أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - أعمال عجائبية في الكنيس















المزيد.....

أعمال عجائبية في الكنيس


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 5686 - 2017 / 11 / 2 - 01:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أعمال عجائبية في الكنيس
ترجمة حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة التي رواها توفيق بن صباح بن يهوشع المفرجي (متصليح بن صفر يهوشع المرحيبي، ١٩٠٤ ١٩٧١، حولوني، رئيس عائلة يهوشع ) بالعربية على بنياميم صدقة (١٩٤٤)، الذي نقلها بدوره إلى العبرية، أعدّها، نقّحها، ونشرها في الدورية السامرية أ. ب. - أخبار السامرة، العددين ١٢٢٨١٢٢٩، ١ شباط ٢٠١٧، ص. ٢٢٢٥.

هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها: إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية) بالخطّ اللاتيني.

بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، تُوزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين بالدراسات السامرية، في شتّى دول العالم. هذه الدورية، ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة الشقيقين، بنياميم (الأمين) ويفت (حسني)، نجْلي المرحوم راضي (رتصون) صدقة الصباحي (الصفري، ٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).

”مدخل

سجّلنا القِصص القصيرة الثلاث الآتية، في أوقات مختلفة من أفواه ثلاثة من أبناء الطائفة. القاسم المشترك لها، حدوث العجائب في كنيس نابلس. حادثان وقعا في الكنيس القديم في الحيّ القديم، والثالث في الكنيس الجديد في الحيّ السامري الجديد. الكنيس الجديد في حارة الياسمينة، كان قد هُجِر في منتصف أربعينات القرن العشرين، وبيع لجيران السامريين الذين عاشوا هناك حتى عام ١٩٣٣. الكنيس الجديد في الحيّ السامري في نابلس، قد هُجِر في سنة ١٩٩٨ واستُبدل بالكنيس الكبير على جبل جريزيم. في العام الفائت، جُدّد الكنيس الجديد [١٩٤٧١٩٩٨] وأقيمت فيه صلاة مؤثّرة لمرّة واحدة حتّى الآن.

تقليد قديم

”ها نحن موجودون الآن بعد موسم الصيام (حرفيا: سبت جدائل عيد العُرش)، السبت الذي يبشّر بقدوم عيد العُرش، لكن كل سامري يعرف أنّ قبل فرحة عيد العُرش، الكل ينتظر أيّام الثواب والعقاب في الشهر السابع، تسعة أيّام التوبة، سبت عشرة أيّام الاستغفار/الصفح (سليحوت) ويوم الغفران العظيم. في جعبتي الكثير من القصص عن أيّام العيد هذه، يعود بعضها إلى عهدنا نحن ويعود بعضها الآخر إلى عهد آبائنا، ولكن عليّ أن أقصّ عليك إحدى القصص التي لا يمكن الاستمرار في تسميتها قصة، بل عملا عجائبيًا رأيته بأمّ عينيّ هاتين.

أنتَ تعلم، في كنيسنا، حيثما تواجد، تُغطّي المقرمة [أنظر: حسيب شحادة، الترجمة العربية لتوراة السامريين، المجلد الأول: سفر التكوين وسفر الخروج. القدس: الأكاديمية الإسرائيلية للعلوم والآداب، ١٩٨٩، مثلا سفر الخروج ٢٦: ٣١؛ ٣٥: ١٢؛ ٣٩ :٣٤، ص. ٣٨٣، ٤٢١، ٤٤٣، في الترجمات العربية المسيحية الحديثة نجد: الحجاب؛ ويستعمل السامريون اليوم كلمة: الستِر، كما وافاني مشكورًا صديقي الكاهن عزيز بن يعقوب عزّي النابلسي] خِزانة القدس التي تحتوي على نسخَ التوراة القديمةَ. بين خِزانة القدس وبين المكان في ”المذبح/المنبر“، حيث يجلس الكاهن الأكبر والشمّاس الكاهن المسؤول عن الصلاة، هناك سِتارة كبيرة بعرض المذبح/المنبر. أثناء الصلاة، وفي الوقت المناسب يدخل الشمّاس عبر الستارة، ينزع المقرمة من على الخِزانة، ويُخرج من هناك سفر التوراة الملفوف بكساء حريري مطرّز بخيوط ذهبية. بعد ذلك يخرج الكاهن إلى جوق المصلّين وبيديه سفر التوراة، يرفعه وَفق ترتيب البركات والأقوال االواردة في الصلاة.

