أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - التيتي الحبيب - ذكرى إلى الأمام :أربعون سنة من الصمود والاستمرارية في النضال















المزيد.....



ذكرى إلى الأمام :أربعون سنة من الصمود والاستمرارية في النضال


التيتي الحبيب
كاتب ومناضل سياسي

(El Titi El Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 5710 - 2017 / 11 / 26 - 00:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    




لماذا تخليد الذكرى الأربعين لتأسيس المنظمة الماركسية اللينينية المغربية “إلى الأمام” ؟
إن تخليد الذكرى الأربعين لتأسيس منظمة “إلى الأمام” ليس لحظة حنين لماض ذهبي بل يجب أن يكون محطة لاستشراف المستقبل على أساس القطائع والمبادئ المؤسسة لها والنظرة النقدية لتجربتها وباستحضار التطورات التي عرفها الواقع منذ تأسيسها. لذلك فإن أحسن تخليد لهذه الذكرى يتمثل في استلهام جوهر تجربتها ودروسها الغنية من أجل التقدم في الجواب على الأسئلة الحارقة التي يطرحها تطور الصراع الطبقي الآن وهنا. وهو بذلك يشكل الجواب العملي والحقيقي والعميق على الهجوم الذي تتعرض له من طرف من يريدون تشويهها بل محوها من ذاكرة شعبنا لتكريس الإحباط والاستسلام للواقع القائم من جهة، ومن طرف من يريدون تحنيطها بواسطة تقديس بعض نصوصها التأسيسية التي يتم انتقاؤها ونزعها من سياقها التاريخي من جهة أخرى.
إن إحياء هذه الذكرى يجب أن يكون بالتالي حافزا قويا لمساءلة أنفسنا حول مدى استيعابنا النقدي لتجربة منظمة “إلى الأمام” ومدى معرفتنا بواقع وتطورات التشكيلة الاجتماعية – الاقتصادية المغربية (أوضاع الطبقات، المضمون الاجتماعي لسياسات النظام المخزني والكتلة الطبقية السائدة وواقع مختلف القوى السياسية ووظائفها، تطورات الرأسمالية التبعية في بلادنا بارتباط بالتغيرات التي يشهدها النظام الرأسمالي العالمي…) وأيضا مساءلة ذاتنا حول مدى نجاعة وصحة خطنا السياسي والفكري وتصوراتنا للعمل وسط الجماهير الكادحة ومدى قدرة هذا الخط وهذه التصورات على الجواب على إشكالات التغيير لصالح الكادحين ومدى تجسيدنا لهذا الخط وهذه التصورات في ممارستنا اليومية والأسباب العميقة للبون الموجود بين ممارستنا وخطنا وتصوراتنا .
إن مسألة معرفة من يمثل الاستمرارية الحقيقية لمنظمة “إلى الأمام” لا يحددها التكرار الحرفي لنصوصها التأسيسية واعتبار كل من لا يتماهى معها تحريفيا كما يفعل ذلك من يعتبرون أنفسهم حراس المعبد- وهم أبعد الناس عن استيعاب جوهرها- بل سيحددها من سيكون قادرا على إنجاز مشروعها أخدا بعين الاعتبار تغيرات الواقع ؟ أي من سيكون قادرا على التجدر وسط الطبقة العاملة وعموم الكادحين والتقدم في صيرورة بناء تنظيمهم السياسي المستقل وتبوئه قيادة النضال من أجل التحرر الوطني والبناء الديمقراطي على طريق الاشتراكية كمهمة مركزية وحاسمة للتقدم في السيرورتين الاخريين (صيرورة توسيع وتوحيد التنظيمات الذاتية المستقلة للجماهير وصيرورة بناء جبهة الطبقات الشعبية).

إن النهج الديمقراطي قد أخد على عاتقه مهمة المساهمة في إنجاز هذا المشروع العظيم بالانفتاح على كل القوى والمناضلين الذين يسعون بصدق إلى التموقع في خندق الطبقة العاملة وعموم الكادحين. فليكن تخليد الذكرى الأربعين لمنظمة “إلى الأمام” مناسبة ورافعة وحافزا على الاجتهاد و التسلح بمزيد من الحماس وبروح التضحية والتفاني وبالفكر النقدي لإنجاز هذا المشروع على المستويات النظرية والعملية وعلى مختلف الأصعدة السياسية والفكرية والتنظيمية والنضالية. بذلك فقط سنكون أوفياء لجوهر هذه التجربة ولشهدائها الأبرار ولرصيدها الكفاحي.

