أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - مجلس .’’التآمر’’ الخليجي!















المزيد.....

مجلس .’’التآمر’’ الخليجي!


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 5557 - 2017 / 6 / 20 - 14:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إثنان التزما الصمت حيال الأزمة القطرية: أمير قطر ومجلس التعاون الخليجي. الطرفان تصرفا حتى الآن وكأن القضية لا تعنيهما في مشهد عبثي جديد لمسرح اللامعقول السائد في المنطقة. هذا بحد ذاته تعبير مكثف عن مأزق الجانبين اللذين يعتبران من أكثر المعنيين بهذا الصراع والأكثر تأثرا به. وإذا كان أمير قطر تميم بن حمد قد أرجأ في آخر لحظة خطابه المنتظر وبطريقة كشفت إرتباكا في موقف بلاده، فإن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني لم يصرح لا سلبا وإيجابا عن الأزمة التي عصفت بالمجلس وتعامل معها وكأنها غير موجودة. ربما لأن بلاده البحرين طرف مباشر في الصراع الأمر الذي دفعه لتجاهل ليس فقط لوائح الاتحاد وإنما أيضا المنطق والعقل السليم. لكن صمت المجلس لم يعبر عن ضعف موقف أمينه العام بالدرجة الأولى، وإنما عن هشاشة الأسس التي يقوم عليها هذا البناء في مؤشر على أنه يعاني من نفس الأمرض التي ابتلت بها أشكال التعاون العربي المشترك خلال العقود الماضية.
حتى الآن كان مجلس التعاون الخليجي يعد التجربة الوحيدة الناجحة نسبيا في التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي بين عدد من البلدان العربية. فبعد التجارب "الوحدوية" البائسة والمفتعلة لجمال عبد الناصر وصدام حسين ومعمر القذافي بدا العرب وكأنهم قادرون بالفعل على التوصل إلى صيغة عملية ومفيدة للتقارب بعيدا عن الشعارت القومجية والإنشائية الكاذبة عن "الأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة". صحيح أن تأسيس المجلس في عام 1981 جاء بالدرجة الأولى نتيجة مخاوف أمنية في ظل الاضطربات التي أثارتها ثورة الخميني الإسلامية في إيران وسياسة تصدير الثورات واندلاع حرب الخليج الأولى بين الجارين العراق وإيران. لكن التركيز على الهموم الأمنية المشتركة لم يمنع التكتل من اتخاذ خطوات هامة على طريق تحسين التبادل التجاري وتنسيق السياسات الاقتصادية وصولا إلى تحقيق نوع من الاندماج بين دول المنطقة. وكان إقامة الاتحاد الجمركي الخليجي في عام 2002 إحدى أهم هذه الخطوات التي سمحت بتحقيق قفزة كبيرة في التجارة البينية للدول الأعضاء حيث تضاعف التبادل التجاري بينها إلى أكثر من ستة أضعاف ليصل إلى 115 مليار دولار في عام 2015. وإلى جانب تسهيل انسياب السلع سعت دول الخليج لتشجيع انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات المباشرة وضمان حرية تنقل الأفراد عبر الحدود بين الدول. ودفعت هذه النجاحات قادة الدول الخليجية للحلم بإقامة اتحاد خليجي واعتماد عملة مشتركة على غرار الاتحاد الأوروبي. لكن ترجمة هذه الأحلام إلى واقع معاش بالنسبة للمواطنيين الخليجيين اصطدمت منذ البداية بعقبات اقتصادية وسياسية وتاريخية. فقد كان من الواضح ان مزايا الاندماج والتكامل لن تكون كبيرة طالما أن هياكل اقتصادات الدول الأعضاء متشابهة ولا تكمل بعضها البعض الآخر. ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى حقيقة اعتماد هذه الدول بالدرجة الأولى على صادرات الطاقة من النفط والغاز.
لكن العقبة الأكبر التي حالت دون تطور المجلس تكمن في أن إجراءات التقارب والتعاون جاءت من فوق وبقرارات من قبل أنظمة تسلطية ودون أي مشاركة أو تفويض شعبي. فكل الدول الأعضاء تفتقر لحياة ديمقراطية حقيقية وتتحكم بصناعة القرار فيها عوائل تقليدية تحتكر مفاتيح السلطة والثروة. صحيح أن هناك تفاوتا في مساحة الحريات وفي درجة القمع بين السعودية والكويت أو قطر والإمارات، لكن قرارات تسريع التعاون أو إبطائه يخضع في كثير من الأحيان لأهواء ومزاج الملوك والأمراء والعلاقات الشخصية بينهم.
انعكس هذا الواقع بشكل مباشر على مؤسسات مجلس التعاون التي تفتقد إلى أي نوع من السيادة أو الاستقلال السياسي. بخلاف الاتحاد الأوروبي حيث تملك المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي والمحكمة الأوروبية صلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية محددة، تبدو مؤسسات مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها الأمانة العامة مجرد هياكل فارغة وعاجزة عمليا عن اتخاذ قرار مستقل دون الرجوع للحكومات الوطنية. ولم يحدث أن أبدت هذه المؤسسات أي اعتراض على قرارات الحكومات حتى لو كانت هذه القرارات تمس مبادئ العمل المشترك بشكل مباشر. وهذا يفسر أيضا سبب صمت الأمين العام الزياني وإحجامه عن التعليق على أخطر أزمة يواجها المجلس في تاريخه.
من جانب آخر يبدو أن مجلس التعاون الخليجي ورث أمراض الجامعة العربية وتقاليد قممها على مدى العقود الماضية، وفي مقدمتها سيادة روح الشك والتآمر بين قادة الدول وغياب الصراحة والشفافية والتظاهر بسياسة تبويس اللحى أمام الكاميرات. في كل القمم العربية يحرص القادة العرب على المجاملات الدبلوماسية وأن يحتضن بعضهم البعض الآخر علنا، بينما يخبأ البعض وراء ظهره خنجرا لطعن الآخر في أقرب فرصة. ولم يخرج هؤلاء القادة عن "نص" المسرحية المعدة سلفا إلا نادرا. من الواضح أن ملوك وأمراء الدول الخليجية يتذكرون تماما القمم العربية في خمسينات وستينات وسبيعنات القرن الماضي عندما كان عبد الناصر يفرض بحكم شعبيته الجارفة قرارت يرفضونها جملة وتفصيلا لأنها تتعارض مع مصالحهم ومبادئ سياستهم الخارجية. ولم ينسوا أيضا المليارات التي دفعوها تحت شعار "دعم صمود دول المواجهة" بينما كان نظام حافظ الأسد يوظفها لتقوية أجهزة نظامه القمعية بدلا من "تحرير" الجولان.
على نفس المنوال كان "التآمر" العنوان الأبرز للأزمة الخليجية الحالية حيث تنافس الجانبان في إلصاق تهم التآمر والتأليب والتخريب والتحريض والتدخل في الشؤون الداخلية بالطرف الآخر. مرارا أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تصريحاته وتغريداته أن "تآمر قطر موثق لدينا منذ سنوات" وأن "ممارسات النظام القطري تقوم على الكيد والتآمر على مدى سنوات طويلة". كما تصدرت وسائل الإعلام الممولة من السعودية والإمارات عناوين مثل: "وثائق سرية تفضح تآمر قطر" أو "تسريبات جديدة تكشف تآمر قطر". كما أسهبت قنوات العربية وسكاي نيوز عربية في عرض مكالمات قديمة منسوبة لأمير قطر السابق حمد بن خليفة ووزير خارجيتها السابق حمد بن جاسم تقول إنها تثبت تآمر القيادة القطرية مع طاغية ليبيا السابق والعدو اللدود للرياض معمر القذافي للعمل معا على تقسيم السعودية. بل وتحدث المستشار في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني عن مؤامرة لاغتيال العاهل السعودي الأسبق الملك عبد الله ولعب فيها كل من حمد بن خليفة ومعمر القذافي دور البطولة. في المقابل لم تدخر قناة الجزيرة القطرية جهدا لكي تقنع المشاهد العربي بأن "المؤامرة" التي نسجها "الأشقاء" ضد قطر تتألف من عدة فصول وبدأ أخطرها باختراق موقع وكالة الأنباء القطرية ونشر تصريحات "ملفقة" لأمير قطر. وبحسب الجزيرة فإن الطرف الآخر ممثلا في قناة العربية وسكاي نيوز عربية وغيرها كان مستعدا لشن حملة إعلامية معادية لقطر الأمر الذي يثبت وجود "نية مبيتة" و"تربص" للإساءة إلى قطر. غير أن الجزيرة نفسها تعتبر بحسب الطرف الآخر أحد أسلحة التآمر والتحريض الخطيرة التي وظفتها إمارة قطر بهدف إثارة الفوضى في الدول المجاورة.
لقد مر مجلس التعاون الخليجي خلال تاريخه بأزمات خطيرة ومنها عجزه عن الوقوف أمام احتلال صدام حسين للكويت عام 1990 والخلافات التي طفت على السطح مع قطر قبل أكثر من ثلاثة أعوام. لكنه الآن يواجه أزمة وجودية تعصف بكيانه ولن تنتهي حتى لو طُردت "الشقيقة" قطر قريبا من المجلس بتهمة "التآمر".



