حسن عماشا
الحوار المتمدن-العدد: 1459 - 2006 / 2 / 12 - 09:52
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
مبروك
زواج الانعزالية القديمة مع الانعزالية الجديدة
استهداف الرئيس لحود
هو استهداف للعقيدة الوطنية للجيش والأجهزة الأمنية
لقد شكل صدور القرار 1559 عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة، بناء على اقتراح فرنسي– أمريكي، فتحا" لمرحلة جديدة في لبنان. قضت بسحب الجيش العربي السوري، لاعادة صياغة الواقع السياسي اللبناني بما يتلائم مع متطلبات المشروع الأمريكي للمنطقة ، »الشرق الأوسط الجديد«، ومدخلا" للشراكة الأمريكية – الفرنسية فيها.
وإذا كان اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري شكل محور التحولات السياسية في لبنان، وأدى بتداعياته الى ما آلت إليه الأوضاع ، حيث بات لبنان في خلال بضعة أسابيع بلد يفتقر الى الاستقرار السياسي، ويسوده الفلتان الأمني، والجمود الاقتصادي، والتوتر الأجتماعي. ما يوحي بعودة لبنان الى الأوضاع التي كانت قائمة فيه قبل نهاية الحرب الأهلية في العام 1990. رغم ما يحاول تسويقه الاصطفاف السياسي الذي تشكل برعاية وتحفيذ أمريكي- فرنسي. من أن لبنان بات في وضع يمكنه من إعادة بناء الدولة الحديثة، على أسس وقواعد ديموقراطية(...).
ان ما سمي ب"الانقلاب الأبيض"، هو في حقيقته، انقلاب أسود. خطط له ووزعت الأدوار فيه من قبل الدوائر الأمريكية – الصهيونية. بدءا" من الدور الفرنسي و انتهاء بدور اصغر صحفي. (سوف يشتط غضبا جماعة 14 آذار لهذا القول ويعتبروني من جماعة "الفكر الخشبي" أسرى " نظرية المؤامرة "، لن نعير هذا المزاج أي اهتمام واحتراما للقارئ لن نضيع وقته بسوق الأدلة والبراهين على هذا التوصيف لأنها اكثر من ان تعد أو تحصى ).
نعم لم تكن الأوضاع السائدة في لبنان على خير. ولم تكن سوريا تقوم بدور المساعدة للبنان دون ان يكون في أداؤها سببا للكثير من المشكلات التي انعكست على الشرائح الاجتماعية المختلفة وخصوصا الفقيرة منها. ولو أردنا البحث في "شوائب" الدور السوري لوجدنا مساوئ كثيرة قد لا يخلو منها مجال من المجالات المتعددة التي كان لسوريا اليد الطولى في رسم مساراتها. لكننا أيضا يجب ان نقر لسوريا بأنها أوقفت الحرب الأهلية ودعمت المقاومة التي قد تغفر لها بعض خطاياها. لكن بالمقابل قد لانجد عند الغالبية العظمى من أركان النظام، اللبنانيين ما يغفر لهم أو يعفيهم، من المسؤولية عن تردي الأوضاع الى الحد الذي وصلت إليه. وان اكثر المتشدقين اليوم في رفض الوصاية السورية كانوا طوال فترة الوصاية هم المستفيدون منها، ووظفوها في خدمة مصالحهم السياسية والاقتصادية. وما تخلوا ، أو انقلبوا عليها الا لأنهم استنزفوا كل ما كانت تحققه لهم من مكاسب ومصالح. لينحازوا الى وصاية أخرى متوهمين تحقيق مكاسب جديدة على حساب الوطن والمواطنين. مفترضين ان المشروع الأمريكي لاراد له.