لقد عمل النهج الديمقراطي على جعل هذه السنة سنة لتخليد ذكرى أربعين سنة على تأسيس منظمة إلى الأمام الماركسية اللينينية المغربية ، حيت كانت هذه الأخيرة عنوانا لكل المعارك والنقاشات التي خاضها النهج الديمقراطي في مختلف مناطق الوطن ومستويات الصراع ، ومع حلول تاريخ 30 غشت الذي يتزامن وذكرى أربعين سنة على تأسيس منظمة إلى الأمام
عملت مختلف فروع وجهات النهج الديمقراطي على تخليد هذه الذكرى بحضور رفاق ساهموا من قريب في بناء هذا التجربة في مختلف مراحلها فبمدينة طنجة خلد الرفاق في الجهة الذكرى الأربعينية بحضور الرفيق مصطفى البراهمة نائب الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي والدي كان من المساهمين الأوائل في المرحلة الأولى لمنظمة إلى الأمام وكان من ابرز قيادييها في مرحلة إعادة البناء ولقد عرف هذا النشاط حضورا متميزا للإطارات السياسية التقدمية وللتيارات الماركسية, من جهة كمناسبة لنقاش هادئ و رصين أمام الجميع لتقديم آرائهم وتقييماتهم مهما اختلفت مما سيمكننا جميعا من الإلمام يجزئ من تاريخ مقاومة شعبنا. ورسم أفق بناء جبهة القوى الجذرية المتشبعة بالفكر الاشتراكي الكفاحي يكون العمل الميداني هو المحدد له . ومن جهة أخرى الوقوف وفضح الهجوم الذي تتعرض له تجربة اليسار الجديد بالمغرب اليوم من مختلف المصادر المتعددة الأشكال بهدف تشويهها عبر محاولة نزع الطابع الماركسي والثوري عنها أو تقزيمها باعتبارها تجربة شباب متهور,و تقديم التجربة كحركة بلانكية من دون جذور مجتمعية و خارجة عن المهام التي طرحها تطور الصراع الطبقي ببلادنا خلال فترة السبعينات من القرن الماضي . وقد جاء اختيار احد رموز و مناضلي اليسار الجدري بالمغرب ليفي بهده الحاجة من خلال مساهمته التي عنونها ب: ¬الجذورالتاريخية لليسار الجدري المغربي المسار والذكرى وتطرق من خلالها إلى الإجابة عن الشروط و المحددات الداخلية و الخارجية التي ساهمت في بروز الحركة الماركسية اللينينية كايدولوجيا و كتنظيم ثوري بالمغرب و قد أجملها على المستوى الخارجي في الثورة الثقافية في الصين الشعبية,و انتصار خط ماوتسي تونغ داخل الحزب الشيوعي الصيني على الخط اليميني,هزيمة الجيوش الأمريكية في الفيتنام على يد الشعب الفيتنامي بقيادة الحزب الشيوعي و زعيمه هوشي مينيه ,انتفاضة الطلبة بفرنسا 1968 بتأثير من التنظيمات السياسية اليسارية ,بروز حركة السلم العالمية المناهضة للحرب الامبريالية الأمريكية ضد الفيتنام, احتداد الحرب الباردة و ظهور معسكرين, و عربيا هزيمة الجيش العربي أمام قوات الاحتلال الصهيونية سنة 1968 و التي على أثرها تم احتلال سيناء المصرية و هضبة الجولان السورية و الضفة الغربية و قطاع غزة وقد كانت هزيمة للأنظمة العربية و للفكر القومي العربي و من النتائج المباشرة للهزيمة بروز اليسار الفلسطيني كبديل داخل المقاومة الفلسطينية أنداك , و على المستوى الداخلي كانت هناك انتفاضة 23 مارس 1965 بالدار البيضاء و ما صاحبها من قمع و قتل بالرصاص الحي لإخمادها,تنامي النضالات العمالية , عمال الفسفاط و السكك الحديدية الدين خاضوا إضرابات بطولية و طويلة الأمد في استقلال شبه تام عن التنظيمات النقابية و القيادات البيروقراطية ,انتفاضات فلاحية في أولاد خليفة بالغرب و بتسلطنة بإقليم الحوز, تنامي النضالات التلاميدية و الطلابية و تجدرها على قاعدة شعارات سياسية مرتبطة بمناهضة النظام المغربي مند المؤتمر الوطني الثالث عشر و فشل مناظرة ايفران في احتوائها سنة 1970 ,هده العوامل دفعت بالشباب الماركسي و العديد من المثقفين اللذين كانوا ينتقدون تقاعس الأحزاب الإصلاحية و في وقت لاحق إلى انتقاد خطها السياسي الاستراتيجي إلى التحرك على شكل خلايا سواء داخل حزب التقدم و الاشتراكية أو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية
هكذا ستنفصل المجموعة الأولى عن حزب التقدم و الاشتراكية بعد أن يئست في إصلاح الخط السياسي للحزب من خلال النضال الداخلي مشكلة تنظيم ا كما ستشكل الخلايا التي تكونت بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية تنظيم ب في هدا الإطار تأسست منظمة ا التي ستعرف لاحقا بمنظمة إلى الأمام , وقد كان هدا التأسيس محكوما بظروف النشأة حيث ستتبنى الايدولوجيا الماركسية اللينينية و على المستوى الاستراتيجي الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية بقيادة الحزب العمالي المبني على قاعدة التحالف العمالي الفلاحي, وعلى المستوى التنظيمي ستتبنى النموذج اللينيني للحزب ,منظمة المحترفين الثوريين بعد انتقادها للنضالات العفوية التي سادت خلال سنتي 1970 و1972 و على المستوى السياسي نقد الأحزاب الإصلاحية و جمودها, كم ستدعو إلى إسقاط النظام وثيقة سقطت الأقنعة و على المستوى الجماهيري سيتم التأسيس بشكل مشترك بين تنظيم ا و ب النقابة الوطنية للتلاميذ في السرية و التي ستقود النضالات التلاميدية البطولية بما في دلك السنة البيضاء 1973, وتأسيس الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب التي ستصل إلى قيادة المنظمة الطلابية 1972.
