|
مدرجات السواد.. لدى الشاعر كريم جخيور
مقداد مسعود
الحوار المتمدن-العدد: 5523 - 2017 / 5 / 17 - 14:57
المحور:
الادب والفن
مدرّجات السواد ... لدى الشاعر كريم جخيور مقداد مسعود الورقة المساهمة في أمسية ملتقى جيكور الثقافي إحتفاءِ بالشاعر كريم جخيور 17- 5- 2017 (*) في كتابي النقدي (القصيدة : بصرة ) تناولت (خارج السواد ) مجموعته الشعرية الأولى للشاعر ..وقبل سنوات قدّمت الصديق الشاعر كريم جحيور في جلسة شعرية أقامتها اللجنة الثقافية في مقر الحزب الشيوعي العراقي في ساحة الاندلس – بغداد ..وها أنا معه للمرة الثالثة فهو من الشعراء العراقيين البصريين المساهمين بجدارة في المشهد الشعري .. ويستحق التوقف العميق في فضائه الشعري ، فالشعري وظيفته تجاوز الراهن ، إذ أن (جوهر عمل الفكري هو ايقاظ للشعر ذاته ودعوة للعالم لكي يتفتح فيغدوا حاضرا.. ويضحى العميق متجليا في السطح ).. (*) بتوقيت خطوته الشعرية الأولى : الشاعر كريم جخيور يطارد السواد ، وربما يكون السواد منفى / أو حالة إنتباذية ، بشهادة الشاعر نفسه (ماهو خارج السواد : داخل مملكتي – قصيدة الملذات سيادة) ولكنه في حيز ٍ شعري آخر ينتقي من السواد مايوائم كثرته في نسق الواحد (أنا قبائل من حداد ) وهناك تأنيث السواد (كلما أصبح السواد باهظا مفاتنك تشتعل ) وهناك السواد المقترن بسواه (الشموع تنأى ، يأتي العماء ، التعازيم يشربها السواد – قصيدة : فاخر هذا الرماد)..وإذا كانت الشجرة: شعلة ً خضراء بشهادة غاستون باشلار ، فلماذا لايكون الظمأ سوادا ينقض على الروح كما في قول الشاعر (منذ متى وأنا أدفع عن الروح غائلة الظمأ وألوّح للغيمة / من قصيدة – أحلامي تفسدها الهاجرة ) (*) بدءا بالثريا (خارج السواد) ومرورا بعنوانات فرعية : *قصيدة خارج السواد *قصيدة تراجيديا : ( الشفيع يبتكر أشياعه ويمسك بالعصا توطئة للسواد) *أناقة المعنى (من أجل بياض أشد ّ وطأة السواد يلوّح بالمكوث) *الملذات سيادة (ماهو خارج السواد داخل مملكتي ) *تمثالك أسود (أسود بقوائم سود وقلب أسود تشيّدك الحروب) (معفّر جناحك بالسواد).. هذه القصائد منشغلة باللون الأسود وفاعليته الشعرية وكيفية توظيفه بشكل جميل .. (*) في ديوانه (ربما يحدق الجميع ) ألتقط الأسود الناصع شعرا ، فأراه في قصيدة (صاحب السؤدد) (غربان كثيفة تسفح على أفئدة المدن مايكفي من السواد والوطاويط تسد منافذ الشمس ) وهناك قصيدة تعلن سوادها القاهر (قمري مضرّج بالسواد ) (الأربايق محطمة وعلى أفئدتها تنام العناكب لاهدهدا ً في يميني والظمأ سيدٌ يشايعه السراب هنا لا مشرقاً لجنوني وهنا أفاع ٍ وقطارات عاطلة ) لكن الشاعر وهو يختزل الخراب ببلاغة هذه الصور الشعرية المتماسكة ، لايكتفي بذلك ..فهو لايغلق المشهد بالخراب ..بل يجترح جهوية ً وضاءة ً . فينتقل إلى إنشاد المنادى ..ليحّجم سطوة الخراب : (فاستديري إلي أيتها العارفة قلبك ِ مهبط للماء ومأوى الضليل بأسمائك الحسنى ) وتبدأ مباشرة الاستدارة الثانية ، وهي الخطوة التالية في نظام الإحالة التكرارية ، فإذا كانت الإحالة الأولى جوانية :(قلبك ) فأن الإحالة التالية تشتغل على المستوى البراني (أستديري إليّ بمآذنك تتفرقد خيولا وسكينة ً بأطفالك يلعبون الطاق وبيت أبيتات وعلى الشطآن ينتظرون زوارقهم التي لاتعود بشطك يمدُّ ُ في خاصرة الملح لسانه العذب بنخيلك يضوع ندىّ وعلى ظفائره ينام اليمام بسمائك تطرزها قلائد من جمان ) في هذه الإحالة : تسطع كينونة أمكنة البصرة) ومن الممكن الاستغناء عن الإحالة الثالثة والرابعة، أعني تثبيت (استديري إليّ) دون أن يؤثر ذلك على التدفق الشعري الجميل : (بمقابرك لاينام نحيبها ومن دموعها تفوح الأدعية