أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - لماذا نجح الرسول في بناء مجتمع واحد وفشل المسلمون في ذلك؟















المزيد.....

لماذا نجح الرسول في بناء مجتمع واحد وفشل المسلمون في ذلك؟


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5622 - 2017 / 8 / 27 - 01:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا نجح الرسول في بناء مجتمع واحد وفشل المسلمون في ذلك؟


لعل من الحق أن نشير إلى أن النبي محمد أستطاع بقدرته الخاصة ومن خلال ربط عصبة من الأفراد التي لا تربطها وشائج قوية من أن يؤسس مجتمع موحد وإن كان ذلك تحت راية الدين، في الوقت الذي فشل هذا المجتمع من بعده من المحافظة على الدفع البنائي الذي تركه لهم، في أن ينجحوا من تطوير التجربة والأرتقاء بالبناء الأجتماعي نحو أفق أخر غير النمط الذي ساروا عليه متلمسين الإرث الإنساني والتجربة البشرية الكلاسية في الحفاظ فقط على الشكلية الوظيفية للمجتمع، دون أن نلحظ منهم لا المحافظة على ما ترك من روح التوحد ولا تجاوز إشكاليات المجتمعات التي سبقتهم في التجربة، قد يقول البعض أن في هذا الكلام مجانبة حقيقية للمنجز الإسلامي في بناء أمبراطورية تمتد من حدود الصين إلى جنوب فرنسا، الحقيقة هذا القول لا يتعارض مع الإشكالية المطروحة هنا ولا يفندها، فالمجتمع الذي صنعه محمد بوجوده الشخصي يختلف تماما عن إمبراطورية المسلمين وإن أعتمدت علة حصيلة التجربة النبوية، والفرق أن الأمبراطورية الإسلامية كنظام حكم ليس مختلفا ولا أبتداعا للمجتمع الإسلامي فهو تكرار لتجربة بشرية سابقة أقتضتها الظروف نتيجة التوسع والسيطرة والفتوحات التي مارسها المجتمع الإسلامي في خط يتنافى مع طريقة البناء المحمدي في النشأة والأدارة.
الفكرة الأساسية التي قام عليها مجتمع محمد هي فكرة (يا أيها الناس) فهي دعوة كونية إنسانية يراد منها بناء أمة واحدة تنتظم تحت شعار كلكم لآدم وآدم من تراب، لذا كان النهج البنائي يعتمد على عنصر الخلاص من الظلم في مجتمع عنوانه العدل والمساواة، بينما المجتمع الإسلامي الذي أستخلف دولة الرسالة يقوم على مبدأ المواطنة الإيمانية وما يلحق بمنطقها بالنسبة للذين لا يؤمنون بالإسلام، ثانيا كان هذا المجتمع يلغي فكرة المساواة والعدل بتبنيه التقسيمات الجديدة الناتجة عن تراتيبية القرب من السلطة أو الخضوع لنظامها الجديد، في مجتمع محمد كان الفرد في عقد أجتماعي واضح المعالم يحافظ على وجوده من خلال قانون (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) بشرط أن لا يكون الكفر عنوان تهديم وتناقض مع بقائية المجتمع وتطوره، أما في مجتمع المسلمين اللاحق فتقسم الأرض إلى دار إسلام ودار كفر ولا يجوز بقاء دار الكفر حتى لو كانت مسالمة.
بعيدا عن الروايات التاريخية التي أجتهد الكثيرون في أعادة صياغة الأحداث فيها طبقا للإنقسام الحاصل في المجتمع الإسلامي في فترة التدوين وما بعده من القرن الثاني الهجري وصعودا، يمكننا أن نعتمد على قراءة ما بين السطور أن النبي محمد أنشأ مجتمعه بطريقة مبدعة وخلاقة ولها خصيصة قد لا تتوفر لأي تجربة إنسانية أخرى، فقد كان غالبية المجتمع الذي ضمه تحت جناحيه من الفقراء والمساكين والعبيد صعودا إلى ما يسمى فقها أواسط الناس، لم يعتمد الرسول في تجربته على القوة الأجتماعية التقليدية ( النسب أو المال) لربط المجتمع مع بعضه، بل أعتمد على فكرة التضامن التي كفلت له نوعا من الطاعة والكازيما الأجتماعية الموافقة للهدف، وحتى مع دخول بعض أفراد الطبقات الأجتماعية العليا إلى صفوف المسلمين لم يك الحل قد تغير، فالقاعدة الأساسية بقيت حاكمة وهي أن (المؤمنون أخوة) وأن (خير الناس من نفع الناس)، لقد نجح النبي من خلال فكرة التضامن أن يجعلها بديلا عن كل قواعد إنشاء المجتمعات البشرية السابقة وحتى منها المجتمعات الدينية.
نستطيع أن نقول أن وجود وشخصية وعملانية النبي هي التي نجحت في إنشاء المجتمع وليس الدين من فعل ذلك، ولو كان فعلا أن دور الدين هو المنشيء للقاعدة الأجتماعية التي عليها مجتمع المدينة الأول، لبقي يلعب نفس الدور التأريخي فيما بعد، مع أنه وحسب ما يقول المسلمين أن الدين لم يتغير ولم يتبدل، بل كان العامل الأساسي المتغير هو شخصية الرسول فحسب، والدليل الذي يمكن أن نسوقه أبتدأ أن فكرة الأنصار والمهاجرين والمؤاخاة التي جرت بينهم في المدينة لو طبقت مفاعليها تحت الوازع الديني، لم يظهر شعار (منا أمير ومنكم أمير) مباشرة بعد رحيل النبي وذهاب موضوع الأخوة والتأخي مع بقاء الدين وفكرته ما زالت ندية وطازجة.
