أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام الدين مصطفى - ابن المبروكة )قصة حياة هداف(















المزيد.....

ابن المبروكة )قصة حياة هداف(


حسام الدين مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 5571 - 2017 / 7 / 4 - 14:56
المحور: الادب والفن
    


(1)
كرة القدم حلمه الأكبر، في حواري ميت عقبة كان هذا الحلم يتجسد دائما. سيرة نادي الزمالك كانت تثير خياله، وعندما يحدثه أحد أصحابه عن ابراهيم سعيد، أو عبدالحليم على تتقافز في رأسه الأحلام. يرى نفسه بعين الخيال يناور الدفاع ويسجل الأهداف. كانت هذه الأحلام تنسيه حياته، بيته، ظروفه الأسرية المرتبكة، تنسيه والده الأسطى الخراط الذي اعتاد الغياب عن منزله بالشهور مكتفيا بتلك الجنيهات القليلة التي يرسلها والتي انقطعت هي الأخرى بعد وفاته في حادث سيارة كما أخبره أخواله. تنسيه والدته التي
يطلقون عليها اسم "المبروكة" لأن شوارع وأزقة ميت عقبة تروي قصصا وأساطير عن الأعاجيب التي تصنعها.
"إبن المبروكة" اسمه الحقيقي كامل خميس، تحققت أحلامه على مدار سنوات، في ضميره يعيش سؤال يبحث عن إجابة، هل يعود نجاحه إلى ذلك الحجاب الذي منحته له أمه قبل أن يختبر في فريق الناشئين بالنادي الأهلي؟
فرغم أنه زملكاوي إلا أنه يحب اللعبة أكثر من حبه للأندية و لذلك لم يكن الاختيار صعبا عليه عندما عرض عليه جاره الحاج سمير – وهو أحد كبار مشجعي الأهلي وعلى صلة بإدارة النادي - أن يتوسط لدى مدرب الفريق الصغير حتى يوافق على اختباره، ونجح فعلا ببركة الحجاب كما تقول أمه.
تلك الأم التي كانت أزمة في حياته، يحبها نعم ولكنه لم يكن يصدق فعلا أنها صاحبة كرامة، كثيرا ماكان يعتقد أن الصدفة هي السبب الأساسي وراء نجاح الأحجبة والتعاويذ التي كانت تصنعها له. والآن بعد سنوات من وفاة "المبروكة" – أمه – وبعد أن أصبح نجم الأهلي، وصاحب أجمل الأهداف كما يقول النقاد الرياضيين، لايزال هذا السؤال حائرا.
مباراته الأخيرة التي لعبها الأهلي أمام غزل المحلة إنتهت بثلاثة أهداف مقابل لاشئ . أحرز وحده هدفين، بينما أحرز الهدف الثالث صديقه الحميم محمد أبو تريكة، كانت مباراة في غاية القوة حاول فيها المحلة الحصول حتى على هدف الشرف، ولكن المرمى المنيع كان أقوى من أن تخترقه الكرات. وبعد انتهاء المباراة وأثناء سيره في الممر المؤدي إلى غرفة الملابس رآها. كانت داليا تقف بانتظاره.
داليا مراد حالة خاصة في حياة كامل، ليس لأنها ابنة لواء الشرطة السابق والمليونير الحالي مراد حسنين، أو لأن هذا الرجل عضو مؤثر في مجلس إدارة النادي الأهلي، أو سمسار لاعبين من الباطن، ولكن لأن
داليا كانت الوحيدة في النادي التي كان يشعر وهو يجلس بجوارها أنه رجل، وليس مجرد لاعب كرة تهتم
به الناس لأنه نجم ومشهور. ولكن داليا لم تكن الوحيدة، كانت هناك نهلة الموظفة بقسم الحسابات بالنادي.
