أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علاء الدين عبد المولى - عويل في جنازة شرقية















المزيد.....

عويل في جنازة شرقية


محمد علاء الدين عبد المولى

الحوار المتمدن-العدد: 1436 - 2006 / 1 / 20 - 07:39
المحور: الادب والفن
    


مدخل
ويقلّدونكَ كي ترى عنباً على راحاتهم
نهضوا بلا ذكرى فذكّرهمْ بسرّ مماتهم
واسكب خيولك في صحاراهم ليتّصل الرحيل بهم,
وغادرْهُم فكم غدروا بأحزان الرحيلْ
أمطرْ على جنّازهم سخريّةً
واعبثْ بأعيادِ الحواس المخمليّة,أو مرايا الطّهرِ,
أنت قتيلُهم فاسقط عن الأكتافِ
واكسرْ نعشكَ العربيّ فيهم
أنت جمهوريّةُ القتلى وجمهورٌ قتيلْ
دعهم على الأحجارِ
منهمكين في زرع الكواكبِ بالعويلْ
هم يضمرون نصوصَ موتاهم برؤياهم
تراهم
شغلوكَ عن عرسِ الهضابِ
وأدلجوا في ليلِ جلدك واستقرّوا في مداهم
هل أنت في مصباحهم زيتٌ يضيء لهم
كرومَ اللوزِ في شرقٍ يشلّ الشّرخُ شهوته...
يجفّ الزيتُ / يحيا الموتُ
تحيا سورةٌ من مجدِ سيرتها المباركِ تستقيلْ
تحيا الفضاءاتُ العصيّةُ
كلما مالت بها ريحٌ تميلْ

القصيدة

1
حرّ بهذا القيدِ
قيدي والدٌ شجراً يهذّبه ربيع أو خريفْ
والبذرة العذراءُ من مستنقع الأرحام تنهضُ
نرجساً مرآته ليلٌ كثيفْ
سيّرتُ أفلاكاً بأوتاد الخيامِ ربطتُها
جادلتُ رحماناً وبرهانا وعرفاناً
وأد ّيت الفروضَ لقبّةِ الأعياد والآحادِ والجلاّدِ
لكن فاجأتْني كفّ والينا تضحّي بي
وتضحك من دمي هذي الجموع الرّاكعةْ
حُمّلتُ أسفاراً فضحتُ حروفها
ورفعتُ عن قلبي حجابَ المستبدّ العادلِ
فرأيت ثَمّ رأيتُ حنجرتي مداساً للخيولْ
فجمعتُ أنقاض البيوتْ
وجلستُ فوق قبور أشلائي وكانت داخلي
أممٌ تموتْ
والشّرقُ مقبرةُ الصعود النازلِ
للشرقِ جبّته, عمامتهُ, عصاهْ
للشرقِ معصيةُ الطلوعِ من الصخور البابليّةِ: هالةً
سحريّةً تلد الحرائقَ وهي تلقي وحيها الكونيّ
في صمتِ المياهْ
وأنا أرى في ليلِه
أجراسَ " مريم " تستحمّ بمئذنات الفجرِ
أسمعُ ساهرينَ وساهراتٍ حول طعم اللوزِ
يصفو في حوارِ الناهدات مع الشفاهْ
والشرق عود النّدّ يحرقه أبي
ليعيد لي عسل الحياهْ
والشرقُ أوّاهٌ...وآهْ...
وله انفتاحُ الظَّهر للسيف الشقيقِ
له المجازُ له الحجازُ
له اكتنازُ بلاغةٍ في شاعرٍ غردٍ
حلولُ الهاتف السحريّ في جسدٍ
له الحَجّاجُ والزَّجاجُ والحلاّجُ
والضِّلِّيلُ والبهلولُ والأسطولُ
للشرقِ التّحوّل في ذرى عرفاتَ
إذ تنقض حوّاءٌ على الذّكَرِ المضيّعْ
للشرقِ قافيةٌ وشِعرٌ خالقٌ أربابَه
وله العمودُ له المخلَّعُ والمصرَّعْ
للشرق مَهْلَكَةٌ وتَهلكةٌ ومملكةٌُ مهيأةٌ
وأرواحٌ مهيّمةٌ وأرواحٌ تُصنّعْ
وأنا نزيفُ الشرقِ
بسطاميّه المجنونُ
أنصبُ خيمتي عند الإلهْ
وأقولُ سبحاني, فأُرمى بالخريفِ وبالطّغاهْ
......
لا شرقَ في جسدي
وأرحلُ دون راحلةٍ
أعِيدُ حدائيَ المكرورَ
يا إيقاعيَ المكسورَ
هذا الكونُ أقربُ من وريدك فاغتنمهُ...
لمن أغنّي؟
خسرَ المغنّي والنشيدُ, لمن أغنّي؟
أفقٌ أصمّ
نبوءتي رُجِمتْ
ومأساتي تكوّم فوق مسرحها الجرادُ
لمن أغني؟
وبأيّ طاغوتٍ سأفتتح الهجاء
وقدْ خلقتُ جلالة الطاغوت مني؟
بالنّثرِ؟ أم بالشّعرِ؟ أم بالرقصِ أم بالثرثرةْ؟
أبني ركام الروحِ
ـ هذا الجوهرَ المنفيّ من قاموسنا الآتي ـ
أسمّي أم أكنّي؟
أم أستميحُ الغيبَ عذراً إذ فضحت جنوده
يتواطؤون على ضحايا المقبرةْ؟
بدمي انسفحتُ مع القصيدة
ثم صافحت الدم المطلولَ
أقطع كل أوتاري
أزخرف هيكلي بفسيفساء المجزرةْ
لا أرض في جسدي
ونبض الرأس مكتظّ بأمواتٍ
جدار القلبِ منهدمٌ فمن هدم الجدارْ؟
أنا قبلةٌ مزجت بقنبلةٍ
تنقّبُ في دمي الظلماتُ عن لوحٍ
نقشت عليها أسماء النهارْ
أنا بضعُ مدخنةٍ على سقفٍ عجوزٍ
عشّشت فيه العناكب والغبارْ
أنا نخلةٌ ضاعت ملامح تمرها
مابين عُربٍ أو تتارْ

