أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - كريم عامر - إنها ليست النهاية ... ياهند .















المزيد.....

إنها ليست النهاية ... ياهند .


كريم عامر

الحوار المتمدن-العدد: 1449 - 2006 / 2 / 2 - 10:13
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


عندما أصدرت إحدى محاكم القاهرة الخميس الماضى حكمها برفض دعوى إثبات نسب الطفلة " لينا " للفنان الشاب " أحمد الفيشاوى " ظن بعض الشامتين أن هذا يعد إنكسارا للتيار الإجتماعى النسوى ونصرا جديدا للمجتمع الذكورى ، وتمادى بعض مرضى العقول من المتطرفين ومن حذا حذوهم من ممثلى هذا المجتمع فى توجيه إهانات لفظية ومعنوية إلى " هند " ناعتين إياها بالزنى والإنحراف الأخلاقى وأنه يجب إقامة الحد عليها برجمها فى الوقت الذى أخذوا يشيدون فيه بـ" أحمد " ( على الرغم من إعترافه فى وقت سابق بعلاقته بها ) زاعمين أن " لينا " ليست إبنته وأن هنداً أنجبتها جراء علاقة مع شخص آخر - على حد إفترائهم - ، وظن هؤلاء الحمقى أن نهاية النضال النسوى ضد هذا الطغيان قد حلت عندما أسدلت المحكمة الستار على قضية " هند " و " أحمد " ، وخيل إلى عقولهم المريضة أن النساء سيتخذن مما حدث لـ" هند " عبرة وعظة وسيستسلمن لاحقا لوضعهن الدونى فى المجتمع بأعرافه الجائرة وأحكامه المجحفة ومواقفه المتآمرة ، ولم يدر ببال الكثيرين منهم أن الشرارة التى أطلقتها " هند " ستدفع النساء إلى سلوك ذات الطريق نحو التحرر الكامل من السيطرة الذكورية على مصائرهن داخل المجتمع ، وأن المصاعب التى إكتنفت هذه التجربة كانت متوقعة وموضوعة فى الحسبان نظرا لأن المواجهة كانت مع مجتمع بأكمله يحتقر المرأة ويعدها من سقط المتاع ويحملها كافة الأوزار والتبعات ، ولأن هندا حطمت القيود التى فرضها المجتمع عليها وتمردت على أعرافه التى الزم كافة أفراده بها وتنكرت لثوابته اللاإنسانية التى يتلظى النساء بنيرانها ، فكان من المنطقى فى ظل هذا الوضع اللاإنسانى أن يصدر الحكم الجائر بحق هذه الإنسانة وإبنتها لأن الخصم قد نصب نفسه حكما فى قضيتها فى صورة مشرعين ( ذكور ) خرجوا من عباءة هذا المجتمع وسنوا قوانين تؤيد أعرافه وتقاليده وتعدها مقدسات لا يجوز إنتقادها أو المساس بها على الرغم من إجحافها ولا إنسانيتها ، وقضاة ( ذكور أيضا ) خرجوا من نفس هذه العباءة المهترئة الممزقة يعملون فى سبيل تطبيق هذه القوانين الجائرة سالبين من النساء حقوقهن ومتكاتفين مع المجتمع فى إضطهادهن وتقييد حرياتهن .
ولكن هندا لم تكن وحيدة ، فقضيتها ليست فريدة من نوعها ، فأمام المحاكم المصرية الآن أكثر من عشرين ألف قضية إثبات نسب لأطفال ولدوا فى ظل علاقات جنسية خارج الإطار المشروع إجتماعيا ، هذا بخلاف عشرات الآلاف من الأطفال الذين تكتظ بهم الأرصفة والملاجىء بعد أن تخلت عنهم أمهاتهن هلعا من سكين غسل العار ، ومئات الأجنة التى يتم إجهاضها سرا فى عيادات الأطباء درءا للفضيحة المزعومة ، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على مدى القسوة التى تميز هذا المجتمع الجائر المزدوج المعايير المنحل الأخلاق والذى يكبل نصف المجتمع ويطلق النصف الآخر لخداعهن وإستغلالهن عاطفيا وجنسيا قبل أن يساعدهم على التخلص من تبعات هذه العلاقات التى قد ينتج عنها أطفال هم بالتالى مرشحون لوضع إجتماعى صعب ومرير مع نبذ المجتمع لهم بدعوى أنهم أبناء زنا أوغير معروفى الآباء ! .
