أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم مشارة - الناي والأحزان














المزيد.....

الناي والأحزان


إبراهيم مشارة

الحوار المتمدن-العدد: 5665 - 2017 / 10 / 10 - 19:03
المحور: الادب والفن
    


هوامش على قصيدة جبران "المواكب" وغناء السيدة فيروز
أعطني الناي وغنِّ .. فالغنا سرّ الخلود
وأنين الناي يبقى .. بعد أن يفنى الوجود
وجد الناي يوم وجد الحزن في جوى كل إنسان،قصبة قصية على ضفاف وادي مر بها راع متوحد اخترمها ثقبها بعدد ثقوب نفسه ثم انتحى بها مكان قصيا تحت زعرورة جرداء عجفاء وأرسل أول صوت حنين شجي رمادي حين سمع القطيع ذلك الصوت لم يأبه له إلا عنزة كانت قد فقدت جديها افترسه ذئب عرفت لوعة الفقد والحزن لكن لم تعرف كيف تثغو به ليتميز عن بقية ثغاء الماعز حين سمعت الناي صاحت كما صاح أرخميدس في حوض الحمام أوريكا أوريكا وجدتها وجدتها هذا ما كنت أبحث عنه اكتشف أرخميدس قانون الطفو فخرج عاريا يصيح في شوارع أثينا واكتشفت المعزى قانون الوجود الذات المتألمة.
من ذلك اليوم وهي مدمنة على سماع ذلك الصوت كل زوال وكل أصيل تقترب من الزعرورة الجرداء لتسمع ذلك الصوت المتوحد الغامض المنساب في الفضاء على ظهور نسمات الهواء ليلامس شغاف كل قلب حزين.
سأل الراعي القصبة:- لم تنقلين الصوت هكذا حزينا أكثر من اللازم ما أردت ذلك ؟
ردت القصبة:- حزنك وحزني اجتمعا فجاء الصوت هكذا حزينا !
قال الراعي:- لا أنكر أني حزين منذ عشت في رحاب الطبيعة بينكم معشر الماعز اكتسبت أخلاقكم وأخلاق الطبيعة كنت أتامل في الموت والحياة والأبد والأزل والروح والجسد ولكن ضرورة الحياة الاجتماعية تلقي بي في خضم الأخلاق الاجتماعية البشرية :
الرياء مقابل العفوية والعطاء مقابل الأنانية والبساطة مقابل التكلف والفطرة مقابل السلطة.
- ولم أنت حزينة؟ سأل الراعي
- لأني كنت متوحدة منذ سمعت ذلك الشاعر الأعمى يقول:
توحد فإن الله ربك واحد** ولا ترغبن في عشرة الرؤساء
أبيت الاندغام مع القصب حين ترى القصب من بعيد لا تميز واحدة كله متشابه أنا مثلا علي نقطة سوداء ميتة لا تراها من بعيد ولكنها كانت مؤلمة لي لأنها لا تتغذى لا يصل الماء إليها لذا انتحيت مكانا قصيا لأشعر الآخرين بإنيتي بكينونتي بمشكلتي. أريد من يتحدث عني لا عن القصب ككل يشير إلي لا إلى القصب ذلك الجبل حيت تراه من بعيد شماريخ مبهجة للعين ولكن وسط الجبل يكمن راهب وقاطع طريق وبقايا جيفة وزهرة عوسج الاندماج يفقدك خصوصيتك ستصبح رقما بدل ذات مستقلة. الجحيم هم الآخرون والنعيم هم الآخرون أيضا عش منفصلا متصلا ومتصلا منفصلا بقدر التزامك بضرورة الحياة الاجتماعية، والتزامك الاخلاقي وماعدا ذلك لا تلفت لأحد ولا تبال بأحد فكثير من الأعراف مطبوعة بطابع الرياء والتصنع والمباهاة والتسلط ولذة العبودية وأصفادها والانتحار الأحمق قي التقليد.
من أجل ذلك صار الناي شعار المتوحد لا يقبل الاندغام مع الآلات الموسيقية ، كل الآلات تسير إلى تحسين وتعديل وتطوير وبعضها إلى زوال إلا هو كالفطرة كالحليب لا يقبل تعديلا ولا تحسينا بسيط بساطة الأرض المغبرة الرحبة حنون حنو الأبجدية إلى سيدها من ينتشلها من وحدتها ويجمع بينها يعقد زفافا بين حروفها على إيقاع ذلك الناي وتتناسل الأحزان وأصوات الناي ومعاني الحروف بعد أن صارت كلمات ليست كالكلمات منها شعر ذلك الشاعر وبلاغة ذلك الكاتب.
ميراث الألم يقتسمه أصحاب العقول والقلوب التركة للأكثر رهافة حس ، حظ الإثنين لمن رهف حسه أكثر لا ذكورة ولا أنوثة في هذه الفريضة من تلك التركة ومنها ينعم الناس بالغناء ويترنحون طربا للمغنية وهي تغني لأبي فراس:
بلى إني مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لا يذاع له ســـــــر
إذا اليل أضواني بسطت يد الهوى
وأذللت دمعا من خلائقه الكبــــــر
مع أنه ألم ومن تلك التركة بالذات !
ويسعد القارئ وهويتصفح بمتعة القراءة آنا كارنينا ومدام بوفاري وأحدب نوتردام والعجوز والبحر والخبز الحافي ولكن الخيط الوحيد لذي يجمعها الألم فمن رحمه يولد الابداع حتى أن القائل قال:
إن الشقاء سلم إلى السما
فعدن ميراث لمن تألما