تلك التي كان يشعر دائما وهو يتحدث معها، أنه يتحدث مع أمه، أمه في حالتها الطبيعية كأنثى وأم بعيدا
عن حالات الدروشة. كان الصراع الأنثوي الخفي الذي يشعر به دائرا بقوة بين داليا ونهلة، يعطيه
الإحساس الذي يفتقده دائما، إحساس القوة والثقة، ذلك الشعور الذي يذكيه الغرور الذكوري لدى الرجال
عادة.
الإستعدادات في الفريق الأول للأهلي تدور على قدم وساق والمدرب البرتغالي مانويل جوزيه يهدد أن
المباراة القادمة مع الزمالك ستكون مباراة في غاية القوة وخاصة أن فريق الزمالك في أحسن حالاته، وأنه
لن يقبل التقاعس من أي لاعب. كان جوزيه يثور بشدة على كامل – رغم أنه يصرح دائما أنه يحبه
كلاعب متميز – عندما يتسبب كامل خلال التدريب في إضاعة فرصة تهديفية أو صد ضربة جزاء منه.
خاصة أنه شعر أن لاعبه الأثير غير موفق في هذه الفترة.
لم يكن كامل يشعر بتغيير حقيقي في مستواه، اعتاد تجاهل الهتافات الساخطة من الجمهور الذي يحضر
التدريب عندما يضيع فرصة ما. ثقته المتزايدة بنفسه، التي تولدت بداخله من إحساسه الدائم بأنه هداف
الفريق الأول هي التي جعلته يتبلد، وهو ما ظهر في حديثه مع حسن شحاتة المدير الفني للمنتخب القومي الذي كان يضع اللمسات الأخيرة للمنتخب القومي قبل انطلاق البطولة الإفريقية. حدث هذا في نفس اليوم الذي انتصر فيه الأهلي على المحلة. استدعاه شحاتة وأخبره أنه اختاره ضمن أفراد الفريق، اللغة الواثقة المغرورة لكامل لم تعجب ذلك المدرب المخضرم، الذي تحدث بصراحته التلقائية وقال له إنه إذا لم يتخل عن هذه الثقة الزائدة، ستكون العواقب وخيمة.
صارحه شحاتة كذلك أنه انتصر لرأيه رغم اعتراض مساعده شوقي غريب عليه لأنه لاعب مغرور، ولا
يطيع الأوامر، يومها قرر كامل أن يناصب شوقي غريب العداء، وأيدته داليا في هذا الرأي مؤكدة له أنه
أهم من أي شخص في المنتخب حتى المدرب نفسه. لهذا كان أداؤه في التدريب دون المستوى التقليدي.
في قرارة نفسه شعر بقلق رفض الإفصاح عنه لأي إنسان . كان يتمنى أن تكون أمه على قيد الحياة، كانت
دائما تنصحه وترشده، تخبره بالطريق السليم والاختيار الصحيح بعد جلسة طويلة في غرفتها، تخرج بعدها
لتخبره أن ملك الجن الفلاني يرى أن يفعل كذا، لم يكن يصدق ولكنه كان يفعل وينجح دائما.
زاره ذات مرة على الشبكشي، وهو أحد "صبيان" أمه المبروكة، وكانت تلقبه بعلي "الدهل". دهش كامل
عندما وجده قد حصل على عدة والدته وأصبح شيخا ذائع الصيت في باب الخلق. أخبره علي الدهل، أو
الشيخ على كما يحب أن يناديه الناس، أنه بفضل بركة والدته وصل إلى سر من أسرار الكون، وأصبح
قادرا على تحضير الأرواح، وأنه يستطيع أن يحضر له روح والدته، كي ترشده إلى حلول أزماته كما
اعتادت، ولكن كامل طرده شر طردة.

(2)
وجاء اليوم المنتظر، وامتلا استاد القاهرة بالجماهير من عشاق الفريقين الأبيض والأحمر. ساعتها كانت
الفضيحة، لم يكن أمام المدرب البرتغالي أية فرصة للمفاضلة، محمد أبوتريكة ومحمد بركات هدافا الفريق
مصابان، والهداف الثالث عماد متعب لن يستطيع اللعب في المباراة لأنه حصل على الإنذار الثاني في
المباراة السابقة . غامر المدرب بلاعبه الأثير كامل خميس، وبالفعل انفرد كامل بحارس المرمى وسدد كرة
ضعيفة استقرت في يد محمد عبدالمنصف حارس الزمالك، أعقبتها انفرادة أخرى بالمرمى الخالي بعد أن
سقط عبدالمنصف أرضا، ولكنه سدد الكرة بعنف الأمر الذي أدى لخروجها من الملعب .
الهدف الوحيد الذي استطاع إحرازه، ألغاه حكم المباراة الفرنسي، بعد أن احتسبه تسللا، المهم أن الهدف
نفسه كان فضيحة في حد ذاته، كان كامل يقف في منطقة الجزاء ثم استدار خوفا من أن تصيب الكرة
وجهه، وعبدالمنصف يركل الكرة، ولكنه فوجئ بالكرة ترتطم بمؤخرة رأسه بقوة، الأمر الذي أسقطه على
وجهه، وعندما قام وجد أن الكرة ارتدت من رأسه لتستقر في المرمى، وقبل أن يقفز فرحا بالهدف، ألغاه
الحكم الفرنسي.
وانتهت المباراة بالتعادل السلبي، وسط هتاف جماهيري غاضب استمر حتى ركوب لاعبي الناديين
للباصات. قفز أحد الجماهير مجتازا صف جنود التأمين وجذب كامل من ذراعه أثناء توجهه لركوب
الباص تجاه الواقفين. لحظتها لم يدر كامل من أين تأتيه الضربات، وتخيل أن الاستاد ينهار فوق رأسه.
أفاق في المستشفى بعد ساعات ليجد الدنيا انهارت فوق رأسه فعلا، داليا تنظر إليه شذرا، وتعايره بذلك
الهدف الذي سجله " بقفاه "، وتقول إنها ستضغط على والدها حتى يقنع مجلس إدارة النادي بالإستغناء
عنه. الصحف الرياضية والنقاد الذين سبق وأشادوا به وبأدائه المتميز، أطلقوا عليه إسم "اللاعب القفا"،
ورسموا له صورة كاريكاتوريه تبينه "بقفا" عريض وقد ضربه شخص ما عليه فبانت الأصابع الخمسة.
وحتى الشائعات التي خرجت من مجلس إدارة النادي كانت ترجح أن يتم إنهاء التعاقد معه قريبا، بعد أن
صدر القرار باستبعاده من تدريب الفريق الأول وتدريبه مع الناشئين، وعلق هذا القرار فعلا في لوحة
الإعلانات الداخلية في النادي إمعانا في الإهانة.
خرج من المستشفى مدمرا، حتى النادي أصبح يكره الذهاب إليه، بعد أن أصبح الكبار يرفضون محادثته،
ويسمعونه كلاما مثل الرصاص، بينما يسخر منه الشباب ويغنون له أغنية محمود عبدالعزيز في فيلم
الكيف " آه يا قفا آه يا قفا آه يا قفا آه".
إثنان فقط لم يتخليا عنه، نهلة، والكابتن حسن شحاتة الذي اتصل به تليفونيا ليطمئن عليه، وأخبره أنه
لايزال متمسكا باختياره كلاعب في المنتخب، لأنه يدرك أن مايمر به الآن مرحلة طبيعية يمر بها كل
هداف.
حبس نفسه في منزله، لم يكن مستعدا أن يلعب في المنتخب لتكون الفضيحة أكبر. فكر كثيرا في الانتحار.
جلس أمام صورة أمه يسألها المشورة، تخيل أنه يسمع صوتها ولكنه لا يفهم ماتقول. إنطلق من فوره إلى
علي الدهل، طلب منه أن يحضر له روح أمه حتى يسألها، ووافق الدهل بعد تمنع . وفي جلسة تحضير
الأرواح، أخبره الدهل أنه يعتمد في التحضير على إسم الأب، وليس إسم الأم كما يفعل الدجالون الآخرون،
حيث يقوم عن طريق الوسيط الروحاني بتحضير زوجة الأب، التي هي أمه طبعا.
