أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - مأزق حزب الله















المزيد.....

مأزق حزب الله


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 1460 - 2006 / 2 / 13 - 10:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوضع الراهن يبدو أن حزب الله يُقاد إلى مأزق عميق، نتيجة التغيّرات الإستراتيجية في إطار الجغرافيا السياسية المحيطة، على ضوء التغيّر العالمي الهائل، و ميل الدولة الأميركية إلى السيطرة، و إعادة بناء النظام العالمي وفق مصالحها. بما يعني إنهاء كلّ البؤر المتمرّدة، أو التي لا تتوافق مع الرؤية الجديدة. و بالتالي، و بعد إحتلال العراق، أصبح مطروحاً تغيير الوضع في سوريا و لبنان في الإطار ذاته ( و لكن دون إحتلال )، عبْر " إعادة تأسيس " النظامين في إطار الرؤية الأميركية ( التي تعبّر عنها صيغة النظام السياسي الذي يتشكّل في العراق ).
في هذا الوضع يصبح وضع حزب الله حرجاً، لأن المواجهة أكبر من قدراته. كما أن تكيّفه مع الوضع الجديد لن يكون سهلاً.
فقد تأسّس حزب الله كحزب شيعي، لكنه نشط كقوّة مقاومة ضد الإحتلال الصهيوني للجنوب اللبناني، و بدا أنه إستمرار لجبهة المقاومة اللبنانية ( اليسارية )، رغم حساسية العلاقة التي نشأت بينهما في المرحلة التي بدأ نشاطه فيها، بل رغم التناقض الذي كان يحكم هذه العلاقة، من زاوية الصراع بين الدين و اليسار، أو بين الأصولية الدينية و اليسار. لكنه أصبح في الأخير ممثّل المقاومة و رائدها، خصوصاً بعد الإنسحاب الصهيوني الذي بدا كهزيمة لجيش كان يُعتبر أنه " لا يُقهر ".
و لاشكّ في أن خروجه منتصراً في هذه الحرب، جعل منه قوّة لبنانية كبيرة، بدت أنها أكبر من حجم محدودية إنتمائه الشيعي. الأمر الذي جعل وضعه في المعادلات اللبنانية الداخلية مربكاً، و هو إرباك ناتج عن التفارق بين كونه قوّة مقاومة تحظى بدعم لبنانيّ عام، و بين كونه قوّة شيعية فقط، يتحدّد وضعها في المعادلة اللبنانية إنطلاقاً من حجم الشيعة العددي في التكوين اللبناني. هذا الوضع جعل قوّته الواقعية أكبر بكثير من قدرته على التأثير في التكوين السياسي اللبناني.
و رغم أنه لم يشأ المشاركة في الحكومات اللبنانية ( إلا الأخيرة )، فإن وجوده في البرلمان ظلّ ضمن الحدود الممكنة في إطار معادلات الطائفة الشيعية فقط، الأمر الذي جعل تأثيره في النظام السياسي محدوداً، و يرتبط في الغالب في الجانب المعنوي لدوره المقاوم، لكن دون أن يُسهم في تقرير سياسات. و بالتالي فإنه لا يستطيع أن يُخضع الدولة اللبنانية لمشروعه، و في الوقت نفسه لا تستطيع الدولة اللبنانية إخضاعه لسلطتها. و الميل لحرب أهلية سواء بدأت من قِبل الدولة ( أو أيٍّ من أطرافها )، أو من قِبل الحزب، لن تقود إلى إنتصار، بل ستفضي إلى تدمير هائل يطال كلّ لبنان.
هذا المأزق ظهر واضحاً منذ الإنسحاب الصهيوني، و هو مستمرّ. و لقد " أُخفي " عبْر السيطرة السورية على لبنان، التي كان حزب الله أحد " حلفائها " ( أو أدواتها في الصراع الإقليمي )، و التي فرضت سلطة تعطي الشرعية لحزب الله بوجوده المسلّح المستقلّ عن الدولة، و عبْر سيطرته التامة على الجنوب. و كانت المعادلة العامة المفروضة هي لمصلحة هذا الحزب. لكن الإنسحاب السوري، و تغيير معادلة السلطة في لبنان لغير مصلحة النظام السوري، أوضح إشكالية وضع حزب الله، و حدود قدرته، و أشار إلى " القيد " الذي يفرضه الطابع الشيعي للحزب على أهدافه و قدرته العملية. حيث أن طائفة مهما كانت قوّتها لا تستطيع السيطرة على بلد متعدِّد الطوائف و الأديان. و أن القيمة المعنوية التي تبلورت عبْر الدور المقاوم تصطدم بحدود التكوين الطائفي مما يقلِّل من فِعلها، و يقلّص من قدرتها على إستقطاب قطاعات واسعة فوق طائفية، داعمة للمقاومة. في الوقت الذي تتحوّل فيه تلك القوّة إلى مشكلة في إطار التكوين السياسي الجديد للنظام اللبناني، دون أن تؤثّر في طابعه، على العكس فهي في هذا المجال تتوضّح كجزء طبيعي من هذا التكوين، لآنها تمثّل طائفة في إطار نظام يقوم على " المحاصصة الطائفية ".
