أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - رازقي . . رواية جريئة تفتقر إلى الثيمة الرئيسة















المزيد.....

رازقي . . رواية جريئة تفتقر إلى الثيمة الرئيسة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5591 - 2017 / 7 / 25 - 05:21
المحور: الادب والفن
    


صدرت عن "دار المدى" ببغداد الطبعة الثالثة من رواية "رازقي" للكاتبة العراقية شمم بيرام المقيمة بالشارقة حاليًا، وقد سبق لها أن أصدرت مجموعة شعرية تحت عنوان "هاشتاك- زهري" التي أحدثت ضجة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي وحققت لها شهرة واسعة بين القرّاء الشباب من كلا الجنسين. جدير ذكره بأن الطبعة الأولى من رواية "رازقي" التي صدرت بواقع 5000 نسخة، قد نفدت خلال الشهر الأول من صدروها وكانت ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في معرض الشارقة الدولي للكتاب الأمر الذي دفع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة لإجراء العديد من اللقاءات الصحفية حول تجربتها الإبداعية في كتابة النصوص الشعرية والروائية الجريئة التي تلامس بعض المحظورات في الثقافة العراقية الراهنة.
رغم أنّ رواية "رازقي" لشمم بيرام لا تُصنّف كنصٍ بوليسي، إلاّ أن عُقدتها تقوم على لغز ينبغي حلّه. وقد نجحت الكاتبة في إثارة فضول القارئ لمعرفة "عُلبة الرازقي" التي وجَدَتْها "رهف" أمام باب شقتها. تُرى، مَنْ هو المُرسِل؟ هل هو مُهلّب، معلِّم التربية الفنية، أم حبيبها السابق زاهد، أم زوجها حسام الذي تفكِّر بالانفصال عنه تماما؟ لم تستطع "رهف" التفكير أبعد من هذه الشخصيات الثلاث الأمر الذي يدفع القرّاء للمُشاركة في حلّ هذا اللغز الذي بدا مُبهمًا، ومُشوّقًا منذ الفصل الأول، وسوف يتأخر الحلّ حتى الصفحة الأخيرة من الرواية. وهذا دليل دامغ على أن الكاتبة قد أفلحت في تعزيز حبكة النص الروائي، وتمتين بنيته الداخلية كي يبدو رصينًا ومتماسكًا لا تعتريه الهشاشة، ولا يُثقله الإطناب والترهل.
لا يكتمل البناء المعماري للرواية بتحقق شرط واحد من اشتراطاته مثل وجود اللغز، والسعي لمعرفته، خصوصًا إذا كانت الثيمة الرئيسة بمنأى عنه، فكلما كانت الثيمة حاضرة بقوة ومشِّعة على مدار الفصول الأحد عشر كانت الحبكة أقرب إلى التدفق والتوازن والاكتمال. غير أن ما ينقص هذه الرواية هو الثيمة الرئيسة التي يجب أن يتردد صداها في الأحداث الجوهرية التي تنمو وتتصاعد دراميًا حتى تصل إلى الذروة Climax، ثم تنحدر تدريجيًا نحو حلّ العقدة Denouement.