وبدأت جلسة التحضير، وامتلأ المكان بالبخور، وارتفع صوت الدهل بالتمتمات والتعاويذ، والوسيط
الروحاني يهتز ويرتعش، ثم انبعثت الروح في المكان، لم تكن روح أمه كما كان ينتظر، كانت روح سيدة
أخرى تزوجها والده، واكتشف كامل أسباب الغياب الدائم لوالده عن المنزل، ولماذا كانت أمه تتهرب دائما
من الإجابة عن تساؤلاته. أكثر من محاولة لاستحضار روح أمه كانت تأتي بأرواح زوجات أبيه، وفي
آخر مرة ظهرت روح سيدة شابة انهار بعدها الوسيط الروحاني، تحدثت معه الروح وعرف كامل أن
اسمها كان هناء، وأن والده تزوجها "تخليص حق" من أحد زبائنه وماتت معه في حادث السيارة الذي
أودى بحياته قبل أن يدخل بها.
أخبرته أيضا أنهم في عالم الأرواح يعرفون كل شيئ عن بعضهم، وأنها تعرفت بروح أمه، وأحبته كما لو
كان ابنها الذي لم تنجبه، قالت له إن روح أمه لا تستطيع أن تحضر إليه الآن لأن لديها مهمة أكبر
وأخطر، وأنها كلفتها بالحضور إليه لمساعدته في حل مشكلته. وافق كامل وهو في حالة من الذهول،
طلبت منه هناء "الجنية الطيبة" أن يمنحها ثقته الكاملة.
خرج كامل من عند الدهل وهو لا يصدق ما يحدث له، وخلال رحلة العودة للمنزل في سيارته، حاول
إقناع نفسه أنه يحلم. ولكنه فور دخوله إلى الشقة انهارت كل محاولاته. كان الهاتف يدق في إلحاح، في
الوقت الذي يدق فيه هاتفه المحمول بعد أن تركه في المنزل قبل خروجه حتى لا يتحدث مع أي إنسان.
رفع السماعة ليسمع خبرا مذهلا، كان محمد أبوتريكة يطلب منه ألا يتأخر غدا عن التدريب، لأن الكابتن
جوزيه شدد على ضرورة الالتزام بالمواعيد، حاول أن يفهمه أنه موقوف عن التدريب مع الفريق الكبير،
ولكنه أبوتريكة قال له إن هذا غير حقيقي ثم شدد عليه بضرورة الحضور الباكر.
تكررت نفس المعلومة في خمس مكالمات متتالية من أشخاص متفرقين، جلس بعدها كامل يضرب كفا
بكف، ولكنه فوجئ بهناء تطلب منه ألا يندهش. ذهب للتدريب في اليوم التالي، وكانت الأمور عاديه وكأن
شيئا لم يكن، كانت هناء تصاحبه، يراها في كل مكان، مرة على "دكة" البدلاء، ومرة في وسط الجمهور،
وثالثة تمرر له الكرة.
مع الوقت اعتاد وجودها في حياته، كانت ترشده لخطواته، نصحته بالابتعاد عن داليا التي بدأت في التودد
إليه من جديد، وطلبت منه التقرب من نهلة التي تحبه بصدق.
وبدأ بالفعل معسكر الإعداد للمنتخب، بدأ كامل يشعر أن هناء هي تميمة حظه، أنها "الساحرة الطيبة " التي كان يشاهدها في أفلام الرسوم المتحركة وهو طفل.
وبدأت مباريات بطولة أفريقيا فعلا . وتألق كامل في مباراة الكاميرون، صحيح أنه لم يسجل أهدافا، ولكن
أداءه خلال المباراة كان رائعا . وتتابعت المباريات، وكامل يحرز الأهداف، دون أن يدري مايفعله على
الدهل، الذي حاول استحضار روح المبروكة مرة أخرى.

