أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نغم المسلماني - كلمة واحدة لا تكفي














المزيد.....

كلمة واحدة لا تكفي


نغم المسلماني

الحوار المتمدن-العدد: 5513 - 2017 / 5 / 7 - 14:54
المحور: الادب والفن
    


بكت بحرقة فقاطعها بصوته الجهوري الذي اختلط بنبرةٍ حادة اعتادت عليها مؤخراً:
ـــ ما بكِ يا امرأة؟ لمَ البكاء؟ أنادمة أنتِ؟!
فأجابته بصوتٍ يتكسر تحت شهقات الدموع:
ـــ إنه الشوق ينكأ جراح الفقد.. أ نسيتَ أم تغافلت أنني أم؟!
صرخ بحزم سينهي عويلها:
ـــ أ وَ ترمين بطولاته تحت أقدام ضعفك وتسحقينها بهذا الأنين؟! إن هدفه كان أسمى من "ولولة" النساء.
ثم ربض كالأسد أمامها يتحين الفرص ويحاسب سكناتها.. لم أعد أحتمل ضيق الانتظار الذي أطبق على أنفاسي حتى كاد يقتلني، عندها أمسكت عضدها برفق وكأني أرجوها أن تخبرني ما أجهله عن ولدها، ولو بكلمة واحدة.
أجابتني في حيرة وهي تلملم بقايا دموعها بصمت:
ـــ لا يمكن ذلك فكيف لي أن أختصر عمراً بكلمة؟ هيهات.. لا أعتقد ذلك.
ثم صوبت نظرها إلى صورته المعلقة على جدار الغرفة محتضنةً ربع حيزه، وأنا أتابع أحداقها ارتحلت مصغية لقولها:
ـــ كنت أحاول إقناعه بالمكوث قربي بدل الالتحاق، بتعليل أنه لا يزال صغيراً وهناك من هم أولى بتلبية النداء.. كنت أراه طفلاً يحمل بندقية، فيستهجن تلك النظرة والفكرة؛ ويذكرني بأنه هجر طفولته مع أجسادٍ الأبرياء ويمم وجهه مجاهداً يحمل الموت على أكتافٍ أثقلها الواجب، يروم تحصيل منزلةً جهلها الآخرون حين وهنوا واستكانوا.
أما أنا فقد كنت أراها تحبس دموعها خلف قضبان هيبة والده التي تربصت بها.
تنهار ثم تتجالد الكلمات بين شفتيها من جديد:
ـــ كيف أصفه لك؟! لا تسعفني الكلمات.. أستحلفكِ بالله يا ابنتي، هل يوجد رجلٍ اليوم يُقبل أقدام والدته كل صباح كما كان يفعل؟ أم هل توجد روعة حديثٍ كروعة حديثه؟ كان يشعرني بأني حبيبته الوحيدة التي يحيطها بعطفه ورعايته حتى إنني أضعتُ المعادلة.
من منا كان بحاجة الآخر؛ أنا أم هو؟ ماذا أقول بعد؟ كيف أصف عماد؟ وبماذا أصف قلباً أرحم من قلبي؟
سأترك هذا الكلام لعلكِ تشككين بصحته كونه ممزوجاً بروح الأمومة وحنين الذكرى.. سأحدثكِ عن سريتهِ التي التحق بها حيث فوضته قائداً لبسالته وليُخبركِ خاله الذي كان يشده بقوة من خلف الساتر؛ يحاول إبعاده كونه الأصغر سناً بينهم:
ـــ انزل بني.. فهناك من هم اكبر منك سناً لاعتلاء منصة الموت وقوفاً.
أ تعلمين ما كانت إجابته؟ّ أحسبكِ لا تتوقعين. أفلت يده من قبضة أخي قائلاً: أتركني يا خال أرجوك.. لأي شيء تظنني أتيت؟ أو ليس لأجل ذلك؟!
ثم اقترب منه ينظر ملء عينيه: افهمني أنا لم آتِ لأجل المال بل أغرتني الشهادة وها أنا أتيتها ساجداً.. ثم أطلق بضع رصاصات في الهواء مؤكداً قوله وصعد إلى أعلى الساتر.
خفتت نبرتها حين قالت: رحيله الأخير كان غريباً وكأنه قطع حبال الوصل بعالمٍ لم يعد يعنيه، فأخذ ينهي أعماله المتعلقة ويتصل بكل الأقرباء والأصدقاء ولعل أيام إجازته الخمسة كانت كافية لزيارة كل المراقد الطاهرة.. "سأجلب شهادتي التقديرية من النجف الأشرف".
بهذه العبارة استقبل طريق أمير المؤمنين عليه السلام، لم أفهمه.. كأنه كان يهذي.. ولم ينم كثيراً، حاول ذلك ولكن دون إغماض.. لم يكن طبيعياً في تلك الإجازة؛ يتصرف بغرابة كمن يخط وصيته.
ارتعبت وارتعدت مفاصلي ولم أشأ.. لكنه رحل.. فكان الالتحاق الأخير.



#نغم_المسلماني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوق ذهبي
- اعترافات خفية


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نغم المسلماني - كلمة واحدة لا تكفي