أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير حسن العاني - قدسية التفاهات!














المزيد.....

قدسية التفاهات!


عبير حسن العاني

الحوار المتمدن-العدد: 1470 - 2006 / 2 / 23 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


أتصل بها بعد طول غياب،حيث(( الظروف السيئة للعمل)) ..بررَّ لها من جديد،لتصدقه من جديد!
كانت الغيبة طويلة هذه المرّة.. اتفقا على اللقاء في نفس المكان..ونفس الوقت..
وقفت وقفتها المعتادة في نفس الشارع الذي أعتادت أن تنتظره فيه،والذي التقته فيه للمرّة الأولى قبل ست سنوات!!
كانت اللهفة تملؤها،وكانت تحاول أن تقنع عينيها بالصبر فسوف تراه بعد دقائق!!
كانت تقنع مشاعرها..أنوثتها..الأيام العشر الماضية(( لقد كانت دهراً كاملاً!!)) كانت تقنع ((كلّها )) بأنها ستراه من جديد،لتعود الحياة حياة من جديد.
لمحت شبحا ً لسيارته القديمة البالية من بعيد.. (( يا الهي..هل هذه هي السيارة؟ )) السيارة البالية التي تثير ضحك العالم وسخريتهم وتثير كل ما فيها من أحاسيس ،كيف لا ورائحته تملأ كل فضاءاتها. تلك السيارة التي شهدت أجمل ذكريات..أول قبلة..أعذب الأغنيات..الدفء الذي ملأها في ذروة الشتاء..الدموع التي نزفتها فيها حين قررت أن تودعه يوماً ولم يصمد ذلك القرار لأكثر من ساعة!
(( نعم أنها هي..أنه هو ))..
أوقف السيارة مبتسماً أبتسامة جديدة ..كانت باردة ،لكنها كانت تريد أن تستمر في مجابهة حدسها الذي يدرك أن حبيبها مجرد(( أكذوبة ))!
- مرحباً ياحبيبتي..
- أهلاً قالتها بلهفة ٍ مبتسمة وهي تفتح باب السيارة لتصعد.
كانت تتأمله..تتفحص تفاصيله..تكاد تلتهمه بأشتياقها..وهو كان ينظر الى الأفق ولم يلتفت لها الاّ بعد دقائق ليست بالقصيرة..
كانت تنتظر أن يبادر هو بالأسئلة،وبالفعل بادرها قائلا ً:ما أخباركِ؟
أبتسمت وقالت:أنتظرك!
ضحك ضحكة المنتصر ثمّ عاد فسأل:
- ما جديدكِ؟
ابتسمت من جديد ابتسامتها الساحرة وقالت بصوتها العذب:
- أحبك!
فضحك ضحكة مَن يملك الدنيا وما بها وأراد ان يؤكد انتصاره أكثر فعاد وسأل:
- وما قديمكِ؟
ومازالت تفيض سحرا ً وانوثة وهي تردد:
- أحبكَ!
صمتَ الأثنان وكأنَّ كل مواضيع الدنيا قد انتهت..كانا كمن يبحث عن موضوع ليتكلم به لكنهما عجزا عن ايجاد أي موضوع مشترك!
وفجأة..أنتفض ليفاجئها بصوته العالي:
- ها..نسيت أن أقول لكِ..
أبتسمت وهي تنتظر ماتتوقعه..ماتتمناه(( اشتقت اليكِ..اكتشفت ان الحياة دونكِ عدم..كانت الأيام الماضية قاتلة..الخ ))
وضعت آلاف الأحتمالات(( الوردية)).بادرها قائلا ً:
(( سأبيع السيارة..وبسعر أقرب مايكون للخيال)).
فضحكت..ربما من نفسها اولا ً وقالت بلهجةٍ ساخرة لم يتبينها:
- مبروك!
فقال ومازال في ثورته:
- أحزري بكم سأبيعها؟كم تساوي برأيك؟كانت تود أن تقول له:
(( تساوي عمري كلّه)) لكنّها حاولت الأستمرار معه في الحوار فذلك أفضل من انتصار حدسها الذي كانت لاتريد له سوى الهزيمة!
ثم َّ أضاف:
- تعرفين انها لا تساوي شيئا ً.. انها بالية ونصف معطلة لكنهم دفعوا فيها سعرا ً لا تتوقعينه.
همست داخلها:
(( نعم..هنالك الكثير مما لا أتوقعه..عليَّ التسليم به الآن! ))
أستمرّت في الحوار مستسلمة لحدسها هذه المرّة،كي تحاول أن تُسقِط المزيد من الأقنعة:
- وكيف ستأتيني ان بعتها؟
فتغيرّت لهجته وخفتَ صوته وأجاب:
- قد لا أستطيع القدوم اليكِ الأيام المقبلة وسأحاول ان أوفر مبلغا ً في الأشهر القادمة لأضيفه الى ثمن بيعها مع المبلغ الذي تملكين لأشتري سيارة أخرى أفضل.
(( الأشهر القادمة..انه يتحدث عن الأشهر!وأنا أمضيت ليلة أمس أعد ُّ لحظاتها كي يأتي الصباح لأرى شمسه في وجهه..
فلتشترِسيارة أفضل..ولتجد أمرأة أفضل مني..فأنا أمرأة تهتم بالتفاصيل الصغيرة..تقدسها..لأن التفاصيل الصغيرة تختصر الأمور العظيمة .. وتُسقِط أقنعة عديدة..
أنا أمرأة..أذا أحبت..أحبت الكل لا الجزء..
أنا أمرأة.. لا تحب الا ّمرّة..ومن حقها أن تكون هذه المرّة ذات قدسية.
أنا أمرأة أمتزج الحب معها بالمبادىء..لكن الحب اذا هدّدَ بوجوده المبادىء،فليذهب الى الجحيم )) .
لم تكن تدري أن صوتها كان مسموعا ً لديه..ربما لأن َّ رد فعله كان معدوما ً وهو يقود السيارة بتأن ٍ ودون أي أنفعال..
فجأة ً..صرخت..نعم..صرخت هي هذه المرّة ولاول مرّة يسمع صوتها الحقيقي واضحا ً مدوياً منذ سنوات:
- قف هنا!
وقف..فتحت الباب ونزلت..اقتحمت الشارع..ولأول مرّة تنتبه لهذا الكم من السيارات الحديثة.
مشت الى الأمام..وعاد هو فأدار سيارته ليعود من حيث أتى.






عبير حسن العاني

بغداد
29-11-2003



#عبير_حسن_العاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وتسألني عن الحب؟!
- مجرد تساؤل
- من أجله..
- الى بغداد
- وللاقنعة وجه واحد
- صحوة متأخرة
- حديقة من رماد
- ارجوحة الغربة
- قدح شاي
- أحمر.. حمراء.. حُمر !!


المزيد.....




- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير حسن العاني - قدسية التفاهات!