أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عبد الله النملي - المسيرة الخضراء..تفاصيل غير معروفة














المزيد.....

المسيرة الخضراء..تفاصيل غير معروفة


عبد الله النملي

الحوار المتمدن-العدد: 5688 - 2017 / 11 / 4 - 17:26
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


في مثل هذا اليوم، سادس نونبر من سنة 1975، على الساعة العاشرة و النصف صباحا، انطلق 350 ألف متطوع ومتطوعة في مسيرة سلمية، من كل شرائح المجتمع المغربي، ومن سائر ربوع الوطن، بنظام وانتظام، في اتجاه الأقاليم الصحراوية، لتحريرها من براثن الاحتلال الإسباني، حاملين القرآن الكريم والأعلام الوطنية، مسلحين بقوة الإيمان والعزيمة الراسخة لإحياء صلة الرحم مع إخوانهم في الصحراء المغربية. وتميزت مسيرة المغرب بكونها سلمية هادئة منظمة، حمل كل فرد فيها بطانيته ووعاء مائه، و انطلق بدون سلاح، مخترقا خطوط الأسلاك الشائكة، هاتفا " الكفاح الكفاح..القرآن هو السلاح..".
إن الشعب المغربي ليس من هواة السير أو المشي، ولكنه اتخذ من هذه المسيرة أسلوبا سياسيا لإقناع اسبانيا باسترجاع بقية الأراضي. جيش غريب، بدون سلاح، قوامه أكثر من 350 ألف رجل وامرأة، جاؤوا من مختلف قرى المغرب ومدنه، لينطلقوا في مسيرة فريدة من نوعها، ليسترجعوا الأرض المغربية التي احتلتها اسبانيا منذ 90 عاما. وما كادوا يعبرون نقطة الحدود الأولى، حتى خروا ساجدين على الأرض الطيبة يقيمون فوق رمالها، شاكرين الله على نعمته. وتابعت المسيرة انطلاقتها غير عابئة بالأشواك أو الأحجار، ولا حتى بعواصف الرمال، نحو الهدف المحدد لها، وهو الوصول إلى مدينة العيون، عاصمة الصحراء المغربية.
إن مسيرة المغاربة لم يكن المقصود بها محاربة الاسبان أبدا، ألم يقل الملك الراحل الحسن الثاني عندما أعطى إشارة الانطلاق " إذا لقيتم اسبانيا، عسكريا كان أو مدنيا، فصافحوه وعانقوه، واقتسموا معه مأكلكم ومشربكم، وادخلوه مخيمكم، فليس بيننا وبين الاسبان غل أو حقد، ولو أردنا أن نحارب الإسبان لما أرسلنا عزلا، بل جيشا باسلا...". وحتى المعارضة المغربية آنذاك الممثلة في حزب الاستقلال ذكرت في صحيفتها " العلم" أن " ما يحدث بين المغرب واسبانيا كان يعتبر دائما خصومات الأقارب.. والتاريخ يذكر أن المغاربة ارتدوا ملابس الحداد في زمن المرينيين، عندما توفي الفونسو الحادي عشر ملك قشتالة، احتراما لمشاعر أعدائهم الذين يحاربونهم ! ".
واكتفى الإسبان بإرسال طائراتهم العمودية والنفاثة للتحليق فوق المسيرة المنظمة نحو العيون، لإرهابها، فكان المتطوعون يلوحون لها بالأيدي كما لو كانوا يحيونها. وعسكر المتطوعون أمام حقول الألغام الإسبانية، وفي الليل أطلق الإسبان الصواريخ المضيئة، وفجروا بعض الألغام، في محاولة أخرى للإرهاب، وكان رد المغاربة زغاريد وتصفيقا حماسيا منقطع النظير، وكأنهم في حفل للألعاب النارية. وعلى الرغم من كل ذلك عَبَرت المسيرة الخضراء حدود الصحراء، تحت ردود فعل عالمية وإقليمية متباينة، فأعلنت الجزائر وإسبانيا معارضتهما للمسيرة، وطلبت إسبانيا عقد اجتماع لمجلس الأمن لمواجهة المسيرة، كما أعلنت بهتانا من خلال مندوبها في مجلس الأمن، أن المسيرة الخضراء ليست سلمية، بل هي زحف عسكري مسلح، ولذلك حركت أسطولها البحري على المياه الإقليمية، لإجبار المغرب التراجع عن تنفيذ المسيرة،كما أعلنت أنها قامت بإعداد حقول ألغام في الصحراء المغربية، لكن جهود المستعمر كلها باءت بالفشل الذريع.
وعلى مساحة 70 كيلو مترا بجوار طرفاية، أقيمت مدينة هائلة من الخيام، وتحت هذه الخيام عاش 350 ألف مغربي، تجمعوا من 40 إقليما مغربيا. لقد تعرف ابن الشمال على المناطق الجنوبية لأول مرة، فأحبها وأبدي الكثيرون رغبتهم في الاستقرار بهذه المناطق الصحراوية بدلا من قمم جبال الأطلس الباردة. ولم تستطع حرارة الجو ولا عواصف الرمال أن تنال من تصميم المتطوعين، كما أن روح التضحية وتحمل الحياة القاسية تحت الخيام لمدة عشرة أيام زادت من حماسهم على متابعة مسيرتهم السلمية. وساعد وجود حوالي 14 ألف امرأة بين المتطوعين على طهو الخبز وصنع الشاي الأخضر المغربي.
كيف يمكن إطعام 350 ألف شخص يقيمون وسط الصحراء؟، كانت هذه أكبر مشكلة واجهت المسؤولين، ففي كل يوم كانت الطائرات الحربية تنقل مليون رغيف خبز من الدار البيضاء والرباط ومراكش حتى طرفاية، والباقي كان يأتي بالسيارات الكبيرة. وقد خصص لكل متطوع 150 غرام زيت، ربع كيلو سكر، 100 غرام شاي، علبة سردين، علبة سجائر، 5 لترات ماء، قطعة صابون، علبة حليب صغيرة..كما رافق المسيرة 70 طبيبا حكوميا وخاصا، و 220 سيارة إسعاف، ونحو ألف ممرض وممرضة للمحافظة على صحة المواطنين.
وكان وزير الإعلام المغربي أحمد الطيب بن هيمة يجتمع يوميا أكثر من مرة بالصحفيين السبعمائة الذين جاؤوا من كل مكان في العالم. ومن بين الأسئلة التي طرحوها عليه أن المغرب يسعى لاحتلال الصحراء من أجل الحصول على الفوسفاط فقط، فكان جواب الوزير المغربي " استرجعنا شمال المغرب وهو فقير..واسترجعنا افني وهي فقيرة..واسترجعنا طرفاية وهي أفقر..إننا نطالب بأرضنا العربية كما خلقها الله...وإذا كانت أرضنا غنية، فمن باب أولى أن نستعيدها حتى لا نترك ثروة العرب في يد غيرنا...". وكانت قمة الاكتشافات هي الفوسفاط، فمن كان يصدق أن تلك الصحراء تضم واحدا من أكبر مناجم الفوسفاط في العالم، يحوي نحو ملياري طن من الفوسفاط ذي النوعية الممتازة. ولعل وراء قصة الفوسفاط والثروة السمكية يكمن سر تشبث إسبانيا بالصحراء، فهي كانت تأخذ كل إنتاج الصحراء من الفوسفاط لحاجتها إليه في زراعتها، فإسبانيا كانت تعتمد كثيرا على الزراعة، وربع القوة العاملة تعمل في الزراعة.
لقد شدت المسيرة أنظار العالم بطابعها السلمي وأسلوبها الحضاري في الدفاع عن حياض الوطن، وتحطيم الحدود الوهمية بين أبناء الوطن الواحد، والتمسك بقيم السلم والسلام في استرداد حق مشروع، حيث لم يشهد تاريخ حركات التحرر الوطني مثيلا لها، لتحرير الأرض وإنهاء الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية. كما شكلت المسيرة تجسيدا للمواقف الثابتة للمغرب في الدفاع عن مقدساته واستكمالا لوحدته الترابية، رغم مناورات الأعداء ومحاولات الانفصال.