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة القطرية: وزراء عدل للبيع!
- اللغة التجارية في القرآن (2 / 2)
- اللغة التجارية في القرآن (1 / 2)
- ماذا لو غرقت قطر؟
- آمال الأوبك تتحطم على منصات النفط الصخري!
- قطرتتلقى درسا بليغا في الأخبار الملفقة!
- أغلى يوم في التاريخ!
- طريق الحرير مزروع بالألغام!
- عملات صعبة وحلول ’’سهلة’’!
- الاقتصاد السياسي للعنف
- لماذا يفوز الإسلام السياسي في العراق؟
- تشظي المشهد السياسي العراقي: المشكلة والحل!
- ماركس ’’العملاق’’ وماركس ’’الشاب’’
- ’’حرب الأرحام’’ تمتد إلى أوروبا!
- تركيا وأوروبا: توتر عابر أم نُذر مواجهة جديدة؟
- التيار الصدري ولعبة الحسابات الخفية!
- أردوغان يُكشر عن ’’أنيابه’’!
- اطلبوا الإصلاح ولو في مصر!
- ترامب: معركة شرسة مع الإعلام!
- انقلاب شباط: الثورة تُنجب حفاري قبرها!


المزيد.....




- ميغان ماركل تنشر فيديو -نادرا- لطفليها بمناسبة عيد الأب
- مصدر لـCNN: إيران تبلغ الوسطاء أنها لن تتفاوض مع أمريكا لحين ...
- منصة مصرية لإدارة الأمراض المزمنة والسمنة
- لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى ...
- إسرائيل تستشيط غضبًا بعد إغلاق أربعة أجنحة تابعة لها في معرض ...
- إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية وسط التصعيد م ...
- مفوض أممي يحث على إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة
- اكتشاف دور للسكر في حماية الدماغ من الشيخوخة
- طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد
- ما الذي يسبب العدوانية غير المنضبطة؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - مجلس .’’التآمر’’ الخليجي!