أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - هاني نسيره - حوار مع المفكر السوري الكبير الدكتور الطيب تيزيني















المزيد.....

حوار مع المفكر السوري الكبير الدكتور الطيب تيزيني


هاني نسيره

الحوار المتمدن-العدد: 1449 - 2006 / 2 / 2 - 10:11
المحور: مقابلات و حوارات
    


الطيب تيزيني " 1934 – " مشروع فكري كبير بدأ منذ منذ بداية السبعينيات منذ كتابه الأول " مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط " سنة 1971 ، ثم كان إعلانه الأقوى في مشروعه الثوري " من التراث إلى الثورة - حول نظرية مقترحة في قضية التراث العربي " سنة 1976. والذي كان فاتحة ما عرف فيما بعد بالمشاريع الفكرية - الفلسفية - التاريخية الكبرى في الفكر العربي الحديث عند حسن حنفي ومحمد عابد الجابري وعبد الله العروي وغيرهم . كان لنا معه هذا الحوار أثناء وجوده في القاهرة :
- بداية دكتور الطيب لو بدأنا من مشروعكم " من التراث إلى الثورة " ماذا يبقى منه الآن ؟
- د الطيب : الحديث عن كتابي " من التراث إلى الثورة " في هذه المرحلة يدعوني للتساؤل فيما إذا كان هذا العنوان مازال محتفظا براهنيته المعرفية والسياسية والثقافية ، وله ضرورة تاريخية الآن ، خاصة وأنه ككل عمل فكري يعكس لحظته وإن كان يتضمن كذلك ما قد يغطي لحظات أخرى لاحقة ، ورأيي فيه بعد عقد ونصف عقد من التفكير أنه ينسحب ليفسح الطريق الآن إلى عنوان آخر هو " من التراث إلى النهضة " فمرحلته في بداية السبعينيات كانت تحتمل مشروع الثورة ، بيد أنه الآن في سياق التحولات التالية وخصوصا مع نشأة النظام العالمي الجديد وتفكك المنظومة الاشتراكية وإخفاق الحرب الخليجية الثانية إضافة لتعاظم آفاق ثورة المعلومات والاتصالات كانت موجهة لتوجه جديد للخارطة الفكرية والسياسية العربية التي أخذت تنحو نحوا مختلفا إلى حد واضح ، ومن موقع البحث النظري تبين لي أن مشروعا للنهضة ربما أصبح هو العلامة الأولى للعصر العربي الراهن وليس مشروعا الأيدولوجية الثورية .
- وما أهم ملامح هذه المشروع الجديد وأسئلته ؟
- إنه ينطلق من سؤال ذي طابع وجودي هو : هل يستمر العرب بوصفهم تجمعات وطنية أو قومية قادرين على أن يبقوا فاعلين في تاريخ قادم ؟ لقد كان السؤال السابق في المشروع الثوري قائما على مسألة التقدم التاريخي بينما يقوم مشروع النهضة على سؤال الهوية التي يحيط بها الخطر والتهدد ، فالهوية تبرز هنا بمثابتها رافعة حاسمة نظرا لأنها توجد الآن تحت قبضة حديدية جديدة وقادرة على الفعل هي النظام العالمي الجديد ، الذي يسعى إلى ابتلاع الطبيعة والبشر ، وإلى هضمهم وتمثلهم ومن ثم تقيؤهم سلعا ، هوية السوق هنا يراد لها أن تكون البديل الأوحد للهويات القومية والوطنية . تم اختراق مشروع الثورة وتم استنفاذه وبقي مشروع النهضة القديم مرة أخرى ولكن في شكل جديد لا يصح أن يخرج عن سقف يجمعنا مع الآخرين ولا ننغلق فيه على أنفسنا او تصوراتنا عنهم . للسؤال وكلاهما مهم. فلا يصح ان نُحيل قضايانا الداخلية الى فعل خارجي، ولكن يمكن أن نحيله إلى جدلية الداخل والخارج، هذه الجدلية التي تعني ان الداخل هو الذي يملي على الخارج كيف يؤثر فيه. الاشكالية، اذن تبدأ بالداخل، هذا عموماً، لكن مع اخفاق المشروع النهضوي في القرن التاسع عشر، اي في مرحلة تحول النظام الرأسمالي الى المرحلة الليبرالية ثم الاستعمار، اصبحت العلاقة مختلفة بعض الشيء بين الطرفين - طرفا المعادلة - الداخل والخارج. في تلك المرحلة اصبح الخارج قادراً على ان يسترق الداخل .
- ما هو الفارق بين مشروع النهضة ومشروع الثورة في رأيكم بعد هذه المراجعة المهمة ؟