إن رفض دعوى " هند " فى الوقت الذى إعترف فيه " أحمد الفيشاوى " بأن هناك علاقة جنسية ربطته بها ، مع رفضه إجراء تحليل الحامض النووى لإثبات ما إذا كانت الطفلة إبنته أم لا ، يثبت بما لايدع مجالا للشك التواطؤ المفضوح بين السلطة الإجتماعية الممثلة فى القضاء وبين " أحمد الفيشاوى " بوصفه أحد أفراد هذا المجتمع الذكورى ، فكما هو واضح فإن رفضه إجراء هذه التحاليل التى يقول الأطباء أنها تثبت النسب بدرجة 99.9% مع إعترافه السابق بأنه قد أقام علاقة جنسية مع " هند " يجعلنا نتأكد من أن " لينا " هى إبنته وأنه يسعى إلى التنصل من مسؤلياته بوصفه والدا لها ، ولكن القضاة ( الشرفاء جدا ! ) تواطئوا معه فى هذا الأمر ولم يضعوا فى إعتبارهم إعترافه السابق ورفضه إجراء التحاليل ، وأصروا على رجم " هند " وإبنتها إجتماعيا ظانين بذالك أنهم يصونون المجتمع من الإنحراف الأخلاقى ، دون أن يدركوا أنهم يرسلون رسالة ضمنية من خلال هذا الحكم الجائر إلى كل شاب وكل رجل أن عربد كما تشاء وإعبث بالنساء كما تريد ، فإن إغتصبت فتاة فسنكافئك على هذا بأن نزوجك إياها ، وإن خدعت إحداهن بإسم الحب أو أى شىء آخر ومللت منها لتبحث عن فريسة غيرها فسنسهل لك عملية التنصل من مسؤلياتك تجاهها لأنك إنسان كامل وهى ليست سوى كائن حقير نفرغ فيه شهواتنا ، فإفعل ماتريد ، فالقانون - على أية حال - لا يحمى النساء وأبناء الحرام !.
لقد عرت " هند " سوأة هذا المجتمع المنحرف الأخلاق المزدوج المعايير ، وكشفت للجميع كيف تعانى نساؤه من الجور والظلم والإضطهاد والعنصرية ، وكيف يقف الدين والعرف والقانون فى صف الرجل يحثه على قهر نساءه وفرض سيطرته وجبروته على إرادتهن .
وعلى الرغم من كل ماحدث ، فإن مافعلته " هند " هو بداية موفقة بكل المقاييس ، وربما كان من حسن طالع الطفلة " لينا " أن رفضت المحكمة نسبتها إلى هذا الفتى الأرعن المستهتر المنحرف الأخلاق ذو الأفكار الرجعية والتوجهات المتطرفة الإسلامية ، بل إننى أذهب - على خلاف ماصرحت به والدتها - إلى أن الظروف الإجتماعية التى ستنشأ فيها لأم متمردة على الأوضاع المجحفة التى تتردى فيها النساء ستجعلها فى وضع أفضل مما لو نشأت فى رعاية والد متطرف كـ" أحمد الفيشاوى " ، وعلى أية حال فإن الظلم ليس سوى حالة عارضة تزول بالزوال - الحتمى - للنظم الإجتماعية الفاسدة التى نتلظى فى آتونها ، وربما يكون ماحدث حافزا لـ" هند " ولجميع النساء أن يبدأن فى المطالبة بحق الأم فى نسبة أطفالها إليها بصرف النظر عما إذا كانوا نتاج علاقات مشروعة إجتماعيا أم لا ، وبذالك نغلق بابا جديدا من أبواب تسلط الذكور على النساء ، ونعطى فى الوقت ذاته قدرا أكبرمن الحرية للمرأة فى ممارسة نشاطاتها الحياتية المتنوعة بعيدا عن قيود الزواج الأحادى الذى يعيقها كثيرا عن ممارسة إنسانيتها ، ولأن هذا أيضا يعد وضعا طبيعيا للمرأة حيث أن النسب للأم يسهل إثباته بمجرد ولادتها لطفلها بعكس الأب الذى لا يحمل ولا يتكبد مشاق وتعب الولادة والإرضاع وبالتالى لا يمكن التأكد من نسبة أطفاله إليه بنفس السهولة التى يمكننا أن نتأكد من نسبة الأطفال إلى الأم .
