أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الحرية الدينية من منطلق الخيار الإنساني الأصيل















المزيد.....

الحرية الدينية من منطلق الخيار الإنساني الأصيل


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5628 - 2017 / 9 / 2 - 00:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحرية الدينية من منطلق الخيار الإنساني الأصيل

يبدو سؤالي مكررا حين أتناول موضوع الحرية الدينية بين أصل الفكرة في الفكرة الدينية وبين تداخل العقل الإيماني في فهمها وتعميمها، هل من حق لي كإنسان ولدت على عقيدة ودين ومثل وقيم وأفكار وتقاليد سبقتني بالوجود أن أمنحها إيماني وفقا لقانون البرهان والامتحان كما نمنح أي أفتراض علمي أو فكري أخر؟، أم أن الواقع له رأي أخر وخيارات عديدة تبدأ من القمع وإنتهاء بإنكار ضرورة بقاءك حيا في مجتمع يبني يقينه وإيمانه على التراكم الفوضوي، حتى لو كان خلافا لإرادة خالق الكون وباني أفكار الوجود وهو الأهم في بناء الإجابة ومصدرها الوحيد، سؤال أخر من يزعم أنه يملك شخصيا حق الفرض ومنع الأفتراض؟ هل لديه تخويل خاص ومخصص بالقضية أم أنه كالعادة يلجأ إلى يقينه هو ليجبرني أن أحتكم لأمر قد يكون معدوما عندي؟، أليس من الإيمان أن يمنحني فرصة للتفكر والأختيار كما فعلها الرسل والأنبياء قبل نزول الدين وبنفس المنهجية التي كسبوا فيها أول أنصارهم؟، أم أن الدين غير الدين والرب غير الرب والإنسان لم يعدا قابلا لأن يكون حرا كما ولدته أمه؟.
ثمة إشكالات تدبيرية يعاني منها الفكر الديني الأصولي وخاصة في جزئه الخاضع للتأويل والتفسير والشرح والتبيان الأعتباطي وهو الجزء الأكبر والأعظم من المنظومة الفكرية خاصة عندما تقرأ ذاتيا وفق منهج إستباقي، يقدم اليقين والإقرار قبل القراءة والفهم النقدي والتفكيكي ثم إعادة صياغة معادلات اليقين والبرهان، لو جنبنا النص أولا من القراءة هذه ونتائجها ولجئنا إلى أشتراطات العقل المرهون بقدرته على الفحص والتقرير والقبول، وناقشنا بهدوء هذه الظاهرة وهي التي يسميها النص بالإكراه على الإيمان بما يأتي به الدين، نجد أن العقلية التي تتمسك بهذا المنهج عادة ما تناقش الأمر على مستوى واحد لا يتغير، مفاده أن مجرد محاولة طرح موضوع الحرية والأختيار في الإيمان يعني عنده محاولة إسقاط الدين جملة وتفصيلا، أو يظن أنها محاولة إهانة موجه لعقليته وإيمانه ويقينه هو وكأن النص أو الحكم الديني يمثله شخصيا أو عليه وصاية ممنوحة باللزمة والتفويض المخصص.
وبالتالي فعليه واجب الدفاع من ذات النقطة التي يشرع فيها الأخر التحرر من قاعدة التبعية الإكراهية كما يسميها القرآن الكريم مثلا(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يونس 99 ، المتدبر للنص يجد أن الله لا يؤمن أصلا بالطريقة التي يتبناها صاحب مقولة ضرورية الإيمان ولو بالإكراه بأعتبار أن الله هو من هجر الفكرة أصلا، بالعودة للفهم المنطقي وربط قضية الإيمان بالنص نجد أن أبواب الخيار الحر هي الممنوحة أصلا للإنسان وعليها يجازى ويقبل فيها إيمانه، هنا يسقط منطق العقل الديني أمام حدية وحدود النص الذي لا يمكن أن يكون لا مباليا بالنتائج التي يطلبها ويريدها من قضية الإيمان عقلا ومنطقا وأصولا نصية.
المدرسة الكهنوتية لا يمكنها إلا أن تتعامل مع النص بما يلائم فكرتها الذاتية وكأن النص خادم للعقلية الفردية وليس النص هو الذي يملك حق بناء فكرته على أساس ما فيه من مقصديه وإرادة، نشير مثلا في موضوعية النص السابق وكيف يحور الكهنوتي الفكرة ليرضي عقلة ضاربا النص عرض الحائط بالتركيز على الفكرة الإستباقية ((قال العلامة سفر الحوالي في شرح العقيدة الطحاوية(نجد أن كثيراً من المهزومين أو المخدوعين يقولون: إن هذا الدين دين دعوة فقط لا جهاد ولا قتال فيه، وإنما يدعو النَّاس إِلَى أن يؤمنوا به بطواعيتهم وباختيارهم، ويستدلون بقوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ويقول: قال تَعَالَى{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}البقرة:256، إذاً : ليس في الإسلام قتال من أجل الدين ولا جهاد، فإن قلنا: فهذه الفتوحات الإسلامية، والغزوات النبوية قرابة ثلاثين غزوة وقرابة المائة سرية، والصحابة من بعده وصلوا إِلَى نهاية العالم ... فيُقَالُ لهم: إن معنى قوله تعالى: لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أنه قد كتب أزلاً وقدراً أن أناساً سيموتون عَلَى الكفر، وستمتلئ منهم جهنم، أما قوله: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ فمعناها: أنهم لن يؤمنوا مهما بذلت وحاولت، وقد اختاروا الكفر بإرادتهم واختيارهم، وهذا مطابق لما قد كتب عليهم كوناً وقدرا))ً.
