أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الخويلدي - الشبيبة الثورية من لاّمبالاة الانتظار إلى المشاركة المؤثرة















المزيد.....

الشبيبة الثورية من لاّمبالاة الانتظار إلى المشاركة المؤثرة


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5519 - 2017 / 5 / 13 - 20:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استهلال:
" المشكل يتمثل في معرفة ما إذا كان ماهو حقيقي بالنسبة لمجتمع الكتلة هو حقيقي أيضا بالنسبة لثقافة الكتلة"1
ظل الشباب مفهوما غائبا عن التأصيل النظري في المرجعيات السياسية بالرغم من الحاجة الأكيدة إليه عند التنفيذ وفي مستوى تطبيق المخططات ومد الجسور مع الشعب وتدعيم الاتصال المباشر بالجماهير.
هذه المفارقة تكشف عن ما تعانيه الشرائح الاجتماعية الشابة من محاصرة وتهميش وازدراء على الصعيد النظري وعن استغلال وتوظيف وهيمنة تتعرض لها من طرف حراس الإيديولوجيا والمعبد والسلطة. في الغالب تقود الحماسة الثورية معظم الشباب الى التأرجح بين التمرد على الواقع والخروج عن قيم الأسرة وعادات المجتمع واكراهات الانضباط المؤسساتي والارتماء بين أحضان الماوراء والتعلق بالمطلقات والعزوف عن العمل والانسياق وراء شبكات الفساد والجريمة والالتحاق بالمنظمات العنيفة والمعولمة.
بيد أن معظم الحركات السياسية الثورية تبني برنامجها التنظيمي والدعوي على استقطاب هذه الشريحة واستثمار قوتها في التكتيك والمناورة والاستراتيجيا والتعويل عليها في الضغط والتحشيد واحكام القيضة على الشارع والسيطرة الايديولوجية على مفاصل الفضاء العام وتمكينها من التعبير عن نفسها من خلالها وتشكيل وعي ثوري يدفع الى افتكاك زمام المبادرة والانخراط في العصيان المدني السلمي من أجل تغيير السائد والانتقال من عالم قديم هرم الى عالم جديد نشط وتجديد خلايا الجسم الاجتماعي بضخ دماء جديدة.
يمكن بناء الإشكال الشبابي في ظل السياق الاجتماعي المتوتر وقوة التجاذب السياسي وتعاظم التحديات الحضارية وتفاقم الأزمة الاقتصادية وضعف القدرة التشغيلية للمؤسسات العمومية وتردد القطاع الخاص في التعويل على خرجي الجامعات وتبرير ذلك بقلة الخبرة وضعف المستوى التعليمي من جهة التطبيق.
لكن ماذا تمثل الشرائح الشابة من المجتمع البشري؟ هل هذه الشرائح مدمجة في مؤسسات الدولة أم توجد في الخارج وتشكل العصبي الحيوي لمعارضة السلطة الحاكمة؟ كيف تؤدي الشبيبة الثورية فعلا سياسيا في عالم اللايقين وزمن الاضطراب؟ والى أي مدى تتحول من وضع التهميش والقمع واللامبالاة الى موقع المشاركة الفعلية في العملية التغييرية والتأثير الميداني على وجهة سفينة الديمقراطية الى شاطئ الحرية؟
1-خصوصية الشرائح الشابة:
الشريحة العمرية الشابة هي الفئة من الكائنات البشرية، إناثا وذكورا، التي تجتاز مرحلة الطفولة بصورة غير واعية وغير محددة وتكاد تبلغ مرحلة الكهولة دون أن تمتلك القدرات الذاتية التي تسمح لها بذلك.
تعاني هذه الشرائح الشابة من فقدان الثقة بالنفس والخوف من المستقبل وضبابية الرؤية وهشاشة في الموقف وتميل إلى المحاكاة وتحبذ التقليد وتقع في الحنين إلى الماضي وتتعلق بالمطلق والمثاليات.
اللافت للنظر أن الفئة الشابة من المجتمع تقع ضحية العنف السياسي الذي يعصف بالعلاقات بين الأحزاب المعارضة المنحازة للطبقات المسحوقة من حيث الموقع والمبدأ والقوى السياسية الداعمة للنظام السيادي للدولة من جهة المصلحة والوظيفة وبين هيئات وقوى المجتمع المدني وأجهزة السلطة السياسية الحاكمة.
كما تتعرض هذه الشريحة الهشة إلى الاستقطاب العقائدي وتتبنى الأفكار المغالية والتصورات المثالية الفارغة وتمارس نفيا مطلقا للواقع وتسقط بسهولة في اللاّتسماح والانغلاق والتعصب والحلول الحدية وتجد نفسها في نهاية المطاف في مصيدة الإرهاب المعلوم والتهريب المافيوزي والهجرة غير الشرعية.
بهذا المعنى ينضاف الاستغلال الجنسي إلى الاستقطاب الإيديولوجي والعنف السياسي والتخدير العقائدي وتساهم الشبيبة من حيث لا تدري في تشكل حشودا من العاطلين وجموعا من الخارجين عن كل تصنيف ويؤدي ذلك إلى تفجر أزمة هيكلية في المجتمع والبنية العلائقية للدولة ويتحول الوطن الى بؤر تدمر ذاتها.