)3(
ولكن الروح التي حضرت كانت روحا شديدة الخطورة. كانت روح سمر وهي راقصة وفتاة ليل تزوجها
الأسطى خميس والد كامل وهو سكران، وطلقها عندما أفاق، فكرهته وظلت تكرهه حتى ماتت. وعندما
سمعت الأرواح تتحدث عن قيام هناء بمساعدة كامل إبن خميس قررت الإنتقام.
كان كامل في غرفته بالفندق الذي نزل فيه المنتخب، يأخذ حماما دافئا بعد يوم شاق من التمرين، عندما
سمع صوت سمر. الذعر الذي أصاب كامل كاد يفقده وعيه، وبدأت المواجهة بين هناء وسمر. واستطاعت
هناء طرد سمر من غرفة كامل، وخرجت الأخيرة ثائرة تتوعد كامل بأن تفسد حياته كما أفسد أبوه حياتها.
إنهار الشاب وأخذ يتساءل عن ذنبه إذا كان والده "زير نساء".
الأيام التالية كانت بالنسبة لكامل أسوأ أيام حياته، كانت سمر تظهر له في كل مكان، تفسد عليه تدريبه،
لدرجة أن مستواه انخفض بشدة، ونشرت الصحف تقارير إخبارية عن تدهور المستوى الفني لكامل، حتى
أن شوقي غريب قال لحسن شحاته إن مستوى كامل الحقيقي ظهر الآن. ثم كانت المباراة بين مصر
والمغرب، واستعد المنتخب، وقرر شحاته أن يغامر بإدخال كامل من بداية المباراة. كان كامل قد قضى
يومين لم تظهر له سمر فيهما الأمر الذي أدى لتحسن مستواه، مما شجع شحاته على طرحه في الفريق.
كانت هناء تصاحبه في التدريب، ومع بداية المباراة شعر أنها تلعب معه في الفريق .
كانت تصاحب حركاته الأمر الذي صنع أكثر من هجمة خطيرة، وفجأه إختفت هناء من الملعب، لم يهتم
كثيرا وواصل اللعب المتألق، وأثناء تسلمه لتمريرة من حسن مصطفى لاعب خط الوسط، فوجئ بلاعب
مغربي يقطع عليه التمريره، نظر إلى وجهه ففوجئ بأنها سمر، التي ابتسمت بسخرية وهي تقول له أنها
حبست هناء، ولن تستطيع الخروج قبل نهاية المباراة، ثم بدأت هجمة مضادة للفريق المغربي.
كان الفريق في غاية القوة، وسمر تعوق كل تمريرة لكامل، ولكن إحدى التمريرات استطاع كامل تسلمها
بمهارة، ثم ناور لاعبي الدفاع المغربي، لينفرد بحارس المرمى، وفجأ. وجد سمر تقف بجوار الحارس
وتسد الطريق عليه.
لحظة من الارتباك أصابت كامل، خاف أن يسدد الكرة فتصدها التي تترصده، ولكنه استجمع شجاعته،
وسدد الكرة في زاوية قاتلة بالنسبة للحارس المغربي، كانت الكرة تتجه بالفعل إلى المرمى، لدرجة أن
الجماهير هللت للهدف قبل مجيئه، ولكن سمر نظرت إلى الكرة بنظرة خاصة، ثم نفخت تجاهها بقوة.
كانت مفاجأة لكل من في الملعب، عندما انحرفت الكرة عن مسارها لتصطدم بالقائم، وترتد عنه بقوة لتعود
إلى قدم كامل الذي أصبح المرمى خاليا أمامه، بعد أن سقط الحارس على الأرض في اتجاه الكرة التي
ارتدت من القائم، فسدد كامل الكرة مرة ثانية بقوة، ولكن سمر كررت ما سبق وفعلته، ونفخت بقوة في
الكرة فطاشت خارج الملعب.