لقد كان الدور الأساسي والمهم في بناء المجتمع النواة والتي تم التجمع حوله في أطر حولية هو شخصية الرسول بدرجة عالية من التأثير لأسباب عديدة منها مثلا، أن النبي كان يشرع للناس أمورهم وقضاياهم من خلال ما يأتيه من الوحي، فكان الناس في الطاعة أقرب منها للخوف من الله، بينما في العهود اللاحقة أختفى هذا الحس مع تعدد الأجتهادات وربما إبدال التمرد بدل الطاعة، ثانيا كان الرسول المحور الذي يدور حوله المجتمع النواة، في الوقت الذي تعددت فيه الرؤوس بعد ذلك تحت قاعدة ( أصحابي مثل النجوم بأيهم أقتديتم أهتديتم) ولدت ولاءات وأنشقاقات وأجتهادات في الغالب أما أعتباطية ذاتية أو سياسية تبحث عن مصالح محددة، ففقدان المحورية في الأتباع والطاعة ولد نوعا من التفرق اللا مركزي عن مصدر القرار والسلطة.
أما كشخصية الرسول وتقديمها على أنها أختيار الله وأقتران القضية الإيمانية التوحيدية مع النبوة في أطار واحد، خدم مشروع بناء المجتمع ومنحه صفة فوقية قدسية أهلت الرسول لأن يلعب دوري المشرع والمنفذ في آن واحد، دون معارضة حقيقية بمعنى أمتلاك الأخر أي صفة لتمثيل المجتمع أو جزء منه، هذا الحال يشبه أطار الدور الديكتاتوري السلطوي المتعارف في علم الاجتماع السياسي، ولكن الفرق الأساسي الذي يخرجه من مثلبة الديكتاتورية أنه محكوم دوما وأبدا بقواعد مبدئية وأخلاقية لا يمكن للحاكم النبي أن يتجاوزها، فكان هو أول وأشد وأحرص المبادرين لتطبيق تلك القواعد وتجسيدها من خلال السلوكيات الأخلاقية المميزة التي كان يتصف بها، لذا لا نجد أن هناك صوت يعيب على الرسول أو ينتقده بالخروج كما بقية الناس من أطر المبادئ والأحكام المسنونة.
هل يعني ذلك أن التجربة النبوية بما حملت من فرادة وأبداع أنتهت ولم يعد بالإمكان تكرارها أو السير وفق منتظمات التجربة وفكرتها الأساس، الحقيقة هنا السؤال يحتاج إلى تفكيكه والأجابة ستكون مختصرة بكلمتين (نعم) أو (لا)، الفرق بين الأجابتين يعود لنا نحن المسلمون وليس للرسول ولا للظروف الحولية للمجتمع، لو تحلصنا من كل اقشور والولادات الغير شرعية وأقصد بها الأفكار التي لا تنتمي للرسالة، وحاولنا أن نستكشف الدين من جديد كانه ينزل علينا الآن، وأتبعنا منهج الإنسان الرسول في التعامل مع الأخر المماثل والمختلف على أنه نسخه ثانية منا، يمكن وبأقل التكلفة أن ننجح في أعادة أحياء التجربة المحمدية، أما لو بقينا نتمسك بالإرث التاريخي والروائي ونحاول أن نفتش عن أبرة الحقيقة في كوم قش الباطل، فقد نحتاج إلى ألاف السنين الأضافية ولم ولن ننجح لأننا ما زلنا نتمسك بأن ما أضيف ووتراكم وتجذر من أعتباطيات وأجتهادات الساسة المتدينون والمتدينون الساحة إلى الوعاء الفكري الإسلامي هو من جنس الصح والحقيقة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاهيم عدالة الصحابة ومعصومية المجتمع والولاية التكوينية وأث ...
- الدين وهوية الشخصنة
- نحن والدين وخداع التأريخية
- مقدمة ديواني الجديد ....... رسائل مهملة
- التغيير من وجهة نظر فلسفية ح1
- تعريف المقدس أستدلالا بالقصد المعنوي النصي
- أنا رجل بلا .......
- النداء الأخير لسباق الأحلام
- في وحدة عالم المقدس الغيبي
- رأي في وحدة الأسماء و(الصفات) ومكانتها في الفكرة الدينية
- الشخصية العراقية بين التمرد والثورة مشروع بأنتظار القدر
- إلى صديقي ذياب أل غلام وكل رفاقه وأصدقائه ومحبيه ومن شاركه ا ...
- دور التنمية الأقتصادية و المال في بناء مجتمع إنساني
- تحالفات جديدة أم إعادة انتاج التحالف القديم
- الدين بين طبيعة العقل ووظيفة النقل طريقان للإدراك أم نتيجة و ...
- في فهم الغيبي والحضوري
- وحدة الجماهير المدنية والديمقراطية هي الطريق الأوحد لبناء دو ...
- حقية المحمدية كما نقرأها في سلسلة دين الإسلام
- الموقف المعرفي من حقيقة وجود الفروع في الدين
- الأختلاف الفكري والفلسفي في مفهوم الوعي الفردي وعلاقته بالوع ...


المزيد.....




- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - لماذا نجح الرسول في بناء مجتمع واحد وفشل المسلمون في ذلك؟