أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - بين التدين والألحاد صراع وأنخراط ح1















المزيد.....

بين التدين والألحاد صراع وأنخراط ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5685 - 2017 / 11 / 1 - 02:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صراع وأنخراط
أصل الصراع الوجودي الذي يعيشه إنسان اليوم وبمنتهى الجرأة هو صراعه مع الدين كطرف حاكم ومع الطبيعة كطرف متجبر، وخياره بين الخضوع لهما والتطبع تحت سطوة الخوف والرغبة وبين أصله الطبيعي الباحث عن التفلت عن الضابط وأستسهال الحياة بما يعرف باللا مسئولية الطبيعية (الحرية الطبيعية), هذا الصراع الذي لا ينتهي هو مجرد البداية التي تجر ورائها الكثير من الإشكاليات التي لم يتعرض لها كائن في الوجود غير الإنسان، لأنه يحمل بين تراكيب تكوينه علة لا تنتهي في إثارة القلق الفكري وترسم له أثر كل سؤال حيرة وتأخذه كل مجال يضعه بين ما هو كائن وما هو مفهوم، أمامه فسحة تكبر كلما أكتشف مقدار من العلم لتضيق عليه الحرية التي يتمتع بها مؤقتا مع كل أكتشاف جديد .
فهو يريد واقعا بمقاساته الذاتية والدين يريد فرض خياراته الوجودية والطبيعة تفرض أحكام بدية تتناسب مع قدرته على إدارة الوجود وسعة تدبيره لوسائل الفهم والتكيف معها، ولكنها تصبح عدوة أو نقيض لا يحتمل إن لم يستطيع إدراك مفاتيح اللعبة ويسيطر بعقله على عالم المجهول والمغيب منه تحديدا بالعلل، أو بالأسباب ,فعاش مشتتا بين صراع متعدد الواجهات وتنازع إرادات متعارضة، كل منها تعده بشيء جميل وتحرمه من شيء أجمل وتكشف عن وجهها الغاضب في حالة عدم الإمتثال, هنا الإنسان يريد الحياة الممتعة بدون ألتزامات تحد من تفلته عن الضبط ويرغب بالجنة ويتمنى أن تكون الطبيعة أكثر كرما معه في عطاء الوجود وتمنحه فرصة أطول للتمتع فيها .
هذه الأمنية سهلة الأفتراض ولكنها صعبة التحقق فكلما تعرف الإنسان على قواعد النزاع والتنازع والصراع وأدرك حدود طاقته ومقدار الفعل الذي يمنحه مساحة أكبر في المناورة والأنتقال، صار بمقدره أن يتجنب الكثير من الخسائر وحالات الفشل, هنا عليه أن يكون مهيأ بالدوام على أن يكون مراقبا وملاحظا ومنتقدا وخالقا ما يمكنه أن يدافع عن وجوده, هذه الحالية تستوجب منه أن يكون ذا فاعلية عقلية لا تحد بحدود ولا تقف عند حاجز العجز أو عدم المقدرة، لأنه بذلك أيضا يعلن فشله وأنزواءه على أن يصبح لاعب كوني مهم، ويتحول إلى مجرد وسيلة بيد لاعبين أخرين هم من يحدد مصيره وسيرورته الوجوديه، ولكونه في جزء من حالاته الواعية يرفض هذه النتيجة خاض غمار البحث والنقد والاكتشاف والخلق.
في قضية الصراع الأول نجد أن الله تعالى ومن خلال مفاهيم الدين واصولياته، أنه سيكون وبقرار تدبيري وجعلي أن يكون مراقبا لمجريات الصراع الثنيوي بين الإنسان والشيطان بأعتبارهما العدويين الأبدين، إنما أراد أن يثبت جملة من الوقائع وخطوط من تناقضات ستكون بؤرة هذا الصراع وجوهره فمثلا نقرأ من النص التالي( قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين), هذه الوقائع تتركز في قضية مهمة أن الله سيكون حياديا تاما في هذا الصراع وليس موجها ولا متدخلا مع أحد أو ضد أحد, وعلى كل من الطرفين أن يتعلم كيفية إداء عملية إدارته وفقا لما سيأتيهم لاحقا سواء أكان ذلك بالمنقول عنه أو بما موجود في العالم الجديد الذي سيكون محلا للصراع.
وبالتالي فكلاهما مسئول أولا عما يتخذ من قرار ومسئول أيضا عن تدبير عملية البقاء كي لا تنتهي العملية قبل تحقق المراد الذي حدث الصراع من اجله أو بسببه، الواقعة الثانية التي أراد الله منها أن تكون علامة ثابتة ومصيرية في حياتهم أن الأرض وليس غيرها بما تحمل من أبعاد فلكية، هي الوعد زمانا ومكانا وحالا وبالتالي لا يمكن تصور أن يكون هناك محلا أخر أو أفتراض محل أخر للتنازع والصراع، لا في الزمن أيضا ولا في الحال بعبارة الحياة والموت والبعث (قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون)، هذا يقودنا لتساؤل حقيقي في قضية بعيدة نوعما عن التفكير المبسط والتسليمي ولو أنها لا تشكل علامة فارقة، وهي الحالات التي يرفع فيها البعض من الإنسان خارج حدود الأرض كما في إدريس وعيسى والخضر والشهداء الذين وصفهم الله تعالى في الأحياء عند ربهم, هل سيكونوا في حل من إشكاليات هذا الصراع ومشاهده كمثال توكيدي على جوهر الصراع.