مَنْ يقرأ هذه الرواية قراءة متأنيّة سيكتشف أكثر من عشر ثيمات مثل الحُب، والهجرة، والاغتصاب، والخيانة الزوجية، والطائفية، وازدواج الشخصية، والاندماج، وتعدد الزوجات، والموهبة الفنية، والتهرّب من المدرسة، والامتناع عن المعاشرة، والسجن، والإحساس بالحرية وما إلى ذلك، غير أن شمم لم تختر ثيمة رئيسة تهيمن على مفاصل الرواية برمتها وإنما تركتها مشتتة من دون تبئير، غير أن "الازدواجية" هي الثيمة التي تجمع بين أربع شخصيات في الأقل وهي رهف وحسام وزاهد وقريبها الشيوعي، فهي جميعها تظهر بمظهرين أو أكثر، فـ "رهف" تصلّي وتصوم وتخرج صباحًا بسروال ضيق وشعر مكشوف يتمايل مع جسدها. وحسام يحاول التقرّب من زوجته لكنه يخونها مع نساء أخريات، وزاهد الذي نشأ في بيئة دينية وأُجبر على دراسة الشريعة يتناول المشروبات الروحية في ملاهٍ ليلية، وقريبها الشيوعي الذي كان يؤمن بأن غشاء البكارة فكرة رجعية هو أول منْ أقفل الباب على أخته لشهر كامل حين زلّ لسان جاره بحبها في لحظة نشوة. لا تشكِّل هذه الازدواجية ثيمة رئيسة وإنما هي فكرة ثانوية موازية لبقية الأفكار ولكنها لم تتسيّد عليها لتصبح أشبه بالعمود الفقري الذي تتكئ عليه بقية الأعضاء والمفاصل البشرية، وهذا الأمر ينسحب على مجمل الأفكار الثانوية التي آزرت النص الروائي من دون أن تهيمن عليه. ربّ قائل يقول إن الرواية قد انضوت تحت عنوان "رازقي"، وأن عُلبة الرازقي قد حضرت بقوة في متن النص السردي فما الذي يمنعها من أن تكون ثيمة رئيسة خصوصًا وأن هناك استرجاعات ذهنية لهذه الزهرة العراقية الجذابة شكلاً ورائحة؟ والجواب يكمن في انحسار هذه الثيمة، وعدم سريانها في أوردة النص وشرايينه الدقيقة. وقد فهِمنا من خلال هذه الاستعادات بأن البطلة حتى لو عثرت على عُقلة من هذه الشجرة الجميلة فإن المناخ والتربة لن يكونا حليفين لها، بل سيخذلانها حتمًا وسوف تموت شجيرة الرازقي. لو أن الكاتبة شمم بيرام عقدت مقارنة بين زهرة الرازقي ورهف بوصفها امرأة مُهاجرة، وتوسعت في هذا الإطار الذي يفضي بالنتيجة إلى موت الاثنين معًا في هذا المنفى البارد لمنحت الرواية أبعادًا مجازية كثيرة تُثري ثيمة النص، وتعمّق دلالاته الفنيّة، آخذين بنظر الاعتبار أن الكاتبة قد ركّزت على موضوع الحفاظ على الهُوية، وتنفيذ قوانين البلد الجديد الذي آواهم من دون الانتماء الكلّي إليه. وفي هذا السياق تناولت الكاتبة موضوع الغربة التي تعرّي الإنسان المغترب من ذاته قبل أن تتيح له إمكانية العيش بين ظهرانيهم. ثمة أفكار ثانوية أخرى كان يمكن أن تكون ثيمات رئيسة مثل الاغتصاب الذي قفز من صيغته الذاتية المحددة إلى جانبه الموضوعي الأشمل، فزاهد الذي حاول سابقًا سلب عذرية رهف قد كبُر الآن و"سرق هو وأقرباؤه عذرية الوطن"(ص135). ألم يكن بإمكان الكاتبة أن تطوّع هذا التناقض الحادّ في شخصية زاهد وبقية أهلة وذويه من رجال الدين الذين يغتصبون الوطن كل يوم ثم يتحدثون لنا بألسنة طليقة عن العفّة والشرف والكرامة؟
تتطور أحداث الرواية بشكل درامي، وتنكشف أقنعة الشخصيات الرئيسة مثل رهف وحسام، فكلاهما مريض، ويناول الحبوب المهدئة، ولا تجد رهف ضيرًا في مراجعة طبيبها النفسي الذي يعالجها ويُقدِّم لها النصائح والإرشادات كي لا تخسر حضانة طفليها، وهي ماضية في مجاراة زوجها حتى تتمكن من توكيل محامٍ ينفِّذ لها إجراءات الطلاق لأن الحياة معه باتت مستحيلة، وهو يهددها بإطلاق الوحش الكامن في أعماقه. وبالمقابل كانت رهف تفكر بالانتحار ووضعِ حدٍ لحياتها الموزّعة بين ثلاثة رجال وهم حسام وزاهد ومهلّب، وقد تطفّل هذا الأخير على حياتها من خلال اكتشافه لموهبة الرسم عند ابنتها "ودّ" وبدأ يعرف كل صغيرة وكبيرة عن حياتها الشخصية والأسرية لكنها لفَظتْهُ من عالمها الخاص لأنها لم تعد تفكر إلاّ بزاهد الذي تناهبته الإشاعات، فهناك من يقول إنه قُتل في العراق بعد أن سلب البلاد والعباد، وهناك من يؤكد رؤيته في شوارع أميركا.