وفي سياق استعراض الرفيق البراهمة لمختلف التباينات السياسية و الفكرية التي كانت حاضرة بين كل من تنظيم ا و ب خلال تلك المرحلة فقد أوضح انه على المستوى الإيديولوجي و الفكري لم تكن هناك اختلافات جوهرية بين مكونات الحركة الماركسية الناشئة أنداك حيث كان تنظيم ا يتبنى الخط اللينيني مع إسهامات الرفيق ماوتسي تونغ أي بناء الحزب البرولتاري على قاعدة التحالف العمالي الفلاحي , في حين كان منظمة ب تتبنى بناء الحزب العمالي البرليتاري, أي حزب الطبقة العاملة, مما سيدفع بالتيار الذي كان قد أعطى الأهمية القصوى للفلاحين و على الخصوص فكر ماو سينشقون و سيعرفون فيما بعد بلنخدم الشعب 1971 , لكن باقي الاختلافات الجوهرية الأخرى فقد تركزت حول التقديرات السياسية للمرحلة حيث انه غداة الاعتقالات الأولى التي شملت أعضاء الكتابة الوطنية من إلى الأمام منهم عبد الحميد أمين ,علي أفقير ,عبد اللطيف اللعبي و بعد حضر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب و اعتقال رئيس المنظمة الطلابية الرفيق عبد العزيز المنبهي من تنظيم ا و نائبه عبد الواحد بلكبير من تنظيم ب , بعد هده التطورات سيختلف التنظيمين حول قراءة الظرفية مع ما لدلك من تبعات على مستوى الممارسة السياسية, حيث ستعتبر منظمة الى الامام و من خلال وثيقة الظرف السياسي الراهن و المهام العاجلة سنة بان القمع 1973 القمع المسلط على الحركة والدي يلجا اليه النطام ليس دليل قوة بل هو تعبير عن الضعف الدي يعانيه و ستدعو الى التصعيد كما سيتم اعتبار بان الحزب يولد تحت نيران العدو, و ستصدر وثيقة لنبني الحزب تحت نيران العدو و ستعتبر بان الأحزاب الإصلاحية أنداك أصبحت فقط أدوات يلجا اليها النظام للتنفيس عنه عند احتداد الصراع الطبقي في حين سيعتبر تنظيم ب بان القمع السلط من طرف النظام دليل على قوته و لا يمكن من واصلة الصراع في ظل اختلال موازين القوة و لدلك لابد من الحفاظ على الاطر و كوادر التنظيم , وهو ما سوف تنتقده منظمة إلى الأمام باعتباره خط داخلي كما سيتخلى تنظيم ب عن الدعاية و التحريض و عن تنظيماتها القاعدية و المتعاطفين معها و سيتوقف العمل الوحدوي, كما أن الاعتقالات ستستمر غداة المسيرة الخضراء و ستشمل العديد من كوادر المنظمة و أبراهام السرفاتي و عبد اللطيف زروال الذي سيستشهد على اثر التعذيب الذي مورس عليه في14 نونبر 1974 ثم في مرحلة لاحقة ما تبقى من القيادة الفاكهاني عبد الفتاح , المشتري بلعباس , لكن الخلايا التي سلمت من القمع ستستمر في حمل المشعل, بعد هدا الاستعراض طرح الرفيق البراهمة سؤالا عن ما هي الدروس العبر ومختلف التقييمات التي ستبرز.
في سياق إجابته عن السؤال السابق اعتبر بأنه ادا كانت الحركة الماركسية أصيلة ونتيجة احتداد الصراع الطبقي في المغرب, و ادا كان أطرها ومناضلوها قد قدموا تضحيات جسام تقاس بقرون من الاعتقال و السجن التي وزعها عليهم القاضي افزاز في محاكمة 1977 فانه لابد من استخلاص الدروس والعبر.
أولا لم تستطع الحركة بحكم النشأة في وسط الشبيبة طلبة و تلاميذ من تجاوز هده الفئات الاجتماعية و الانغراس وسط الكادحين من الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء بل ان الحركة لم تعر للعمل النقابي أدنى اهتمام ضمن اكبر مركزية نقابية أنداك على الصعيد الافريقي الاتحاد المغربي للشغل وبقية محاولات الارتباط بالطبقات الأساسية في التغيير بقية محدودة. نموذج الارتباط بالفلاحين بمنطقة الخميسات بتاطير و قيادة بنز كري , وحضور نقابي في المكتب الوطني للكهرباء بقيادة زعزاع
ثانيا التركيز على التحريض بدل التوجه نحو الدعاية الطويلة النفس , و الاستهانة بقوة النظام و المبالغة في قدرة المناضلين على الصمود خلال الاعتقال و التعذيب حيث تم إصدار كراس كيف نتجاوز القمع كان يحث المناضلين على الصمود حتى الشهادة و عدم البوح بأسرار التنظيم خلال التعذيب وفترة الاعتقال
ثالثا التركيز على الإستراتيجية في غياب تكتيكات عملية ملموسة تنمي و تطور قدرة النضال لدى الجماهير حيث أن ما كان سائدا هو الدعاية لما هو استراتيجي للتميز عن الأحزاب الإصلاحية , المغالاة في نقد الأحزاب الإصلاحية و عدم التمييز بين قيادتها اليمينية و التيارات الراديكالية و الثورية بها التي ستبرز كحركة 3 مارس والتي لم تسلم من النقد حيث تم اعتبارها مجرد حركة بلانكية
رابعا المغالاة في تدقيق الإستراتيجية الثورية,الحديث عن الحرب الشعبية الطويلة الأمد ,وعن البؤر الثورية, القواعد الحمراء المتحركة و العديد من القضايا ذات البعد الاستراتيجي البعيد من دون الاستناد إلى معطيات تطور الصراع الطبقي العام بالمغرب و قوة و مستوى توسع الحركة , إضافة إلى إدخال الأطر العمالية في السرية مما أدى إلى عزلهم عن مجال عملهم الطبيعي وسط الجماهير مع ما لدلك من تبعات اجتماعية على العائلات
وقد اعتبر بان مرد هده الانزلاقات إلى تصورين كانا سائدين رغم إنهما لم يبرزا في أدبيات و وثائق الحركة لكنهما كانا رائجين
1 الشبيبة المدرسية كطليعة تكتيكية
2 تصور أن الثورة على الأبواب و ما على المناضلين سوى الاستعداد و التأهب
كل هدا كان , في ظل غياب حزب ثوري وجبهة للعمل , كما سجل الرفيق البراهمة انه بالمقابل لكل هده الأخطاء و فان هده الحركة الثورية المكافحة و الصامدة أعطت أملا للشباب بإمكانية التغيير و جعلته يؤمن بان افقا آخرا ممكن و أن الإصلاح و الاستبداد ليس قدرا حتميا على الشعب المغربي , و ما يحسب للحركة أيضا هو أنها لم تنخدع بالانقلابين العسكريين و اعتبرتهما تعبيرا عن انفجار التناقضات بين الفئات الحاكمة داخل النظام , في ظهر في ما بعد بان بعض القوى الإصلاحية ربما كانت على علم بما يدبر و راهنت عليه , وهو ما فسر انتظاريتها و ركودها في انتظار حسم هده الأمور.

