أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - عزيزي الله – مواطن مجهول 7















المزيد.....

عزيزي الله – مواطن مجهول 7


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 5542 - 2017 / 6 / 5 - 21:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سلسلة مقالات من كتاب: عزيزي الله: رحلتي من الإيمان الى الشك - مواطن مجهول، 52 صفحة
يمكن الحصول على النسخة الورقية من موقع أمازون https://goo.gl/W619cB
كما يمكن تحميل النسخة المجانية من موقعي http://wp.me/p1gLKx-hSc
.
الآخرة (تتمة)
-----
عزيزي الله،
فكرة الخلود الأبدي فضلا عن كونها مرعبة هي أيضا خالية من المعنى وغير مقبولة .. الألم واللذة طارئان ولا يمكن الإحساس بأي منهما إلا ببداية ونهاية. تصوّر سنّا يؤلم صاحبه .. لو استمر هذا الألم وبقي صاحبه يتوجع منه فترة من الوقت ثم طال به الزمن سنين وسنين .. أتراه يستمر في توجعه أم ينسى كيف كان حاله بدون ألم؟ ثم ماذا عن اللذة .. تناول وجبة شهية أو قطعة من الكيك أو الآيس كريم أو تصفح كتاب ممتع .. تصور لو أن ذلك الكتاب أو ذاك الكوز من البوظة لا ينتهي .. ألا يصبحوا مملين ويفقدوا المتعة التي تصحبهم؟ ما الذي يجعل من تلك الأشياء لذيذة سوى أنها تنتهي ومعرفة الإنسان بأنها تنتهي .. خذ واحدة من أقوى الملاذ وهي لذة الجنس التي لا تدوم الا بضع ثواني وأحيانا دقائق .. تصور لو أنها استمرت ساعات وأيام وأسابيع وسنين .. أيحس بها الإنسان لو بقي منتشيا دوما؟ هناك من يرى أن جنتك إنما هي لذة الجنس مستمرة على الدوام .. ثم كيف تكون أخرانا الأبدية حصادا لدنيانا المحدودة، سواء مكافأة أو عقابا؟ كيف يستقيم ذلك مع عدلك الإلهي يا رب .. بعض الأفعال الآنية في دنيانا الفانية يقابلها خلود في نارك، أيعقل هذا وأنت رمز للعدالة؟
.
ثم ما هذه الجنة المملة؟ .. جنس وأكل وخمر، جنس وأكل وخمر .. وكأنها حفلة من حفلات العربدة الجنسية في أحد الخمارات. أليس توفير نساء لمتعة الرجل هو مثل القوادة .. أليس في ذلك إهانة للمرأة وكأنها مثل الدمى والألعاب الجنسية التي يستخدمها الرجل في الدنيا؟ كتاب مقدس تتحدث فيه عن كبر صدور النساء الذين ستقدمهم لمتعة رجالك في جنتك وتغري بهن أتباعك، تغريهم بكواعب أترابا، بنساء ذات أثداء كبار .. أيعقل هذا منك يا ملك الملوك؟ أريد أن أمارس هواياتي المفضلة والتي كنت أمارسها سابقا .. أريد مشاهدة الأفلام بالسينما والسفر لاكتشاف بلاد جديدة وتصفح الإنترنت، أهناك إنترنت في جنتك يا رب وتويتر وفيس بوك ويوتوب؟ أريد أن ألعب الكرة حتى أحس بالتعب، أيمكن أن أحس بالتعب أم أن هذا لا يسري في جنتك؟ لا أريد فاكهة تتدلى فوق رأسي لأمد يدي وأقطفها بل أريد أن أصعد شجرة لأقطف الثمرة بنفسي وربما أقع في الطريق وأجرح قدمي .. أريد أن أحس بالجوع والألم قليلا، ثم لا أريد امرأة مستلقية على الأريكة بانتظار ممارسة الجنس معها بل أريد قصة حب مع امرأة تتمنع وتتهرب مني في علاقة قد تفشل أو تنجح .. أريد لوعة الفراق ولهفة اللقاء. ثم كيف سأستمتع وأنا أعرف أناسا أحببتهم في دنياي انتهى بهم المطاف الى نارك .. أيّ نفس تقبل أن تتقلب في جنتك بينما أبوها أو أمها أو ابنها أو أحد من أحبابها يصطلي بنيرانك. ثم ما لي وللمؤمنين متكئا على الأرائك .. أقابل رجالك وأتباعك الذين أعرف كذبهم وزيفهم في الدنيا بينما أهل الدلال والبهجة هم في النار. أتدري يا رب، ربما كان هناك خطأ ما فالجنة إنما هي عقاب للأشرار والجحيم هي مأوى للصالحين الأخيار .. لعل أتباعك قد خلطوا بين الإثنين في عجلة من أمرهم.
