أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الحوار المفتوح........ ج7















المزيد.....

الحوار المفتوح........ ج7


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5634 - 2017 / 9 / 8 - 06:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أكثر ما تعرض له الدين كمعرفة إنسانية هي محاولته قولبته وفق أنطاق وأنساق جاهزة قابلة للتصدير، وكأنها بضاعة معدة للأستعمال وفق وصفات قياسية لا قيمة للظروف ولا المعطيات البشرية في التأثير على الفكرة أو تأثير الفكرة على الواقع، فعندما نسوق المعرفة الدينية أحكاما وإرشادات ومفاهيم وفقا للذاتي الأعتباطي المتعلق أساسا ببيئة المسوق، سوف نجعل من هذه الأفكار والمشاريع المعدة أساسا لأن تتعاطى مع الإنسان والإنسان يتعاطى معها بما يمليه الواقع العملي مع الحفاظ على الجوهر الإيماني التي تكتنزه، نحولها إلى أصنان غير قابلة أن تعيش وإنما نفرضها بقوة الخوف والتقديس المتخيل والملحق بها كأطار ذهبي يجمل الصورة.
هذه الإشكالية لم يتعرض لها الدين بل حتى العلم والمعرفة الأخرى في عصور البشرية الماضية عانت منها، لكن تجديد العلم والمعرفة نبع من داخل المجموعة العلمية والمعرفية بعد أن ثبت للناس موت وتحجر المعرفة المقولبة، الدين لم يتخلص من هذه الإشكالية بما فرضه الكهنوت الديني من وجوده داخل الفكرة أو المعرفة الدينية تحت شعارات الكفر والتقديس المزعوم، لذا حتى يكون الدين حيا لا بد لنا من أن نطلق سراح الروح المحتجزة بعيدا عن جسد الدين ليعود حرا وحراكيا ومتفاعلا مع الواقع ومتماهيا مع التطور في العقل البشري وأشتغالاته اللاحقة.
هناك نظرة أخرى أكثر أهمية في هذا المبحث الجوابي وهي أن من صنع القوالب الدينية تحت مسميات ملل أو مذاهب قدم التدين والأهتمام به على أنه بديل الدين الرسالي، وأسر المفاهيم الدينية الرئيسية في جعبة مقفلة، الهدف منها عزلها عن الناس وعدم تقديم الفكرة كاملة والأعتماد على الظاهرة التدينية لسوق العقل البشري نحو أهداف وغايات مرسومه، مثلا أهتمام الفقهاء والمجتهدين وما يسمون بعلماء العقائد يركزون مثلا على التقصيليات في الواجبات الدينية وأوقاتها والتنازع الحاصل بشأنها، ولا يشرحون أو يبينون للناس مثلا فلسفة الشعيرة أو العبادة وأن المطلوب أساسا منها أن تعيد طرح الفطرة الطبيعية للإنسان قبل أن تلوثها الأحتكاكات اليومية مع أسباب الوجود وطريقة الفهم أو التعامل معها.
في الصوم مثلا كشعيرة إسلامية أستغرق هؤلاء الذين ذكرناهم في الشرح والتعليل وتسفيه الأخرين في قضايا لا تتعلق بروحية الصوم وفلسفة الصيام، بل ركزوا على المواعيد والمواقيت والسلوكيات التي يجب أن يسلكها الصائم وما إلى ذلك من تفاصيل مع أهميتها النسبية، ولكن لم يطرحوا للناس لماذا فرض الله الصيام علينا وعلى غيرنا وما هي شروط الأداء التي تتناسب مع كونية الفرد الصائم، كما لم يظهروا للناس أن الصوم ليس مطلوبا لذاته بدون نتائج ترسم وتعيد من بناء روحية الإنسان لمرحلة ما بعد الصيام، نعم هناك جهود قليلة في هذا المقام ولكنها لا تتناسب مع التجييش والهوس بغيرها مما قيد الناس بالمظاهر التي ترافق الصيام وتركوا أصل القضية.