أشرنا سلفًا إلى أن رواية "رازقي" تتوفر على بناء معماري رصين فيما يتعلق بلُغز عُلب الرازقي التي كانت تجدها أمام باب شقتها. وقبل أن نصل إلى المفاجأة الأخيرة التي أعدّتها الكاتبة بإتقان كانت رهف بالقرب من المخزن وقبل أن تطفئ النور شاهدت حقيبة قديمة فيها العديد من العقود والمستندات التي لم تفكر ذات يوم بقراءتها لكن ما لفت نظرها عقد يبدأ بالبسملة وحينما قرأته جيدًا اكتشفت أنه عقد زواج حسام ونادية، حبيته السابقة التي تعرّف عليها في إحدى مؤسسات الإغاثة. أما خاتمة الرواية فهي الضربة الفنية المُتقنة التي أجلّتها الكاتبة شمم بيرام حتى اللحظة الأخيرة حيث أوصل شاب بهي الطلعة عُلبة رازقي جديدة إلى شقة رهف تصوّر لأول وهلة أنها صديقتها، وحينما استفسرت عن الاسم أجاب: نادية المنتصر فأدركت حينها أن كل احتمالاتها وظنونها السابقة ذهبت أدراج الرياح فخارت قواها وسقطت على الأرض.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاجئ العراقي وثنائية الهجرة والحنين إلى الوطن
- الشخصية المُناهضة للحرب في رواية السبيليات
- تيت غاليري بلندن يحتفي بالفنانة التركية فخر النساء زيد
- أديب كمال الدين . . . الشاعرُ المُتعبِّد في صومعة الحرف ومحر ...
- ديفيد هوكني في معرضة الاستعادي الثاني في غاليري Tate Britain ...
- السنة المفقودة. . . سيرة ذاتية مُصوَّرة
- بيضاء كالثلج. . البحث عن آصرة الأخوّة المُفتَرضة
- عاشقات سعد علي يمرحنَ في فردوسهِ المُتخيَّل
- انتظار السَمَرْمَرْ: رواية متماسكة وليست محْكيات مشتّتة
- -بطنها المأوى- لدُنى غالي. . . نموذخ صادم لأدب المنفى والسجو ...
- سلامًا للغربة . . وداعًا للوطن: المبدعون يصنعون شخصية الأمة
- شخصيات جاكومَتي الخيطية ترحل من الوجود إلى العدم
- إشكالية الإقحام و الفبركة في رواية بهار
- فيلم الكَنّاوي: ساجر النار: أصداء التاريخ وسؤال الحرية المطل ...
- تواشج الأشكال والمضامين في رواية -العدد صفر- لأُمبرتو إيكو
- قُصاصة ورق . . نص سردي يعرّي قسوة السلطة السورية
- لمَسات ورّاق فرنسي الهوى: توحش اللغة الإنكَليزية ودموية ثقاف ...
- الفنان التعبيري ستار كاووش ينهل ثيماته من كتاب الحُب
- التفكير بالعين: مقاربة نقدية تفتقر للإجابات الشافية
- ديفيد هوكني: الفنان الذي خلّد الطبيعة والأصدقاء


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - رازقي . . رواية جريئة تفتقر إلى الثيمة الرئيسة