أكرم إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1458 - 2006 / 2 / 11 - 10:18
المحور:
الادب والفن
كان خائفاً ، لذا همّ بالفرار ما إن أحسّ بوجود شيءٍ ما .
ملتفتاً نحوه دار بنصفه الأول ربع دورة مقـدماً قائــمة على أخرى مباعداً ما بينهما . وبقي هكذا في حالة ترقب .
في هذه اللحظة سقط بالقرب منه حجر جاء من رمية طائشة ، فجفل وركض عدة خطوات ، ثمّ تابع على مهل في خط سـير متعرّج . وبين الحين والآخـر كان يلتفت خلفه كما لو أنه يتوقع أمراً ما .
كان حر الظهيرة قد أرخى بثقله فبدا كل ما حوله هادئاً هامداً كمـا لو أنـه تجمد في لوحة . لـذا ما إن وصـل تحـت شـــجرة الجـوز الوارفـة الشامخـة حتـى تمـدد واضـعاً رأسـه على قائمتيه ، ثم ما لبث أن غفا .
طنت ذبابـة قريباً منه ففتح عيناً واحـدة وسـنى ثم عاد إلى إغفاءتـه ، فلا شـيء أكثر إغراءً من
النــوم والاسترخاء في هذا القيظ . لكن دابّةً ما أحدثت خشخشة في العشب اليابس قريباً منه بين أعواد
علّيقة تمدّدت في محيطها سيّدةً للمكان ، الأمـر الذي جفل منه فانتفـض نصـف واقفٍ مستعداً للفرار .
وإذ تأكد من انعـدام الخطـر عـاد إلى وضعه يحــلـم بأشيـاء وأشيـاء علـى صـوت زقزقـة كسـلى ( لفشتكٍّ *) وحيـد . تسئ ، تسئ ، تسئ ، وحدها هذه الزقزقة كانت تذكّر بهذا الصمت الكوني .
في المساء بدأت الثعالب تعوي كآبتها ووحدتها فردّدت صدى عوائها الثنايا القريبـة . بدا له عواءً لانهايـة لـه فنهض ليمضـي كما جاء : على مهلٍ ، في خط سير متعرج ، وبين الحين والآخر كان يلتفت خلفه يرعشه الخوف من مجهـولٍ مـا سـيأتي من تـلك الثنـايـا .
*عكك: شدة الحر مع سكون الريح ، أما الفشتك فهو عصفور صغير متوحد .
#أكرم_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