لا ينبغ عادة أبناء الاغنياء ولا الوجهاء فالعادة أن يتبلد حسهم وتنشط غرائزهم بفعل النعمة ولن يكون منهم لا عالم ولا شاعر ولا فنان عظيم لقد وفتهم النعمة حقهم متاع الحياة الدنيا بينما ينبغ الفقراء فمنهم العالم والشاعر والفنان وفي مسار كل واحد قصة ألم حتى الأنبياء كان لهم نصيبهم من تركة الألم .
حين التقى قيس بليلى قالت له ألست القائل:
أصلي فما أدري إذا ما ذكرتهـــا
اثنتين صليت الضحى أم ثمانيا؟
وما بي إشراك ولكن حبــــــــــها
كعود الشجا أعيا الطبيب المداويا
قال: بلى
من أجل أن تقول وتقول متعنتا في البعاد والحرمان وفي ألمه لو تزوجتني ما وجدت شيئا كثيرا ستمل لقمة عيش وعيال وأصهار والتزامات وروتين عش مجنونا ومحروما وأنا كذلك وللناس روعة ذلك الشعر وخلودنا معا إنها الضريبة على القيمة المضافة.
ومن أجل ذلك ذهب بجماليون إلى كبير الآلهة يسأله أن يرد المرأة تمثالا يريد خيالا وألما ليعيش ويبدع تماثيل أخرى.
مازلت المعزى كل مساء تنجذب إلى صوت الناي حين يعزفه الراعي تترك القطيع وتقترب من الزعرورة لتسمع ماينقله الناي من ألمها الجواني ، وحتى الشمس ألفت في مسارها اليومي ذلك العزف وحتى القمر والنجوم والزعرورة والكون كله يتراقص على صوت ذلك الناي.



#إبراهيم_مشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوت أبي العلاء الاشتراكي
- عشر قصص قصيرة جدا
- الشريحة
- الكاتب الجيد يصنعه قارئ جيد وناقد جيد
- أي شيئ في العيد أهديكم؟
- كائنات الليل
- مذاق الكرز في فمي
- الكتابة بلون اللازورد:
- دز جوكر وأزمة النخبة في الجزائر
- مبارك جلواح رائد الشعر الرومانسي في الجزائر
- ياليلة العيد آنستينا
- الدين في خدمة الاستعمار قصة نشأة مسجد باريس
- عبق الإباء من قمم جرجرة زيارة لضريح الزعيم حسين آيت احمد
- جمهورية مونمارتر
- عام في صحبة الدكتور علي شريعتي
- حكايات الميترو
- رسالة إلى أسير فلسطيني مروان البرغوثي مانديلا العرب
- دالية الحنين،عنقود الوفاء كأس العودة
- باقة ورد لكل عامل
- هوامش على متن أدب الرحلة سويسرا بعيون عربية


المزيد.....




- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم مشارة - الناي والأحزان