2
أذّنتُ قبل أذانِ فجر الأغنيةْ
في قاطفاتِ اللوزِ من جسدي
ـ ألوزٌ فيكَ؟
ـ لوزٌ داخليّ لا يُرى
لوزٌ وتفاحٌ ورقصٌ غامضٌ يعلو على عكَرِ الثرى
ولديّ من شجرِ الشفافيةِ الحدائقُ
غير أنّي لا يراني أخضرا
إلا الذي ملأته نيرانُ الصّفاء فأبصَرا
......
أذّنتُ فجر الأغنيةْ
أيقظتُ أهلَ القلبِ: حيّ على الحنينِ فما استفاقوا
فوقفتُ وحدي خلف أشلائي
وناديتُ السكونَ المرّ
وانحلّ الإزارُ عن البكاءِ
وفُكّ عن دميَ النطاقُ
وجّهتُ قلبي للذي... أو للّتي...أو للّذبن...
جميعهم وجعٌ يراقُ
سجّادتي اهترأت وأقدامي تشقّق جلدها
مرّ الزمانُ, طوى المكان ثيابه
وأنا هنا مازلتُ,
ما انكشف الفضاء
وما بلغتُ من التّنوّرِ مبلغاً
فلم اشتعلتُ وسالَ في جسدي احتراقُ؟
سجّادتي اهترأتْ
ومرّت قرب وقفتي الذّليلةِ أمّتي
كانت على عكّازةٍ تمشي
كما أنثى يوافيها الطلاقُ
ما قلتُ شيئاً, لم أقبّلها, طويتُ مصاحفي
هشّمت فخّارَ المعارفِ, خاطبتني جثتي
أغمضتُ قلبي فامتلأتُ بنورها الأبديّ
وانكسرتْ بأعماقي بلادُ الرافدينْ
وسمعت أجراس الحسينْ
تعلو وتعلن أن دجلةَ
أصبحت تحت المخيّمِ دجلتينْ
لبّيكِ يا بغدادُ...
قالت ضفّتا بردى,
فمن زرعَ السّلاسلَ في المياه
وشلّ صوت الضّفتينْ؟
حسنٌ / حسينْ
جمهورُ بابلَ شال تابوتَ الفراتِ
وقبل أن يضعوه في قبرٍ تناثر قطعتينْ
وعلت ولاويل الجموع تكاثرت وطغتْ
لتنذر أنّ ثمّ جنازةً وصلتْ
فقأتُ هواء نوري
كي لا أرى أحداً ولا بلداً يسير إلى القبورِ
لكن ولولةَ الفراتِ تكاثرت وتكاثرت...
ففتحتُ قلبي؛
كان العراقُ...
......
هذي نوافذُنا لنغلقها
مراكبنا لنحرقها
فما بعدَ العشيّةِ من دمٍ
إلا ويبلغُه الفراقُ...
*
الآن أفتحُ ما تبقّى من توابيتِ الوطنْ
هم أتخموها بالحرائقْ
لنكن إذاً بعضَ الصّدى يوماً
لنبصرَ كيف تنكسرُ الزّجاجةُ
حين يُحشر جوفَها ماءُ الزّمنْ
لنعدّ أسماء المشانقْ:
غربيّةً / شرقيّةً / أمميّةً
في الشارع اليوميّ,
أو في المرقصِ الفكريّ ما بين النخبْ
هي نسلُنا الطّاغي يتمّم وحده شجر النسبْ
أي الغواياتِ القليلةِ سوف نذكرها؟
أنبحث عن رمادٍ مطفأٍ لنصبّ فيه النارَ؟
نجعل حلمنا مهد الحطبْ؟
يا راحلين وراء هاويةٍ أفيقوا
وتنفّسوا بعض الهواءِ, ولا تضيقوا
بحديقةٍ يتخاصمُ العشاق فيها
كلّنا في اللعبةِ الكبرى لعبْ
لا تهجروا أطلال ذاكرةٍ يؤرّخها اللهبْ
يا من على أقدامهم صعدتْ جبالُ الدمْ
وعلى شفاه منامهم ينهدّ برجُ الدمْ
