خريطة الوطن في الحديقة بتنوّر

مزمل الباقر

الحوار المتمدن-العدد: 5514 - 2017 / 5 / 8 - 12:55
المحور: المجتمع المدني
    

حلمت قبل قليل بحلم غريب مطوّل متشعب الأحداث ( إن جاز لي التعبير ) أنني وأسرتي النووية في بيتنا وإن اختلفت تفاصيل المكان حيث المنزل عبارة عن عمارة من طابقين أو ثلاث في شكل قلعة مخروطية الشكل سوداء اللون وكأنها بنيت من طين الصلصال وتحيط بعمارتنا حديقة غناء تصدح فيها عصافير من أجناس شتى. وإذ بأختي الثانية وقد عادت من الخارج فألقت على مسامعنا الجملة التي عنونت بها مقالي هذا . غير أن وجه محدثتنا ينتمي لأصغر أخواتي نسيبة.

ووجدتني في حلمي أكتب بوستاً فيسبوكياً بتلك العبارة : خريطة الوطن في الحديقة بتنوّر، ( بتنوّر بمعني أنها تنير سواء بإبعاث الضوء منها كمصدر أو إنعاس الضوء فوق سطحها من مصدر آخر ) ولم أنسى قوسين الاقتباس مشيعاً العبارة بجملة أخرى تفيد أنني قد ( لطشت ) أي سرقت التعبير من سمية أختي الثانية والتي ظهرت بوجه غير وجهها وإن تتطابقت نبرة الصوت.

صحوت من حلمي فوجدتني أستبدل الحالة الفيسبوكية بمقالٍ يخبر عن رؤيتي بشأن جعل خارطة الوطن تتسع بل وتنير بداخله ليست حديقة واحدة وحسب بل كل حدائق مجتمعنا السوداني. ولعل هذه الخارطة التي تمزقت لخريطتين وتفتفت أطرافها من سخرية القدر أن هذا البلد الذي كان صاحب أكبر مساحة في القارة السمراء وضمن أكبر عشرة دول في العالم من حيث المساحة كذلك ( إن لم تخني الذاكرة ) . أصبح السودان – ويالسخرية القدر كما ذكرت – اصبح بعد إنقسامه صاحب أكبر حدود بين بلدين إفريقيين. رغم هذا السواد الذي يعلو الخريطة والسيرة الأسيانة لازالت هنالك علامات مضيئة كالنجوم في البيداء التي أظلم ليلها وعلى سبيل المثال لا الحصر هذه بعض الإضاءات:

إضاءة أولى:

قبل يومين كنت متطوعاً وللمرة الأولى ضمن متطوعات ومتطوعي منظمة ( صدقات ) الخيرية في استعداداتها للحقيبة الرمضانية . وصدقات تأسست في العقد الثاني من القرن الحالي. اعجبني جداً شكل الاستعدادات والتجهيزات والطيف العمري للمتطوعات والمتطوعين فثلة انتظمت في تعبئة البلح وأخرى في تعبئة الكبكابيه أو العدسية وثالثة في تفريغ شحنة حاوية وجماعة رابعة انتظمت في ترتيب محتويات الحاوية من الزيوت أو الدقيق أو الشاي و...و .. الخ.. الخ. تذكرت تعبيرنا الشعبي ( حواء والدة ) كناية عن أن البلد معطاءة من ناحية الكادر البشري.
غير أن لصديقي مصطفى أبو الريش رأي آخر حيث أجابني حينما سألته ( إسفيرياً ) : عن سبب تغيبه من هذه الفعالية وعهدي به متطوعاً في عدد من منظمات المجتمع المدني – يذكرني بشبابي حيث كنت منتشراً في منظومة جمعيات ومنظمات مدنية غير حكومية – أطلعني أبو الريش أن هذا العون الغذائي إن كان في طريقه لنفير الجنوب ( قام نفير الجنوب لدرء الضرر عن أهلنا الجنوبيين الذي نزحوا من جراء المجاعة التي ضربت أطنابها بجنوبنا الحبيب ) لكان من أول المتطوعين بصدقات لهذا العام.


إضاءة ثانية:

رغم أن هنالك قروبات ( مجموعات ) بفيسبوك فارغة المحتوى في رأيي إلا أن بعض المجموعات أثبتت أن ( لسه البلد بي خيرا ) كما يجرى على لسان عدد كبير من السودانيين والعبارة تشير إلى أن السودان ما زال بخير طالما أن هنالك اشخاص أو جماعات أو مؤسسات تفعل ما فيه خير البلاد والعباد. ومن بين تلك الصفحات أو المجموعات الفيسبوكية نجد ( وصّف لي ) التي من إسمها تعني بإفادة السائلات والسائلين عن المواقع أو النصح بشأن أمر ما .. إلخ. و كذلك مجموعة أو صفحة ( احترس أمامك كشة ) التي تعني بأصحاب المركبات فترشدهم للمواقع التي يتمركز بها شرطة المرور ومناطق حملاتهم كما يقدم التفسير والشرح التام للعلامات التي تظهر داخل العربة لكل من يتشكي من عطل مفاجئ.


إضاءة ثالثة:


مكتبات القراءة العامة التي انتشرت في السنوات الأخيرة بولاية الخرطوم وربما بولايات أخرى، اصبحت تتنافس فيما بينها من ناحية الخدمات (صالة للمناقشة ، صالة للقراءة الصامتة ، توفير Wi Fi مجاني ، الفترة الزمنية الطويلة ، السعر الزهيد لليوم ، الاشتراكات الشهرية و .. و ..الخ .. الخ ) مما عاد على الفئة المستهدفة وهي فئة القراء بمختلف أعمارهم واهتماماتهم وتخصصاتهم بالمنفعة الكاملة وتوفر طيف من الخيارات المتعددة.


إضاة رابعة :

القنوات الفضائية السودانية من حيث الكم والكيف ساهمت ولازالت تساهم في تعزيز الوعي والتعريف بالثقافة السودانية والشخصيات السودانية المؤثرة أو التي تقبع في الظل لأسباب مختلفة ( سياسية، اجتماعية و ... و .. الخ ). في ظل وجود قنوات سودانية أخرى تبعث الملل والندم لمن تشاهدها أو يشاهدها.


بمثابة خاتمة:

وبعد ... فهذه محاولة لبعث الأمل والتخلص من أعباء التندر والتبكيت بالواقع السوداني في شكل نكات ومواقف تعمد للمقارنة بين الجنسية السودانية وجنسيات أخرى ( من العالم الأول في الغالب ) أو تسم المواطن السوداني بسوء التقدير أو النكد أو السذاجة وغيرها من الصفات السلبية.


مزمل الباقر
أمدرمان في 8/مايو/2017م

#مزمل_الباقر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات