أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - نتالي فوزي سلامة - المعلم الجاهل














المزيد.....

المعلم الجاهل


نتالي فوزي سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 5441 - 2017 / 2 / 23 - 00:12
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


المعلم الجاهل
ولأن معرفة كل طالب مقترنة بما يفهمه، ولأنه، ولكي يفهم، لا بد من حصوله على تفسير، ضمن هذا المنطق ترسخت في كل المنظومات التعليمية فكرة ترى أن المهمة الأساسية للمعلم تتمثل في نقل المعارف الى التلاميذ وكذلك ضرورة تفسيرها. كمعلمة تمارس مهنة التعليم منذ أكثر من عشر سنوات، تؤمن بأن مهمة المعلم هي بالأساس إفهام الطالب، وأن المعلم ملزم بتقديم التفسيرات بشكل أفضل وباستمرار من أجل تحقيق غرض الفهم، اجتهدت خلال تلك السنوات في ايجاد طرق جديدة للتفسير تكون أكثر صرامة من حيث المبدأ وأكثر جاذبية من حيث الشكل، استقطب من خلالها اهتمام وفهم جميع الطلبة داخل غرفة الصف. ورغم النجاح في أمور عدة، غير أنني كنت غير راضية بشكل تام عن النتائج في مجملها. هكذا وضعتني مهمة التعليم أمام أسئلة عديدة، يمكن تلخيصها بالسؤال التالي: لماذا لم أحصل من طلبتي على النتائج التي أريد رغم أني اجتهدت -على قدر معرفتي- في إتقان طريقة الإفهام؟
كمعلمة قلقة تبحث عن اجابات، وجدت في كتاب جاك رانسيير بعنوان "المعلم الجاهل" أفكار جريئة وعميقة تشكك في كل ما هو مألوف وتقليدي في مسألة التعليم، وقد شكل الكتاب بالنسبة لي اجابات مقترحة ومهمة لكثير من أسئلتي، تقوم فلسفة الكاتب على فكرة مفادها أن التفسير الذي هو الدور المتعارف عليه للمعلم يقيد عقول الطلبة، فبدايةً إن تفسير شيء لشخص معناه إثبات أن هذا الأخير غير قادر على فهمه بنفسه، وفي غرفة الصف العالم منقسم إلى قسمين: عقل عالم (عقل المعلم) وعقول جاهلة (عقول الطلبة). ولأن رانسيير يؤكد على ضرورة وجود الثقة العقلية بكل كائن إنساني، يرى أن مبدأ التفسير يقوم على مبدأ التلبيد، فالتفسير، يوقف حركة العقل ويدمر ثقته في ذاته. ومن خلال تحليله لمجموعة كبيرة من تجارب مدرسين في مدارس أوروبية، يؤكد رانسيير أن الطلبة بإمكانهم أن يتعلموا بمفردهم من دون وجود المعلم المفسر، بشرط توفر الرغبة الملحة لديهم، والتي يزرعها في داخلهم المعلم، إذ عليه بدايةً أن يتحرر من مهمة التفسير، ويقود ويدفع طلبته إلى التحرر من سلطته التفسيرية، فيعيد بناء ثقتهم في أنفسهم وعقولهم، من خلال إدخالهم في مواجهة مباشرة بينهم وبين معارف الكتاب، تاركاً المجال لطلبته ليستكشفوا ويصلوا إلى استنتاجات تتأسس على بحثهم الخاص، لا على تلقي التفسيرات الجاهزة منه، التي تقيد عقولهم.
في الكتاب أطروحات فلسفية عميقة، يدعو فيها المؤلف إلى الدفاع عن ضرورة تحرير ذكاء الطلبة أينما وجودوا، وهو ما قد تلخصه جملة له في غاية الأهمية "إن التعليم مثل الحرية، فهو يؤخذ ولا يمنح".
بعد قراءة وتأمل الكتاب، وصلت بمخيلتي الى مشهد حصة صفية يكون كالتالي:
ألقي تحية الصباح على الطلبة وأكتب بعدها على السبورة " أنا إنسان إذاً أنا أفكر"
أدعو الطلبة لفتح الكتاب على موضوع الدرس وقراءته
وأطلب منهم أن يتعلموا ذاتياً
أتنقل بين الطلبة وأراقب محاولة كل طالب. وأشدد غي الأثناء، أنني بانتظار السماع من كل واحد منهم شرط استخدام كلماته وجمله الخاصة.
وحين يطلب أحدهم التفسير أرد عليه بكل حزم: ليس لدي ما أعلمك إياه.
أستمع لقولهم وتفسيراتهم. وأكتفي بعدها بمخاطبة ذكاء كل طالب بالقول: استمر في ما انت فاعله.
يقرع الجرس، وتنتهي الحصة......
أعلم أن هذا قد يثير استهجان البعض. وأن النظام التربوي السلطوي قد يرى فيه جنون. بل وأن الكثير منا سيسأل: ماذا سنسمي هذا النوع من التعليم؟؟؟؟؟ ولكن، ماذا لو أسميناه " إرادة تحرير ذكاء كل طالب"!!!!!!!
أو على أقل تقدير، ماذا لو حاورنا وناقشنا مسألة الحرية في التعليم، عبر تحرير كل طالب وإلزامه باستخدام ذكائه الخاص، ومسألة علاقة الطالب بالمعلم، وماهية دور ومهمة المعلم بالأساس، وغيرها من المألوفات المسلم بها.



#نتالي_فوزي_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - نتالي فوزي سلامة - المعلم الجاهل