أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - جزر تيران وصنافير مهزلة أم قضية!














المزيد.....

جزر تيران وصنافير مهزلة أم قضية!


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 5559 - 2017 / 6 / 22 - 23:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في واحدة من المهازل الكثيرة التي تشهدها الساحة السياسية في مصر هذه الأيام قامت أغلبية أعضاء البرلمان بزعامة رئيسه بتمثيل الحكومة السعودية في الدفاع عن حقها في تملك جزيرتي تيران وصنافير حتى حسبتني أمام مجلس نواب سعودي وليس مصري. الامر بدا وكأننا نشاهد أحد مسرحيات بيكيت العبثية. وانتهت المسرحية بإصدار تشريع يجرد الجزيرتين من جنسيتهما المصرية لصالح الجنسية السعودية.
لست هنا بصدد الحديث عن الوثائق التاريخية والجغرافية والقانونية التي تقدم بها خبراء مصريون والتي تثبت مصرية الجزر ولكنني بصدد الحديث عن بعض المفارقات المخزية والمحزنة في هذه المهزلة.
وأول هذه المفارقات هو ما تعلمته كاقتصادي وهو أن أبحث عن الدوافع الاقتصادية لفهم أي ظاهرة. وفي هذا نقول هل كان من الممكن تصور أن تتنازل القيادة السياسية في مصر عن ملكية الجزر بهذه السهولة وهذا الشكل المهين لو أنها كانت في وضع اقتصادي قوي ومستقر وليست بحاجة لأي مساعدات مالية من السعودية؟ أم أنه الفقر والحاجة التي تتدفع الأم الى بيع عرضها من أجل اطعام أولادها؟ والسؤال من الذي قادنا إلى ما نحن فيه الان من بؤس ومذلة وتسول للغير؟
والمفارقة الثانية هي أنه بعد أن فشلت القيادة السياسية في ترويض القضاء الاداري المصري وجدت ضالتها في مجلس النواب للحصول على تشريع بسعودة الجزيرتين. والمؤسف ان البرلمان تجاوز كل حدود الحياء والحذر بتجاهله وتسفيه رئيسه لحكمين قضائيين بمصرية الجزر. وهو الامر الذي لن ينساه الشعب المصري لهذا البرلمان الذي بذل غالبية أعضاءه جهودا جبارة لمساعدة الحكومة في التعتيم على الوثائق والمستندات التي حاولت المعارضة والخبراء عرضها لإثبات أن الجزر مصرية.
والمفارقة الثالثة هي أن نقل ملكية الجزر للسعودية يؤسس لمرحلة جديدة وخطيرة في الشرق الأوسط حيث سيكون بمقدور إسرائيل التخلص وللأبد من مخاطر أغلاق مضايق تيران امام اساطيلها التجارية والعسكرية المتنقلة ما بين البحر الأحمر وميناء إيلات. حيث ستشعر إسرائيل بأمان أكثر مع ارتفاع العلم السعودي على الجزر بدلا من العلم المصري.
وباعتبار أن السعودية هي أغنى الدول الاسلامية وأرض الحرمين فقد تكون يوما ما مدخل إسرائيل لقلب العالم العربي والإسلامي بحكم حتمية دخولها في اتفاقيات جوار مع إسرائيل. ونحن على استعداد لتقبل هذا ولكن ليس على حساب حق الفلسطينيين في التحرر من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولتهم المستقلة.
أما المفارقة الرابعة فتتعلق بالسؤال المنطقي والذي طرحناه في مقال سابق لنا ألا وهو لماذا لم تلجأ الحكومة المصرية للتحكيم الدولي لفض هذا النزاع بشكل قانوني محايد ومتحضر ويحفظ العلاقات الودية بين مصر والسعودية وشعبيهما؟
وإجابتي المتواضعة هي ان الحكومة المصرية تجاهلت وتجنبت هذا الخيار ما وسعها حتى لا تتعرض للحرج أمام شعبها وأمام المحكمة الدولية وأمام العالم كله لأن حكومتنا ليس لديها خصومة أصلا مع الحكومة السعودية وهي أكثر حماسة من الحكومة السعودية في إثبات أن الجزر تعود للأخيرة. وحتى لو قبلت الحكومة المصرية باستكمال المسرحية العبثية وذهبت إلى خيار التحكيم الدولي من باب سد الذرائع واستعباط شعبها؛ فلك أن تتخيل منظر حكومتنا أمام المحكمة وهي تكذب وتتقاتل مع علمائها وخبرائها في الداخل والخارج الذين أثبتوا بالوثائق والمستندات التاريخية أن الجزر مصرية.
كل ما سبق يثبت أن وراء النية المبيتة للحكومة المصرية في تسليم الجزيرتين للسعودية ضغوطا سياسية واقتصادية ارتأت القيادة المصرية أن أرباح الانصياع لها أكبر من خسائر مواجهتها. ولكن هل هذا صحيح؟
أقول وأتمنى أن أكون مخطئا إن قرار التنازل عن الجزر ستكون له تبعات سلبية على الاقتصاد المصري لأنه سيؤدى بالضرورة إلى المزيد من الانقسام والاستقطاب والاحتقان في الداخل وهو ما يعني تفاقم حالة عدم الاستقرار المجتمعي التي نعاني منها في مصر بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية والبطالة والغلاء وعمليات القمع المستمرة وغياب الحقوق الأساسية للإنسان المصري.
وغني عن القول إن الاوضاع المذكورة غير مشجعة للاستثمارات الأجنبية الجادة وطويلة الأمد التي تحتاجها مصر بشدة من أجل نجاح مسيرة التنمية والإصلاح الاقتصادي. كما أن حالة عدم الاستقرار وكبت الحريات تؤدي إلى المزيد من التطرف وهو ما يؤدى إلى زيادة معدلات الإنفاق على أمن النظام خصما من الانفاق التنموي الذي من المفترض أن يستفيد منه المجتمع ككل وليس النظام وحده.
أضف إلى ما سبق حقيقة أن إهدار أحكام القضاء من قبل النظام ذاته يعطي إشارات خاطئة للعالم الخارجي والمستثمرين الأجانب بإن أحكام القضاء لا تحترم وأن القضاء في مصر غير مستقل وهو ما قد يؤدى إلى احجام المستثمرين الجادين وإقبال النصابين والمغامرين الذين يجيدون العمل في هذه الأجواء بنظام Hit and run.
إن مشاهد انتشار الدبابات وجنود الجيش والشرطة والبلطجية المسلحين في الميادين والشوارع بشكل متكرر لمنع أي محاولة للتظاهر السلمي للتعبير عن رفض تسليم الجزر للسعودية لهو أمر خطير ولا يعزز الصورة التي نسعى لتقديمها للعالم بأن مصر بلد آمن ومستقر ومشجع للاستثمارات الأجنبية.
إن أي نوع من التفكير العقلاني البسيط يثبت على الفور أن نظامنا السياسي أستاذ في الحسابات الخاطئة التي كلفت ولازالت تكلف مصر الكثير.