لقد أشعلت " هند " الشرارة ، وأهابت بنساء مجتمعها المقموعات أن يستيقظن من سباتهن وأن يطالبن بحقوقهن على إعتبار أنهن كائنات بشرية كاملة من جميع النواحى النفسية والعقلية والجسدية ولا يوجد مسوغ عقلانى أو أخلاقى يدعم التفرقة بينهم وبين نظرائهم من الذكور ، فما قامت به " هند " يعد عملا ناجحا تستحق أن نرفع لها قبعاتنا إحتراما وتبجيلا ، وهى لم تنهزم - كما خيل للبعض - عندما قضت المحكمة لصالح خصمها ، لأن كشفها للوجه المقيت للمجتمع الذكورى الذى يمتهن كرامة النساء ويصادر حرياتهن يعد نصرا عظيما لها تتضائل أمامه كافة التضحيات والخسائر .
إن هنداً وإبنتها " لينا الحناوى " ( هكذا أفضل أن أدعوها ) ستبقيان فى قلوبنا إلى الأبد ولن ننسى أبداً الوقفة الرائعة للدكتور حمدى الحناوى وزوجته الشجاعة الدكتورة سلوى عبدالباقى بجانب إبنتهما وحفيدتهما بصورة غير مسبوقة فى تاريخ هذا المجتمع الذكورى القح ، لا يجرؤ أن يفعلها سوى من يمتلك قدرا كبيرا من الصراحة والشفافية والجرأة والشجاعة والقوة التى تؤهله لمواجهة هذا المجتمع وكشف عيوبه وفضح مسالبه .
لينا - يا " هند " - لن تصبح إرهابية كما صرحت بالأمس القريب ، وإذا كانت الظروف الإجتماعية تشجع على ذالك - كما ذكرت - إلا أن مجرد إنتمائها لأم مثلك سيغير من موازين الأمور وستصبح فخرا لك وشرفا لعائلتك وحسرة على من تنصلوا من بنوتها وأداروا ظهورهم لها ، فاطمئنى يا " هند " ، ولا يفت فى عضدك ماحدث ، فلن يصل إلى خط النهاية سوى من يستحق الفوز ، ولن يصح إلا الصحيح ، ولن يضيع حق مادام ورائه مطالبين ، فإستمرى فى نضالك ونحن معك بقلوبنا قبل كل شىء ، وثقى تماما أن النصر سيكون حليفك لأن الحق فى جانبك وفى جانب طفلتك البريئة الجميلة الرائعة ... لينا .



#كريم_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلا الحماقة أعيت من يداويها ...!! .
- قتل النساء على خلفية الشرف الذكورى الضائع !
- فى ذكرى إعدام الجعد بن درهم
- عود حميد ... مع بداية العام الجديد
- بين التشريع المدنى .. والتردى صوب الهاوية
- وإجتزت الإمتحان ... بنجاح
- حقيقة الإسلام كما شاهدتها عارية فى محرم بك
- هوية الفرد فى المجتمع الإنسانى
- لن أسير مع القطيع !
- قضاة ... أم خيالات مآته ؟؟!!
- بايعوا الرئيس مبارك ... أميرا للمؤمنين !! .
- رسالة الى السيد الرئيس
- إنطبعات متظاهر
- الدفاع عن المرأة ... دفاع عن الذات
- تعليم الإناث وأثره فى إنهيار الفكر الذكورى .
- فتش عن القاعدة
- النظام الأسرى بين المساواة والقوامة .
- من واقع رسالة طالب أزهرى : الأزهر والقاعدة ... وجهان لعملة و ...
- إعدام الشريف إعلان حرب ضد مصر
- صيفى ... ولكن حافظى على حجابك !


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - كريم عامر - إنها ليست النهاية ... ياهند .