أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - -وقت ضايع- في رحلة البحث عن المدهش البصري!















المزيد.....

-وقت ضايع- في رحلة البحث عن المدهش البصري!


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 5507 - 2017 / 4 / 30 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


لم تزل فكرة التعاطي مع المضامين الغيبية التي تتوافر في الميثولوجيا الدينية على إختلاف مسمياتها ، حاضرة في بنية الخطاب المسرحي ،لاسيما بعد التحولات الخطيرة التي اطاحت بالبنية الإجتماعية والنفسية والتي أسهمت في إنتاج خطاب رفض فيه الفرد الإجتماعي فكرة التواصل مع تلك المضامين ،الأمر الذي دفع به إلى إنتاج خطاب مغاير يعتمد التهكم في التعبير عن علاقة الإنسان بالمقدس ،ويأتي عرض مسرحية (وقت ضايع) تأليف وإخراج (تحرير الأسدي) تمثيل (رائد محسن ، آسيا كمال، محمد بدر) والتي عرضت مؤخراً على خشبة المسرح الوطني في بغداد، بوصفه خطاباً مسرحياً يندرج ضمن المقترحات التي تبحث في التعاطي مع المقدس بوصفه نتيجة تأسست عليها ذاكرة الفرد الإجتماعي، بمعنى آخر فإن فكرة العرض تعتمد على نحو أساس على حضور الإنسان بوصفه ضحية ، الأمر الذي أسهم في إنتاج شخصيات مستلبة الإرادة ، وقد إختار المخرج المؤلف تأسيس فضاء العرض بناء على مقترحات نصية تعتمد ملفوظاً شعرياً سعياً منه إلى مغازلة الذاكرة العاطفية عند المتلقي، الأمر الذي إنسجم مع مقترحاته في إنتاج (الشخصية/الضحية) ، وقد أسهم ذلك في خلق حالة من الإنسجام السلبي بين الشخصية والملفوظ النصي ،ويعود ذلك إلى إعتمادها على الإجترار اللفظي الذي قام أساساً على المرجعيات المخزونة في ذاكرة الشخصيات من دون البحث في المقترح المكاني الذي إختار المخرج تأسيسه ، بمعنى ان الشخصيات ظلت حبيسة الماضي على الرغم من التغيير المكاني ، إذ بدا واضحاً ان المخرج توجه نحو إزاحة المكان/المقدس (الفردوس) إلا أنه لم يعمل على إنتاج خطاب ينسجم مع المكان المادي أو البديل عن جنة مفقودة ظلت حاضرة في ذاكرة الشخصيات.
المتخيل المكاني بين نص المؤلف وفضاء العرض:
لقد إختارالمخرج التعاطي مع فرضيات الإستعارة المكانية ،الأمر الذي كشف عن تناقضات عدّة منها، أن المكان الإفتراضي (الجنة/الفردوس) في الميثولوجيا أو الكتب المقدسة هو مكان غير قابل للتوصيف أو التحقق، بما يقابله من توصيف مادي يتمثل في (الشقة ) والتي إن بدت منسجمة مع فكرة المغايرة الإخراجية إلا أن المخرج وقع في محنة المكان (المتخيل، والمكان المادي) الأمر الذي ينفي التأسيس النصي الذي إعتمده المؤلف في توصيف المكان ، من جهة أخرى فإن فكرة إنتاج علاقة بين (الإله) بوصفه مقدساً لايمكن توصيفه بشكل محدد لما فيه من تضمينات ميثولوجية ودينية مختلفة بحسب المرجعيات الإجتماعية ، الأمر الذي كشف عن فكرة المخرج في تهشيم فكرة المقدس وتحويله إلى كائن مادي يتمثل في (صاحب الشقة) ،وعلى الرغم من ان المخرج لم يعمل على الكشف عن الشخصية ، إلا أن إرتباط الشخصية بالمكان وإحتكامها على سلطة (طرد الزوجين من الشقة) بدا كافياً في خلق توصيف لتلك الشخصية ، الأمر الذي تحول فيه المقدس المتخيل كما في الفردوس إلى فرد إجتماعي يحتكم إلى سلطة إزاحة الآخر من ممتلكاته المادية، ولم يركن المخرج إلى تلك التناقضات الفكرية فحسب ، بل راح يعتمد على توظيف مفردة (التفاحة) التي إكتسبت حضورها من المكان (المقدس/ الجنة) وراح يتعامل معها بوصفها واحدة من مفردات المكان (المادي/ الشقة) من دون العمل في البحث عن مفردة تنسجم مع مقترحاته الجديدة للمكان ، كما ان المتن النصي بدا مثقلاً