القصّة القصيرة التي أنوي سردها عليك، كنت شاهدَ عِيان فيها، حدثت في الكنيس القديم في نابلس، حيث اعتدنا الصلاة فيها أيضًا، بعد الهزّة الأرضية التي ضربت نابلس عام ١٩٢٧. لا أتذكّر بالضبط في أيّة سنة وقعت الهزّة، إلا أنّني أذكر السبت، سبت عشرة أيّام الاستغفار. بين قسمي صلاة هذا السبت، يرنّم الكاهن الأكبر أنشودة مليفوط [ترنيمة قصيرة ذات ستة أو سبعة أسطر تُتلى في سبوت الأعياد ويومي الغفران والعنصرة، لها نغمة خاصّة غنية بمقاطع معيّنة، أشكر الكاهن عزيز بن يعقوب على هذه الإضافة] وهي علامة نهاية القسم الأول المدعو: صلاة الصباح، وبداية القسم الثاني المسمّى صلاة الظُّهر. بما أنّ الأُنشودة مقتضبة فاقتباسها ممكن كما نظمها الحكيم الكبير، الراب ناجي بن خضر (أبيشع بن فنحاس) الربّان المسمّى بالمصنِّف:

الصلاة انتهت ببركة إلهنا، صلاة الظهر بدأت باسم إلهنا، عليّ أن أذكر من ألّفها لنا؛ إنهم الكهنة، الكبار أوائلنا، والشعب استمع لقولنا، حتّى القول بقلب خاضع بالخشوع باركنا؛ إلى الأبد من البداية إلى النهاية مبارك إلهنا.[في الأصل بالآرامية السامرية].

صوت غامض من وراء ستار/ستر القدس

عندما وصلنا إلى نهاية القسم الأوّل من الصلاة، وقف الكاهن الأكبر، توفيق بن خضر (متصليح بن فنحاس) لإنشاد المليفوط [كلمات من الحكمة النادرة] بقلم الربّان ناجي. نطق الكاهن السطر الأوّل همسًا بينه وبين نفسه، كالمعتاد بدون أن يُسمع صوته. وفي السطر الثاني المستهلّ بالكلمات ”بدأت صلاة الظهر“، أخذ صوت الكاهن بالارتفاع من مقطع لآخر. وتفاجأنا، نحن كلّ المصلّين، عندما أنهى الكاهن الأكبر بصوته العالي إنشادَ لفظة ”بدأت“، سُمع صوت هادىء جدًّا من وراء الستار، ومن وراء خزانة القدس قائلا: باسم إلهنا.

تابع الكاهن الأكبر إنشاد ”باسم إلهنا“ إذ أنّه ظنّ هو أيضًا، على ما يبدو، أنّ ما حدث أمر طارىء. لم يجرؤ أحد منّا فحص ما وراء الستار، طالما أن الكاهن الأكبر بعينه لا يقوم بذلك. لكن في ما بعد اتّضح أن لا مكان للخيال، فحينما أكمل الكاهن الأكبر توفيق إنشاد الكلمة ”إلهنا“ بترنيم متواصل بحسب طريقة النغمة. سُمع من جديد ذلك الصوت الهادىء جدًّا، مردّدًا الجزء الأوّل من السطر التالي: عليّ أن أذكر. الآن لم يبق في أفواهنا ما يقال؛ تابعنا الحادث بصمت مطبق (بلا حسّ ولا نسّ). هكذا حصل حتّى نهاية النشيد، ما أن يُنهي الكاهن الأكبر جزءً من السطر، حتى يسمع فورًا ذلك الصوت الهادىء العذب جدًّا مرنمًا الجزء التالي.

