غمكين ديريك
الحوار المتمدن-العدد: 1433 - 2006 / 1 / 17 - 08:25
المحور:
القضية الكردية
منذو ما يناهزاربعة عقود والدولة السورية تفتقر الى المعارضة الحقيقية التي تستطيع تطوير المجتمع والدولة على حد سواء ، وان وجدت البعض منها فانها مضطرة اما الى الهجرة الى الخارج والابتعاد عن القاعدة ، او الى التقوقع في افكارها التي تبتعد عن المنطقية في تطوير المجتمع وتبقى اسيرة ردود الافعال التي تقوم بها السلطة ، او تبقى معارضة هشة يباركها النظام ويسمح بوجودها ، لاحتواء الفئاة التي من المحتمل ان تخرج من تحت سيطرتها الامنية او السياسية .
والمعارضة الكردية هي من النوع التي يباركها النظام وهي تعمل من اجل الحفاظ على وجودها ، كقوة غير ميتة وبالطبع غير فعالة ، بل تبقى بروازا يزين بها المجتمع الداخلي دون ان تستطيع تغير او تطوير اي شيء مخالف للنظام ، وان لم يكن مطلب الاكراد يتمحور حول هذا المحور الا ان النظام يجبرها على هذا ولايفتح مجال اخر ، والحركة الكردية ايضا وبسبب الفقر السياسي والاقتصادي والدبلوماسي لاتستطيع تجاوز هذه الحدود ، ولا يمكنها تجاوزها ان ارادت ، وبقيت اسيرة تطلعات السلطة قبل ان تكون اسيرة تطلعات المجتمع والشعب الكردي .
وبما ان مهام الحركة الكردية هي ترتيب البيت الكردي وتمثيله تمثيلا صحيحا ، والتوجه الى تمثيل تطلعات الجماهير الكردية ، وتبني القضية الكردية على اساس انها قضية ارض وشعب ، والنضال من اجلها في المحافل الدولية والاقليمية وحتى الداخلية ، قامت هذه الحركة بالتوجه الى ترتيب البيت السوري كخطوة لابد منها من اجل التطور الوطني والحفاظ على اللحمة الوطنية كما اسماها النظام بنفسه ( وان لم اكن معارضا الى هذا الطرح ) ، ولكن اولويات المعارضة الكردية تفرض عليها مهام ترتيب البيت الكردي والتوجه الى تبني مشروع استراتيجي يوحد الخطاب الكردي امام المعارضة السورية العامة ، وبشكل خاص في وقت تفتقر فيها هذه المعارضة العامة الى الشفافية ، وحقوق الانسان والقوميات الاخرى ، اي ان المعارضة السورية تفتقر الى الديمقراطية الداخلية ، وهي ايضا من صنيعة النظام من حيث الشوفينية والتعصب القومي ، وان اكتسبت هذه الصفة عن طريق رد الفعل على النظام ايضا الا انها في النتيجة تصبح من صنيعة النظام نفسه ، ولذا ترى ان المعارضة الكردية في سوريا لها دور سلبي في المنحى الوطني ، وليس لها اي اعتبار ، لانها ترعرعت مع النظام وتحت جناحها ، كما كانت المعارضة السورية العامة تعيش على ردود افعال النظام ، هذه الافعال التي يريد منها النظام تربية المعارضة عليها ، وهي بالفعل استطاعت تربية المعارضة ( مع احترامي ) لاننا لانستطيع انكار التاثير والتاثر الحاصل في الوقت الراهن على هذه المعرضة ، وبشكل خاص هي لاتستطيع الى الان الاعتراف بالقضية الكردية .
المعارضة السورية كانت بحاجة الى المعارضة الكردية في الداخل بسبب فقرها وتشتتها وضيق علاقاتها الدبلوماسية من جهة ، وبسبب عدم فعاليتها الداخلية ومحاولة تفتيت الضغوطات الموجهة اليها من قبل النظام من جهة ثانية ، لذا قامت بالتحاور والنقاش ، وعرضت اطر واشكال للنضال الداخلي الديمقراطي والسلمي على الحركة الكردية ، عبر منظمات المجتمع المدني والاحزاب او التنظيمات الصغيرة والمنتديات ...الخ ، وصولا الى بناء اطار سياسي بما يسمى ( اعلان دمشق ) في اعقاب التقرير الاول التي قدمت من لجنة التحقيق الدولة الى مجلس الامن والتي تدين سوريا بالارهاب ، وضرورة تغير النظام الحاكم في سوريا ، هذا الاعلان الذي لم يلبي الا السقف الادنى من مطاليب الشعب الكردي ، او نستطيع القول انها قبلت بالكرد على اساس انسان وليس على اساس انها قضية او مجتمع مضطهد ، ولكن على الرغم من هذا قامت الحركة الكردية بتبريك الاعلان والانضمام اليها وقبولها على اساس انها تحرك ديمقراطي وتطور ايجابي في المعارضة السورية .