بمرجعيات غير متجانسة على مستوى إستحضار شخصيات تنتمي إلى النسق (الأسطوري/ التأريخي) عن طريق تحويلها إلى ملفوظ نصي لايحتكم إلى مرجعيات تلك الشخصيات،ومن دون أن يكون لها حضورها الفاعل في الفعل الآني الذي إكتسبته الشخصيات التي تم طردها من (الفردوس/ الشقة) ، إذ إختار المؤلف إستحضار شخصية (كلكامش) الأسطورية التي إقتصر حضورها في العرض على الملفوظ النصي فحسب ، من دون التعاطي مع بنية تلك الشخصية وحضورها السلطوي ،بل على العكس فإن المؤلف إختار الإشارة إلى (كلكامش) والتفاعل مع شخصية (انكيدو) الأسطورية أيضاً على نحو تهكمي ، تاركاً المتلقي في إشتباك مع تلك الشخصيات التي تحولت بفعل الملفوظ النصي المحلي إلى أسماء مجردة من بنيتها ومرجعياتها.
الفضاء التقني والفضاء البصري:
بدا واضحاً إهتمام المشتغلين في المسرح بتوظيف التقنيات الحديثة في صياغة الرؤية الإخراجية ، وهي إختيارات تبدو متاحة في رحلة البحث عن المدهش البصري ، ولكن الا يشترط في توافرها تفاعل بين مقترحات العرض المسرحي إبتداءً من الممثل وليس إنتهاءً بعناصر العرض الاخرى؟ فإذا كان البحث عن المدهش البصري هو الهدف الذي يسعى المخرج إلى تحقيقه عن طريق توظيف (الداتاشو) وغيرها من المقترحات التقنية من دون أن يدخل عمل تلك التقنية في بنية العرض المسرحي وليس العكس، بمعنى آخر نجد أن توظيف التقنية يحتاج إلى إعادة إنتاجها داخل فضاء العرض لكي لا تبدو متعالية أو مقحمة على عناصر العرض الأخرى .
وقد إختار المخرج البحث عن المدهش البصري عن طريق توظيف (الداتاشو) بتنويعات مختلفة جاء بعضها تقليدا لفضاءات مسرحية اخرى نذكر منها ، التشكيل البصري في المشهد الاول والذي تم إنتاجه عن طريق (الداتاشو) جاء متشابها مع توظيف التقنية نفسها وبالطريقة ذاتها مع مسرحية (سرداب) إخراج(احمد نسيم ) والتي قدمت في مهرجان (المسرح ضد الإرهاب) في منتدى المسرح ، وتجدر الإشارة إلى أن التشابه البصري بين المشهدين قد يكون عن طريق المصادفة التي يمكن أن يقع فيها أي مخرج مسرحي يركن إلى توظيف المقترح التقني ، فضلا عن ذلك فإن صورة (المتاهة) التي عمل المخرج على ترسيمها ضمن مقترحاته للفضاء البصري لم تبدُ بعيدة عن تلك المتاهة التي عمل المخرج (مهند هادي) على توظيفها في مسرحية (Pronto-GAGA ) التي قدمها بالتعاون مع (فضاء التياترو) في تونس ، ولم يتم تقديمها في بغداد ، الأمر الذي يؤكد ماذهبنا إليه في أن الركون إلى توظيف التقنيات قد يؤدي إلى إنتاج مشتركات بصرية مع عروض إعتمدت التوظيف التقني في إنتاج المدهش البصري ،
فضلا عن ذلك فإن عملية تكوين الصورة التقنية بما فيها من تحديات تكنولوجية تحتاج إلى منظومة في الأداء التمثيلي تكون منسجمة مع قدرة تلك التقنيات البصرية ، الأمر الذي يتحتم على المخرج إجراء بروفات خاصة بالتقنية وأن لايقتصر الأمر على مدة زمنية قصيرة نسبياً تتمثل في مرحلة تجهيز العرض على خشبة المسرح ، بمعنى ان توظيف التقنيات البصرية في صياغة الرؤية الإخراجية يحتاج إلى توافرها داخل فضاء البروفة بوصفها شريكاً تعبيرياً مهيمناً يحتاج الممثل أن يتفاعل معه حسياً وتعبيرياً ،لا بوصفه شكلاً بصرياً جاهزاً ، وقد كشف تعاطي المخرج مع جاهزية التقنية في مشهد المتاهة على نحو اساس ، إلى عدم تفاعل الممثلين معها بوصفها فعل بصري يراد به تحقيق فعل (التيه) بمعانيه المتعددة ، بل تحول إلى شكل بصري مقحم على فضاء العرض يمكن إزاحته من دون ان يؤثر على نظام العرض ، لاسيما وأن المخرج المؤلف إختار تأسيس تلك (المتاهة) البصرية بالإعتماد على ملفوظ نصي بدا اكثر تأثيراً من متاهة لا يتيه فيها احد.