بعد هدا العرض الهام و الذي ارتأينا أن نعرض جزءه المتعلق بالتجربة الأولى, بشيء من التفصيل, من جهة لان هدا الجزء من تاريخ الحركة الماركسية اللينينية المعطيات المتوفر بشأنه ضعيفة و لإمداد المناضلين و و ضع جزء هام من تاريخ الحركة ومنظمة إلى الأمام على الخصوص في متناولهم , تم بعدها فتح النقاش أمام الحضور الذي عبر من خلاله جميع المتدخلين , على تحية الرفاق في النهج الديمقراطي بطنجة على إتاحتهم هده الفرصة لمناقشة إحدى القضايا الهامة المرتبطة بجزء من تاريخ الحركة الماركسية بالمغرب و الشعب المغربي , وقد كان النقاش غنيا حول قضايا الايديولوجيا الماركسية و وحول القاعدة الطبقية للحزب الثوري, وانتهى اللقاء في ساعة متأخرة بعد منتصف الليل.بترديد شعارات لنا يارفاق لقاء غدا سنأتي ولن نخلف الموعد و نشيد زروال زروال ياها الشهيد.
وفي نفس السياق خلد الرفاق بجهات الدار البيضاء الكبرى هذه الذكرى بعرض من تأطير الرفيق مصطفى البراهمة تحت عنوان ّ “من منظمة إلى الأمام إلى النهج الديمقراطي : التأسيس ،الإمتداد ، الإستمرارية ” إذ أكد الرفيق في البدء على أن هده التجربة هي ملك لليسار و للقوى الديمقراطية و الحركة السياسية المغربية و للجميع الحق في قراءتها و استخلاص الدروس منها كما أشر إلى أن دراسة هذه التجربة بشكل دقيق لازال يحتاج إلى مزيد من الوقت لأن ثوراتها و إنتاجها الفكري والسياسي لازال في طور التجميع إذ سيعمل النهج الديمقراطي على نشر كل والوثائق المتوفرة وكذا البحث عن المزيد من الوثائق التي لم تسمح ظروف القمع من المحافظة عليها لهذا الغرض عقد الرفيق لقاء بأحد أطر المنظمة بالخارج ألا وهو الرفيق الحاج ناصر الذي يحتفظ ببعض أرشيف المنظمة .
وبعد ذلك حاول الرفيق تأطير الظروف التي ساهمت في نشأة المنظمة سوى على المستوى الدولي أو المحلي في إرتبطها بحركة التحرر وبعد تسليط الضوء على هذا الجانب تطرق الرفيق إلى المرحلة الأولى من تأسيس المنظمة وعرض معالمها والإنتاج الفكري والسياسي الذي تبلور في هذا الخضم ليعرج فيما بعد على الضربات القمعية التي ستتعرض لها المنظمة ليتم بعد ذلك التمهيد لمرحلة ثانية من نضال المنظمة من داخل وخارج السجن و قد أوضح الرفيق براهمة بان هده المرحلة يمكن مقاربتها من خلال العديد من المفاتيح
1 – النضال داخل السجن حيث كان على أعضاء الحركة النضال على ثلاثة مستويات
الاستمرار في التعبير عن مواقفهم من النظام و الحركة الجماهيرية و من الأوضاع السياسية
2 النضال من تحين أوضاعهم داخل السجون , من خلال الاضربات عن الطعام بدعم من حركة العائلات _( الأبناء,الأمهات , الزوجات…) و قد كان لهده الحركة تأثيرا قويا
في دعم المعتقلين و هي ما عرفت بحركة عائلات المعتقلين السياسيين , إضافة إلى دعم الحركة الحقوقية بالخارج أنداك امنستي و وسيؤدي الرفاق ثمن هدا النضال غاليا , استشهاد الرفيقة سعيدة ألمنبهي بتاريخ 12 دجنبر 1977 بعد 45 يوما من الإضراب عن الطعام
3 – النضال من اجل محاكمتهم , و التهيىء خلال المحاكمة للتعبير عن القضايا التي اعتقلوا من اجلها و الدفاع عن الخط السياسي لمنظمة إلى الأمام و وتحويل المحاكمة إلى محاكمة للنظام , و هو ما سيتحقق من خلال إطلاق سراح بعضهم 105 من المعتقلين من الفصائل الثلاثة خلال أواخر سنة1976 , و محاكمة الباقي سنة 1977 في جو من القمع و الإرهاب وصلت الأحكام إلى المؤبد زائدة سنتين وقد شملت هده الأحكام تلاميذ وطلبة في سن 16 و 17 سنة.
مستوى أخر أو مفتاح أخر كما سماه الرفيق البراهمة, هو النقاش الدائر داخل السجون و حيث اشر بان السجن أتاح فرصة للتقييم و النقاش حول الحركة و التصورات المرتبطة بالتنظيم خاصة بعد تجميع المعتقلين , وقد برزت خلال هده النقاشات ثلاث وجهات نظر.
الراي الاول يعتبر بان تأسيس الحركة الماركسية كان حدثا و رغبة ذاتية لبعض المثقفين الشباب المتحمس للتغيير, و أن الانسحاب من الأحزاب السياسية التي انتمى إليها الرفاق كان خطا كداك و دعت إلى حل الحركة و العودة للنضال داخل هده الأحزاب و بالخصوص الاتحاد الاشتراكي أنداك و كان احد أقطاب هدا الرأي الرفيق المشتري بلعباس احد أعضاء الكتابة الوطنية لمنظمة إلى الأمام
الراي الثاني و يعتبر بان الشروط الموضوعية لم تنضج بعد لتأسيس حزب الطبقة العاملة, وان الطبقة العاملة لم تنضج بعد و يتعين حل منظمة إلى الأمام و الذهاب للعمل كأفراد و انتظار توفر الشروط و نضجها حينها ما على الجميع سوى الالتحاق بهده الصيرورة , وتزعم هدا الرأي الرفيق عبد الله زعزاع عضو الكتابة الوطنية أنداك.