2-أسباب الوقوع في اللامبالاة:
" يسهل خداع الشباب لأنهم يستعجلون الأمر...ولا يليق بالشباب التفوه بالحكم" – أرسطو-
لعل أسباب الأزمة الوجودية والفراغ الروحي والفقر المادي الذي تعيشه الشرائح الشابة ترجع إلى التبعية وغياب الاستقلالية وإيثار التواكل والتعويل على الغير وغياب روح المبادرة والكف عن تحمل المسؤولية.
تعاني هذه الشرائح من آفة الاغتراب في مستوى النظرة إلى الذات أولا وفي علاقتها بالمجموعة حيث تقع ضحية حل الامتثالية والتطابق التام مع الحشود ثانيا وفي إطار الصلة بالمحيط الطبيعي ومعنى العالم ثالثا.
لقد هذا الوضع المهزوز تذويب للذات وانعدام الدافعية وحدوث مشاكل في التواصل وظهور صعوبات في استعمال اللغة قصد الكلام وإجراء حوارات متمدنة في الفضاء المواطني وتنظيم نقاش عمومي مع الآخر.
قد يحوز الشاب في الحقبة المعاصرة على العديد من المعلومات من العالم المعيش وقد يتلقى جملة من الأرقام وتخزن ذاكرته عدة رموز ويتم الاحتفاظ بمجموعة من الصور في مخيلته وقد يتقاسم ذلك مع غيره ضمن الفضاء الافتراضي ولكنه لم يقوم بتحول كل ذلك إلى معارف مفيدة ومهارات عملية وأبقى كل ذلك بصورة مشوشة وغير منظمة وظل قانعا بالثقافة الكسولة والمعرفة الفاقدة للفاعلية والعلوم العاطلة.

