|
- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين - الحلقة الثالثة
محمد علي العامري
الحوار المتمدن-العدد: 5553 - 2017 / 6 / 16 - 03:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" الشريعة الإسلامية " سلاح ذو حدين - الحلقة الثالثة محمد علي العامري
إذا أردت أن تتحكم بجاهل ، عليك أن تغلف كل باطل بغلاف الدين – أبن رشد
من يعثر على " الشريعة الإسلامية " فاليأتني بها .. تتعالى الأصوات أيامنا هذه بأن " الإسلام هو الحل " وفي تطبيق " الشريعة الإسلامية " إنقاذاً للبشرية جمعاء من الفوضى والظلم واللامساوات ، وأضافوا : سيكون العالم أكثر أمنا وأماناً وإستقراراً ، وستنعم البشرية بالعدل والرخاء والسلام . أنه كلام جميل وليس هناك أجمل منه ، ولكن المجتمعات الإسلامية لم ترى الفُتاة من هذا الكلام ، بل العكس من هذا لقد إكتوى المسلمون من ظلم وجور الإسلاميين سواء كانت أنظمة حاكمة أو مؤسسات وتنظيمات ، ولم يأتوا بالشريعة التي أطلقوا عليها " السمحاء " ليثبتوا صحة كلامهم أثناء تطبيقها على " الأمة " . ويا ليتهم جاءوا بمثال واحد أو نموذج يحتذى به خلال 1400 عام حتى يثبتوا مصداقيتهم أمام العالم ، وما هو نوع هذه الشريعة التي يريدون تطبيقها ، وعلى أي مذهب أو أي مدرسة تستند ؟ فالمطالبة بتطبيق " الشريعة الإسلامية " في بلدان تتميز بتعدد الأديان والمذاهب والطوائف كالعراق ومصر ولبنان وإيران وغيرها ، يتحتم على ذلك تأسيس دولة المذهب الواحد بدل دولة الوطن الواحد ، ناهيك عن إلغاء الدين الإسلامي في هذه الحالة وإبداله بالمذهب ، والمذهب تحول تدريجياً الى دين قائم بحد ذاته، فأصبح الإسلام اليوم إسلامين ، الإسلام السني ومذاهبه والإسلام الشيعي ومذاهبه . وبما أن الدين الإسلامي إنشطر منذ أكثر من ألف عام الى عدة فرق ونحل ومذاهب ، وكل مذهب يحاول إزاحة الآخر وإلغائه بإعتباره هو وحده صاحب الحقيقة المطلقة ، ومالك السماوات والأرض ومالك الله والأنبياء ، فلا بد وإن تظهر لنا دولة المذهب الواحد . وهذا ما نشاهده اليوم في العالم الإسلامي ، فلا يوجد قط دولة الإسلام بل يوجد دولة المذهب. ويا حبذا لو تفضل مشكوراً أحد الإسلاميين المؤمنين المتحمسين لتطبيق " الشريعة الإسلامية " ليأخذ بيدنا ويدلنا على مكان وجودها ، في أية حوزة دينية أو مكتبة أو مدرسة أو حكومة أو دولة حتى يطلع المسلمون على شريعة دينهم ليساهم بتطبيقها . إنه ضرب من الخيال حين نتكلم عن وجود شريعة إسلامية ، إنه وهم وخداع ، فلا وجود لها على الإطلاق وإنما ما موجود هو مجرد مجموعة من الفتاوى والإجتهادات متناثرة بين المذاهب المتنافرة . نعم ، كلً له إسلامه ، وكلً له شريعته ، الجهلة لهم شريعتهم وحتى التكفيريين والإرهابيين لهم شريعتهم ، وكلً بإسلامه فرحً ، والمسلمون ضحية صراعاتهم وإحترابهم وإرهابهم . فالإسلام الشيعي له شريعته الخاصة به ، ويؤكد فقهاؤه بأنه لا بديل عنها ، ويصرون ويؤكدون على تطبيقها ، ويعتبرونها هي الأصلح والأنجع للإسلام والمسلمين ، وموروثهم يثبت أنه لا شريعة سواها . وهم – الإسلام الشيعي – يقولون بأنهم لن ينحرفوا عن القرآن والسنة النبوية والأئمة قيد شعرة . وهم ليس أقل دهاءً من غيرهم ، فلقد جاءوا بالقرآن وفصلوهُ تفصيلاً بما يتلاءم ومذاهبهم ، وهم على قدر بما يفقهون ، وعندهم حوزاتهم الدينية في النجف بالعراق وقم بإيران المختصة بالإسلام الشيعي وفقه دين الإمامة – الجعفري الأثني عشري – حيث يتخرج من هاتين الحوزتين كبار فقهائهم ومجتهديهم ورجال دينهم . وكذلك الإسلام السني إنفرد بشريعته أو شرائعه ، وكما فعل فقهاء الإسلام الشيعي جاءوا بالقرآن وفصلوهُ تفصيلا على مقاسات مذاهبهم بما يتلاءم وشرائعهم . وأيضاً إعتمدوا على الموروث الذي لملموه على مَر القرون من أحاديث مروية عن نبيهم محمد أو أحاديث صحابة محمد ، ليؤكدوا لمسلميهم بأن شريعه دينهم هي الأصلح والأنجع لهم ويجب الجهاد والتضحية من أجلها . وبما أن القرآن " حمال ذو وجوه ، وحمال أوجه " كما وصفه الإمام على بن أبي طالب في نهج البلاغة ، أصبح لكل منهما إسلامه وقرآنه في التفسير والتأويل ، وكل له صحابة وأئمة لهم أحاديثهم ورواياتهم على لسان نبيهم . ولو تمعنا جيداً ودققنا بكل صغيرة وكبيرة ، لوجدنا أن هناك لكل منهما نبيّه ومحمّده . وبما أن كل من الطرفين يحتكر الحقيقة المطلقة ، فلا يمكن لأي من الإسلامين الشيعي والسني أن يفكر بالتنازل للآخر مادام الكل متسمك بموروثاته ، والمروث عند الطرفين مقدس ، وهناك إنقياد وتمسك جنوني بهذا المقدس . ولهذا نرى أن الحوار بين السنة والشيعة هو حوار الموروثات لتتحول حججهم الى المزايدات على بعضهم البعض ليصل حد التسقيط وإلإلغاء . فنقطة الحوار المركزية التي دائماً يبدأون بها هي لقضايا وحجج حدثت قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام ، ولهذا بات من المستحيل أن نجد نقطة إلتقاء بينهما ، فأصبحا عدوين متضادين متحاربين كارهين بعضهما ، ولم يبقى بينهما من الإسلام جامع أو عامل مشترك ، حتى لفظ الشهادتين ما باتت تجمعهما ، لأن الإسلام الشيعي أضاف شهادة ثالثة وهي " أشهد أن علياً ولي الله " في الأذان ، لتكون القطيعة نهائية والعداء يستمر والكراهية تزداد يوماً بعد يوم. ويا ليتهم يعلنوها بأن الإسلام إنشق الى إسلامين . فهل بقيت مساحة في الأفق بأن نتكلم عن وجود " شريعة إسلامية " واحدة موحدة ؟ الحلقة القادمة حول مصادر الشريعة
#محمد_علي_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين - الحلقة الثانية
-
- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين
-
سألوني .. لماذا لا تكتب عن مشكلة قطر
-
ولكن .. يأتي الإرهاب لنا من هنا
-
يمر الظلام علينا من هنا ...
-
هل هناك إمكانية لتغيير الخطاب الديني وتجديده
-
لا بديل عن الدولة العلمانية في العراق
-
لي كلمة بمناسبة أعياد الحزب الشيوعي العراقي
المزيد.....
-
إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل
...
-
-التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم
...
-
أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
-
ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
-
-حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع
...
-
زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا
...
-
تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
-
ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
-
زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
-
-بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|