الراي الثالث اعتبر بان الرأيين السالفين يشكلان طرح تصفوي للمنظمة ولتاريخها و صمود مناضليها و لتراكمات التجربة و واعتبرت بان الخطأ الجوهري الذي ارتكبته التجربة تمثل في اعتمادها و تركيزها على الشبيبة المدرسية , وان المهام المطروحة اليوم هي إعادة بناء المنظمة على قاعدة التجدر وسط الطبقة العاملة و عموم الكادحين والعمل على توحيد الحركة الماركسية اللينينية المغربية ,و المسامة في بناء حزب الطبقة العاملة على قاعدة انصهار الطلائع العمالية و المناضلين الماركسيين اللينينيين , و كان هدا الرأي الذي تبناه اغلب الرفاق و اطر للمنظمة بالسجن و بالخارج , وقد شكل هدا التقييم أرضية لعملية إعادة البناء و ستنطلق عملية إعادة البناء , إلا أن الرفاق اللذين لم يكونوا متفقين مع هدا الرأي سيلجئون إلى تجميد عضويتهم , و سيتم اعتبارهم منسحبين من المنظمة.
عملية إعادة البناء على المستوى السياسي أولا عبر رد الاعتبار للأطروحات الأساسية للمنظمة حول بناء الحزب البرولتاري و نقد تصور الشبيبة المدرسية طليعة تكتيكية , و الدعوة إلى التجدر و العمال, ثانيا نقد أطروحة الثورة على الأبواب و عدم التدقيق في القضايا ذات الطابع الاستراتيجي و الاقتصار فقط على مفهوم العنف المنظم و ترك التدقيق في هده الأمور إلى حين نضج الشروط الموضوعية لنضال الشعب المغربي على ارض الواقع , التركيز في نقد الأحزاب الإصلاحية على القيادة لإنضاج الشروط أمام التيارات الجذرية داخلها و هو الأمر الذي ساعد على ظهور رفاق الشهداء و حزب الطليعة لاحقا , بلورة مواقف تكتيكية بخصوص الموقف من الصحراء و نقد نظرية الثورة في الغرب العربي التي تجعل من قضية تقرير المصير قضية مركزية , تم اعتبار هدا الموقف موقف مبدئي و ليس استراتيجي و بل تناولت المنظمة تأثيرات الحرب على الجماهير و ستناهض الحرب بالصحراء.
تنظيميا الاستناد إلى الخلايا التي ظلت قائمة و استمرت في النضال رغم انقطاع التواصل مع القيادة التي كانت داخل السجن و منهم من تم اعتقالهم و تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب بالمعتقلات السرية الرباط و قلعة مكونة… من أمثال الرفيق النظراني و الصحراوي و الحريزي… الدين لم يقدموا إلى المحكمة .
محاولة ثانية من اجل بناء المنظمة بشكل سري من طرف مناضلين من إلى الأمام و 23 مارس و مناضلين صحراويين وهي المجموعة التي عرفت بمجموعة مكناس الدين سيتم إطلاق سراحهم بعد ثلاث سنوات من الاعتقال على أساس أن تتم محاكمتهم و لو يحاكموا إلى اليوم , وفي العمل الجماهيري تأسيس الطلبة القاعديين مند 1976 بالضبط بالمدرسة المحمدية للمهندسين و على قاعدة فكرتين رئيسيتين 1 – نقد المؤتمر الخامس عشر باعتبار المقررات الصادرة عنه هي مواقف تفوق منظمة طلابية و هي لحزب سياسي اقرب إلى دالك و ونقد فكرة هيكلة المنظمة الطلابية بشكل سري و دعت إلى تأسيس فصيل طلابي إلى جانب قوى الإصلاح الموجودة ب ا و ط م , وقد تم اختيار اسم الطلبة الديمقراطيين إلى أن يتم التراجع عنه و إطلاق اسم الطلية القاعديين من طرف الحلافي بوجمعة للتميز انداك عن الفصيل المرتبط بمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي إضافة إلى الخلايا التي أسست الطلبة القاعديين استمرت الخلايا بالجنوب والشمال و هده الخلايا هبدي التي ستباشر عملية إعادة البناء, وستتطلب عملية البناء العمل بمقولة التجدر وسط العمال و نقل الخلايا الطلابية للعمل وسط العمال و توقيف الاستقطاب وسط الطلبة وهو ما آثار ردود فعل و انتقادات من طرف بعض الأطر الطلابية التي كانت ترغب في الالتحاق بالنضال في المنظمة , إعادة الاعتبار للعمل النقابي داخل المركزيتين النقابيتين ا مش و
ك د ش بعد كانت المنظمة قد اعتبرتها نقابة انشقاقية خاصة بعد النضالات التي خاضتها سنوات 1979 و 1980 .