الجواب في الأخر من الممكن جدا وببساطة الطرح يمكننا أن نعيش الإسلام متطورا وحداثيا ومتوافقا مع روح العصر، بشرط أن نتعاطى نحن المؤمنون بقضية الدين بهذه الشروط، أما أننا نريد أن ننقل الإسلام حرا ومتحركا ومستجيبا مع العصر وقضاياه، ونحن مكبلين بإرث سلفي عقلي وروحي يحد من قدرتنا على التعاط السليم مع الدين كما هو وكما أنزل أو كما جاء في الرسالة، فالعملية تبقى في حدود الأمنيات العقيمة والعاجزة من الخروج إلى النور ومواجهة كل الحقائق المرة بروح نقدية تتجاوز ما قال وما قيل، والملخص أننا نحن من يجب أن يتطور عقليا ومعرفيا وعلميا أول مرة ونعيد قراءة الوجود الدين معا لا قراءة أماني وأحلام، بل بمنهجية العارف والمالك لمشروعه الحداثي بكل أدواته ومناهجه وقضاياه.
العدل ركن الدين الأول وأصل الأصول
سؤال_ تقول إن الإشكالية في الفرد المؤمن وليس بالدين ومنظومته المعرفية وبالتالي فالعلة هنا شخصانية وليست موضوعية، يا ترى هل يسمح الواقع أن نعيد ترتيب المعادلة بوضع الحصان أمام العربة لنمضي في مشروعنا إذا كنا فعلا نمتلك مشروعا تنوريا.
الجواب_ هذا السؤال لا يحتاج إجابة فالمنطق العقلي يقودنا للقول نعم وبدون تردد، حينما نزلت الأديان ومنها الدين المحمدي لم يكن الوضع مختلفا تماما عما نحن فيه الآن، من تشويه للواقع وأنحراف عن العقل، كان الناس جميعا مؤمنون أن هناك إله ما في جهة ما يتعاطى مع الوجود ويتحكم بمصيره، وأن قضايا مهمة مما عانيها اليوم كانت حاضرة أيضا، الظلم والأستعباد البشري وجور الإنسان على الطبيعة وأختلالات العلاقات الأجتماعية والطبقية الأجتماعية والعنصرية وكثيرا من الأمراض الأجتماعية المصاحبة، لكن كان هناك إيمان بأن الله أو الرب أو حتى الألهة التي تعبد لا ترضى بذلك، ولكن الوكلاء الأرضيون عنه أو عنهم كانوا هم من فرض هذا الواقع، وحتى تسقط الأديان تلك المعادلة المنحرفة لجأوا أول مرة إلى التوحيد بمعنى أن الناس عليها أن تنظر إلى إله واحد ومعروف وقادر، ليتساوا في النظرة إلى أنهم كثرة ظاهرية من واحد سوي.
هنا نجح الأنبياء والرسل بإشعار الإنسان أنه كائن متساو مع غيره له ما لغيره وعليه ما على غيرة وكلا حسب طاقته وقدرته، لأن ربهم واحد وعادل حين ساوى بين الجميع، هذه الفكرة هي التي جعلت الحصان أمام العربة ومضت رسالات الدين، فلم يكن الشعور العام بأن وكلاء الرب هم من يحدد المنزلة ويقرب من المعبود أو يبعد بناء على خياراته الخاصة، بل أن الله هو من يملك هذا الحق حصريا من خلال العمل ومن خلال جدية الإيمان، لذا سارع الناس وخاصة الطبقات المتضررة من الظلم والأستلاب والعبودية إلى الأستجابة لأنهم وجدوا إنسانيتهم الحقة، ووجدوا أن العدل هو مفتاح الحياة الإيجابية، الحال اليوم هو أن ننطلق من هذا الجانب والركن الأساسي في الدين وهو العدل والإحسان {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90.
الذي يملك مشروع تنويري بدون التركيز على أصل الأصول الدينية وهو العدل، لا يمكنه أن ينجح مطلقا في بعث الدين من داخل أصنامنا المعرفية، ومن يظن أن التوحيد هو أصل الأصول في الدين واهم ولا يعرف الإنسان هذا الكائن المجبول على التمرد على القوانين، كل إنسان وحتى الملحدين منهم أو اللا دينيين يؤمنون بشكل أو بأخر أن علة علات الوجود واحدة لا يمكن التشكيك بها، وحتى العلم المجرد لا يقبل أن تنقطع العلات في موضع متناقض مع قوانينه، أي العلم التجريدي اليوم يؤمن أكثر من قبل أن المحرك الأول والحادثة الأولى ألتي كشفت عن الوجود اللا متناهي هي حادثة واحدة وفاعل واحد وإلا دخلنا في التناقض مع وحدة الوجود بمعناها أن الكون الشمولي كله قد حدث بلحظة واحدة على يد فاعل واحد ولمرة واحدة.