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة النقدية تدمر الاقتصاد المصري
- تصريح مدهش لشيخ الازهر
- دراسة مختصرة حول أسباب تخلفنا
- مساوئ الرأسمالية وتناقضات الاشتراكية
- دراسة مختصرة حول مصر والتبعية للإعانات الأجنبية
- من أسوأ ما في العرب
- من المستفيد من سياسة تعويم الجنيه المصري؟
- الجانب المظلم للديمقراطية
- بحث حول أخطر أمراض العصر
- الدين أم الضمير الإنساني
- الاقتصاد المصري في غرفة الانعاش
- تأملات في الديمقراطية عند بريطانيا والعرب
- النيوليبرالية والفشل المحزن لليسار
- في ذكرى رحيل العالم العربي د. مصطفى طلبه
- عرض مختصر لكتاب هام
- ماذا فعل الحكم العسكري بمصر
- الاقتصاد المصري في محنة كبيرة
- هل لمصطلح الإله أي معنى؟
- هل النظام الديمقراطي هو الأفضل دائما؟
- محمود يوسف بكير - كاتب وباحث في الشئون الاقتصادية والإنسانية ...


المزيد.....




- أول رد من إيران على تصريحات ترامب عن -إنقاذ خامنئي من موت مش ...
- تحقيق إسرائيلي يكشف عن أوامر بقتل فلسطينيين أثناء تلقيهم مسا ...
- 11 شهيدا معظمهم أطفال في غارة إسرائيلية غربي مدينة غزة
- ترامب: وقف إطلاق النار بغزة بات قريبا
- فستان أبيض وياقة عالية.. من صمّم إطلالة العروس لورين سانشيز ...
- ترامب يشكر قطر على دورها في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو ...
- خبير عسكري: عمليات المقاومة تعيق تقدم جيش الاحتلال داخل غزة ...
- لا وجود لـ-المهدي المنتظر- في تونس
- ترامب يتوقع التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة -خلال أسبوع- ...
- فيديو لدب يتسبب في إغلاق مطار باليابان وإلغاء رحلات


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - جزر تيران وصنافير مهزلة أم قضية!