#عبد_الله_النملي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهميش العربية
- غازات كيماوية تخنق ساكنة آسفي
- التطبيع مع الكيان الصهيوني يحط الرحال بالبرلمان المغربي
- الحرب على الإرهاب..ذريعة لها فروع في كل قارات العالم
- المتصرفون يحتجون لهذه الأسباب
- إبادة شعب -الروهينغا- وسياسة الغرب المزدوجة
- - شارلي إبدو - والإساءة المُتَعمّدة للإسلام مرة أخرى
- أشكال إجرامية غير مألوفة، فماذا نحن فاعلون؟
- حتى لا ننسى -رابعة-..أفظع مَجزرة في العصر الحديث
- كِبار رحَلوا في صمت في حين أن مهرجاناتنا مُنشغلة بغيرهم !
- الزجال الراحل عبد المجيد بنخالي.. سلام عليك حاضرا وغائبا
- الفساد المالي مسؤول عن فَقْرِنا
- هواتف جوالة تَشْدو بالموسيقى في صلاة التراويح !
- النفار شخصية رمضانية تراثية عميقة بآسفي
- الشهيد كمال عماري..مسار ملف قضائي يُراوح مكانه
- حراك الريف البطولي والفرز في الساحة
- وفاة -إيديا- تُعري واقع الصحة المُزري
- قصر البحر..من يُنقذه من مَصير الانهيار المَحتوم؟
- الحكومة الجديدة..تمخض الجبل فولد فأرا !
- في البحث عن معنى لاسم مدينة آسفي


المزيد.....




- بريطانيا: فرض عقوبات على إسرائيليين متشددين بسبب أعمال عنف ف ...
- السعودية.. وفاة و20 حالة في العناية المركزة بتسمم غذائي بمطع ...
- السعودية تكشف جنسية وافد عربي ابتز فتاة ودردشتهما -مموهة-
- الأردن.. الملكة رانيا تكشف عن نصيحة الملك الحسين لها عندما ت ...
- من هو المرشح الرئاسي الذي قد يستحوذ على دعم الشباب في تشاد؟ ...
- المشروب الكحولي الأقل ضررا للكبد
- المشكلات الصحية التي تشير إليها الرغبة الشديدة في تناول الحل ...
- أنطونوف: اتهامات واشنطن بتورط روسيا في هجمات إلكترونية على أ ...
- انجراف التربة نتيجة الأمطار الغزيرة في هايتي يودي بحياة 12 ش ...
- الجزائر تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن المقابر الجم ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عبد الله النملي - المسيرة الخضراء..تفاصيل غير معروفة