أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسين محمد العنگود - الموت الصامت















المزيد.....

الموت الصامت


حسين محمد العنگود

الحوار المتمدن-العدد: 5539 - 2017 / 6 / 2 - 04:41
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


انّ مااقصده بالضبط ،من هذه السلسلة المترابطة من النصوص التحليلية المشفوعة بالتوثيق الدقيق الأمين،هو النأي عن السلوك المتبّع بشكل مقزز من لدن الفئة التي تمتهن التغنّي بأمجاد أمراء الحروب، دون ان يشغلها الحزن الذي يحل بالعراق من شماله الى جنوبه،لايعني هذا ابدا غبن أحقيّة الابطال الذين يخوضون(بنيّة سليمة) غمار حرب نبيلة لوأد الشر العالمي ،فأقلّ ماوهبته لهم هو حشد من ضحاياي اللذبن قضوا في المعارك الدائرة ضد الارهاب وهم يقاتلون ببسالة في صفوف الشرطة والجيش.لكني لأأجيد ولاأرغب ان اكون منشدا في جوقة الاعلام الحربي المقنن ،والذي كان معظم منشديه قد تدربوا على الانشاد على منابر الارهاب قبل ان يتسللوا خفية الى منابر السلطة ،ان مايهمني بالضبط هو البحث عن الحلول لاجل انهاء هذه الكارثة المميتة ،وأنا انوء تحت وطأة قارة من الحزن المكدّس ، بفعل ماتعانيه كل أمّ وزوجة وشقيقة تنتظر عودة ولد اوزوج او شقيق من عمله نهاية النهار،وهي تحبس انفاسها مع كل انفجار قريب ،من تلك الانفجارات التي توافق توقيتها مع حركة بندول الساعة في العراق،كل ام وزوجة وشقيقة في الناصرية وتكريت وبغداد والموصل وبابل والبصرة،أتوجّع لوجعها .وتملأ قلبي النقمة على كل اللذين لايهمهم سوى اطالة عمر الكارثة لتقوية نفوذهم.فيما يساق اشقائنا الجنود الى مذابح متبادلة وهم سعداء، يسوقهم الى ذلك تشجيع اولئك الذين تولّوا تعبئتتهم وحولوهم الى سياج لحماية مصالحهم ،ولكي يكون بمقدور اولادهم الكسالى الاغبياء المترفين ان يذهبوا الى دول شرق اسيا ليدرسوا الطب بمعدلاتهم التي لاتؤهلهم لدراسته في العراق، ثم يعودوا بعد اكمالهم المرحلة الاولى الى المرحلة الثانية في كليات طب العراق باستخدام نفوذ ابائهم ليصبحوا فيما بعد اطباء الغد ،على امل معالجة وباءالمجتمع العراقي الذي خلفه سلوك ابائهم المشين .أولئك اللذين عقدوا زواجا سرّيا لاينتهي لاجل اعتلاء عرش السلطة حتى اخر يوم من عمر العراق،يقتلونني يوميا .
اذا كان يهمنا فعلا ماهو قادم مستقبلا،علينا التقدم بالتقصي والتحليل لاجل خلق حلول ممكنة لهذا الخراب المتشظي،بغض النظر عن الجعجعة التي ستحيط تقدمنا هذا والتي ستطالبنا بالصمت والسير في ركبها الذي لم يذهب بنا الّا الى نقص تدريجي بالارواح العزيزة دون طائل.ذلك أنّ
هدفنا الحقيقي النبيل ،هو التخفيف من احتمال حدوث المزيد من الفضاعات التي تهدد الوجود الانساني برمته، تحدونا رغبة صادقة بالكشف عن الاسباب الخفية التي تغري افرادا من حافة الارض ليلتحقوا بجماعات تنتهج العنف عند الحافة الاخرى،هذا ماننشده بالضبط لاجل ضبط الوضع المنفلت، مع الاخذ بعين الاعتبار مدح الجهود المبذولة من قبل القائمين على الامن العالمي وفقا لضوابط القانون ،ذلك اننا واثقون جدا ،ومن خلال خبرتنا العتيدة في قراءة احداث التاريخ، ان كل مايتم خارج نطاق القانون سيجعلنا نعوم في مركب واحد برفقة الارهابيين ،اليس كذلك يااصدقاء!


