ناصر الزفزافي و ابتلاع الطعم

محمد جيك
فنان تشكيلي
(Jik Mohamed)

الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 27 - 19:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ناصر الزفزافي
ابتلاع الطعم

استغل ناصر الزفزافي الخطاب الديني لتوسيع رقعة تأثيره على الآلاف من سكان الحسيمة و المداشير و القرى المحادية لها و عمال المهجر المنحدرين من المنطقة. استعمل خطابا يمزج بين الخطب اليسارية و الخطب الاسلامية، لا يشبه قاموس خطابات القادة الحزبية بالمغرب. خطاب جديد زعزع أسس مكانة الأحزاب و التنظيمات السياسية اليسارية و الاسلامية على حد سواء. لقد غطى ناصر الزفزافي إعلاميا و بشكل فضيع على مؤتمري حزبين نظم يومي 20 و 21 ماي 2017، و أبان عن تضعضع المكونات التنظيمية بالمغرب الحزبية و النقابية و الجمعوية و أعاد الى الأذهان صورة النضالات العفوية و غير المنظمة و غير المؤطرة من قوى سياسية لها وزن في الحياة السياسية بالمغرب.
لقد أضحى الحراك بالريف ينحو منحى النضالات الشعبية العفوية التي تتبع شخصية رمزية لها وقع في تفوس المقهورين و أصبح وضع الإصبع على الزر لإشعال أي تحرك هو المتحكم في مستقبل ذلك الحراك.
إن نموذج الحراك الحالي بالريف لن يتعرض لنقاشات و آراء مختلف المكونات السياسية بالحسيمة و لا يعار اي اهتمام لخصومات بين مكوناته او انسحابات من اجتماعات لتأطير الحراك. أنها عفوية قائد خلق من لا شيء، ساهمت الصدف في انبعاثه من ركام القادة السياسيين بالمنطقة و نفض عن نفسه غبار التحزب السياسي و التفت نحوه آلاف من الحناجر تصرخ عاليا باسمه كمنقد لمعاناتها.
استعمل الزفزافي ناصر خطابا جديدا باسلوب بسيط لا يمجد حزبا و لا نقابة و لا جمعية، خطاب يحاول تقديس الذات و جعلها خارج أي تأثير من قوى سياسية منظمة، يشتم الجميع و ينتقد الجميع دولة و حكومة و مجتمع مدني و سياسيين بجميع تلاوينها باستثناء البعض من الاسلاميين الذين يستعمل بعضا من قاموسهم السياسي، الذي استعمله غيره من الشخصيات البارزة في الميدان السياسي بدول الشرق الاسلامي، خطاب مهادن ظاهريا ذو حمولة اسلامية لا تقنرب أكثر من خطابات ذات نبرة "جهادية" و تستعمل من جهة أخرى خطابا مطالبا بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية لسكان الحسيمة و يضعه في المقدمة كشعار رسمي و بجانبه شعار " سلمية- سلمية.
ابتلع ناصر الزفزافي طعم خطيب الجمعة يوم 26 ماي 2017 ، و استفزه مضمون الخطبة و جعله يقدم على فعلته البليدة و يحطم كل ما بناه في مدة وجيزة، طعم احسن صاحبه وضعه في نفس السنارة التي استعملها الزفزافي كل هذه الفترة، التي مر بها الحراك. بنفس الاستعمال الديني للحراك وضع الزفزافي في شرك سلاحه و تم اصطياده بكل سهولة و أصبح قسم كبير من الآلاف المناصرة له تعاتبه على فعلته البليدة و تعتبر ما أقدم عليه سلوك صبياني لا يليق بقائد ميداني، علما أن الحكومة أبانت ظاهريا على حسن نيتها في حل مشاكل المنطقة عبر استثمارات جديدة بالمنطقة، هل جنى ناصر على اهل الحسيمة بعد فعلته البليدة؟
سيتعرض الزفزافي للاعتقال قريبا أو سيتوارى عن الأنظار مدة اطول. لكن سيصبح بطلا مطاردا او بطلا معتقلا، الجميع سيطالب باطلاق سراحه و رفع المتابعة عنه، سيصبح موضوع الحراك هو ناصر الزفزافي و ليس تحقيقا لمطالب سكان الحسيمة. ستنظم وقفات هنا و هناك بأوربا ، خاصة اسبانيا و ذلك لغاية في نفس يعقوب. رسالة الزفزافي بعد فعلته مقتضبة و وجيزة، سيكون هو موضوع الحراك : الزفزافي أولا ثم التنمية ثانيا، و هنا سيفتح باب جديد للقضية، باب سيدخل منه اطراف أخرى لها مصالح استراتيجية بالمنطقة، و شعار الانفصال المرفوع في بلباو باسبانيا صباح اليوم لا يخرج عن نطاق مؤامرة امبريالية بالمنطقة، سبق ان اعلن عنها في مشروع المخطط الجديد لشمال افريقيا و الشرق الاوسط بداية الالفية الحالية.
إن مطالب سكان الحسيمة و غيرها من مدن المغرب مشروعة لا غبار عليها، مطالب اجتماعية و اقتصادية سبق ان طالب بها حراك إفني و غيرها من المدن، استطاع عبرها المحتجين من تحقيق نزر قليل منها، لكن تحقيق تنمية حقيقية مازال بعيدا عن مطالب السكان في محاربة البطالة و وقف تعسفات الادارات و تحقيق العدالة الاجتماعية و غيرها من الحاجيات الضرورية للسكان.

#محمد_جيك (هاشتاغ)       Jik_Mohamed#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات