا ورمى الرسالة بوجهي قائلا:
ــ مَن هذا؟ ومنذ متى يراسلك وهل رُفعت بينكما الكلفة ؟ لماذا لم تبلغيني بهذه
الرسالة ؟
ــ لا تربطني بهذا الشخص سوى الزمالة في الجامعة. أكيد كانت لديك زميلات في الجامعة، فليس بالضرورة أن تربطكَ بإحداهن علاقة عاطفية وحتى لو كانت لا أحاسبك على ماضيك وليس من حقك أن تحاسبني، ماضيي ملكي أنا وحدي. عليك أن تحاسبني على الحاضر والمستقبل!..
شتمني وتفوه ضدي بكلمات خادشة للحياء. لقد تحولت حياتي الى جحيم دائم ومعارك يومية .
ــ عزيزتي في مجتمعنا الشرقي دائما مطلوب من المرأة أن تكون ذات ماض نظيف.
ــ طيب، قد تكون المرأة قد مرت بعلاقة إنسانية مع شخص وأحبته ولم يتم النصيب. لماذا الأمر حلال على الرجل وحرام على المرأة ؟ على الرجل أن يهتم بحاضر الزوجة معه ومحاسبتها على تصرفاتها الحالية كزوجة.
ــ أجل يا عزيزتي معظم الرجال الشرقيين يتمتعون بالأنانية وحب الذات ولديهم اعتقاد أن المرأة ملك لهم منذ ولادتها. تصوري اضافة لهذه المفاهيم المتخلفة، برلمان بلد الحضارة الأولى، حضارة الرافدين التي علمت الأنسانية أبجدية الحروف، يسعى اليوم لمسخ قانون الأحوال الشخصية وإدخال تعديلات تعسفية تشرّع زواج القاصرات و السماح للطفلة بالزواج وهي بعمر تسع سنوات. من حقكِ ان تطلبي الطلاق لكن أخشى أن يؤثر ذلك على وضع الأطفال.
ـــ لاتقلقي ليس لدينا أطفال ، عرفت أنه لاينجب .



#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقوال أعجبتني
- ثلاثة وثلاثون عاما على اغتيال انديرا غاندي
- أهالي قضاء عفك.. مبادرة رائعة
- الذكرى الثالثة والثلاثون لاستشهاد الدكتور ابو ظفر
- من روائع الامام علي بن أبي طالب
- قراءة في رواية - مريوم - للدكتور عمر عبد العزيز
- استراليا بلد الأحلام
- اللؤلؤ المسحور .. قصة للأطفال
- كنت في مالطا
- السماوة .. مدينة الجمال والمحبة
- - الدكتور ابو ظفر الدمعة التي لاتنشف -
- بين السماء والارض
- في عيد ميلادك السبعين أبا ظفر أنت في قلبي وذاكرتي
- عدن ..حبيبتي
- ابا ظفر في ذاكرتي ابدا ..
- الكرنفال الثقافي والفني الآسيوي الثاني
- احلى قصة حب
- في الذكرى الثلاثين لاستشهادك ستبقى يا أبا ظفر شمعة تضيء ليل ...
- لحظة لقاء
- حوار مع البحر


المزيد.....




- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...
- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - سجينة الماضي