اذا رغبنا باختبار سلامة الحس الانساني فينا على ان نتابع اخبار اللذين يقفون في الجانب الآخر من المتراس ،ضحايا الزمن الخطأ،والحظ الخطأ،ضحايا مناطق الاشتباك وفقا للمفهوم العسكري،شعب نينوى الجريح المنهك ،رغم ان شحة تدفق المعلومات هي الحائل الرئيسي لكشف الغمام عن الكوارث التي فتكت بالانسانية هناك بشكل مريع،ومامن احد يستطيع تخمين عدد الذين قضوا نحبهم هناك، ان كان بسكاكين التنظيم المتطرف داعش او بسبب مدافع الجيش وصواريخ الطائرات او في مناطق الاشتباك او في نقاط التدقيق الأمني،وقد اختصر لنا هذا ماسمعناه من المدرّس في كلية الاركان العراقية اللواء عيّاد الطوفان في حواره مع قناة الحدث العالمية في نشرة الرابعة عصرالأوّل من حزيران 2017( المدنيون هم الخاسر الاكبر في هذه المعركة،فداعش ينعتهم بالمرتدين وقد قتل منهم منذ بداية معركة الموصل قبل ثلاثة شهور اكثر من 2500 مواطن بتهم مختلفة اهمها التخابر مع الجيش،فيما ينعتهم الجيش بالحواضن ) [1]
هذا يعني ان هناك اعدادا كبيرة من الناس الذين يتضورون جوعا سيهلكون،فهل هم من داعش؟لا،انهم ضحايا داعش.وهم ممنوعون من المغادرة اما من غادر منهم فاما انه دفع الاف الدولارات كضريبة لمغادرته ارض (الخلافة)كما تنص الوثائق التي وجدت بحوزة الفارّين ،واما فر عبر مغامرة تفوق الوصف فيما قتل الكثير الكثير برصاص عناصر التنظيم المتطرف في الطرق الوعرة والوديان ،اذا غالبا مايكمن عناصر التنظيم في الوديان التي يسلكها الناس للفرار من بطشه. وبقي كل ذلك يؤخذ بعين الاهمال رغم ان مصادره منزهة عن الخطأ،علما انّ هذا الاهمال المتعمد لحياة المدنيين لابد ان يخلّف ازمة مخيفة ليس مستبعدا ان تورث ارهابا جديدا باسم مختلف ،فيما ترك البلد ليتعفن في كارثة غير مسبوقة على الاطلاق،بعد ان تركه المحرّرين الجدد في قبضة عصبة لاتتتقن غير تدوير الازمات بعد صارت مصائر شعب كامل تحت مشيئتها. .كل مايتوجب علينا قوله بالضبط،لايمكننا الاخذ بهذه الاحصائيات ان لم نتخلى ولو لساعة واحدة عن المنطق الثأريّ المتأتّي من التفكير المناطقي المشبع بالتراكمات ،ونضيف ايضا،ان فهم هذا الوجع يتطلب حّسا انسانيا قويا، لفهم ان كل فرد هو عالم قائم بذاته ولديه حبيبة وشقيقة ووالدة واصدقاء وزملاء دراسة او عمل وذكريات واحلام وطموحات ،وربما لديه ايضا مكتبة متواضعة يقرا فيها قصائد كتبها شعراء يحبهم دون ان يفكر لحظة واحدة ان كانوا من الصين او الكاريبي او مراكش او عدن او بابل او اربيل ،هو يحبهم فقط! وقد تطرق صديقنا الروائي العراقي المغترب في اسبانيا عن هذا الخطأ الفادح حول حساب الضحايا في نشرات الاخبار كأرقام، في قول خالص ورصين عندما قال في حوار صحفي (الأدب هو الذي يوصل ما يحدث للناس أكثر من الصحافة وكتب التاريخ التي لها توجه منحاز. والصحافة تتعامل مع الضحايا كأرقام، وهذا يدمرني شخصيا. نسمع في وسائل الإعلام عن موت مائة شخص وانتهى الموضوع. أنا إنسان ولست رقما.. إنسان له أحلام وذاكرة ومشاريع. والأديب دائما يكتب عن الضحايا. أجد أننا مقصرون جدا في التعبير عن ضحايانا)[2]