- إن هذه التحول عندي من مشروع الثورة – حيث كان حسن حنفي يصفني بأنني فيلسوفها بينما هو فقيهها – إلى مشروع النهضة لفوارق أساسية بين المشروعين تبرز في مقدمتها ما يتصل بالحوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية لكل منهما ، فمشروع النهضة مشروع الجميع الشعب والأمة ككل ، أما مشروع الثورة فهو مشروع طبقة ، فهو مشروع باتجاه تموضع اجتماعي وطبقي ذي بعد غير شامل ، وإن كان يحمل إمكانية تحوله للشمول .
- ولكن
- كيف يعني هذا تراجعا عن الطرح الثوري الأيدولوجي الذي وجد زخما لديكم منذ بداية السبعينيات ؟
- نعم .. فقد بدأت العمل في هذا المشروع مع وصولي إلى بدايات هذا التفكير النهضوي الذي جعلني أتلمس الطريق ثانية نحو النهضة العربية الحديثة ، حيث كنت أبحث عن ماذا ينبغي أن يحدث الآن في ظل الوضعية العالمية والعربية التي تأسست في الخمسة عشر سنة الأخيرة ، وهي ما تمثل انقطاعا نوعيا مع أسئلة المرحلة السابقة ، هناك حالة جديدة واختبار جديد أمام المجتمع العربي يستدعي تطوير أولوياته وممكناته في آن واحد .
- وما هي أهم ملامح هذه الوضعية العالمية والعربية الجديدة التي تمثل تحدياته ؟
- أتي النظام العالمي الجديد والبنية العربية مبتلعة من الدولة الأمنية ، فهذه الدولة الأمنية التي أتت على أكتاف الفكرة الثورية ابتلعت الإصلاح الليبرالي الذي سبقها ، مما جعلنا حصارا من قوى كبري وسياسات كبري وفي نفس الوقت أنظمة مغلقة ودول مغلقة حاصرت إمكانيات شعوبها وطاقاتهم الإبداعية والتقدمية معا ، وهذه الحالة من الحصار تشكل لدينا نخبا مثقفة وشعوبا سؤالا وجوديا كبيرا ، كيف نكون حتى يبقي كياننا ، وبالتالي تتحول الإجابة من فكر المجابهة والثورة إلى فكر الإصلاح الذاتي ومقرطة الدولة الأمنية في العالم العربي .
- كيف ترون سوريا في ظل هذا المشهد ؟
- سوريا الآن هي المثال الأكثر تعقيدا في واقع الحال ، ويمكنني أن ألخص حالة سوريا – كذلك - في سؤال كبير هو : هل هناك نظام سياسي في العالم يرفض الاستقواء بشعبه ليبحث عن استقواء بالآخرين ؟ نحن محاصرون من النظام الذي يحكمنا .. كما أجدني أعيش حالة من الإملاء الخارجي المفتوح والحصار الكبير لأي مشروع إصلاحي وطني ديمقراطي . وهنا تبرز الإشكالية الأخرى الأكثر خطورة وهي التي تتمثل في السؤال التالي : من الذي يفتح النظام السوري المغلق ؟ شعب مكبل أم خارج يسعي لابتلاع الداخل ونظام يعتقد أن اللعب لا يكون إلا مع الخارج وعليه !
- كيف تفسرون الصعود الأصولي الأخير في المنطقة ؟
- الاصولية ظاهرة مركبة ومعقدة، وحديثي عن الاصولية هنا هو حديث عن الاسلام السياسي الراهن، ولا اريد هنا ان اطيل في تحديد الاصولية لان لها عدة مستويات، مستوى لغوي، مستوى دلالي، مستوى اصطلاحي. اتحدث هنا عن المستوى الاصطلاحي الذي نعني به تلك الحركة الاسلامية التي اعلنت العودة الى النشوء انطلاقاً من شعارها الكبير الاسلامي لم يتركوا شيئاً للخلاف، فنحن الاخلاف اذا ما واجهتنا اسئلة علينا ان نعود الى استنطاق هذه الاسئلة وفهمها وفهم اجوبتها ضمن اسلافنا، وعلى هذا الاساس الاصولية تهشم السياقات التاريخية، تهشم التاريخ، وتضع من ثم الحدث مقابل التاريخ، البنية مقابل التاريخ. هذه الاصولية السياسية لم تنشأ بوصفها ظاهرة دينية اسلامية اكتسبت دلالاتها من نمو ذاتي فيها فحسب، وانما الاصولية هي اولاً نتيجة من نتائج الاخفاق العربي الذي تمثل في تفكك المشاريع العربية الاربعة القومي، والاشتراكي والليبرالي، والاسلامي. الاسلامي هنا الذي لاندخله في الاسلام السياسي، اسلام اولئك المثقفين المسلمين الذين كانوا يطمحون الى التنوير الديني، الاصولية هنا امر آخر. اذن هذه الاصولية برزت في داخل المجتمع العربي ولم تنتج مع نشوء العولمة، او بفعل العولمة .
- إذن هي أمر داخلي وليس نتاج الخارج أوبفعله كما يسعى البعض ؟
- هي امر داخلي بسبب الاخفاق الكبير في المشاريع الاربعة، ومن ثم تفكك هذه المشاريع الاربعة اوجد حالة جديدة من الفراغ التاريخي. الاسلام موجود بقوته الهائلة، وهى قوة هائلة بمعنى التأثير الشعبي. لذلك نرى ان الاصولية تأتي فعلاً ورد فعل، فعل اراد ان يلتقط الحديث الجديد ورد فعل اراد ان يجيب على ما اخفق فيه الاخرون .
ولهذا أعبر عن الاصولية بوصفها مشروعاً ازموياً، هي مشروع ازمة وليست مشروعا لنمو، وكلاهما مختلف عن الاخر . ويرجع ذلك إلى كونها تعود الى الماضي، وتأخذه من حيث هو، ولا تأخذه من حيث هى، اي ان تغطي على المعيار المنهجي الذي يقف امام السؤال الكبير كيف نعود الى الماضي. ماهو هذا المعيار؟ انه الواقع المعاش لاعتبارين، اعتبار ايدولوجي اي اعتبار المصالح، واعتبار معرفي، فمن يعود الى الماضي، يعود دائماً باملأ من هذين المستويين للحاضر الذي يعيش من يود العودة الى الماضي .
- كيف ترون دعوتكم مع عدد من المثقفين السوريين لإدماج الإخوان المسلمين في الحياة السياسية في سوريا ؟
هذا عبء يقع على المثقفين السوريين ودعاة الإصلاح السياسي أنفسهم بأن يجذبوهم نحو الأرضية المدنية والديمقراطية ، وظني أنه يحدث ويمثل تقدما لهذه الجماعة في سوريا حيث ينمو الخطاب بشكل كبير وواضح ، ربما عن الإخوان في مصر التي تشهد استقطابا حادا بعد الصعود الأخير لهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، حيث لا زالوا أقرب للأرضية الدينية منهم للأرضية المدنية ، وعل من الممكن أن نلقي باللوم في ذلك على النخبة المدنية المصرية ذاتها .
- ما موقفكم من إعلان دمشق الذي وقعته عليه مجموعة من الأحزاب والمثقفين السوريين ؟
- تجاهل الإعلان لمسألة احتكار الثروة في سوريا ونهب أموالها في تهريبها للخارج ما أدى لتدويل هذه الأموال وعودتها إما في صورة مساعدات أميركية زائفة أو قنابل ومدافع إسرائيلية منتقداً تركيز الإعلان على احتكار السلطة السياسية فقط في هذا الشأن.
- كيف ترون مستقبل سوريا الآن ؟
- إن سوريا تواجه حاليا ثلاثة مخاطر أولها فتنة طائفية يتم اللعب عليها من الداخل والخارج وثانيها حرب طبقية ملونة طائفيا وثالثها محاولات الغزو الخارجي للبلاد مشيراً إلى أن الحل في مواجهة هذه الاخطار يجب أن يكون في خطوتين أولاهما الاستجابة للشرعية الدولية وثانيهما الانخراط في عملية إصلاح وطني ديمقراطي وفتح ملفات مهمة كملف المعتقلين السياسيين لتحقيق مصالحة وطنية داخلية.
- وفي تعليقه على التطورات الأخيرة من الضغوط الخارجية على سوريا خاصة بعد حديث خدام الزلزالي في فضح سوءات شركائه السابقين "
- ودعا تيزيني إلى عدم الرهان على الخارج مؤكدا أن الخارج لن يأتي محرراً للداخل وان الرهان يجب أن يكون على قوى الداخل بمن فيهم القوى البعثية التي تدعو للإصلاح والتغيير ودعا تيزيني إلى الأخذ في الاعتبار التغييرات في خطاب جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وقبول قسم كبير منها للتعددية مشيراً إلى أن الجماعة نشأت في سوريا كحركة ثقافية مفتوحة ، وما يتخذه الإخوان الآن ليس رهانا على الخارج بتحالفهم مع معارضي السلطة في المنفي ولكنه فضح للنظام الذي كان سنده في الخارج دائما ، وتعريته أمام الخارج ليس اعتمادا عليه ولكن إعطاء مساحات من الفعل للداخل السوري في ظل نموذج لدولة أمنية مغلقة .



#هاني_نسيره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفجر أسئلة الهوية في الغرب
- الأصولية العربية المعاصرة وأسئلة الإيمان
- لماذا تنتصر الليبرالية وينهزم الليبراليون
- الكادر النسائي لللإخوان المسلمين !
- الفلسفة والفكر فض للإشكال المفاهيمي !
- لماذا صعد الإخوان ... سؤال أعمق من إجاباته الصاعدة !
- محمود عزمي أول ناشط عربي في مجال حقوق الإنسان
- هامش على الصعود الإخواني الأخير


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - هاني نسيره - حوار مع المفكر السوري الكبير الدكتور الطيب تيزيني