الاداء التمثيلي في الفضاء التقني

يسهم إختيار الفضاء المسرحي في تأسيس نظام للاداء المسرحي ، ويعود ذلك إلى قدرة المخرج في توظيف المساحة داخل الفضاء ، وقد بدا واضحاً ان المخرج إختار البحث في فضاء (المسرح الوطني) الذي يشترط في التعاطي معه إمتلاك الفرضيات التي تساعد الممثل في إشغال تلك المساحة الخالية ، وهي مغامرة يدرك الممثل صعوبتها ، وقد بدا ذلك واضحاً في العرض ومحنة الممثلين في الحركة داخل الفضاء ، على الرغم من ان المخرج إعتمد على مساحة محددة تم ترسيمها عن طريق الإضاءة إلا أن المخرج لم يعمل على تحجيم الفضاء بما ينسجم مع مقترحاته الإخراجية ، وربما يعود ذلك إلى إختيار قصدي من المخرج في التعبير عن فكرة (المساحة / الواسعة ، المتاهة/الضيقة) ، وهي فرضية قد تبدو مثيرة للإهتمام لو تم توظيف أداء الممثلين بما ينسجم معها .
أن فكرة التفاعل مع الممثل المجرب والذي يحتكم إلى خبرة ادائية شكلت حضوره عبر سنوات من الإشتغال المسرحي ،تحتاج إلى البحث في مناطق تعبيرية غير مكتشفة من اجل الوصول إلى مقترحات ادائية مثيرة ومدهشة ، وهو الأمر الذي لم يكن حاضراً في عمل المخرج مع الممثل الفنان (رائد محسن ) بل إقتصر فعل التعبير على مقترحات الممثل مع نفسه ، من دون ان يكون للمخرج تأثير على الاداء التمثيلي ، الأمر الذي تحول معه الاداء إلى ترجمة للملفوظ النصي فحسب ، بمعنى أن المخرج لم يتمكن من تهشيم الثوابت الأدائية التي يعتمدها الممثل في التعبير عن الشخصية ، والأمر ذاته مع الممثلة الفنانة ( آسيا كمال) التي لم يتمكن المخرج من إستفزاز طاقتها التعبيرية من اجل الحصول على مقترحات جديدة للاداء التمثيلي ، بل نراه أي المخرج يتكئ على حضورهما التعبيري المتراكم عبر تجربة مسرحية لها عمقها وحضورها الجمالي في المسرح العراقي ، من جهة اخرى كشف لنا المخرج المؤلف عن شخصية غائبة على مستوى الشكل والمعنى ، جسدها الممثل (محمد بدر) الذي إختار المخرج تغييب موهبته الأدائية التي بدت حاضرة في تجارب سابقة ، بل نراه في هذا العرض مسلوب الحضور ، شخصية بلا هوية ادائية ، يمكن إزاحتها من فضاء العرض من دون أن يشعر المتلقي بغيابها ،
كما ان فكرة توظيف (التفاحة) بوصفها المرتكز الأساس في التعبير عن الخطيئة ، والتي إختار المخرج العمل على تشظيها إلى احجام مختلفة ، لم يستطع إنتاج توصيفات تعبيرية محايثة لفكرتها (المقدسة/ المحرمة) ، بل تحولت إلى مقترحات وظيفية كأن تكون كرسي ، او بيادق للشطرنج ، في مشهد بدا فقيراً على مستوى التشكيل البصري والأدائي، وصولا إلى صياغة لفظية تعكز المخرج المؤلف عليها في التعبير عن محنة الأنسان في متاهة الحياة ، وشعوره المزمن بالذنب تجاه خطيئة أبدية.



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع المخرج المسرحي : د.جواد الأسدي البروفة مع الممثلات ا ...
- -حلم الغفيلة - لم ينضج بعد !
- مسرحية - سرداب- الزمن ذاكرة المستقبل
- مسرحية -يا رب- : المقدس بين سلطة الدين وسلطة العقل !
- مسرحية -مكاشفات- : تمثلات السلطة بين دراماتورجيا النص .. وسي ...
- مسرحية( العنف) السلوك الجمعي وسلطة الثوابت الإجتماعية
- التجريب في (مسرح الشباب) تحولات الوظيفة وحدود المصطلح
- سلطة الأشكال البصرية في -سجادة حمراء- جماليات الشكل وفرضيات ...
- -بقعة زيت- في مونودراما المشهد الأخير!
- التناقضات الفكرية والجمالية في مسرحية -مَن السما -!
- مسرحية -السقيفة - تأريخ الصراع على السلطة
- الأنساق الدلالية (للمخرج المؤلف) في الخطاب المسرحي (مسرحية ن ...
- ذاكرة - المقهى- الموجعة ..الشكل البصري وهيمنة الملفوظ النصي
- مسرحية (أهريمان) : جماليات الأسطورة بين حرية الحركة وغياب ال ...
- المستشار الدراماتورجي لمسرحية “السقيفة “الناقد العراقي صميم ...
- -إعْزَيّزَة- عرض مسرحي يشاكس الخرافة
- -مابعد الحداثة والفنون الادائية - في تجارب المسرح المعاصر
- -فوبيا- المستقبل.. في ذاكرة أتعبتها الحرب !
- -التكامل الفني في العرض المسرحي - المفاهيم الجمالية في المسر ...
- مسرحية (إستيلاء) هيمنة ذكورية غائبة .. وحضور أنثوي مستلب !


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - -وقت ضايع- في رحلة البحث عن المدهش البصري!