هناك فئة تقود العالم الى حقبة خطيرة يتم فيها قتل الانسانية بصمت، وهي تلك الفئة تحديدا، تشعر بالغبطة في التسلل الى مشروع مكافحة الارهاب ، هذا المشروع الذي يعد فاتنا بالنسبة لها ،ذلك انها تستطيع عبره تحقيق مآربها البعيدة كليا عن نبل الهدف،يجب الانتباه الى تلك الفئة المنتفعة من تغذية الصراع قبل ان تغرقنا جميعا،جميعا دون ان يتوهم احد منا بالنجاة!لقد اخطأت الحكومة خطأ كارثيا بمساندتها تلك الفئة بأسراف. ذلك أنّ هذا الاسراف سيكون بمنزلة دعوة مغرية لالتحاق مقاتلين جدد الى معسكرات العنف ،ولسوف نحصد لاحقا كمية من الخيبات المتتابعة جراء هذا العمل غير الرشيد.وفي الواقع ان كل ماجرى لهذا البلد يقع على عاتق الذين حولوا بلد حضاري باكمله الى ارض رعب وضحايا مشوّهة وشعب مهووس بهستريا الثأرات .
انهم يمنحون ذريعة لتعبئة اليائيسن والغاضبين،كما يؤازرنا بذلك الأستاذ جان بودريار(ان الفعل القمعي يسلك المسار غير المرتقب نفسه الذي يسلكه الفعل الارهابي،..مامن تمييزممكن بين الجريمة والقمع....وانطلاقة هذه الارتكاس الخارجة عن اي سيطرة هي الانتصار الفعلي للارهاب) [3]فماذا اذن تظنون فاعل بكم من اهنتموه وسحلتموه امام زوجته واولاده دون اي تبرير الا بفعل عواطفكم ورغباتكم التافهة! اظن انه شي يستحق الصدمة لو علمنا ان واحدا منا لازال يعتقد ان الرجل سيقشر لنا البرتقال!
وهكذا يتوافق انطباعنا مع رأي الاستاذ نعّوم تشومسكي"ان القتل العشوائي للمدنيين الابرياء هو ارهاب بحد ذاته ،وليس حربا ضد الارهاب"[4]ألذي يؤكد ايضا "وكما هو معروف للجميع ولكل من يهتم بالمنطقة ،فان الارهابيين ينبتون في ارض تختزن اليأس والغضب والاحباط الذي ينتقل من الغني الى الفقير ومن العلماني الى الاسلامي الراديكالي" [5]
وكحاصل منطقي لهذا هذا السلوك المشين ووفقا ل"عليّ وعلى اعدائي يارب" ليس من المستبعد ان يرغب الناس بظهور جزار جديد!!


الهوامش

ـــــــــــ

[1] اللّواء الركن عيّاد الطوفان،ضيف نشرة اخبار الرابعة عصر يوم 1/6/2017 قناة الحدث
[2] حوار مع الروائي العراقي المقيم في اسبانيا د.محسن الرمليّ،اجراه حميد عبد القادر
نشر في صحيفة (الخبر) الجزائرية، العدد 7115 بتاريخ 25/6/2013م

[3] ذهنية الأرهاب،جان بودريار،جاك دريدا،ادفوليامي،أمبرتوايكو،اعداد وترجمة بسّام حجّار
المركز الثقافي العربي،المغرب ،2003
[4]الارهاب والارهاب المضاد،نعّوم تشومسكي،ترجمة ريم الاطرش،دار الفكر،دمشق 2003
[5]الارهاب والارهاب المضاد،نعّوم تشومسكي،ترجمة ريم الاطرش،دار الفكر،دمشق 2003



#حسين_محمد_العنگود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريف منارة الحدباء
- مصانع تدوير الأزمات
- فقاعات ورم نينوى
- الموصل،المعركة الانشطارية التي أريد لها ان لاتنتهي


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسين محمد العنگود - الموت الصامت