أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي سعد - الدروز في إسرائيل والتماهي بالمتسلط














المزيد.....

الدروز في إسرائيل والتماهي بالمتسلط


مهدي سعد

الحوار المتمدن-العدد: 5687 - 2017 / 11 / 3 - 11:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشكل الطائفة الدرزية في إسرائيل نموذجًا فعليًا لظاهرة "التماهي بالمتسلط" التي تنتشر على نطاق واسع في المجتمعات المتخلفة، ولكي نفهم السلوك السياسي والاجتماعي للدروز في إسرائيل لا بد من تسليط الضوء على هذه الظاهرة، فهي تعطينا التفسير الشافي لطبيعة العلاقة بين الدروز كمجموعة مقهورة والمؤسسة الإسرائيلية التي تمارس القهر بحقها.

سأعتمد في تحليلي لواقع الدروز في إسرائيل على كتاب قيّم يدرس هذه الظاهرة بكثير من العمق والرصانة، يحمل الكتاب عنوان "التخلف الاجتماعي- مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور"، وهو من تأليف د. مصطفى حجازي، أصدره المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء وبيروت عام 2007.

يعرّف د. حجازي ظاهرة "التماهي بالمتسلط" على النحو التالي: "التماهي بالمتسلط يشكل أحد المظاهر البارزة في سعي الإنسان المقهور لحل مأزقه الوجودي والتخفف من انعدام الشعور بالأمن، والتبخيس الذاتي الذي يلحق به من جراء وضعية الرضوخ. إنه كحل عبارة عن هروب من الذات وتنكر لها، وهروب من الجماعة وتنكر للانتماء إليها، من خلال التشبه بالمتسلط وتمثل عدوانيته وطغيانه ونمط حياته وقيمه المعيشية. إنه استلاب الإنسان المقهور الذي يهرب من عالمه كي يذوب في عالم المتسلط ونظامه آملا في الخلاص".

نلاحظ بأن هذا الكلام ينطبق بشكل كلي على وضعية الدروز في إسرائيل وعلاقتهم مع السلطة الحاكمة، ففي مجال "التبخيس الذاتي" نرى شريحة واسعة من أبناء الطائفة الدرزية توجه اللوم لذاتها وتحمّل نفسها كامل المسؤولية عن الأوضاع المزرية التي تعاني منها الطائفة، وفي المقابل تبرئ هذه الشريحة المؤسسة الإسرائيلية وتبرر كل ما تقوم به السلطة من سياسات تمييزية وإجراءات تعسفية بحق أبناء الطائفة الدرزية.

كذلك نلمس داخل الطائفة الدرزية حالة "الهروب من الذات" بصورة ملفتة، حيث نجد فئة لا بأس بها من أبناء الطائفة تتنكر لأصلها العربي وتسعى دومًا إلى الانسلاخ عن انتمائها الوطني والقومي، وتعاني هذه الفئة من الاغتراب الثقافي وتشوّه الهوية وانعدام حضن دافئ تنتمي إليه.

في ظل غياب كافة عوامل الاعتزاز بالذات تلجأ هذه الفئة من المجتمع الدرزي المقهور إلى "التشبه بالمتسلط الإسرائيلي"، من خلال تبني منظومة قيمه المناقضة للقيم السائدة في المجتمع الدرزي، وتقوم بتقليد نمط حياة المتسلط سعيًا منها إلى كسب رضاه وتحقيق بعض المكاسب المادية، يبرز هذا السلوك عبر الإكثار من استخدام اللغة العبرية أثناء الحديث حتى بين الناطقين بالعربية، بالإضافة إلى مناصبة العداء لكل ما له صلة بالانتماء العربي واحتقار الموروث الحضاري الذي تنتسب إليه الفئة المذكورة.