نرى في النص المنقول هنا إنما بني على شبهتين أعتباطيتين متناقضتين حتى مع نسقية الأحكام الدينية كما وردت فيالنصوص القرآنية، مفاد الأولى أن القدر المسبق أو ما يسميه الكاتب الكتاب الأزلي قد حكم على الناس بالكفر وسيموتون عليه وهنا سيكون الله ظالما حين مارس القهر والأستلاب ثم يطلب منهم الإيمان وهم لا يملكون القدرة أصلا عليه، وبذلك حسم موضوع إنتفاء الخيار والعمل والعقل من مقتضيات التعقل أو الإدراك أو حتى في مستوجب الإيمان الأولي، الذي يكون هنا أيضا كتاب أزلي وبالتالي لا قيمة للمؤمن بإيمانه ولا فائدة من ما يأت به لأنه غير مسئول عنه وغير عامل به حرا بل هو نتاج نمذجة جاهزة بالتكوين، القضية الثانية أن الدعوة العقلانية والخطاب بالحسنى لا ينفع الإنسان لإن عقل الغير مؤمن كما يزعم الكاتب غير قابل للترويض بالفطرة الخلقية والجعلية الفوقية، وعليه لا بد من استخدام السيف لبتر الرقاب والخلاص من معضلة وجود الأخر وهنا نكرر الظلم مرتين وننسبه لله.
هذه العقلية تتعامل خلاف مفترض منطق النص وخلاف إرادة الله التي تؤكد بالجزم عدم جدية الإكراه الديني ولا أسلوب الإلجائي القهري، لأن نتاجه غير أصيل وغير قابل لأن يرسي علاقة عقلية منطقية طبيعية بين العابد والمعبود، عقلية لا يمكن وصفها بالمنطقية أو حتى بالمؤمنة بالله، فهي تنتهج رفض الحرية وتحارب دعوة الله للناس أن يكون أهل تعقل وتفكر وتدبر قبل أن يكون أهل تدين وطقوسية، من نتائج هذا التفكير والفكر أن وجود الدين وتدخله في الحياة التفصيلية للإنسان تسبب الكثير من الحرج للدين كما تسبب التحرج من المعتنق حين يسأل نفسه وبتجرد هل أنا مؤمن حقا بهذا الدين أو بهذه العقيدة، لو كان خيار الله لنا متاحا على الدوام في لا إكراه في الدين كما هو لا إكراه في الكثير من المسائل الفكرية التي نحترمها حين تتبنى الحرية طريقا للإيمان.
إن مبدأ الحرية ورفض سياسات الإكراه والعنف الفكري مسئولية المدرسة الواقعية الإصلاحية الدينية، التي ترى أن مبدأ بناء الإيمان الفردي للإنسان يمر من خلال العقل الممتلك لأدوات الخيار الحر، وأصله أن تجهر بأن الإنسان له كامل الحق في أختيار ما يناسبه من نمط فكري عقيدي مستندا في خياره على العقل، وحتى لو أستند لمغريات أخرى فهو حر ومسئول وقادر على معرفة النتائج، وليس من حق لأحد أن يفرض على المؤمن خيار الكفر والإلحاد أو بالعكس، والقضية بمجملها قضية عقلية صرفة لا علاقة للناس بها بقدر ما هي علاقة ذات طرفين كل منهم له قوانين وقواعد منتجة لنوع وطبيعة العلاقة وشكلها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأرحل بحرية لأبحث عن حرية
- مشاكل الواقع العراقي وشروط مرحلة التغيير والإصلاح
- الكتابة على سطح القمر
- ربيع حالم
- إشكالية الدين ومصير الإنسان ح2
- إشكالية الدين ومصير الإنسان ح1
- الدين وأزمة الهوية الدينية ... ألحاد وإيمان
- بمناسبة تأجيل الأنتخابات المحلية ودمجها في الأنتخابات الوطني ...
- لماذا نجح الرسول في بناء مجتمع واحد وفشل المسلمون في ذلك؟
- مفاهيم عدالة الصحابة ومعصومية المجتمع والولاية التكوينية وأث ...
- الدين وهوية الشخصنة
- نحن والدين وخداع التأريخية
- مقدمة ديواني الجديد ....... رسائل مهملة
- التغيير من وجهة نظر فلسفية ح1
- تعريف المقدس أستدلالا بالقصد المعنوي النصي
- أنا رجل بلا .......
- النداء الأخير لسباق الأحلام
- في وحدة عالم المقدس الغيبي
- رأي في وحدة الأسماء و(الصفات) ومكانتها في الفكرة الدينية
- الشخصية العراقية بين التمرد والثورة مشروع بأنتظار القدر


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الحرية الدينية من منطلق الخيار الإنساني الأصيل