و إذا كان الحزب يشير إلى فلسطين، و يعتبر أن لديه طموح في الصراع ضد المشروع الصهيوني، دون أن يجهر بذلك، فإن مزارع شبعا هي المبرِّر الوحيد لإستمرار وجوده المسلّح، و لإستقلاليته العسكرية عن الدولة اللبنانية، رغم الإختلاف الدولي حول مزارع شبعا. حيث سوف يؤدي الحسم الدولي بـ " لا لبنانية " هذه المزارع، أو إعادتها إلى لبنان، إلى الدخول المباشر في المأزق. ليصبح قوّة مسلحة تمثّل طائفة معيّنة، لا هدف لها إلا التعبير السياسي عن هذه الطائفة. مما يجعل السلاح عبئاً لأنْ لا مبرِّر له، ما دام الحزب لا يستطيع الجهر بأن له هدف آخر يبرِّر حمله السلاح ( أيّ فلسطين )، و إذا ما جهر فسيصبح خارج الشرعية اللبنانية لأن النظام المعقّد الذي تشكّل في المجالين الإقليمي و الدولي يجعل هذه الخطوة " غير شرعية "، حيث أصبحت " الدولة القطرية " هي أساس العلاقات الإقليمية المدعّمة من النظام الدولي، و من هذا الأساس أخذ الحزب شرعيته الإقليمية و الدولية كونه يعمل على إسترجاع الجنوب اللبناني. و هو ما يؤكّده في سياق حربه في مزارع شبعا، رغم إختلاف النظام الدولي معه على ذلك.
ما يبدو هنا أن الحدود الطائفية أصبحت عائقاً أمام إستثمار الحزب لإنتصاره في الجنوب، و للقيمة المعنوية التي بات يمتلكها. فهو لا يستطيع إستثمار هذه القيمة المعنوية من أجل إعادة صياغة الدولة اللبنانية في سياق مشروع مقاوم، و يهدف للنضال من أجل فلسطين. و هذا الوضع يضع الحزب في مأزق كبير، خصوصاً بعد إنكشافه بعد الإنسحاب السوري من لبنان، و نهاية الهيمنة عليه. و ستبدو المسألة أكثر تعقيداً الآن، على ضوء الميل الإمبريالي الأميركي ( بالتوافق مع الدولة الصهيونية ) إلى تغيير جيوسياسي عميق، يفرض السيطرة الأميركية على سوريا و لبنان، كما يفرض " السلام " مع الدولة الصهيونية.
إن ما كانت تريده الدولة الأميركية مما جرى في لبنان هو بدء مسيرة تغيير النظام في سوريا. و لاشكّ في ا، كلّ النشاط الذي تلا إغتيال رفيق الحريري كان نتيجة سيطرة مشينة مارستها مافيات إقتصادية أمنية سورية في لبنان طيلة ما يقارب الثلاثين سنة، أسّست لإحتقان شعبي لدي قطاعات واسعة من كلّ الطوائف، عملت أحزاب الطوائف و " الإقطاع السياسي " اللبناني على إستغلالها لمصلحة مشاريع مافياوية كذلك. لكن الدولة الأميركية هي أكثر مَنْ يستغلّ ما جرى، فهي الأقوى عالمياً، كما أنها الماسكة بخيوط عديدة في سوريا و لبنان.
و بغضّ النظر عن شكل التغيير، فإن الهدف الأميركي الآن هو التغيير. و تحقيق ذلك يعني تعزيز دور القوى المنخرطة في المشروع الأميركي في لبنان، و فرض الحصار العسكري و السياسي على حزب الله، و قطع طريق الإمداد الواصلة إلى إيران. و بالتالي وضع الحزب بين فكّي كمّاشة. ليُفرض عليه إما تسليم أسلحته و التحوّل إلى حزب سياسي يمثّل الشيعة، أو اللجوء إلى القوّة من أجل إنهاء وجوده العسكري. و ستكون هذه المهمة موكولة إلى قوّة خارجية: أميركا أو الدولة الصهيونية، أو إلى النظام السوري الجديد.
ماذا يستطيع أن يفعل حزب الله في هذا الوضع المعقّد و المخيف؟ إذا لم يردْ أن يتحوّل إلى حزب في التكوين السياسي اللبناني فليس أمامه سوى أن يخرج من جله الطائفي، و أن يتحوّل إلى قوّة مقاومة عابرة للطوائف في مواجهة المشروع الإمبريالي الأميركي. خصوصاً و أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة مواجهة تشمل دولاً عديدة من العراق إلى فلسطين مروراً بسوريا و لبنان. و هي مواجهة تتطلّب أن تكون وطنية توحّد كل المعنيين بالمواجهة بغضّ النظر عن دينهم.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فرق الموت- في العراق
- الوطن والوطنية: بصدد المفاهيم
- ملاحظات أخيرة على إعلان دمشق
- أزمة - القطاع العام - في سوريا
- ثورة أكتوبر، محاولة للتفكير
- دعوة لتجاوز - إعلان دمشق -
- التاريخ و صيرورة الديمقراطية و العلمانية
- ملاحظات حول - إعلان دمشق -
- الروشيتة الأميركية من أجل الحرّية و الديمقراطية و الإصلاح
- بوش كمخلِّص: جذور النظر الى أميركا
- المقاومة و الإرهاب في العراق
- غزة ... أخيراً
- أوهام اللببرالية و خطاياها
- العلمانية و الديمقراطية و أولوية السياسة
- حول العلاقة بين الليبرالية و الديمقراطية دخول في النقاش السا ...
- العلمانية كمطلب واقعي
- حين تتجرّد الديمقراطية من علمانيتها
- اليسار السوري في ميله الليبرالي
- مناقشة - مشروع بيان غير شيوعي
- منطق الإستبداد لحظة القرار الأميركي بالتغيير في سوريا


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - مأزق حزب الله