.
وما تلك الأشياء المرعبة المفزعة التي جاء بها كتابك وأعددتها لمن لم يصدق بك في نارك الموقدة بسقر وتارة في الحطمة وتارة في لظى نزاعة للشوى. شراب يشوي الوجوه وطعام يغلي في البطون كغلي الحميم وعذاب بمقامع من حديد وسحل وشيّ بالنار وكوي للجباه والجنوب والظهور وتبديل جلود مكان تلك التي احترقت حتى يستمر مسلسل التعذيب وكأنها حفلة شواء عظيمة يتقلب فيها الناس ويُصلَون مثل قطع اللحم المشوي وفي سلاسل يُسلكون .. ومع ذلك هم يأكلون ويشربون بل ويتكلمون ويسمعون! أنواع من الترهيب والتخويف والفزع الذي لم نقرأ له مثيلا ولا حتى في أسوأ سجون البشر، بل إن البشر أنفسهم قد اتفقوا أخيرا على تجريم التعذيب حتى ببهائمهم وأسوأ ما صنعوا يا رب لا يقارن بأهون ما لديك في الهاوية ثم تقول عن نفسك بعد ذلك أنك رحمن رحيم! صنوف من العذاب لم نعرفها وأشكال من الإرهاب لم نسمع بها حتى قرأنا كتابك وما أعددته لمن لم يؤمن بك الى درجة أن تجعل نزيل نارك يتمنى أن يعود ترابا .. هو أصلا من تراب، تصنعه ثم تُسقيه الوانا من العذاب ليتمنى أن يعود ترابا .. لمَ لمْ تتركه ترابا في حاله، لم صنعته إذن؟ كم أرثي لحالنا حين أشاهد أطفالا يُطلب منهم حفظ كتابك بآياته المروّعة تلك. أتدري يا رب أننا نضع حدودا عمرية لمشاهدة أفلام الرعب بالسينما فلا يشاهدها إلا الكبار .. خمسة عشر أو ثمانية عشر عاما. ربما علينا أن نفعل الشيء نفسه مع كتابك فلا يمسّه .. ليس المطهرون، وإنما البالغون، ولا ضعاف القلوب .. بل شدادها. لا نحتاج الى عقاب منك يا رب، يكفي حياتنا الني نعيشها.
.
ما لك وللحرق والنيران يا رب .. تشعلها وتُوقد بها الناس والحجارة ثم تدعو نفسك رحمن رحيم! تلعن أصحاب الأخدود الذين حرّقوا الناس وتفعل أعظم منهم. لمَ لمْ تختر البرودة الشديدة مثلا كي تُعذب بها، ألأن الذين بعثت كتابك لهم يعيشون في أرض حارة ويعرفون أثر النار أكثر من الصقيع؟ ثم كيف تعاقب أحدا لمجرد أنه لم يتعرف عليك، أفهم قوانين البشر تلك التي يحكم فيها أحدهم على آخر لأنه ارتكب خطأ بحق آخر لكن لا أفهم كيف يكون الجهل بك خطأً يستحق عقوبة منك؟ لو أن ملكا تجول في صحراء مملكته وقابل أعرابيا اكتشف في حديثه معه أنه لا يعرفه .. أتظن الملك سيغضب منه ويأمر بقتله أو تعذيبه؟ دعني أكون صريحا معك يا رب، أنت موجود لأن هناك من أوجدك .. لو توقف عن ذلك (عن الإيمان بك) لاختفيت من الوجود. أنت كائن لأن أحدهم أراد لك أن تكون، أنت قائم لأن هناك من أقامك .. أنت تُحيي لأن أحدهم أحياك في عقله. قد أكون مخطأً لكن كل الدلائل كما أرى تشير الى ذلك.
.
يقول أتباعك حين أثير تلك الأسئلة عن الملل والخلود والفناء والعدل وأحاول فهم رسالتك التي ضمّنتها كتابك، يقولون بأنني أرتكب خطأً حين أحاول أن أقيس تلك العوالم الغيبية بمقاييس عالمنا الفاني وأنظر لها بمنظار دنيانا.. حسناً، وهل هناك من منظار ومقاييس غير تلك التي نملك؟ أعطونا منظارا آخر نقيس به غير عقولنا ودنيانا ثم إن كل أوصاف عالم الآخرة الغيبي إنما هو من كلام البشر ومفرداته وتصاويره، حتى أنت يا رب .. إنما أنت بمقاييس عالمنا، ترى وتسمع وتبطش بيدك وتهرول. أتعرف يا رب أنني حين أشاهد فلما سينمائيا مادته تقوم على الفانتازيا الغريبة في قصته وعوالمه التي صنعها المخرج باحتراف، كفلم أفاتار مثلا، أندمج في ذلك العالم وأنسى عالمي الذي كنت فيه الى درجة أني حين أخرج من صالة العرض أحتاج لبضع ثواني كي أستعيد توازني الفكري وأعود الى حياتي الطبيعية السابقة التي كنت عليها قبل ولوج الفلم. مصيرنا حين نلج عالمك الأخروي سيكون أعظم وقعاً بكثير من دخول صالة سينما لمشاهدة هكذا فلم وسننسى من كنا وكيف كنا وماذا كنا.. حينها لن يكون لفكرة الثواب والعقاب من معنى إذ كيف أُجازى على شيء لا أعرفه بل إن حياتي في الدنيا لن تعني لي شيئا من هول وغرابة ما سأرى .. مثلما لو أن أحدا عاد جنينا في بطن أمه، أترانا نذكر عالمنا ذاك في بطون أمهاتنا؟
.
الهدف من الحياة كما يقول دينك هو عبادتك يا رب .. حسنا وما الهدف من ذلك؟ للذهاب الى الجنة .. ماذا عن من لا يريد أن يذهب للجنة لا سيما وأنها مكان للأكل والعربدة الجنسية .. ليس له إذن سوى النار. ولكنه لا يريد الإثنتين .. أليس هناك خيار سوى الجنة أو النار؟ ماذا إذا كان لا يريد شيئا .. يموت وينتهي. لنفرض أنه دخل الجنة .. ثم ماذا؟ ما الغاية من وجوده .. هل لأنه فان ويعرف أنه فان ويرى الأشياء حوله تفنى سأل عن الهدف من وجوده؟ هناك معنى في هذا العالم وليس غاية، هناك مضمون وليس هدف .. هناك معنى يستطيع أن يجده العالم في مختبره وفي أسرار الطبيعة حوله وهو يتوق للمعرفة، يجده الفنان في ألوان لوحته وهو يرسم أفضل ما يتخيله، يجده عالم الرياضيات في معادلاته، يجده المحسن في ابتسامة من يمد العون له، يجده العاشق في نظرات محبوبته ويجده الإنسان في كل جميل وفي كل فعل للخير وفي كل رفع للمعاناة عن الآخرين وفي كل منظر شروق للشمس أو غروب. ليس أتباعك يا رب هم فقط من يمكنهم أن يجدوا معنى للحياة .. هناك آخرين ملحدين ومؤمنين .. سعداء وراضين قانعين، بل إن من أتباعك من هم أكثر مادية في تصورهم للدنيا ومتع الآخرة من غيرهم ومن الملحدين. قد لا أفهم هذا المعنى وتلك السعادة التي أشعر بها حين أنظر الى ابتسامة محبوبتي أو ألوان فراشة جميلة أو الوان قوس قزح في يوم شتوي بديع، مثلما لا يفهم المتدين المعنى أو السعادة التي يجدها في سجوده لك، لكن على المؤمن أن يكون صادقا مع نفسه فيما يريده .. أيريد تلك المتع والملذات التي وعدته بها لنفسه أم يريد معها أو بدونها الخير والحب والسلام له وللخلق.
.
وإلى مقال قادم من كتاب: عزيزي الله: رحلتي من الإيمان الى الشك - مواطن مجهول
.
ادعموا حملة "الترشيح لنبي جديد"
https://goo.gl/X1GQUa
وحملة "انشاء جائزة نوبل للغباء"
https://goo.gl/lv4OqO
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية للقرآن بالتسلسل التاريخي: https://goo.gl/72ya61
كتبي الاخرى بعدة لغات في http://goo.gl/cE1LSC
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيزي الله – مواطن مجهول 6
- عزيزي الله – مواطن مجهول 5
- عزيزي الله – مواطن مجهول 4
- عزيزي الله – مواطن مجهول 3
- من ماذا كان يعيش محمد؟
- عزيزي الله – مواطن مجهول 2
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 15
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 14
- عزيزي الله – مواطن مجهول 1
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 13
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 12
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 11
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 10
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 9
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 8
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 7
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 6
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 5
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 4
- الدور الهدام لسورة الفاتحة 3


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - عزيزي الله – مواطن مجهول 7