الموضوع الثالث والأهم ألم يكن هناك حل أخر قد يكون تصالحيا أو توفيقيا بين طرفي نقيض؟، في حالة حدوثه نتيجة إنفعالات الأنا ويمكن معها تجب الآدمية هذا المصير المهلك، أم أن من مجريات الرؤية الكونية السابقة للخلق والجعل أنها ستكون بهذا الترتيب لغرض الوصول لنتائج علية أو سببية يكون فيها الإنسان موضوع الأمتحان والحساب؟ لغرض تعليمه أن الوجود فرصة له ليفوز على خصم يتمتع بإمكانيات ومقدرات أقوى وأمضى وبذلك يهيئ الإنسان إلى السعي الأبدي للكمال النفسي مما يحقق معه هدفية الخلق، بمعنى تحقق قضية الخلافة في الأرض مع النظر إلى قضية سابقة لوقوع الخلاف، ألا وهي قرار الخالق أن يجعل في الأرض خليفة, فتكون القضية أساسا مفتعلة وجعلية وليست من سياقات الطبيعة التكوينية للشيطان والإنسان معا .
أيضا علينا أن نستخرج من مفهوم النص وقصديته أن هذا الصراع الأبدي محكوم بقوانين مسبقة، منها ما صاغه الله ومنها ما تصيغه حركة الصراع ذاته ,في المجال الأول أن الله برغم من حياديته في الصراع لكنه سيكون حاضرا في جزئيات وتدخلات حساسة لا تكون بديلا عن العنصر البشري، ولكنها ستكون داعمه له في حال أن الإنسان كان جادا وصادقا ومتوافقا مع هدفية الصراع, (إن تنصروا الله ينصركم) والله من المعروف العقلي والنقلي ليس في حالة صراع وبحاجة لمن يقدم له المساعدة، ولكنه سيكون مساند لمن يسعى لتحقيق النتيجة التي أرادها من وراء هذا المشهد التنازعي، والذي يقوم على منح الإنسان صفة الخلافة ليتغلب على عنصر الإفساد ومن ثم تحقيق الهدف الغائي من وجوده .
نقطة مهمة وجديرة في الإهتمام وكثيرا ما تساءل عن جدوى عدم معالجتها بالطرق الربانية وهي أصلا من أختصاصها وليس من أختصاص البشر, لو أراد الله حقيقة أن يكون الإنسان مجرد خليفة ليعمر ويبني ويستعمر الأرض بدون أن يدخله في صراعات تؤدي إلى أستنزاف جهده البدني والعقلي، كما تستنزف منه فرصة التمتع بالمنجز الوظيفي من خلال إبعاد عنصر الشيطان أو تخفيف حدة المزاحمة, الحقيقة التي يطرحها الفكر الديني ملخصها (أن التنازع وإن كان قاسيا ومؤلما أحيانيا وقد يكون كارثيا، لكنه يبقى جوهر الحركة الوجودية) بناء على كيفية التركيب الكوني للنظام الوجودي أصلا, ولولا حقيقة التناقض والتنافس بين المتنازعات على الأستحواذ لما وجدت حرية ومشروعية الحركة، وهذه الحقيقة واحدة من منطلقات وحقائق قوانين علم الفيزياء الحركية .
مثلا وتتابعا مع مقولة الفكر الديني كان الرب يرسل الأنبياء كي يساعدوا الإنسان في وضع قواعد النظام الأجتماعي والتشريعي بأفضل صورة من خلال المحددات التي يأمر بها أو يرشد عليها, وعندما أكتشف أنهم لم يعودوا بحاجة لمن يرشدهم وصار البشر يستطيعون منافسة الأنبياء في هذه الوظيفة وأبتدعوا عشرات الأديان, قرر الرب أن يرسل لهم المزيد من الشياطين كي تساعدهم أيضا في إفساد حياتهم، مما يعني المزيد من حالات الصراع والمزيد من النتائج التي ترهقه في وجوده بعملية مشتركة بينه وبين الرب.
الفكر الديني والدين عموما يضع الإنسان على رأس طرق النزاع الأولي والمستمر مع الشيطان عدوه التقليدي، وبالتالي فكل تمسك بالدين وأنخراط في مقولاته وتحكماته يتبع تلقائيا الأنخراط التام والكلي في هذا الصراع، ليس لأنه مختار هذا الصراع ومنشد له لأسبابه الخاصة، ولكن لأن الرب أراد ذلك وما علينا إلا التسليم به والموافقة على قوانينه ونتائجه.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين التدين والألحاد صراع وأنخراط ح2
- الألحاد واللا دينية
- الدين والضرورة ح1
- الدين والضرورة ح2
- الإنسان المعاصر بين التدين والألحاد
- الدين والإنسان الأول
- شكر وأعتذار
- الأستثمار السياسي لمفهوم القوة في العلاقات الدولية
- نهاية الصبر_ فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)
- ترميم الصورة _فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)
- هنا البصرة الجرح الذي لا يموت، فصل من روايتي (حين يحزن القمر ...
- الطائر الصاعد .... فصل من روايتي (حين يحزن القمر)
- الحرية الفردية وإشكالات المعنى والدلالة
- الحرية الفردية وإشكاليات المعنى والدلالة
- فصل أخر من روايتي (حين يحزن القمر)
- فوبيا الظلم والمظلومية
- فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)
- فصل من روايتي (حين يحزن القمر)
- لعبة القتل الحميد.......!
- فصل من روايتي (أيام الفردوس)


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - بين التدين والألحاد صراع وأنخراط ح1