النتيجة الحتمية للتشبه بالمتسلط الإسرائيلي هي فقدان مختلف المبادئ والأسس التي يقوم عليها بنيان المجتمع الدرزي، وبالتالي يصل هذا المجتمع إلى وضعية الذوبان في الآخر الذي يقمعه ويضطهده من خلال فرض التجنيد الإجباري ومصادرة الأراضي وتضييق الخناق على القرى الدرزية وحجب الميزانيات عن المجالس المحلية وغيرها من أشكال التمييز العنصري.

ويتابع د. حجازي عرضه للموضوع قائلا: "التماهي بالمعتدي هو من أقوى عوامل مقاومة التغيير، وعرقلة التحرر الوطني والاجتماعي، خصوصًا عندما يتخذ شكل التماهي بقيم المتسلط وتبني مثله العليا. وهو كذلك لأنه ينمي عند الإنسان المقهور وهم التحرر من خلال التنكر للمشكلة الذاتية والجماعية، ومن خلال التمسك بمظاهر خادعة يعتقد فيها اقترابًا من نماذج الوجاهة السائدة".

تعتقد مجموعة كبيرة في المجتمع الدرزي بأنها تعيش في بحبوحة في ظل الحكم الإسرائيلي، وتتوهم هذه المجموعة بأن أوضاع الطائفة في أفضل حال، لذلك تنكر سياسة الغبن والإجحاف التي تمارس بحق الطائفة في كافة المجالات ولا تعترف بوجودها.

أما بالنسبة للتمسك بالمظاهر الخادعة فهي منتشرة على نحو كبير في أوساط الطائفة الدرزية، إذ يتباهى عدد من أبناء الطائفة بخدمتهم في الجيش الإسرائيلي وتبوئهم مناصب عسكرية مرموقة، ويظن هؤلاء بأنهم قد حققوا ذاتهم من خلال الخدمة العسكرية، ويغيب عن بالهم أنهم يخدمون المؤسسة التي تمنعهم من البناء على أراضيهم وتهدد بهدم بيوتهم.

بما أن السواد الأعظم من أبناء الطائفة الدرزية قد تماهى بقيم المؤسسة الإسرائيلية وتبنى مثلها العليا، فإن عملية تغيير الواقع المزري الذي تقبع فيه الطائفة تعتبر مهمة شبه مستحيلة، ولكي يصل الدروز في إسرائيل إلى مرحلة التحرر من الهيمنة الإسرائيلية هم بحاجة إلى إعادة التصالح مع ذاتهم واكتشاف هويتهم الحقيقية من جديد.



#مهدي_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجعية الدرزية وتزوير التاريخ
- بلدية شفاعمرو غائبة عن هموم مواطنيها
- عدم تفعيل المركز الثقافي جريمة نكراء بحق أهالي شفاعمرو
- الوطنية الحقيقية لا تكتمل إلا بمقارعة الرجعية
- أحياء شفاعمرو تنتظر حلولا لمشاكلها
- حول أصل الدروز وعروبتهم
- حل الأزمة الشفاعمرية على الطريقة اللبنانية
- انتصار سعيد نفاع وهزيمة اليمين الدرزي
- التوازن الطائفي سيد الموقف في شفاعمرو
- حل الائتلاف نتيجة طبيعية للوعود المتضاربة
- مسألة النيابة ومستقبل الطائفة الدرزية في شفاعمرو
- القوى الوطنية الدرزية عاجزة عن مواجهة الرجعية الدرزية
- مسألة الهوية لدى الدروز في إسرائيل
- أكذوبة الصحافة الموضوعية
- قراءة في واقع القوى الوطنية الدرزية في إسرائيل
- المجتمع العربي في إسرائيل وعوامل التفتيت الذاتي
- إقصاء -الفجر- و-أبناء شفاعمرو- والمعركة على وجه شفاعمرو
- نحو إسقاط النظام الطائفي الشفاعمري
- قائمة -الفجر- وإستراتيجية الهيمنة
- عن دور الشبيبة التقدمية في خلق حالة شفاعمرية جديدة


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي سعد - الدروز في إسرائيل والتماهي بالمتسلط