أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الغني سلامه - دور العرب في الحضارة الإنسانية















المزيد.....

دور العرب في الحضارة الإنسانية


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 5625 - 2017 / 8 / 30 - 11:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ عصر الأنسنة حتى مطلع الألفية الثالثة، تطور العلم عبر ثلاث مراحل أساسية، حاول العلماء في كل مرحلة وضع تصورات عامة للكون، وتفسير الظاهرات الطبيعية، ومساعدة الإنسان على التنبؤ، وتحقيق احتياجاته وحل مشكلاته (وتلك هي وظائف العلم الكبرى). في المرحلة الأولى استند إلى التصورات "الأسطورية"، التي كانت تعتبر الكون مسرحا لفعل الأرواح والآلهة والقوى الغيبية. وفي الثانية استند إلى التصورات "الفلسفية"، التي كانت تعتبر الكون نتاجاً لمبادئ العقل والمنطق، ومرجعيتها الفلسفات الجمالية والأخلاقية (مثل كون أفلاطون، وكون الفارابي). وأخيرا مرحلة التصورات "العلمية" التي تعتمد فقط على الرياضيات والنظريات الفيزيائية والكيميائية وغيرها من العلوم الطبيعية.

كانت التصورات الفلسفية قد بدأت أيام اليونان، مشبعة بفلسفة "أرسطو" الذي فهم سلوك الطـبيعة بقياسها على سلوك الإنسان والحيوان، وقد سيطرت على هذه الفلسفة (التي متدت حتى القرون الوسطى) مبادئ الأفضلية: الدائرة على المربع، والأعلى على الأسفل، واليمين على اليسار... وسادت فيها مصطلحات: الخير والشر والقوة والضعف والخلود والفناء..

في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية (800 ~ 1100م)؛ استفاد العلماء العرب والمسلمون من الحضارات اليونانية والرومانية والفارسية، وترجموا أعمالها، وحققوا أهم الاختراعات والاكتشافات في الرياضيات والجبر والطب والفلك والفلسفة والكيمياء، والبصريات.. والتي كانت الأساس الذي قام عليه عصر النهضة وعصر التنوير. في هذه الحقبة ظهر كل من: الكندي، والخوارزمي، وجابر بن حيان، والجاحظ، والراوندي، والرازي، والفارابي، وابن سينا، وابن الهيثم، والبيروني، وابن المقفع.. وابن رشد، وابن خلدون (في مرحلة لاحقة)... بالرغم من الجدال المحتدم حول تلك الشخصيات، وأصولهم "غير العربية"، والتشكيك بإسلامهم، واتهام بعضهم بالهرطقة والإلحاد، وإضطهاد وقتل معظمهم.. إلا أنهم في ظل الدولة الإسلامية (العباسية، وفي الأندلس) وضعوا لبنات أساسية هامة في مدماك العلم، وأوقدوا مشعل الابتكار الذي تدين له أوروبا بالفضل..

في القرن السادس عشر، بدأت إرهاصات مرحلة جديدة بالغة الأهمية، على يد "كوبرينكس" الذي تمرد على المفاهيم الكنسية السائدة، وقال بكروية الأرض، وجرّد الكوكب من مجده الذي كان ينصبه سيداً للكون، وجعل منه مجرد تابع للشمس، وقد أسس بهذه الأفكار لمرحلة جديدة، أهم روادها "غاليليو" و"نيوتن"، والتي امتدت حتى أواخر القرن التاسع عشر، وقد امتازت هذه المرحلة بسيطرة مفاهيم الفيزياء الكلاسيكية القائمة على الفكرة الميكانيكية، وكانت الظواهر الطبيعية تفسر بقياسها على سير الآلات البسيطة كالعجلة والرافعة، وقد شملت علوم الكهرومغناطيسية والحرارة والتفاعلات الكيميائية وغيرها، وقد أخضع كل شيء لقانون نيوتن في الحركة والجاذبية.

وبعد ذلك مباشرة أتت مرحلة العلم الديناميكي؛ بدأت بإيجاد تفسيرات عجزت عنها الميكانيكا الكلاسيكية وتُوجت بالنظرية النسبية.. وكانت أبحاث "خرشوف" و"ميكلسون" و"مورلي" و"ماكس بلانك" وغيرهم هي التي مهدت الطريق أمام "أينشتاين" لإطلاق نظريته النسبية.

إذن، هكذا تطور العلم: انحسرت الأسطورة، ثم ظهرت الفلسفة المثالية، ثم تراجعت الفلسفة لصالح النظريات العلمية.. ولكن العديد من تلك النظريات العلمية وخاصة في البدايات كانت تعتمد على الحدس والحكمة وعلم الكلام، والمنطق. وكانت أدوات المعرفة المتاحة وسبلها المتبعة تخلط أحيانا بين ما هو علمي، وما هو غير علمي؛ فتخلط ما بين الفيزياء والأساطير، وبين المثيولوجيا والميتافيزيقا؛ وبين الكيمياء والخيمياء؛ وبين علم الفلك والتنجيم، وبين الباراسيكولوجي وتقمص الأرواح وتلبيس الشياطين، وبين ما عجز العلم عن تفسيره والسحر والقوى الماورائية. وهذا ليس بغريب، فالقياسات الدقيقة لم تكن متوفرة في تلك الأزمنة القديمة.