هاتوا صباحاً راقصاً وخذوا ظلام الدمْ
وتوقفّوا عن حشوِ أمعاء المدى بالدمْ
هل بعدُ فيكم نجمةٌ ما فاضَ فيها الدمْ
فتجمّعوا حول العظام اليابسات
تدفقوا قصباً يحنّ على القصبْ
واستسلموا للبحر في أحداقِ عشاقٍ
يذيبونَ الّلآلىءَ في قوارير العنبْ
وخذوا قليلاً من تراب الأرضِ بين أكفّكم
لنقول للآتين: كان هنا... عربْ
3
من أي صنفٍ أنتَ؟
قال الشّعر والمتشاعرونْ...
للشعرِ عندي معبدٌ لا ينحني فيه المغني, غير أني
أصغيتُ: كانت قافلاتُ الرّعبِ تشحنُ أمّتي
فبكيتُ, ثم فتحتُ باب المعبد الشّعريّ
أبصقُ في الجهاتِ
أيكون لي يا شعرُ أن أبكي على قبري؟
وداعاً للصلاةِ على بساط اللؤلؤ العالي
وداعا للصلاةِ
سأظلّ أثقب تلكم الأسوارَ
أثقبها بأظفاري, بما توحي لغاتي
فلتذهبوا يا حفنةَ الشعراء
أخسرُ كلّ هذا العالم الموبوء
كي أحظى بذاتي
......
بالنثر؟ أم بالشعر؟ بالجنّازِِ؟ أم بالجازِ؟
أنشىء خطوتي في الشرقِ؟
أُخرِجُ ربّة الإيقاعِ
أُجلسها على كرسيّ قلبي...
يا إلهةُ ليس عطريّاً دمي أو مخمليّا
حتى أصوغ من الخرابِ بلاغةً قزحيّةً
قمراً شهيّا
حولي تكدّستِ الفصولُ بعجزها وضبابها
تلقي عليّ العوسجَ البرّيّ يأكل راحتيَّ
والتينُ والزيتونُ في البلد الأمينِ يسفّه التّنّينُ
والألواحُ مُثْبَتَة على فصل السقوطِ
ولا إله سوى الذي ملأ الرئات بنادقاً
من أي كوّة مولدٍ أستلهم اللغة الهواءْ؟
لأرجّ أصنام الحدائقِ, أو أحدد شكل أزهاري
التي تنمو بأحواض الدماءْ
يا ربّة الإيقاعِ
إن كان المغني عالماً خرباً
فما جدوى الغناءْ؟









#محمد_علاء_الدين_عبد_المولى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ختامها يوسف
- مقدمة في نقد الحداثة- بين البدعة والاختلاف
- تشكيلات في مديح ريحانة الأُنس
- أغزو العالم بأحذية جنوني
- محاولة قراءة جديدة في تجربة نزار قباني الحلقة الخامسة
- قصيدة وداع الامبراطور الأخير
- محاولة قراءة جديدة في تجربة نزار قباني الحلقة الرابعة
- محاولة قراءة جديدة في تجربة نزار قباني الحلقة الثالثة
- محاولة قراءة جديدة في شعر نزار قباني الحلقة الثانية *
- قصائد قصيرة
- حلقة أولى من سلسلة دراسات نقدية عن تجربة نزار قباني
- صحوُ القصيدة
- حِوَارٌ مع المفكّر السّوري د. برهان غليون


المزيد.....




- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علاء الدين عبد المولى - عويل في جنازة شرقية