وبعد الندوة الوطنية لمنظمة إلى الأمام سنة1983 بالدار البيضاء ستساهم القيادة الجديدة في بلورة تكتيكات جديدة, العمل داخل الأحياء الشعبية للاستفادة من الإمكانيات التي أبرزها الشباب خلال انتفاضة 1981 بالبيضاء عشية الإضراب العام الذي دعت إليه نقابة ك د ش كما سيتم الاستفادة من دور الشباب عبر تأسيس جمعيات في الأحياء و العمل الجمعوي (دروس التقوية و محاربة الأمية) , المساهمة في بناء حركة نسائية و بناء حرقة حقوقية مناضلة حيث سيعمل مناضلي إلى الأمام بعد خروجهم من السجن إلى الالتحاق بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي كان على رأسها الاتحاديون
داخل الحركة الطلابية ستطرح المنظمة إعادة بناء الفصيل القاعدي و هيكلة اوطم من خلال وجهة نظر التي سميت بالكراس, بناء تيار نقابي داخل المركزيات النقابية, لكن أهم إبداع في تلك المرحلة كانت فكرة النضال الديمقراطي ذي الأفق الثوري, والاستفادة من الإمكانيات التي يوفرها العمل العلني لبلورت تيار ديمقراطي واسع و كان التفكير في جريدة علنية و قد تم الحصول على وصل الإيداع القانوني تحمل اسم الطريق كان سيقودها الرفيق أفقير علي لكن بعد اعتقاله للمرة الثانية سنة 1981 و ستترك بعد دلك لرفاق في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و سيعمد رفاق منظمة إلى الأمام إلى إصدار مجلة الأفق كما ستستمر مجلة إلى الأمام في الصدور و إدخالها إلى المغرب , و كدالك نشرة الشيوعي و الكادح بشكل سري .
كما أوضح الرفيق البراهمة أن هدا الزخم التنظيمي و هدا الهم المتواصل في بناء السياسي و التنظيمي و تطويره ومحاولة فتحه على أوسع المناضلين الجذريين و الشعب المغربي و تضيف الأفكار التي كانت تعتقد بأنها تجيب أكثر على شروط وظروف الصراع الطبقي و لكن هده الإضافات لم تمنع من ارتكاب أخطاء فادحة مثل
• سيادة الارادوية أي المبالغة في الدعوة إلى الاحتجاج حتى لو لم تكن شروطها متوفرة خاصة بمدينة الدار البيضاء و في الأحياء مما ساهم في كشف العديد من المناضلين و اعتقالهم فيما بعد
• الحركية المفرطة و المستمر ساهمت في إنهاك التنظيم و لم توفر الوقت للتكوين أمام المناضلين و تصليبهم بغرض جعلهم قادرين على التكيف مع متغيرات الصراع الطبقي
• العودة إلى التحريض المفرط باستعمال وسائل مختلفة , منها التوقيعات المموهة مثل توقيع بأبناء الشعب الكادح , الثوريون المغاربة وبعد الاعتقالات التي مست المناضلين القاعديين و بعض المناضلين , سيتمكن العديد من الأطر إلى الهروب نحو الخارج , و بعد انتفاضة يناير 1984 بمراكش و شمال المغرب الحسيمة و تطوان, طنجة , وتحميل النظام المسؤولية لمنظمة إلى الأمام الشيء الذي اعتقدت معه قيادة المنظمة أن الوقت مناسب للاستثمار السياسي و الإعلان عن مسؤوليتها في هده الأحداث , من خلال أصدرته المنظمة تؤكد فيه مسؤوليتها , و الأمر الذي كان ¬¬–في رأيه – خطا فادح , حيث مباشرة بعد دلك سيتم اعتقال أعضاء القيادة سنة 1985 وسيستشهد الرفيق التهاني أمين تحت التعذيب في6 نونبر1985, ورغم الاعتقالات استمرت المنظمة في النضال و النشاط بالخارج والداخل, خلال هده الفترة تمت بلورة فكرة الاختراق الديمقراطي أي انه في ظل أوضاع الاستبداد بالمغرب وفي ظل هده العتمة , يمكن النضال من اجل تحقيق بعض المكاسب الجزئية بالنضال اليومي على ارض الواقع , كما انه ستطرح المنظمة برنامج للجبهة لأنها أصبحت تؤمن ليست معنية بالثورة لوحدها, و كان برنامج الجبهة برنامجا ثوريا وبإمكانه أن يجمع العديد من الأطراف حوله , ويجيب على اغلب الإشكالات التي يطرحها المجتمع بما في دلك مسالة الخصوصية أي الجهوية , و لأول مرة سيتم إعطاء بعد أخر في الصراع الطبقي و هو النضال ضد التهميش

التجربة الثالثة

وستبدأ بعد إطلاق سراح الرفاق من السجن 22 يوليوز 1994 , حيث سيعقدون اجتماعهم الأول بعد أسبوع من إطلاق سراحهم, وسيدعون إلى المشاركة في عملية التجميع التي كانت أنداك , و حتى تأسيس حركة سياسية علنية التي ضمت مناضلين من الحركة الطلابية و اطر من الإطارات الجماهيرية و المتعاطفين مع منظمة إلى الأمام , وهي حركة النهج الديمقراطي, وبعد دلك انتزاع مكسب القانونية, وعقد مؤتمرين .
وعلى إيقاع دينامية إحياء ذكرى أربعين سنة على تأسيس منظمة إلى الأمام خلد الرفاق بالجهة الشرقية بمدينة تازة هذه الذكرى بحضور الرفيق عبد الله الحريف الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي وأحد الاطر البارزة لمنظمة إلى الأمام الذي قدم عرضا حول التجربة تحت عنوان :” من منظمة إلى الأمام إلى النهج الديمقراطي : النشأة – التطور والآفاق ” ولقد تم إفتتاح الذكرى بكلمة الكاتب الجهوي للجهة الشرقية الرفيق حسن عريض الذي أكد على أنه بالرغم من القمع الوحشي الذي ووجهت به منظمة إلى الأمام على امتداد تجربتها، فلقد استطاعت الاستمرار والتطور والتجدد على مدى أربعين سنة. وفي معرض حديثه عن التناقض الرئيسي الذي يحبل به واقع بلادنا، شدد الرفيق على ضرورة العمل على بناء المجتمع الاشتراكي، الأمر الذي يستوجب، في الفترة الراهنة، تكثيف الجهود من أجل تجسيد الشعار الذي طرحه المؤتمر الوطني الثاني “من أجل بناء قيادة حازمة للنضال التحرري الديمقراطي ذي الأفق الاشتراكي”، لأنه في غياب هذه القيادة ، لن يتمكن النضال الجماهيري من إرساء الشروط الموضوعية والذاتية لإحداث التحول الجذري المنشود.