وكذلك كانت تلك النظريات تبدو أحيانا مثقلة بالتناقضات والاستحالات، وتعتريها بعض الثغرات القاتلة، الأمر الذي كان يسمح بتقدم الفلسفة المثالية وأحيانا الخرافات لتملأ تلك الثغرات، ولكن تقدم العلوم وتطورها كان يجيب على الأسئلة المحيرة، ويبدد الغموض، ويكشف المجهول.
ولم يكن ممكنا للعلم آنذاك تجاوز كل المعضلات، لأن أدوات المعرفة كانت محدودة، فالنظام الرياضي العشري مثلا الذي جاء عن طريق الهندوس يرجع تاريخه لعام 700 م. وإشارات الزائد والناقص في الرياضيات والجبر ظهرت في القرن الثاني عشر الميلادي مع علماء المسلمين، أما الساعات الدقيقة التي تحسب الوقت بأجزاء ضئيلة من الثانية، والموازين التي تقيس أجزاء بالبليون من الغرام، والأجهزة التي تفحص كل شيء مهما بلغت دقته أو بعُدت مسافته فلم تظهر إلا في العصر الحديث.

وفي هذا السياق نشأ ما يُعرف بفلسفة العلم، أو دراسة المعرفة "الأبستمولوجيا"، وهو العلم الذي يعنى بدراسة الأسس الافتراضية والفلسفية، وكل ما تتضمنه العلوم الطبيعية، كالبيولوجيا والفيزياء والعلوم الاجتماعية والإنسانية والسياسية.. والتحقق من صحة المقولات العلمية والنظريات الفلسفية..

إذن؛ في القرون الثلاثة الأخيرة جرت اختراقات جوهرية في فضاء العلم، شهدت العديد من أهم الاكتشافات والاختراعات والنظريات العلمية والفلسفية، قلبت كل شيء رأسا على عقب، وفتحت آفاق لم تكن البشرية تتصور حتى وجودها، فخلال هذه الحقبة التي تعتبر الأهم في تاريخ وجود الإنسان على الأرض من الناحية العلمية، صاغ "نيوتن" قوانين الجاذبية، وجاء "دارون" بنظرية النشوء والارتقاء، واكتشف "باستور" وجود الميكروبات، واستدل "مندل" على علم الوراثة، واخترع "أديسون" المصباح الكهربائي، وفسر "ماكسويل" طبيعة الضوء الكهرومغناطيسية، واكتشفت "مدام كوري" الراديوم، واكتشف "فيلمينج" البنسلين، وطرح "أينشتاين" نظريته النسبية، وفسر "فارداي" الموجات الكهرومغناطيسية، وأسس "ماكس بلانك" الفيزياء الكمية، واقترح "نيلس بور" نموذجا لفهم البنية الذرية، واخترع "ماركوني" الراديو واللاسلكي، وصمم "كيرتشهوف" الدوائر الكهربائية، واخترع "جراهام بيل" الهاتف، وتمكن كل من "واتسون" و"كريك" من التعرف على جبلة الحياة الأساسية DNA في أواسط القرن العشرين، ثم أكد كل من "بزنياس" و"ولسون" على نظرية الانفجار العظيم بعد ذلك بعقد ونصف، وفي أواخر التسعينات أطلق العلماء تلسكوب "هابل" الذي اكتشف عوالم تفوق بكثير ما كان يظنه "أينشتاين" كل الكون.

في نهاية القرن العشرين، أخذ العلم يحقق قفزات كبرى، حيث بدأ عصر التكنولوجيا الحديثة، والاختراعات المدهشة، وثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات..

وهكذا، بُنيت الحضارة الإنسانية، اعتمدت كل مرحلة على سابقاتها، وكان لكل أمة نصيبها ومساهمتها.. الأمة العربية كان لها إسهامها المشرق في مرحلة ما، لكنها ومنذ تسعمائة سنة، دخلت مرحلة الانحدار والتراجع.. وهي اليوم، لا تصدّر للعالم سوى اللاجئين، والانتحاريين والإرهابيين..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغز الحنطة
- مأساة عالم رياضيات
- جرائم الإتجار بالبشر
- على جانبي الصراع
- الاحتباس الحراري، هل هو حقيقة أم خدعة؟
- هل الاستعمار هو الذي قسم البلاد العربية؟
- الفن والأدب في الإسلام السياسي
- سجون ومعتقلات
- صعود وأفول اليسار الإسرائيلي
- إضراب الأسرى الفلسطينيين، المعنى والدور المطلوب
- قراءة في وثيقة حماس
- تهجير المسيحيين العرب
- حبر الشمس
- حماس، وقبائل الزولو
- المقدس عند نقابة الفنانين الأردنيين
- ماذا يعني حل الدولة الواحدة؟
- إدارة التوحش.. وبرنامج داعش العملي
- المسيحية الصهيونية
- مؤامرات شيطانية
- هجوم على الشيعة


المزيد.....




- لكم وركل وفوضى عارمة.. فيديو من الأرض يظهر اشتباكات عنيفة في ...
- كازاخستان.. قريبة نزارباييف تخضع لمحاكمة بقضية فساد
- القوات الجوية الأمريكية تستعد لتوسيع اتهاماتها لمسرب وثائق ا ...
- ماتفيينكو تؤكد ضرورة محاكمة المسؤولين عن مأساة أوديسا بعد ان ...
- غضب رسمي أردني من -اعتداء- إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى ...
- الولايات المتحدة تتهم روسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرا ...
- ترامب: من الممتع مشاهدة شرطة نيويورك وهي تفض اعتصاماً مناصرا ...
- زلزال يضرب شرق تايوان
- الخارجية الأمريكية تؤكد رفض بكين مواصلة المفاوضات مع واشنطن ...
- الخارجية السودانية تتهم بريطانيا بالتدخل والتواطؤ مع الدعم ا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الغني سلامه - دور العرب في الحضارة الإنسانية