إذن التوحيد بهذا المعنى طبيعة بشرية فطري غير قابلة لا للنفي ولا للإثبا لأنها ثابتة بالعقل وبالفعل وبالواقع، تبقى إشكاليات ما يعرف بالشرك في الله أو ما يظنه البعض من أن هذه القوة التي فعلت لحظة الوجود له صور أو ماهيات أصلية وفرعية أو أنها لأسباب ما أحتاجت أن يكون هناك فاعل مساعد أو صورت أن الفعل الخلقي مر بمراحل مختلفة تداخلت فيها إرادات أو قوى أخرى، إنما كان ذلك بسبب من مقدمات فكرية ومعرفية تم تسويقها وترسخت في بعض العقول البشرية، ولكن لو حاججته بالمنطق العقلي لوصلت معه إلى فكرة التوحيد، علما أن فكرةالعدل أشمل من فكرة التوحيد وأصلها العقلي، فالعدل بالمعنى الفلسفي هو أن تضع الحقائق في حيزها التام دون زيادة أو نقصان أو جبرها على أن تكون كذلك، فعندما نقول أن الله واحد بناء على المعطيات العقلية والعلمية والمنطقية فإننا نضع الفكرة في مجالها الحيوي بتطابق تام وكامل ومطلق، وهذا هو منتهى العدل كما هو عدل.
أما الجواب عن هل يسمح الواقع بالفكرة أو لا يسمح هذا يعتمد على أستعداد الإنسان أن يخرج من قالبه المعرفي أولا، وأن يؤمن بالعدل كما أوضحنا، العدل ليس في التساوي النوعي والمادي، بل بالمساواة في الشعور بأنهم كائنات لها الحق في خلق العالم من جديد بما يتماشى مع مفهوم الحق والخير، عند ذلك يمكن أن يصبح المشروع الحداثي ليس ممكنا بل واقعا ضروريا وحاجة ملحة، هذا متعلق بدور من يقدم المعرفة الدينية ويشيعها على النحو الذي ذكرنا، أما الكهنوت والمتحجر في دائرته السلفية لا يمكن أن يفهم أن الدين حرية وأن الدين بحقيقة هي الفرصة المناسبة لإعادة الطبيعة إلى معادلاتها العادلة، فهم في الجانب الأخر من المشروع وقد يتحول هذا الصنف من العقل إلى أساليب أخرى لكبح جماح حركة التنوير وعرقلة مساعيها



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المفتوح........ ج6
- الحوار المفتوح........ ج5
- الحوار المفتوح........ ج4
- الحوار المفتوح........ ج3
- الحوار المفتوح........ ج2
- الحوار المفتوح........ ج1
- لماذا يتم تحريف الدين في كل مرة ح2
- لماذا يتم تحريف الدين في كل مرة ح1
- الحرية الدينية من منطلق الخيار الإنساني الأصيل
- سأرحل بحرية لأبحث عن حرية
- مشاكل الواقع العراقي وشروط مرحلة التغيير والإصلاح
- الكتابة على سطح القمر
- ربيع حالم
- إشكالية الدين ومصير الإنسان ح2
- إشكالية الدين ومصير الإنسان ح1
- الدين وأزمة الهوية الدينية ... ألحاد وإيمان
- بمناسبة تأجيل الأنتخابات المحلية ودمجها في الأنتخابات الوطني ...
- لماذا نجح الرسول في بناء مجتمع واحد وفشل المسلمون في ذلك؟
- مفاهيم عدالة الصحابة ومعصومية المجتمع والولاية التكوينية وأث ...
- الدين وهوية الشخصنة


المزيد.....




- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الحوار المفتوح........ ج7