انتهت هذه المباراة بالتعادل السلبي، وعاد كامل إلى غرفته بالفندق في حالة انهيار. وجد هناء تحدثه، فثار
في وجهها واتهمها بأنها تخلت عنه، ولكنها قالت له إنها لم تفعل، فقد استعانت سمر بتعويذة شريرة،
واستخدمت مجموعة من مردة الجن لتقييدها، ولكنها استطاعت الإفلات منهم. وأخبرته أنها ستجري له
مجموعة من الإجراءات الأمنية، حتى لا يتكرر ما حدث. وتعاقبت المباريات وسمر تظهر في محاولة
لإعاقة كامل، لتتصدى لها هناء.
وفي مباراة قبل النهائي، وكان المنتخب يلعب مع كوت دي فوار، حصل كامل على فرصة ولكنه أضاعها،
فثارت الجماهير بشدة، ورفع هو يده للمدرب يطلب التغيير، ولكن هناء أخبرته ألا يفعل لأنه سيسجل هدفا
بعد دقائق، ولم تمض دقائق بالفعل حتى سجل كامل الهدف الأول، وعلا صوت الجماهير بالهتاف. وانتهت
المباراة بفوز مصر، بعد أن سجل عمرو زكي هدف الفوز في الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني.
ثم حان الموعد للمباراة النهائية، بين مصر والكاميرون للمرة الثانية، درجه التوتر في معسكر الفريق كانت
في أقصى معدلاتها، وحسن شحاته متردد في طرح كامل خميس بمستواه المتذبذب. ولكن الظروف كانت
تفرض عليه هذا الاختيار، كانت المباراة قوية بالفعل، وهناء تساعد كامل بأقصى إمكانها، ثم ظهرت سمر،
ظهرت في شكل لاعب ضخم واشتركت مع كامل في كرة قوية، ثم ضربته على رأسه بقوة هائلة، فسقط
كامل فاقدا للوعي . وعلى الفور نزل الفريق الطبي المعاون إلى الملعب وأوصى بخروج كامل، وبالفعل
نقل كامل إلى المستشفى .
لم يهدأ عقله حتى وهو في الغيبوبة، ظهرت له أمه في الحلم، قالت له إن هناء عاونته بإخلاص، ثم ظهرت
خلفها هناء وسط عدد كبير من الأرواح، وسمع كامل صوت سمر فالتفت إليها ليجدها بين عدد من الأرواح
مقيدة، بينما سمع صوت والده ونظر إليه ليجد روحه تتأسف له على كل ماحدث بسبب نزواته، ومن بعيد
سمع صوتا بشريا، فنظر إليه ولكن الدنيا أظلمت فجأة .
كان طبيب المستشفى يتحدث مع نهلة، ويخبرها أن كامل في أثناء غيبوبته كان يفيق لدقائق ويحكي أجزاء مما حدث ثم يغيب عن الوعي من جديد، ومما رواه يتبين أنه كان واقعا تحت ضغط عصبي ونفسي
رهيب، ولده إحساسه بالمسئولية عن اهتزاز مستوى الفريق، مع وجود الدجال الذي حكى عنه، كل هذا
كان دافعا لعقله الباطن لأن يخلق خطا دفاعيا، يظهر فيه الروح الطيبة التي تساعده، والروح الشريرة التي
تحاربه، وظهر هذا كله في هلاوس سمعية وبصرية، سيتلقى علاجا نفسيا لن يطول منها، في حين أن
الحقيقة القائمة كانت في أنه هو الذي كان يلعب، وهذه المهارات كانت مهاراته الحقيقية. أفاق كامل في هذه اللحظه، فاندفعت نحوه نهلة، وغمر الغرفة جو أسري جميل.



#حسام_الدين_مصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 11 سبتمبر
- أسئلة جسدية !!
- أوهام النبوة
- كائن افتراضي


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام الدين مصطفى - ابن المبروكة )قصة حياة هداف(