بزنوجك ينضحون سيوفاً خضراً بشعرائك يكتبون على الماء قصائدهم فتأكلها الحروب بنسائك ينتسبن إلى الشعر والعشق والفاجعة ) الإحالة الأخيرة ضرورية جدا( استديري إليّ) : إذ ينتقل الشاعر إلى نقطة الدائرة ، في قوله : ( استديري إلي قلقي ذئاب تتعاضد بلا نخل ٍ ولا أصدقاء قمري مضرّج بالسواد ونافذتي مطفأة ).. (*) في عنونة تعلن سوادها في (كوميديا السواد) ، تستوقفني المرقمة (1) في القصيدة بل هذه المرقمة قصيدة بحد ذاتها وتتكون من مفصلين حسب قراءتي : (1) حريتي فوضى الفتى يمتشق مدفعه ويطعن الصباح في هذا المفصل : السواد موجود بالقوة وهو سواد مصنّع مسلّح ، أعني السواد موجود بتغيّب بياض الساعات الأولى من النهار والمتجسد بالصباح ..لكنه هنا بياض طعين .. وكأن الصباح سادرا في مأمنه !! فالأمر لايتوقف عند حدود الطعن : في المفصل الثاني من القصيدة : بل على أثر ذلك تزدهر فاء السببية فتنبجس بفعلٍ ذي أربع شعب : فتزدهر العتمة ُ ولاتكتفي القصيدة بفعل وفاعل : تزدهر / العتمة . فالعتمة المزدهرة : رباعية الدفع إذن هي نسق الواحد المتكاثر في سواه وستقوم القصيدة بتفسير شعري للمتكاثر في الواحد * تلك التي يحملها الجنود في بساطيلهم : عتمة --------- : جنود ------- بساطيلهم *ويربي مباذلها الملوك : عتمة ------------------- مباذلها ------------ الملوك *ومن أجلها يبتهل الكهنة : يبتهل ---------------- الكهنة * : تشرئب ------------------- الوطاويط -------- بأعناقها ثم ينختم المفصل الثاني : أما نحن فمازلنا نكرر فعلتنا لنؤكد انطفاء العقل . في النسق الرابع نلاحظ كأن الأنساق الثلاثة في كفة والطامة البشرية الكبرى في الكفة الثانية فالكثرة البشرية العاطلة من قوة أي سلطة مؤطرة بسواد التكرار المؤدي إلى مطلق السواد الأصم : إنطفاء السراج الآدمي . وفي قصيدة (أمنية ) نكون في إتصالية التضاد بين الأخضر الوارف والبياض المخبوء في ظلام الطين : (كم كانت تتمنى وهي تنظر إلى جسدها الوارف يئن تحت عجيزة الظلام إنها لم تكن شجرة )..
(*) نلاحظ أن الشاعر كريم جخيور يتعامل مع اللون الأسود بمهارة عالية ، فهو يحرره شعريا من العلاماتية المتعارفة عليها ويشحنه بإنزياحات شعرية أشتغلنا على ديوانين للشاعر كريم جخيور *خارج السواد *ربما يحدق الجميع
#مقداد_مسعود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنادي ..هبوبي عبد الرزاق ..وأعني حسن كنهير : (ذاكرة أرانجا)
...
-
الشاعرة بلقيس خالد : تحصد المياه لترّبي الأشجار
-
الموتود وعين الشمس / الروائي محمد حسن علوان ..في (موت صغير)
-
شبهة الكتابة : تأنيثها..
-
رسالة من الشاعر كاظم الحجاج إلى مقداد مسعود
-
مجيد الموسوي : شاعرٌ بين مقامين
-
عندما يضيء صفير الشاعر ليل العالم... مقداد مسعود في( بصفيري
...
-
الشاعر عصام العلي : يبتكر مطراً
-
عصام العلي : شاعر بذاكرة سمكة
-
قراءة أولى ..في رواية (رصاصة في الرأس) للدكتورة إخلاص باقر ا
...
-
روائية في الطريق الصحيح. الدكتورة إخلاص باقر النجار
-
صعودك في نهار
-
زيت اللوز . بسمة الخطيب ..في روايتها (برتقال مر)
-
جهوية الأمل - الحنين ..في (سيدة الوهم) المجموعة القصصية للقا
...
-
اليد تتذكر/ اليد تنسى .. في(يدي تنسى كثيرا ) للشاعر مقداد مس
...
-
كن فرحاً بصيغة مؤنث
-
شعرنة التاريخ - العنونة - تفريغ النص من نصيته الأولى ..في (ق
...
-
الورد صوتا ...وشخصية محورية / إسماعيل سكران في روايته (هزار)
-
الشاعرة الجديدة زينب الغالب ..( ضوء يضج بالعتمة )
-
دنى غالي. الحلم بأستعادة رجل حالم ...في : الأرق إستراحة النو
...
المزيد.....
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|