أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - التصعيد التركي والصمت الكردي!















المزيد.....

التصعيد التركي والصمت الكردي!


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 5652 - 2017 / 9 / 27 - 15:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




جاء استفتاء كردستان بمثابة هدية السماء بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لكي يصول ويجول دون رادع. كعادته أطلق أردوغان سلسلة من التصريحات النارية التي وصلت لحد التهجم شخصيا على حليفه "الحميم" رئيس الإقليم مسعود برزاني ووصفه بـ"الخائن" والتهديد علنا بالانتقام. في المقابل تُبدي أربيل حيال أنقرة "ضبطا للنفس" ملفتا للنظر، بينما ترد في نفس الوقت بحدة مبالغ فيها على أي تصريح من رئيس الورزاء العراقي حيدر العبادي ومسؤولين عراقيين آخرين ولا تتورع عن اتهامهم باعتماد "نهج حزب البعث" في التعامل مع الكرد. فما هو سر هذا العنجهية التركية والاعتدال الكردي؟ وهل هناك صفقات أو تفاهمات سرية تم خرقها كما يوحي به غضب أنقره العارم على رئيس الإقليم؟
من الملفت للنظر أن الحكومة التركية تزايد حتى على الحكومة العراقية عندما تتحدث عن ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية. بل وسرعان ما تزعمت- إعلاميا على الأقل- الجبهة الواسعة الرافضة للتصويت على استقلال كردستان العراق من خلال تبني مواقف أكثر عداونية وتزمتا من بغداد المعنية أولا بالاستفتاء وبمخاطره على وحدة البلاد وجهود مكافحة داعش. لم يكتف الرئيس التركي بإدانة الاستفتاء والتحذير من عواقبه على استقرار المنطقة، وإنما أقدم فورا على حرق جميع المراحل وذهب مباشرة إلى التلويح بطرح كل الخيارات وبما فيها التدخل العسكري وإغلاق الحدود وخنق إقليم كردستان اقتصاديا. صحيح أن سلطان أنقرة الجديد غير معروف بدبلوماسيته، لكن لهجة تصريحاته الأخيرة تنطوي على إهانات مباشرة بحق القيادة الكردية والشعب الكردي. فقد حذر الرئيس التركي من أن أكراد العراق "سيتضورون جوعا" إذا ما قررت تركيا منع مرور الشاحنات والنفط عبر حدودها مع شمال العراق. وبطبيعة الحال فإن مثل هذه التصريحات لا توحي بوجود علاقات متكافئة بين حكومة الإقليم و"حليفها" التركي الأمر الذي يمثل ضربة قوية لفكرة الاستقلال التي تروج لها القيادة الكردية ويكشف عن فخ التبعية لتركيا الذي يمكن لكردستان العراق أن تنزلق فيه.
من المؤكد أن القيادة التركية تخشى من انتقال "عدوى" الاستفتاء ونزعات الاستقلال إلى أكراد تركيا الذي يمثلون الجزء الأكبر من الشعب الكردي. ومما يزيد من مخاوف أنقرة بتحول الحبر البنفسي الذي زيّن أصابع المقترعين الكرد إلى وقود لإشعال نار تحرق المنطقة برمتها هو حقيقة تخلي أردوغان عن اتفاق السلام الضمني مع حزب العمال الكردستاني واندلاع الصراع من جديد بين الجيش التركي والمقاتلين الأكراد في جنوب شرق البلاد. وكان من الواضح أن سكوت قيادة كردستان العراق على قمع أخوتهم في تركيا، هو بمثابة جزء من الثمن الذي يدفعه برزاني لاسترضاء تركيا والحصول على دعمها في الصراع مع بغداد. وقد ظهر ذلك بشكل جلي في الخلافات التركية-العراقية حول وجود القوات التركية في قاعدة بعشيقة قبيل انطلاق معركة تحرير الموصل في خريف عام 2016. في هذه الفترة وفّر مسعود برزاني وإلى جانبه أثيل النجيفي المحافظ السابق للموصل نوعا من الغطاء لتبرير التدخل العسكري التركي في العراق. لكن تلك المواقف لم تعد كافية بنظر سلطان أنقرة الذي يطالب الآن بانبطاح أكبر والاستسلام للطموحات الإقليمة لتركيا.
يبدو أن مسعود برزاني لم يقدر جيدا ردود الفعل التركية على أي خطوة يمكن أن تُفسر على أنها محاولة للانفصال. ومن اللافت أن أدروغان في تصريحاته الأخيرة يعزو غضبه العنيف على برزاني إلى أن الأخير لم "يتشاور" معه قبل اتخاذ قرار إجراء التصويت على الاستقلال في كردستان العراق. ويشير هذا إلى وجود نوع من التفاهمات أو الاتفاقات بين الطرفين. أما "منْ خان منْ" فسيبقى على الأرجح في علم الغيب. كما أنه لا يستبعد أن أردوغان استدرج برزاني للإقدام على خطوة غير محسوبة بهدف تضييق الخناق عليه وتكريس تبعية الإقليم سياسيا واقتصاديا لتركيا. وهذه يفسر ربما سر صمت أربيل على الإهانات التركية السافرة وتجنب الرد على تصريحات أردوغان المتغطرسة. من جانب آخر يأمل مسؤولون في أربيل بأن تكون هذه التصريحات مجرد "جعجعة بلا طحين"، خاصة وأن أردوغان لجأ في مناسبات عديدة للإدلاء بتصريحات استفزازية سرعان ما تراجع عنها. ويرى هؤلاء بأن تركيا لن تغامر باستثماراتها الكبيرة وبالسوق الهامة لسلعها في كردستان العراق وبعوائد مرور النفط المستخرج من الحقول الكردية وحقول كركوك عبر أراضيها. ووفق هذا المنطق السائد حاليا في الجانب الكردي فإن من الأنسب عدم إغضاب أردوغان والانحناء أمام العاصفة التركية أملا في أن تمر بسلام. لكن المؤشرات لا ترجح نجاح صفقة "نفط كركوك مقابل القبول بالاستقلال"، لا سيما وأن أربيل لا تملك الكثير من الأوراق في ظل التقارب العراقي-التركي-الإيراني الأخير في رفض الاستفتاء.
من جهة أخرى تنظر الحكومة العراقية بارتياح إلى الموقف التركي، بل وترى في اندفاع أردوغان في ازمة الاستفتاء فرصة لكي تتراجع بعض الشيء أملا في أن تدفع ردود الفعل الإقليمية العنيفة مسعود البرزاني لمراجعة حساباته. ضمن هذا التوجه تندرج بالتأكيد المهلة التي وضعها رئيس الورزاء العراقي حيدر العبادي لحكومة إقليم كردستان بتسليم المطارات للسلطات الاتحادية خلال ثلاثة أيام، وإلا ستواجه حظرا جويا دوليا. لكن العبادي يعرف جيدا بأن الحكومة التركية تذرف دموع التماسيح على السيادة العراقية لأنها لم تتردد في استغلال اي فرصة للتدخل السافر في شؤون العراق، كما حصل أثناء أزمة قاعدة بعشيقة وفي القصف المتكرر على مواقع حزب العمال الكردستاني في جبل قنديل وفي محاولة إظهار نفسها وكأنها القوة المدافعة عن التركمان في العراق. وفي كل الأحوال فإن الأحداث الأخيرة تبعث برسالة واضحة للجميع، الكرد والعرب والتركمان، وكذلك حكومة الإقليم والحكومة المركزية بأن التعويل على تركيا رهان خاسر لأن أردوغان لديه الآن طموحات إقليمية وربما دولية لا حدود لها ولن يتردد في التضحية بأقرب حلفائه.
غير أن الكرة الآن أصبحت في ملعب مسعود برزاني الذي أدخل نفسه والإقليم والبلاد في مأزق خطير. في أول خطاب له بعد الاستفتاء أقر برزاني ضمنيا بذلك عندما قال :"قد نواجه صعوبات ولكننا سننتصر". لكن شعارات الصمود والتصدي لن تنفع في تجاوز الأزمة الخطيرة، وإنما اعتماد خطوات ملموسة للتهدئة. وبغض النظر عن مآلات هذه الأزمة فإن من الواضح أن الرئيس الأبدي لإقليم كردستان غامر بمستقبله السياسي. ولا يستبعد أن يعود مسعود برزاني بعد الاستفتاء إلى "شعبه" كما صرح هو نفسه في مقابلة تلفزيونية قبل فترة قصيرة.



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كردستان: استفتاء أم استطلاع؟
- عراق ما قبل الانتخابات: اصطفافات جديدة فوق رمال متحركة!
- وسكتت الجزيرة عن الكلام المباح!
- عقلية الراعي والقطيع بين الماضي والحاضر
- مجلس .’’التآمر’’ الخليجي!
- الأزمة القطرية: وزراء عدل للبيع!
- اللغة التجارية في القرآن (2 / 2)
- اللغة التجارية في القرآن (1 / 2)
- ماذا لو غرقت قطر؟
- آمال الأوبك تتحطم على منصات النفط الصخري!
- قطرتتلقى درسا بليغا في الأخبار الملفقة!
- أغلى يوم في التاريخ!
- طريق الحرير مزروع بالألغام!
- عملات صعبة وحلول ’’سهلة’’!
- الاقتصاد السياسي للعنف
- لماذا يفوز الإسلام السياسي في العراق؟
- تشظي المشهد السياسي العراقي: المشكلة والحل!
- ماركس ’’العملاق’’ وماركس ’’الشاب’’
- ’’حرب الأرحام’’ تمتد إلى أوروبا!
- تركيا وأوروبا: توتر عابر أم نُذر مواجهة جديدة؟


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - التصعيد التركي والصمت الكردي!