الصلاة تبدأ بـ ”مبارك إلهنا“ وفي آخر النشيد، رنّم الكاهن هذه الصلاة القصيرة: مبارك إلهنا، وممجَّد إلهنا، وتعالى إلهنا، مقدّس إلهنا، الذي قوّته في السماء وفي الأرض يتبارك، لا قوّة قائمة إلا قوّته، ولا يُعمل كأعماله، مبارك هو تعالى، مبارك إلهنا إلى الأبد ومبارك اسمه سرمدا، لا يوجد كإله شعب إسرائيل، سبحان الله، لا إله إلا واحد، الله إله رحمان رحيم [في الأصل بالآرامية السامرية]. عندها ردّ عليه جوق المصلّين بالصلاة العامّة التالية: الله ملك والعالَم شاهد، الله يملك سرمدا، وتتمّتها في الكلمات الأولى من صلاة السبت والعيد.

الغموض استمرّ

حينما ردّ جوق المصلّين على إنشاد الكاهن، تقدّم الكاهن الأكبر توفيق نحو الستار ببطىء والخشوع الجمّ بادٍ في عينيه. كانت لديه جرأة كافية للكشف عن مصدر الصوت. أزاح الكاهن بيده الستار المائل إلى الاخضرار، ولم يُرَ شخص، مع هذا لم يجفل الكاهن، خطا نحو خزانة القدس، ثنى عنها المقرمة، لا شيء هناك أيضا. فتح الخِزانة، سُمعت صيحات من زوايا القاعة في خلال الصلاة. استجاب الكاهن للصائحين. فجأةً، وجدتُ نفسي مشاركًا معهم في الصياح. فتح ببطء أبواب الحزانة لعلّ السرّ ينكشف هناك. لا شيءَ سوى أسفار التوراة العتيقة.

أدرك الكاهن الأكبر توفيق، وهكذا قال لنا بعد ذلك، أن يد الله في الأمر، لتدلّ على أنّ صلاتنا استجيبت، وانطبق قول ملكي صيدق ملك سالم إلى إبراهيم علينا: الله معك في كل ما انت صانع [سفر التكوين ٢١: ٢٢، أنظر حسيب شحادة المذكور أعلاه، ص. ٩٣] وقيل أيضًا: والله هو السائر بين يديك وهو يكون معك [سفر التثنية ٣١: ٨، أنظر حسيب شحادة المذكور أعلاه، المجلد الثاني: سفر اللاويين، سفر العدد وسفر تثنية الاشتراع، ٢٠٠١، ص. ٥٩٧].

هذا ما سمعته ورأيته بأمّ أُذنيّ وعينيّ، في الكنيس العتيق في نابلس.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرات على -من عارة وعرعرة ريشتي-
- أصوات غامضة في كنيس حولون
- حٍكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال (ش)
- ثلاث توراوات مسروقة جددت صداقة
- سبعة أضعاف مقابل الخدمة الجيدة
- أقوالُ زعماءَ يهود عن العرب
- حِكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال
- الصداقة المكتسبة بالشجاعة
- كتب عوّاد الثلاثة الأخيرة
- أب وابن
- الضيف الغريب من نابلس
- أقوال، أمثال وحِكم في كل مجال (ز)
- لأنّ الإنسان شجرة الحقل
- الجبل والثلج لحسن إبراهيم عثمان الصفافي
- أبو شمط الرشيق
- نور الشعر في ظلام الكنيس
- نافذة على الشاعر سليمان بن الشيخ حسن الغزّي
- بيت تبنيه ولا تسكن فيه
- عبارات وأمثال عربية فلسطينية في كتاب هيلما غرانكفست
- حِكم، أقوال وأمثال في كل مجال (ر)


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - أعمال عجائبية في الكنيس