3-شروط الإقبال على المشاركة:
يقتضي الأمر بالنسبة إلى هذه الشرائح الشابة تشريح البنى العميقة وتثوير الذهنيات وتغيير معظم الأطر المعرفية والتركيز على تجاوز الأزمة الإبداعية للمغترب والاستفادة من تجارب الناقد العابر للحدود وتحويل الفكر إلى رسالة والثقافة إلى التزام والعلم إلى عمل والأخلاق إلى مسؤولية والفعل إلى تضحية.
منح الشباب حق المواطنة المدنية يمر عبر التعويل عليهم في المشروع التحديثي وتشريكهم في القرارات المصيرية وتمكينهم من معرفة الوضعية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي تمر بها البلاد.
يمكن الربط بين الاعتراف بالشرائح الشابة على الصعيد المؤسساتي وإعادة بناء المنظومة التربوية وفق بيداغوجيا الخير العام وفلسفة المعرفة الكونية وغائية الفعل المشترك وتقاسم الحلم والعفو والوعد معا.
العمل على تعزيز الثقة بين الشباب بإنتاج اليقين النسبي في مستوى المعنى والقيمة وفض النزاعات بشكل سلمي وتوسيع دوائر المشاركة في الفعل والسماح لها باتخاذ القرار حول منزلته ومصيره في السياسات العمومية والتوعية باحترام المنفعة العامة وضرورة وضع الاستراتيجيات واستشراف الغد. "من هنا تولد حركة المقاومة ، يجب إعداد مذهب تكون فيه جميع هذه العلاقات فاعلة ومتحركة وذلك بالبرهان بوضوح على أن مقر هذه الفعالية هو وجدان الإنسان الفردي الذي يعرف ويريد ويعجب ويخلق على قدر ما بحيث يعقل نفسه غير منعزل بل غنيا بالإمكانيات التي يقدمها له مجتمع الأشياء ومجتمع الناس الآخرين"2.
خاتمة نقدية:
من المفروض دراسة الشرائح الشابة من الزاوية العمرية التي تناسبهم وترك أغلبهم يتكلمون عن أنفسهم والإنصات إلى مطالبهم وانتظاراتهم وتجنب التعامل معهم من حيث هم لا يزالوا ينتمون إلى فترة الطفولة ويحتاجون إلى عناية أسرية ورعاية اجتماعية وتفادي كذلك تسليط أحكام مسبقة تصدر عن زمن النضج وفترة الكهولة والكف عن الاستخفاف بتصوراتهم ومقترحاتهم والتعلل بسن المراهقة والطيش والتسرع.
أزمة الشرائح الشابة لا تكمن في التفكير المبدئي والالتزام المطلق بالقضايا العادلة والحفاظ على مركز الحظر والتحمل أكثر من اللازم ونفاذ الصبر من تسليع كل شيء ضمن اقتصاد العرض الكبير والفرجة الدائمة وإنما في البحث في الأماكن الخاطئة في أوقات غير مناسبة ورفع الأحذية في وجه رمزية الذات بالانعطاف نحو أقصى اليمين تارة وتجذير الموقف نحو اليسار طورا والمكوث في الوسط الذي لا يستمر.
تكوين جيل جديد من المقاومين لا يتم بالاستثمار في الهياكل العظمية وإحداث سوء تفاهم بين ثقافة الطبقة الصاعدة وسياسة المجتمع الذي تنتمي إليه ولا يحدث عبر تقليد مصطنع للمسارات الثورية الماضية وتبني أفكار نمطية عن العصيان المدني وإتباع مونتاج مثالي من الكليشهات الاحتجاجية بل يتطلب نشر التمرد ضد سياسة اليأس ورسم جغرافية ذهنية جديدة تعلن بان الكابوس قد انتهى بإحداث نقلة إيمانية نحو براءة الوجود وأصالة الفطرة وجعل الحماسة الثورية للانتفاضة من اجل سلطة الشعب تقترن بالتحول المعرفي,
في الواقع يطالب الشباب بإسقاط النظام المعرفي دون تبني واجب أخلاقي جديد يقوم على تضامن الجيل الجديد من المقاومين ضد عنصرية الحقد والكراهية وضد إرهاب المال وعنف الكلام وضد كذب التدخل الإنساني، ولذلك نراه يسقط في خلط المفاهيم وتداخل المرجعيات ويعرج في السير حينما يتشبث بحلم تغيير الجلدة ويطالبون بالمشاركة ويمارسون سياسة الحداد دون العمل على امتلاك منظومة القوة والحق، لكن أي سر في قدرة الشباب على تحقيق ما ظهر مستحيلا والتغلب على خبرة الشيوخ وحكمة الكهول؟
الاحالات والهوامش:
[1] Arendt (Hannah(, la crise de la culture, huit exercices de pensée politique, traduit de l’anglais sous la -dir-ection de Patrick lévy, edition Gallimard, Paris, 1972,pp253-254
[2] تكسيه (جاك)، غرامشي، دراسة ومختارات، ترجمة ميخائيل إبراهيم مخول، مراجعة جميل صليبا، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، طبعة أولى، 1972. ص187
المصادر والمراجع:
Arendt (Hannah(, la crise de la culture, huit exercices de pensée politique, traduit de l’anglais sous la -dir-ection de Patrick lévy, edition Gallimard, Paris, 1972,
تكسيه (جاك)، غرامشي، دراسة ومختارات، ترجمة ميخائيل إبراهيم مخول، مراجعة جميل صليبا، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، طبعة أولى، 1972.
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الإيديولوجيا في تقدم المجتمع وتحريك التاريخ
- هوة الاختلاف بين التنازع والتسامح
- العقل الفلسفي بين التأسيس المعرفي والمراجعة النقدية
- عمل بلا فائض قيمة وعمال بلا قوة عمل
- نظرية الذاكرة بين التلاعب والتماسك
- ديمقراطية المواطنة وشرعية الحقوق
- تجديد التربية من خلال إيتيقا الفكر المركب
- فلسفة الحياة اللاّفلسفية
- مخارج التجارب التعاونية من الأزمة الإقتصادية
- بنية الواقع الافتراضي ومعايير الموضوعية العلمية
- ثقافة الذكاء بين اللغوي والإرادي
- وسائطية التربية بين إعداد الفرد وتنمية المجتمع
- ينبغي أن يحطم العلم في البداية الرأي
- راديكالية التدمير وإستراتجية التجذير
- رحلة الفيلسوف من تحرير الحقيقة الى تحقيق الحرية
- تجذير الممارسة النضالية ضرورة نقابية
- أزمة الوعي الديني بين ملجأ الهروب وتضامن الالتزام
- الوعود الثورية للحدث الشعبي 14 جانفي
- غياب المصلحة من التفاوت وضرورة الدفاع عن المساواة
- إعادة تشكيل الفضاء الفلسفي السياسي


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الخويلدي - الشبيبة الثورية من لاّمبالاة الانتظار إلى المشاركة المؤثرة