بعد ذلك، أسندت الكلمة للرفيق الكاتب الوطني عبد الله الحريف، الذي انطلق في بداية العرض، وبعد الإشارة إلى صعوبة القيام بتقييم شمولي وموضوعي للتجربة العامة لمنظمة إلى الأمام، انطلق من التأكيد على أن عملية الانتقال من إلى الأمام إلى حركة النهج الديمقراطي جاءت كمحصلة لسيرورة معقدة تداخلت في رسم ملامحها الأساسية مجموعة من الظروف الموضوعية والذاتية.
كما أكد على الاستفادة من تقييم تجربة إلى الأمام (1970_1995) ،و من تحليل مستجدات الوضع السياسي للشروع في عملية تأسيس النهج الديمقراطي ،ووضع أسسه السياسية والفكرية والتنظيمية. فالنهج الديمقراطي يعتبر إذن استمرارا لهذه التجربة.
وقد وضح الرفيق ما معنى الاستمرارية من خلال التأكيد على أن ما هو أساسي هو الحفاظ على جوهر التجربة، وليس تقديسها، وأن أي تجربة غير قابلة للاستنساخ، ما دام من غير الممكن فصلها عن السياق التاريخي الذي تبلورت فيه.
فالاستمرارية، بقدر ما تعني الاستمرار في الحفاظ على ثوابت التجربة، تعني كذلك – و في مستوى ثان- الاستمرار في نقد وتطوير تلك التجربة.
فما هي هذه الثوابت؟
في سبيل الإجابة عن هذا السؤال، عمد الرفيق إلى عرض مختلف القطائع والمبادئ التي تشكلت على أساسها منظمة إلى الأمام، والتي تكون الأساس الذي انبنى عليه النهج الديمقراطي، ومن أهمها:
– إعادة الاعتبار للماركسية التي أفرغتها التحريفية من محتواها، والنظر إليها كمنهج للتحليل، وكنظرية للتغيير الثوري، وليس كمقولات جامدة.
– التأكيد على فشل الحزب الشيوعي المغربي في انجاز مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة، وعلى ضرورة بناء مثل هذا الحزب، لقيادة التحرر الوطني والبناء الديمقراطي ذي الأفق الاشتراكي.
– التأكيد على أن النظام المخزني غير قابل للإصلاح، وأن التناقض الرئيسي في بلادنا، هو بين الكتلة الطبقية السائدة و حليفتها الامبريالية من جهة، ومختلف الفئات والطبقات الشعبية، وعلى رأسها الطبقة العاملة من جهة ثانية.
– إحداث القطيعة مع الفكر السياسي للحركة الوطنية التي تبني إستراتيجيتها على التوافق مع المخزن، وتعمل، تبعا لذلك، على توقيف النضال الجماهيري وإجهاضه .
– إحداث القطيعة مع الفكر الشوفيني للحركة الوطنية، والموسوم بالنزعة الوطنية الضيقة، والتعصب (قضية الصحراء، قضية الأمازيغية )
– تكريس ثقافة الصمود والمقاومة والتفاني في مختلف الوجهات، مع التسلح بروح المبادرة والاجتهاد وتقييم الأخطاء ومحاسبة الذات على النحو الذي لا يبرر التراجع، بل يعمل على تقديم الفعل النضالي .

أما في ما يتعلق بالمستوى الثاني الذي يحيل عليه مفهوم الاستمرارية، والمتمثل في الاستمرار في إغناء التجربة، فقد تطرق الرفيق عبد الله الحريف إلى بعض الاجتهادات التي تبلورت أثناء عملية إعادة بناء منظمة إلى الأمام (1979-1985)، والتي لامست العديد من القضايا، منها ما له ارتباط بالعمل السري والعمل العلني، وهنا طرحت منظمة إلى الأمام ضرورة بناء تيارات ديمقراطية ذات أفق ثوري كتيارات علنية في القطاعات الجماهيرية الأساسية (حركة الطلبة القاعديين /العمل في الأحياء الشعبية )، وطرحت فكرة إصدار جريدة علنية تشكل لسان حالها. و بالفعل أصدرت عدة مجلات مثل ” المقدمة”. كما عملت على إعادة صياغة الموقف من الشبيبة المدرسية باعتبارها طليعة تكتيكية، والانسحاب من القطاع الطلابي، الأمر الذي ترتب عليه سيادة الفوضى النقابية وضعف ثقافة التنظيم .
كما أشار الرفيق إلى بعض الاجتهادات التي تبلورت على امتداد هذه التجربة، بما في ذلك، تلك التي تمت بلورتها من طرف النهج الديمقراطي، والتي لها صلة بمجموعة من القضايا منها:
– مسألة الهوية : وفي هذا السياق، انتقد الرفيق التروتستكية التي تناضل على أساس برنامج الأممية الرابعة، ولا تأخذ بعين الحسبان خصوصيات المجتمع المغربي الثقافية والدينية.
مسألة حسم السلطة : وفي هذا الإطار، تمت الإشارة إلى التغير الذي طرأ على موقف منظمة إلى الأمام، والمتمثل في كون أن الثورة في المغرب ستكون على شاكلة الثورة الصينية. وهكذا، وبالاستناد إلى مستجدات الواقع، تم التخلي عن مفهوم حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد بقيادة الحزب الشيوعي وتحالف الطبقة العاملة والفلاحين، واستلهام التجربة الساندينية.
مسألة الجهوية : وفي ما يخص هذه المسألة، أكد الكاتب الوطني على ضرورة الاطلاع على تصور النهج الديمقراطي الذي ينظر إلى الجهوية باعتبارها مسألة مرتبطة بالديمقراطية، وينطلق من تحليل عميق لواقع التشكيلة الاجتماعية المغربية، وهذا بخلاف تصور النظام الذي تتحكم فيه المقاربة الأمنية، ويعمل على تسخير الجهوية لإيجاد حل لمعضلة الصحراء…
وبعد ذلك، عمل الر فيق على تقديم مجموعة من الإضاءات حول عدد غير قليل من المفاهيم من قبيل : الإصلاحية/الثورية، الإستراتيجية/التاكتيك…، كما أثار بعض القضايا التي لها ارتباط بهوية التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين، وشدد على ضرورة العمل من أجل أن تتوفر للجماهير أدوات الدفاع الذاتي المستقل، سواء قبل أو أثناء أو بعد إنجاز التغيير الثوري المنشود.
ولقد ختم الرفيق الكاتب الوطني عرضه، بالإشارة إلى أن النهج الديمقراطي ينفتح على كافة الماركسيين للعمل وفق السيرورات الثلاث : سيرورة بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين كمهمة حاسمة، – سيرورة بناء جبهة الطبقات الشعبية، – سيرورة بناء التنظيمات الذاتية المستقلة للجماهير، وذلك لشق الطريق نحو إنجاز مهام التحرر الوطني والبناء الديمقراطي ذي الأفق الاشتراكي.
ولقد تلا العرض نقاش مستفيض، تمحور بالأساس حول هوية العلاقة التي تربط حركة النهج الديمقراطي بتجربة إلى الأمام …، وفي سياق ردوده على تساؤلات بعض المتدخلين، نبه الرفيق عبد الله الحريف إلى ضرورة العمل على استبصار الحقائق عن طريق التحلي بالموضوعية وعدم الانسياق وراء الأحكام المسبقة والآراء الجاهزة… .
ونشير في الأخير إلى أن أنشطة الذكرى تم تخليدها بمجموعة من الفروع الأخر كتزنيت و مدينة جرادة العمالية والمحمدية والجديدة والرباط …
..وبهذا نقول أن هذه التجربة صارت ملكا لجميع المناضلات والمناضلين الجذريين المخلصين لقضايا شعبنا، وملكا للشعب المغربي ذي التاريخ الحافل بعدة أشكال من النضال والمقاومة والصراع الطبقي و العديد من الأشكال التنظيمية المرافقة لذلك، الشيئ الذي لا يشفع لبعض المتطاوولين والمتطفلين قراءة التجربة بهدف المزايدة السياسوية في الوقت الذي لا يقدمون شيئا لتحرير شعبنا من قيود الاستغلال ويكتفون بالتعليق على الأحداث او الخطابة في أحسن الأحوال.
+- إن دروس إلى الأمام ومعها باقي فصائل اليسار الجديد كثيرة جدا ومن هنا ضرورة الإنكباب على دراستها والإستفادة منها و عدم تكرار أخطائها، هذه الدراسة التي يجب ان تكون موضوعية و تتجنب منزلقين خطيرين:
— تقديس التجربة وتحنيطها وذلك بعدم ربطها بالظروف و الواقع الذي جرت فيهما.
— تبخيس اوتسفيه او ابتتذال أوتمييع او تصفية التجربة
ففي الحالتين معا سيكون الخاسر الأكبر هو مستقبل اليسار.
+- ان ممارسة النهج الديموقراطي وأغلب مواقفه الحالية تجد أسسها في ممارسة ومواقف ووثائق إلى الأمام وفي استمراره في تبني الجوهرر الحي للماركسية.
أما بعد ……فإن الشهداء والمقاومين والمناضلين المخلصين لا يمكن أن يكون مثواهم وممستقرهم الأخير إلا في افئدة الجماهير االمناضلة وفي ضمير ووجدان هذا الشعب العظيم وأما الإنتهازيين والوصوليين والمهروليين إلى عتبات القصر فإلى مزبلة التاريخ.



#التيتي_الحبيب (هاشتاغ)       El_Titi_El_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الاهتمام بقضايا الطبقة العاملة
- حالة شرود
- في تشاؤم العقل وتفاؤل الارادة
- الرأسمال الاحتكاري ومغرب الهوامش
- نعم انها الضيعة
- الشيوعيون الاكراد وتقرير المصير
- إضاءات اضافية من اجل شحذ سلاح التنظيم
- في تقدير الموقف من سوريا
- الحزب مدرسة تنجب القادة الابطال
- في صيرورة التاريخ.
- في الطليعة و التنظيم
- الاكراد ومبدأ حق تقرير المصير
- حراك الريف: الدولة تفاوض قادته
- في عقد الاتفاقات
- حراك الريف وقضايا الهوية.
- قطار التغيير انطلق وهو يطوي المسافات
- دونالد ترامب في زيارة ميدانية
- هل يمكن بناء الاشتراكية في بلد واحد؟
- في خطر تحويل حراك الريف الى ظاهرة اعلامية.
- الكوليرا في اليمن من المسؤول؟


المزيد.....




- هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام ...
- زيلينسكي يشكو.. الغرب يدافع عن إسرائيل ولا يدعم أوكرانيا
- رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: العالم كان أكثر أمانا في عهد ت ...
- شاهد: إسرائيل تعرض مخلفات الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها ...
- ما هو مخدر الكوش الذي دفع رئيس سيراليون لإعلان حالة الطوارئ ...
- ناسا تكشف ماهية -الجسم الفضائي- الذي سقط في فلوريدا
- مصر تعلق على إمكانية تأثرها بالتغيرات الجوية التي عمت الخليج ...
- خلاف أوروبي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني -منظمة إرهابية- ...
- 8 قتلى بقصف إسرائيلي استهدف سيارة شرطة وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي يعرض صاروخا إيرانيا تم اعتراضه خلال الهجوم ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - التيتي الحبيب - ذكرى إلى الأمام :أربعون سنة من الصمود والاستمرارية في النضال