لا تترك القوى السياسية المنضوية في "حركة 14 آذار"، وفي مقدمتهم "تيار المستقبل"، والسيد وليد جنبلاط، وكتلته النيابية. مناسبة الا وتشن حملة ضد الرئيس اميل لحود، باعتباره "رمز النظام الأمني اللبناني _ السوري". ان الهدف من هذه الحملة على الرئيس لحود هي العقيدة الوطنية التي أرساها في المؤسسات العسكرية والأمنية منذ كان قائدا للجيش. وكان اعتقال قادة الأجهزة هو بمثابة تجريد المؤسسات الأمنية من الحصون التي كانت تحميها من تدخلات السياسيين لتسهيل تقاسمها بينهم تبعا للولاءات الطائفية. وتكفي مراجعة بسيطة لتاريخ هؤلاء القادة حتى يتبين مدى استقلالهم عن المرجعيات السياسية – الطائفية، وتصادمها معها. خصوصا المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد. من جهة أخرى لم يقل لنا الانعزاليين الجدد كيف تحولت الولايات المتحدة بين ليلة وضحاها الى "مجتمع دولي" تحرص على سيادة لبنان وحريته. ألم يكن "المعلم" كمال جنبلاط، أول من أطلق مصطلح الانعزالية في لبنان، توصيفا لمنطق تحييد لبنان عن الصراع "العربي – الإسرائيلي". الذي باتوا يتحدثون عنه بتهكم ؟ كأنه وهم مفتعل. قرن من المجازر والحروب التي لم تنطفئ نارها يوما حتى يومنا هذا. ومنذ نشأة الكيان الصهيوني لم ينعم الجنوب بالاستقرار الأمني الذي ينعم به بفعل التوازن الذي فرضته المقاومة.
ماذا يعني اليوم الإصرار على تر سيم الحدود مع سوريا غير تأكيد وتثبيت الانفصال. ماذا يعني إثارة موضوع السلاح الفلسطيني غير الاستجابة للمطالب الإسرائيلية المدموغة بالعلامة التجارية الأمريكية -الغربية؟. ان المسار الذي تندفع فيه هذه القوى، هو مسار انعزالي بامتياز، منسق الى حد كبير مع المشروع الأمريكي تجاه المنطقة العربية. وبالتالي مع الأهداف الإسرائيلية. وتلعب فرنسا في هذا المضمار دور الوكيل بالنسبة لأمريكا، والوصي تجاه لبنان. وإذا كان مستغرب ان ينخرط "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، في هذا المشروع. بالنظر الى القاعدة الشعبية التي يمثلها آل الحريري، وموقعها التاريخي في الصراع العربي الصهيوني ووعيها القومي. والى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وحزبه بموقعه التاريخي في إطار "حركة التحرر الوطني". (لقد نطق أخيرا جنبلاط وقال: " إسرائيل ليست عدو الآن، سوريا هي العدو"). فان القوى الأخرى وعلى رأسهم "القوات اللبنانية"، تمثل التيار الانعزالي المنسجم في لبنان من حق سمير جعجع ان يتربع مستريحا أمام مدفئته في جبال الأرز، فالسنين التي قضاها في السجن، كسب مقابلها اصطفافا لم يحلم به لخدمة مشروعه لو بقي خارج السجن وعاش مئة عام.
ان التزاوج بين تيار "القوات اللبنانية" وتيار"المستقبل" والزعيم الدرزي وليد جنبلاط. هو تزاوج طبيعي حتى لو ظهر اختلاف في الخطاب السياسي بين الانعزالية القديمة والانعزالية الجديدة. كون الانعزالية الجديدة لازالت تتحدث باللغة القديمة التي اعتادت عليها. ولم تتكون عندها المفردات الجديدة الملائمة للخيارات الفكرية السياسية التي تتبناها. ولا تريد ان تظهر بمظهر الملتحق بالأدب السياسي الانعزالي. وكي يكتمل العقد لابد ان يكون المهر بجم يغطي رائحة المجازر بين العريسين ؟؟؟ وهل هناك مهر أغلى من سلاح المقاومة كي يحوز الزواج على مباركة الكاهن الأمريكي. ورضى الأم الحنون فرنسا. والعشيق السري الكيان الصهيوني.
حسن عماشا
#حسن_عماشا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