بعد انشقاق خدام اصبحت موازين القوى تتغير في سوريا ، واصابت المعارضة السورية تحول نوعي كبير ، وخاصة بعد الاتفاق الاخير بين اخوان المسلمين وخدام على التحرك الموحد لاسقاط السلطة في دمشق ، حيث بادر العديد او كافة المعارضين السوريين العرب الى مباركة خدام بهذا الانشقاق ، وابداء الاستعداد للتحرك سويا من اجل الوصول الى اسقاط النظام الحاكم ، وبالتالي تقوية جبهة المعارضة السوريا بشكل عام ، الا ان الحركة الكردية لم تبادر بتحريك ساكن مما يوحي بهذه المعارضة السورية بالقول بان المعارضة الكردية تتحرك تحت جناح السلطة ، وهذا ما يؤدي الى الانتقام المستقبلي منها ان وصلت هذه المعارضة الى السلطة ، ليس لهذا فحسب ، بل لانها في الوقت نفسه متاثرة بالفكرة الشوفينية ولاتقبل بالاكراد لاشعبا ولا قضيا ، وما كانت قبولها في الماضي الا لنيل بعض القوة ، او لاسباب تتعلق بعدم قدرتها على عمل اي شيء في سوريا .
المعارضة الكردية اصبحت الان منعزلة اكثر من السابق ، وهي كالتي حرمت من الجامع ومن الكنيسة في ان واحد ، فلا رهان على السلطة في هذه المرحلة ، والمعارضة السورية ايضا لاتقبلها ، وهي اي الحركة الكردية تفتقر الى الوحدة او الاتحاد على برنامج ديمقراطي موحد للتغير في سوريا ، وسوف تبكي على اعلان دمشق لانها كانت حلما جميلا كاد ان يتحقق ، وما عليها الان سوى الحركة باقصى سرعة ممكنة ، لانها فقدت الكثير في المراحل المنصرمة ، وعاشت ثبات العديد من الشتاءات التي ولى ، ولم تعد السلطة تقبل هذا الوضع ولا المعارضة اصبحت تقبل بالمعارضة الكردية على شاكلتها هذه ، والجماهير الكردية لن تعد تقبل وهي ميؤوسة منها .
الابواب مفتوحة للتطور امام الحركة الكردية ، ولكنها تطلب بعض التضحيات ، وتتطلب اكبر قدر من المسؤلية ، فهذه المرحلة ليست كسابقاتها بل انها تتطلب الحراك السياسي الجاد والوصول الى الموقف السياسي المعبر عن تطلعات الجماهير الشعبية من جهة ، والتوصل الى اليات عمل يحمي مصالح الجماهير الشعبية في الحياة الكريمة والعيش الشريف ، وحتى حماية الشعب الكردي من الفتنة والاقتال والارهاب والفوضى ، لابل الدفاع عنه وفي الخطوط الامامية في الجبهة المفتوحة الان ، في وقت اصبحت القضية والارض في خطر ، وعلينا ان لاننسى تجربة كردستان العراق ، وان مسالة كركوك لم تجد الحل الى الان ، وان الفيدرالية وان تم تثبيتها بالدستور الا انها تواجه تهديدا متواصلا من العنصرين والقوميين العرب بحجج وزرائع شتى ، على الرغم من الدعم الخارجي والاقتصاد الكبير لكردستان وقواتها العسكرية .
يجب التضحية بالمصالح الحزبية الضيقة ، وترك المفهوم القائل بالسياسة الموضوعية والتي تقبلها السلطة ، ويجب ان نعلم اننا جيل ان حققنا شيء فاننا نحققها الى الابد ، وان لم نحقق الان فلن تحقق الى الابد ، ليس لاننا اناس عظماء او لن يتواجد مثلنا في المراحل اللاحقة ، بل لان الخارطة السياسية ترسم الان وفي هذه المرحلة ، وان تم رسمها لايمكن تغيرها بين ليلة وضحاها وان قدمنا تضحيات جسام ، مثلما فعلنا في الشمال والجنوب والشرق ، ولم نحقق شيئا على الرغم من دماء الالاف من خيرة ابناء الشعب الكردي الذين سقطو شهداء في طريق التحرير والتوحيد .
فلنتفق على مشروع سياسي موحد وخطاب كردي متفق عليه ، ولا اقول الخارجون عن هذا المشروع هم خونة للشعب والقضية ، بل انهم سيخسرون وسيخسر معهم الشعب والقضية والارض ، فلنتجه الى ترتيب البيت الكردي الداخلي ، ولننشأ قيادة مؤقته متشكلة من جميع التنظيمات والاحزاب والشخصيات الوطنية والقومية ، ولنجد لها اسما ( مؤتمر –مجلس وطني – قيادة مؤقتة – لجنة التنسيق الكردية – التحالف الكردي السوري – الجبهة الكردية السورية - ... الخ ) ، ولتكن هي المكلفة والمخولة باسم الكرد السوريين في كافة التحالفات والعلاقات الدبلوماسية ، وهي الناطقة الرسمية باسمنا جميعا ، لان المصالح الحزبية لن تنفع شعبنا ولا نريد ان نتباكى في المستقبل ، او ان لايكون لنا محل من الاعراب ، لان المعارضة السورية تقبل بالديمقراطية اسما فقط ، ولا نجد فيها فعلا ديمقراطيا ، واسطع الامثلة هي انهم الى الان لم يعترفو بالقضية الكردية التي تعتبر المحور الاساسي في دمقرطة سوريا ، ومن دون الاعتراف بهذه القضية لايمكن لهم ان يكون ديمقراطيين وان سمو انفسهم ام الديمقراطية واخواتها .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