أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحاج علي - حكاية زهرة اللوز














المزيد.....

حكاية زهرة اللوز


احمد الحاج علي

الحوار المتمدن-العدد: 1462 - 2006 / 2 / 15 - 06:58
المحور: الادب والفن
    


حاولت زهرة اللوز النائمة داخل كأسها الورقي أن تتمطى فلم تستطع , حاولت مرة ثانية وثالثة ولم تنجح , كان الكأس يحيط بها من جميع الجهات , ويقيدها بقيده .
قالت زهرة اللوز لنفسها : إلى متى وأنا في هذا السجن الضيق , دفء الشمس يناديني ويدعوني إلى إبعاد الكسل , يكفيني من النوم ما نمت , وعلىَّ أن استجمع قواي وأمزق هذا الكأس الذي تحول إلى سجن .
سمع الكأس كلام الزهرة , فقهقه ضاحكاً , هىء هىء هىء : أيتها الزهرة أنت الآن مختبئة في بيت دافئ , لا تشاهدين ما حولك , ولا تحسين بشيء , فالهواء خارج بيتك ما زال بارداً , والبرق كالسياط يجلدني , ويطلب مني أن أحافظ عليك , وأشعة الشمس ضعيفة واهية كحلوى غزل البنات , ورفيقاتك زهرات اللوز , مازالت نائمة في كؤوسها تنتظر دفء الربيع , فإذا ما سمحت لك بالخروج من بيتك , فسوف تموتين من البرد دون حمايتي.
قالت زهرة اللوز للكأس الذي يحضنها : إني اشتاق إلى رؤية الأشياء حولي أريد أن أرى الشمس , تشع على الكون فاستحم بدفئها , تكفيني الأيام التي عشتها في العتمة .
وأريد أن امنح عطري للناس وللأطفال .
قال الكأس الورقي : أيتها الزهرة , إني احتمل البرد والرياح الهائجة , ومهمتي هي حمايتك من العواصف والصقيع والرياح الهوجاء , فتويجاتك مازالت ناعمة ورقيقة لا تستطيع العيش إلا في الدفء , فأنت لم تنضجين بعد , وأخاف عليك من الموت , انتظري أياما قليلة حتى ترق نسمات الربيع , ويهرب الصقيع إلى البلاد الباردة .
تضايقت زهرة اللوز من كلام الكأس وقالت غاضبة :
كل عام وفي مثل هذا الوقت , أحاول التخلص من قيودك , ودائماً تطلب مني الانتظار , وأنا اكره الانتظار , احتفظ أيها الكأس بنصائحك لوحدك , واتركني وشأني , فانا ارغب في التحرر من قيودك غصباً عنك .
أغلق الكأس أذنيه ولم يستجب لطلبها .
إلا أن زهرة اللوز , استجمعت قواها , وفردت نفسها , بنزق مبعدة الكأس عنها فبهرها ضوء الشمس , إلا أنها أحست بزهو الانتصار وقالت للكأس : دائماً أيها الكأس اطلب معك الحوار , وأنت تسدّ أذنيك , وتحتج ببرد الشتاء وحر الصيف ها انذا حرة من قيودك , فابتعد عني , فقد انتهى دورك , ثم تلفتت حولها .
كانت أشجار اللوز البنية عارية , والكؤوس العالقة ملتفة حول تويجات الأزهار , نائمة في سبات عميق, أما نسمات الهواء فباردة كأنها مرت على جبال من جليد , وأشعة الشمس ضعيفة ذابلة كزهرة منثور عطشى , وفي السماء انتشرت قطع من الغيوم الرمادية بأشكال وحوش أسطورية , والأرض كانت خالية صامتة , لا تسمع دبيب حشرة , ولا زقزقة عصفور, ولا خوار بقرة .
أحست زهرة اللوز بالبرد والوحدة , فلمت توجاتها وقالت : لا متعة في الحياة بدون ثمن .
كانت أزهار اللوز المختبئة في كؤوسها , تنصت بصمت لحوار الزهرة مع كأسها الورقي , وسمعت ما قالته زهرة اللوز لنفسها , فدفعها الفضول لترى الزهرة الجريئة , فأطلت برؤوسها , لترى زهرة لوز بيضاء بعروق حمراء , متفتحة كنجمة , وسط أشجار اللوز العارية , فهتفت بصوت مخنوق : لتحيا اختنا البطلة . لتحيا اختنا البطلة .
كزت زهرة اللوز المتفتحة المشعة كماسة على أسنانها , وقالت غاضبة .
لا أريد صراخاً. لا أريد ضجيجاً , كفى كذباً , أريد منكم عملاً وعطاء , تضامنوا معي, وكسروا قيودكم لنصنع مع بعضنا ربيعاً " الزهرة الواحدة لا تصنع ربيعاً " .
استجابت أزهار اللوز لدعوة أختها الزهرة , ويوماً بعد يوم , بدأت تمزق الكؤوس الحمراء التي حولها , وتفتحت تويجاتها المرشوشة بالعطر , لتصنع ربيعاً .



#احمد_الحاج_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار : حكاية كلمة مع الاستبداد
- الحمامة
- ثقب في السور
- حكاية الدب الذي غلبه أبو فهد في المباطحة


المزيد.....




- هل باستطاعة القرود طبع أعمال شكسبير الأدبية؟
- ترامب أم هاريس؟..من يحظى بدعم أكبر من المشاهير وهل تؤثر -لاي ...
- معركة طوفان الأقصى.. كتابٌ يزخر بالتحليلات السياسية والاسترا ...
- “إلــعب واتعلــم” استقبل الآنـ تردد قناة عمو يزيد 2024 على ن ...
- هولندا.. تفجير متحف للفنون الجميلة وسرقة لوحتين لرسام شهير
- بعد 156 عاما.. إثيوبيا تستعيد تحفة تاريخية تراثية من بريطاني ...
- -القوة ليست في القوة، القوة في الحب-.. موسكو تستضيف -قراءات ...
- ثبت الآن التردد الجديد 2024 لقناة روتانا كوميدي على القمر ال ...
- قائد الثورة الاسلامية:الاستكبار يعني السلطة الاقتصادية والعس ...
- ثلاثة أجيال تحت جسر الرئيس.. عمل روائي يؤرخ للثورة السورية


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحاج علي - حكاية زهرة اللوز